إن على الإنسان أن يسارع ويعرف وقته وقدره واغتنامه فيما يقربه إلى خالقه سبحانه وتعالى فيقدم من خلاله أفضل الاعمال الصالحة ولا يتكاسل أو يعجز لحظة عن كل عمل يقربه إلى الدار الاخرة والفوز بالجنة فهذا أبو الوفا بن عقيل يقول:(إنِّي لا يَحل لي أنْ أضيع ساعةً من عمري، حتى إذا تعطل لساني عن المذاكرة، وتعطل بصري عن المطالعة، أعملت فكري في حال راحتي، وأنا منطرح، فلا أنهض إلا وقد خطر لي ما أسطره).
وكان ابن الجوزي إذا دخل عليه مَن يظن فيه تضييع وقته، كان يشغل نفسه بالقيام ببَرْيِ الأقلام، وقص الأوراق حتى لا يضيع وقته، يقول ابن القيم:(ضياع الوقت أشدّ من الموت؛ لأنّ الموْت يحجبك عن النّاس، وضياع الوقت يحجبك عن الله والدّار الآخرة، فيه أجلي، ولم يزدد فيه عملي)، قال الحسن البصري:(يا ابن آدم، إنما أنت أيام، إذا ذهب يوم ذهب بعضك)، وقال:(يا ابن آدم، نهارك ضيفك فأحسِن إليه، فإنك إن أحسنت إليه ارتحل بحمدك، وإن أسأت إليه ارتحل بذمِّك، وكذلك ليلتك لذلك كانوا لا يندمون إلا على فوات الوقت الذي لم يرفعهم درجة).
لقد سطّر لنا السلف الصالح أندر وأروع الأمثلة في استغلال الأوقات حتى في آخر ساعة في حياتهم، سواء كان العمل دنيويًا أم أخرويًا، قال أهلُ السيرِ:(حضرت الوفاةُ نوحًا ـ عليه السلام ـ فقيل له يا نوحُ كيف وجدت الحياة؟ قال: والذي نفسي بيدِه ما وجدتُ الحياةَ إلا كبيتٍ له بابان دخلتُ من هذا وخرجتُ من الآخر).
فيا أخي يا ابنَ الأربعين والخمسين.. أنت ما عشت ألفَ سنة، فكيفَ تصفُ الأربعين والخمسين وأنت مغمور في معاصي الله، وفي انتهاكِ حرمات الله، ولم تتوقف بعد عن حُرماتِ الله؟. قال سيدنا عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه:(إني لأمقت الرجل أن أراه فارغا ليس في شي من عمل الدنيا ولا عمل الآخرة)، وما روي عن الجنيدِ ابنُ محمدٍ (أن الوفاةَ حضرتُه، فأخذ
يقرأُ القرآنَ في سكراتِ الموتِ ويبكي، فقالوا له: تقرأُ القرآن وأنت في سكراتِ الموتِ! قال: سبحانَ الله، من أحوجُ مني بقراءةِ القرآنَ وقد أصبحت لحظات تعدُ عليَّ)، وما أخرجه الطبراني في (الجامع الكبير):(عن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال سمعت عمر بن الخطاب يقول لأبي: ما يمنعك أن تغرس أرضك ؟ فقال له أبي: أنا شيخ كبير أموت غدا فقال له عمر: أعزم عليك لتغرسنها، فقال عمارة: فلقد رأيت عمر بن الخطاب يغرسها بيده مع أبي).
ولذلك تحسّر الصالحون والطالحون ضيقَ العمر، وندم الأخيارُ والفجارُ انصرامَ الأوقات، فأما الأخيارُ مرت بهم الأعوام ولم يتزودوا ويجتهدوا في استغلال الوقت أكثر فاكثر من الاعمال الصالحة، وأما الفاسقون والطالحون لم يحسوا ولم يتفكروا ولم يخططوا ولم يهتموا على ما فعلوا في الأيامِ الماضية والخالية.
أخي في الله.. هل حاسبت نفسك في يومك ماذا قدمت لأخرتك ويوم ميعادك هل صليت الفجر يوميا في جماعة وكنت من أوائل الحاضرين في المسجد هل واصلت الجلوس في المسجد إلى شروق الشمس وصليت الشروق ولو مرة في الأسبوع يقول النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم):(من صلَّى الفجرَ في جماعةٍ، ثم جلس يذكرُ اللهَ حتى تطلُعَ الشمسُ، ثم صلَّى ركعتينِ، كانت له كأجرِ حجةٍ وعمرةٍ تامةً، تامةً، تامةً) إن لم يحالفك الحظ ويكتب الله لك الذهاب إلى الحج أو العمرة فلا تضيع هذا الوقت المبارك الثمين عند الله، وهل صليت سنة الضحى في هذا اليوم.. هل صليت على النبي (صلى الله عليه وسلم).. هل سبحت.. هل كبرت.. هل استغفرت.. كم جزء من القرآن الكريم قرأت في يومك.. وكم آية أو سورة حفظت.. هل لم تفتك تكبيرة
الإحرام في جميع الفرائض من الفجر الى العشاء.. وهل كنت خاشعًا في أداء الصلاة.. هل زرت الوالدين.. هل زرت أرحامك.. هل زرت وسألت عن جيرانك.. هل دعوت الله لك أخ في الله.. هل نصحت أحدًا من اخوانك وشجعته إلى فضل صلاة الجماعة.. هل قضيت حوائج إخوانك المسلمين.. هل تذكرت الموت وكنت على استعداد له.. هل تصدقت إلى الله.. هل زرت مريضًا.. هل شيّعت جنازة.. هل حضرت حلقة علم.. وهل أقمت حلقة علم لأهلك في البيت.. هل تابعت أولادك حضورهم إلى المسجد.. هل أديت فريضة الحج.. هل اعتمرت.. هل أديت الحقوق إلى العباد.. هل عندما ذهبت النوم بعد العشاء قرأت اذكار النوم.. وهل عندما نهضت من نومك في الصباح شكرت الله على أن عاد إليك روحك بعد النومة الصغرى.. وهل قرأت أذكار الصباح بعد صلاة الفجر؟!.. هذه كنوز حسنات تفكر فيها ولا تفرط فيها.
أخي الغالي.. استيقظ من نومك غفلتك واعد جواب للسؤال لليوم الحساب، فهناك هلاك وعذاب ودمار ونار جهنم إن لم تدركها اليوم ولكن ستدركها غدًا.. أوجه لك سؤال مهم؟ أيها الشاب هل اغتنمت دقيقة في محبة الله وتقواه ورضا الله أم كنت المؤسف والمؤخر وقته وضيعت دقيقة فيما يغضب الله؟ فإلى متى في ضياع الأوقات واللهو وراء هذه الدنيا الزائلة؟!
قال تعالى (وَ?لعَصر، إِنَّ ?لإِنسَنَ لَفِي خُسرٍ، إِلَّا ?لَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ?لصَّلِحَتِ وَتَوَاصَواْ بِ?لحَقِّ وَتَوَاصَواْ بِ?لصَّبرِ) )العصر 1 ـ 3).
إعداد ـ مبارك بن عبدالله العامري
كاتب عماني
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
توقف تصوير فيلم "فرقة الموت" لأحمد عز ومنة شلبي
قرر صُنّاع فيلم "فرقة الموت"، الذي يقوم ببطولته النجم أحمد عز، تأجيل استكمال تصويره إلى الصيف المقبل.
وأوضح صناع الفيلم أن السبب وراء تأجيله وتوقف التصوير، انشغال نجوم العمل في أعمال أخرى، على الرغم من الانتهاء من قرابة نصف المشاهد.
وعاد فريق العمل إلى التصوير الأيام الماضية وصور المخرج أحمد علاء ما يقرب من 4 أيام فقط، وتوقف التصوير، على أن يتم استكماله، عقب إجازة عيد الفطر المقبلة .
والفيلم أكشن تاريخي، بطولة أحمد عز، وآسر ياسين، ومنة شلبى، وبيومى فؤاد، وعصام عمر، ومحمود حميدة، ورشدي الشامي، وجيهان الشماشرجي، ومن تأليف صلاح الجهينى، و إخراج أحمد علاء.
وتدور أحداثه خلال فترتي الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي في صعيد مصر، وهي حقبة زمنية شهدت العديد من التحولات الاجتماعية والسياسية المثيرة.
وسيجسد النجم أحمد عز دور ضابط شرطة يدعى "عمر"، ويدخل في مواجهات مع واحد من أخطر الشخصيات في صعيد مصر، والمعروف بـ"خط الصعيد"، الذي يجسد شخصيته الفنان آسر ياسين.
وتطل النجمة منة شلبي في فيلم "فرقة الموت" بشخصية "سميرة"، وهي شابة شجاعة تنخرط في صفوف المقاومة ضد الاحتلال البريطاني، لتضيف إلى العمل طابعاً وطنياً، يبرز صراعات تلك الحقبة التاريخية.
فيما تظهر النجمة أمينة خليل بدور مؤثر كضيفة شرف، حيث تجسد شخصية زوجة أحمد عز، مضفيةً بعداً إنسانياً عاطفيًا على أحداث الفيلم، ومساهمة في إثراء العلاقات الدرامية بين الشخصيات.
وكشف المنتج هشام عبد الخالق ورئيس غرفة صناعة السينما أن فيلم فرقة الموت سيكون نقلة كبيرة في نوعية الافلام المصرية بالسنوات الأخيرة لأنه ينافس السينما العالمية ويتضمن عدة مشاهد اكشن على أعلى مستوى، وتم تصويره في عدة دول حول العالم بأحدث التقنيات.