مصر.. خيارات مؤلمة بعد إعادة انتخاب السيسي
تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT
يضع التدهور المستمر للاقتصاد مصر تحت ضغوط لاتخاذ إجراءات طال انتظارها عقب الانتخابات الرئاسية وفي مقدمتها تخفيض قيمة العملة ورفع أسعار الفائدة إلى جانب تسريع مبيعات الأصول الحكومية.
ويرى محللون أن الحكومة أرجأت الخطوات المؤلمة إلى ما بعد فوز الرئيس، عبد الفتاح السيسي، بولاية ثالثة مدتها ست سنوات في انتخابات جرت بين 10 و12 ديسمبر وخيمت عليها الحرب في غزة.
ويتحول التركيز الآن إلى كيفية التعامل مع العملة المبالغ في تقدير قيمتها والتضخم شبه القياسي والديون الهائلة المحلية والأجنبية على حد سواء.
وقال سايمون وليامز من إتش.إس.بي.سي "هناك كثير من الخيارات الكبيرة التي يتعين على الحكومة الإقدام عليها، لكن عملة موثوقا بها هي المفتاح لتحقيق انتعاش اقتصادي حقيقي".
وكان الدولار يبلغ 29 جنيها مصريا في السوق السوداء قبل عام، ويُباع الآن بأكثر من 50 جنيها، مقارنة بالسعر الرسمي البالغ 30.85 جنيه.
وتتوقع أسعار صرف العملات الأجنبية الآجلة، التي تتنبأ بمكانة الجنيه في أواخر يناير، أن يسجل 35 جنيها للدولار، بينما تلك التي تنظر إلى العام المقبل فتضعه عند ما يقرب من 50 جنيها.
ودفع عدم اليقين بشأن أسعار الصرف المصريين في الخارج إلى الإحجام عن إرسال ما يجنونه إلى الوطن، مما عصف بمصدر رئيسي للنقد الأجنبي. وانخفضت التحويلات بنحو 10 مليارات دولار إلى 22 مليار دولار خلال 12 شهرا حتى نهاية يونيو 2023.
وقال وليامز "التحويلات تتعلق بالشعور وليس المستوى. يجب إقناع المصريين بأن العملة مستقرة الآن. يجب أن تكون لديهم ثقة في قيمتها. وإذا حدث ذلك فمن الممكن أن تعود التحويلات بسرعة نسبيا".
ونفذت السلطات ثلاثة تخفيضات حادة لقيمة العملة منذ أوائل عام 2022، لكنها عادت في كل مرة إلى تثبيت السعر على الرغم من التعهدات المقدمة لصندوق النقد الدولي بالتحول إلى نظام مرن بشكل دائم.
وقال قسم الأبحاث في مورغان ستانلي في مذكرة "نعتقد أن تعديلا على خطوات هو الأرجح على المدى القصير، بدلا من الانتقال إلى ترتيب تعويم".
عبء الدّينتعثرت حزمة مالية بقيمة ثلاثة مليارات دولار تم التوصل إليها مع صندوق النقد الدولي قبل عام بسبب عدم سماح مصر بتعويم عملتها أو إحرازها تقدما في ملف بيع أصول الدولة. وأرجأ الصندوق صرف نحو 700 مليون دولار مستحقة في 2023.
غير أن الصندوق قال هذا الشهر إنه يجري محادثات لتوسيع الحزمة بسبب المخاطر الاقتصادية الناجمة عن الصراع بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، ويبدو أنه حوّل تركيزه من سعر الصرف إلى استهداف التضخم.
وقالت كريستالينا جورجيفا، مديرة صندوق النقد الدولي لشبكة سكاي نيوز، هذا الشهر "ينصب تركيزنا على جعل الاقتصاد يعمل بأفضل شكل ممكن. وبهذا المعنى، نعم، نعطي الأولوية لمكافحة التضخم ومن ثم بالطبع سننظر إلى سعر الصرف في هذا السياق".
وقالت المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي جولي كوزاك في وقت لاحق إن برنامج مصر يتضمن الحاجة إلى تشديد السياسة النقدية والمالية، إلى جانب نظام مرن لسعر الصرف، "للانتقال تدريجيا إلى نظام استهداف التضخم".
وتواجه تدفقات الدولار تهديدات جديدة بعد تأثير الأزمة في غزة على السياحة والهجمات على السفن في البحر الأحمر والتي تمنع بعضها من الإبحار عبر قناة السويس. وحققت مصر بحسب بيانات بنكها المركزي إيرادات بلغت 13.6 مليار دولار من السياحة و8.8 مليار دولار من رسوم قناة السويس في 2022/2023.
وتحتاج مصر إلى الدولار لسداد ديونها الخارجية العامة متوسطة وطويلة الأجل والتي قفزت بمقدار 8.4 مليار دولار في الأشهر الستة حتى الأول من يوليو إلى 189.7 مليار دولار. ومن المقرر سداد ما لا يقل عن 42.26 مليار دولار من الديون الخارجية في عام 2024.
وقدر صندوق النقد الدولي في يناير العجز التمويلي لمصر على مدى 46 شهرا بنحو 17 مليار دولار.
مبيعات الأصولتحتاج مصر أيضا إلى الإفراج عن بضائع متراكمة في الموانئ ودفع متأخرات لشركات النفط الأجنبية والسماح للشركات بإرسال الأموال المستحقة لمكاتبها في الخارج، فضلا عن تلبية الطلب المتزايد على الواردات.
واعتمدت مصر في السابق على حلفائها الخليجيين الأثرياء للحصول على الدعم لكن لم يعلن أي منهم تقديم أي مساعدات كبيرة لها خلال الأشهر الماضية.
ولتعويض ذلك لجأت الحكومة إلى منظمات التمويل متعددة الأطراف ومجموعة واسعة من الدول الصديقة لتجمع لأموال هذا العام من اليابان والصين والهند والإمارات.
كما تعتمد مصر على جمع السيولة من حصيلة بيع أصولها الحكومية الذي تعثر كثيرا في السنوات الماضية، لكن بعض المحللين يرون الآن تحولا.
ووفقا لمورغان ستانلي، "حققت مصر تقدما كبيرا في مبيعات الأصول المملوكة للدولة واجتذبت مستويات عالية تاريخيا من صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر وحققت أهدافها المالية في 2022/2023 على الرغم من ارتفاع الإنفاق الحكومي بسبب نمو التضخم وتكاليف الاقتراض".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: صندوق النقد الدولی ملیار دولار
إقرأ أيضاً:
البنك الدولي: 1.1 مليار شخص يعيشون بدون ملجأ وننفق 1.5 مليار دولار سنويا لمواجهة تغير المناخ
قال المدير العالمي للإدارة العالمية للمناطق الحضرية والقدرة على الصمود والأراضي في البنك الدولي، مينج تشانج، إن هناك ١.١ مليار شخص يعيشون بدون ملجأ ويزداد العدد إلى 2 مليار وكل يوم يمر نحتاج لتوفير إسكان لهم تتعدى تكلفته ٣ تريليونات دولار كل عام وهذا رقم كبير لا نستطيع الوفاء به.. موضحا أنه يتم سنويا إنفاق من ٤ر١ إلى ٥ر١ مليار دولار على مواجهة المدن لأزمة التغيرات المناخية وخدمات البنية التحتية.
جاء ذلك خلال مشاركة تشانج في المائدة المستديرة حول خطة العمل العالمية بشأن التمويل فى الإسكان التي عقدت، اليوم الخميس، بحضور وزيري المالية أحمد كجوك، والتخطيط والتعاون الدولي رانيا المشاط، على هامش فعاليات المنتدى الحضري العالمي في نسخته الثانية عشرة الذي تستضيفه مصر تحت شعار كل شئ يبدأ محليا.. لنعمل معا من أجل مدن ومجتمعات مستدامة.
وقال، إن فكرة الإسكان هى احتياج شخصى وتمويل مالى ومسؤولية شخصية لايمكن إن نساعد كل هؤلاء الاشخاص من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية بل يحتاجون إلى نظام دعم جماعى وهذه تحديات يجب أن نركز عليها خلال المناقشات والجلسات الخاصة بالمنتدى.
وأضاف أنه من الناحية الاقتصادية يجب أن نعمل على تطوير النظام المالى لتمكين الحكومة المحلية من التمويل والاستثمار فى البنية التحتية فى مجال الإسكان، ومن ناحية التمويل العام فإن الإسكان يعد فكرة معقدة وخاصة مع وجود طلب على أخذ أراضى، وعلى مستوى التخطيط فهذا يتطلب الكثير من العمل من الحكومات المحلية فالحكومة العامة لايمكن أن تعمل بمفردها إلا من خلال خطة عمل محددة وخاصة فى المناطق التى لا توجد بها بنية تحتية جيدة.
وأشار إلى ضرورة التعاون بين الحكومات المحلية والمركزية لإيجاد الحلول خاصة وأن المالية العامة ليست كافية.. موضحا أن المشكلة الأساسية تكمن فى ضرورة ايجاد نظام جيد للقطاع الخاص لتحسين القدرة على الاستثمار في البنية التحتية.. قائلا:نتطلع إلى الكثير من المحادثات لتقوية هذا النظام وتطوير الفكرة المالية".
وانطلقت، يوم الاثنين الماضي، فعاليات النسخة الثانية عشرة للمنتدى الحضري العالي (WUF12) والذي يعقد في مركز القاهرة للمعارض الدولية، بمشاركة 174 دولة.
ويناقش المنتدى، الذي تنظمه الحكومة بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية “هابيتات”، الدور الحاسم الذي يمكن أن يلعبه العمل المحلي في تسريع وتيرة التقدم نحو الاستدامة الحضرية، والموضوعات ذات الصلة بالتحضر والمدن الذكية والمستدامة، ولا سيما ما يتعلق بتعزيز التوسع الحضري الشامل للجميع والمستدام، والقدرة على تخطيط وإدارة المستوطنات البشرية في جميع البلدان على نحو قائم على المشاركة ومتكامل ومستدام، بحلول عام 2030، وهو ما نص عليه الهدف الحادى عشر من أهداف التنمية المستدامة 2030.
اقرأ أيضاًممثل البنك الدولي يدعو المؤسسات المالية لوضع نهج متطور لتمويل الدول
البنك الدولي يقدم تمويلا بقيمة 635.5 مليون يورو إلى بنين
البنك الدولي يسلط الضوء في المنتدى الحضري العالمي على كيفية دعمه لتطوير مدن صالحة للعيش