صدر عن مركز الجزيرة للدراسات، أمس الثلاثاء، النسخة العربية المترجمة عن الفرنسية من كتاب "غرب المتوسط مركَّبًا أمنيًّا: مبادرة 5+5 دفاع وديناميات الأمن والهجرات"، لمؤلفه عبد النور بن عنتر، الأستاذ بجامعة باريس الثامنة والباحث المشارك في مؤسسة البحث الإستراتيجي بباريس، ومن ترجمة عومرية سلطاني، المترجمة والباحثة في العلوم السياسية.

يتمثل المسعى البحثي لهذا الكتاب في مقاربة إقليم غرب المتوسط، أي الفضاء الإقليمي لمجموعة 5+5 (ليبيا، تونس، الجزائر، المغرب، موريتانيا، مالطا، إيطاليا، فرنسا، إسبانيا، البرتغال)، بوصفه مركَّبَ أمنٍ إقليميٍّ، في سياق يتسم بأمننة الهجرة.

يقدم الكتاب دراسة نظرية لمستوى تحليل يعتمد على مناقشة "الإقليمية القديمة" و"الإقليمية الجديدة"، وفحص نظرية مركَّبات الأمن الإقليمية ونقدها، مُدْخِلًا عليها تعديلات لتتناسب مع أوضاع وظروف إقليم غرب البحر الأبيض المتوسط.

يطرح مؤلف الكتاب منظورًا تحليليًّا ونقديًّا لمجموعة 5+5 عمومًا ومبادرتها الدفاعية (5+5 دفاع) خصوصًا، مركّزًا على انخراط هذه الأخيرة في ديناميات الأمن والهجرة وتفويض الاتحاد الأوروبي غيره من البلدان إدارة هذه القضايا.

يحاول الكتاب، الذي يندرج ضمن الدراسات الأمنية الإقليمية، الإجابة على ثلاثة أسئلة مركزية: فيمَ تتمثل فرادة المركَّب الأمني الغرب متوسطي؟ كيف يُبنى هذا الإقليم كفضاء أمني أورومغاربي من خلال عملية 5+5 دفاع؟ ما تحديات هذه العملية الإقليمية؟

ويخلص الكتاب إلى أنَّ العملية الجارية الآن لإعادة تفعيل مجموعة 5+5 وتوجهها الدفاعي والأمني الصريح يعكسان خيبة أمل الجانبَين حيال الشراكة الأورومتوسطية واختيارهما، بديلًا عن ذلك، إطارًا تعاونيًّا أضيق جغرافيًّا.

ويذهب إلى أن ثمة سياسة تعاونية ذات هندسة متغيرة ترغبها بلدان جنوب أوروبا تسمح لعدد محدود من الدول بالمضي قدمًا في تعاونها من دون أن يؤدي ذلك إلى الإخلال بالمقاربة الشاملة للتعاون التي يقودها الاتحاد الأوروبي، كما تسمح هذه السياسة لبلدان جنوب أوروبا الواقعة في غرب المتوسط بأن تكون لها "منطقة نفوذ" في العملية السياسية بين الدول الأوروبية، وتسمح في الوقت نفسه للبلدان المغاربية بأنْ تعزز روابطها مع جيرانها في الشمال بفضل هذه الدينامية الإقليمية الضيقة جغرافيًّا.

ويشير مؤلف الكتاب إلى أنه، ومع هذه التغيرات التي لحقت بآلية "5+5 دفاع" فإن الالتباسات والمثالب لا تزال قائمة؛ ما يهدد بالحد منها ويؤدي إلى تميُّع تفرُّدها.

يقول المؤلف: إن آلية "5+5 دفاع" لم تُحدِث تعديلًا جوهريًّا في الأنماط الأمنية في إقليم غرب المتوسط؛ مرجعًا ذلك إلى الطريقة التي صُممت بها والتي لا تسمح بأن تكون (آلية 5+5 دفاع) مزوِّدًا حقيقيًّا للأمن ولا أداة لإدارة الأزمات في الإقليم، وأن ذلك كان أحد أسباب عجزها عن التأثير في النزاعات التي لم تُحَلَّ بعدُ، أو الوقاية من الأزمات التي تشتعل في فضائها الإقليمي وفي جواره.

ويعلِّل المؤلف أيضًا ضعف آلية "5+5 دفاع" وعجزها عن إنتاج ديناميات تدفع للتقارب والتعاون بين دول الجنوب بعلِّة التجزئة التي يعانيها المكوِّن المغاربي والتي لا تشجِّع على التعاون المستدام بين دوله في العديد من المجالات.

ويشير المؤلف إلى أنه ما لم توفق مجموعة 5+5 للتعامل مع مصادر التوتر أو الوقاية من الأزمات وإدارتها في فضائها الخاص، فإنها لن تمتلك القدرة على التعامل مع حالات انعدام الأمن التي تتطور في جوارها، ولن يكون بمقدورها التأثير فيها.

ويذكر المؤلف أن ثمة عمليتين أوروبيتين، هما الأمننة وتفويض إدارة الهجرة إلى الخارج، تمارسان تأثيرهما في جدول أعمال مجموعة 5+5، ويقول: إن ذلك يطرح مشكلة استقلالية هذه المجموعة عن الاتحاد الأوروبي، وتستدعيان مشكلة أقلمة وأمننة الهجرة، فضلًا عن تعقيدهما للدور الذي يؤديه الاتحاد الأوروبي في العلاقات الإقليمية.

ويختم المؤلف بالقول إن آلية 5+5 تخاطر بالوقوع في فخ الأمننة المفرطة، والتبعية لسياسات الاتحاد الأوروبي، بسبب استنادها إلى القاسم المشترك الأدنى وغلبة قضايا الهجرة والإرهاب. وعليه، بالإمكان المحاجَّة بأن آلية 5+5، وعلى النحو الذي صممتها بها دولها الأعضاء، غير قادرة على التأثير في حالات (اللا) أمن الإقليمي على الرغم من إسهامها في بناء الثقة والتعاون الإقليميَين. ومن هنا تأتي الحاجة إلى إعادة تصميم الهندسة الإقليمية في غرب المتوسط حتى وإن كانت إعادة جزئية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبی غرب المتوسط إلى أن

إقرأ أيضاً:

«المصري للدراسات»: نتنياهو يلتف على اتفاق وقف إطلاق النار باقتحام جنين

قال الدكتور خالد عكاشة، مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي عن شن حملة عسكرية في جنين بالضفة الغربية، هو بغرض ضمان بقاء حكومة بنيامين نتنياهو وعدم تفكك الائتلاف الموجود في الحكومة الإسرائيلية.

الاحتلال الإسرائيلي يقتحم جنين

وأضاف عكاشة خلال مداخلة مع الإعلامي محمد مصطفى شردي، ببرنامج «الحياة اليوم»، المذاع على فضائية «الحياة»، أن هناك تعهدا من قبل بنيامين نتنياهو لسموتريتش ألا يغادر الحكومة، مقابل بدء عملية موسعة في مخيم جنين، ولذلك حاصرت القوات الإسرائيلية لمحاصرة مخيم جنين، والمخيم محاصر الآن بشكل كامل وممنوع الدخول أو الخروج إليه.

نتنياهو يتجاهل وقف إطلاق النار في غزة

وتابع: «بدأت الاشتباكات بالفعل في ظل وجود عدد كبير من الفلسطينيين داخل جنين، وبالتالي نتنياهو في هذه الخطوة المتهورة هو يلتف على اتفاق الهدنة التي تم توقيعها في قطاع غزة، ويلتف على جهود الوسطاء المصريين والأمريكيين والقطريين، الذين أجبروا الجانب الإسرائيلي على توقيع اتفاقية الهدنة ووقف إطلاق النار، بادعاء أن هناك تنظيمات أو عناصر إرهابية في مدن الضفة».

مقالات مشابهة

  • العربي للدراسات : مصر أحسنت إدارة ملف الصومال لتعزيز استقرار البحر الأحمر
  • «مصر» جذور اللوتس التي لا يمكن اقتلاعها.. موسوعة القوات المسلحة في معرض الكتاب
  • أعضاء التنسيقية يشاركون في معرض الكتاب بـ 16 إصدارًا جديدًا
  • مسؤول أمني: فيديو داعش في الطارمية قديم
  • انعقاد مجلس الدراسات العليا والبحوث بجامعة جنوب الوادي
  • مصدر أمني في عدن يكشف عن الجهة التي اعتقلت الكابتن طيار عدلي بغدادي
  • رئيس العربي للدراسات: الولايات المتحدة لن تتخلى عن دعمها لإسرائيل
  • «المصري للدراسات»: نتنياهو يلتف على اتفاق وقف إطلاق النار باقتحام جنين
  • عبدالعاطي: التعاون بين مصر والاتحاد الأوروبي أمراً حيوياً من أجل استقرار وأمن المنطقة
  • هل يتخلى ترامب عن حماية حلف الناتو والاتحاد الأوروبي؟.. تفاصيل