أغاني جارة القمر فيروز تصدح في سماء الأوبرا.. صور
تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT
نظمت دار الأوبرا المصرية، حفلا غنائيا جديدا لفرقة عبد الحليم نويرة للموسيقي العربية بقيادة المايسترو أحمد عامر، مساء أمس الثلاثاء، على المسرح الكبير، وذلك ضمن ليالى الموسيقى العربية المميزة.
تضمن برنامج الحفل باقة من أجمل أغاني جارة القمر "فيروز" التي تغنت بها على مدار مشوارها الفني منها: يا حبيبي، وأعطني الناي، والبنت الشلبية، والقدس العتيقة، وغيرها من الأغاني التي لاقت استحسان الجمهور.
جاءت الأغاني بأداء المطربات: كنزي، وبسملة كمال، وفرح الموجي، وأجفان، وأميرة أحمد، ونهاد فتحي، وآيات فاروق، ومايا ناصف من كورال أطفال دار الأوبرا المصرية.
أحبت المطربة اللبنانية نهاد وديع حداد والمشهورة بـ"فيروز" الغناء منذ الصغر، واكتشف موهبتها في عمر الرابعة عشر الملحن محمد فليفل أحد مؤسسي المعهد الوطني للموسيقى والحقها به، وعملت في الإذاعة اللبنانية كعضو في الجوقة قبل أن يكتشف الملحن حليم الرومي عظمة صوتها وأطلق عليها اسم فيروز لشبه صوتها بالحجر الكريم واختارها تؤدي منفردة خارج الجوقة وقدم لها عددا من ألحانه.
وكان لقاءها مع الأخوين عاصي ومنصور الرحباني نقطة التحول في مسيرتها، حيث كتبا ولحنا الكثير من أعمالها، حتى تزوجت لاحقاً من عاصي الرحباني وسافرت معه وشقيقه منصور في جولات وحفلات غنائية حول العالم زادت من تألقها وشهرتها.
وقدمت فيروز مئات الأعمال وشهدت رحلتها الفنية زيارات متعددة لمختلف دول العالم، نالت خلالها الكثير من الأوسمة والتكريمات منها: وسام الشرف 1963، والميدالية الذهبية 1975 في الأردن، ووسام جوقة الشرف في فرنسا 2020 وغيرها.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: دار الأوبرا المصرية فرقة عبد الحليم نويرة للموسيقى العربية المسرح الكبير جارة القمر فيروز
إقرأ أيضاً:
أم كلثوم.. هل كانت من أقوى الأصوات في تاريخ الغناء؟
لم تكن أم كلثوم، كوكب الشرق وأيقونة الطرب العربي، مجرد مطربة استثنائية، بل ظاهرة صوتية فريدة استحوذت على اهتمام الباحثين والموسيقيين حول العالم. ذلك الصوت الذي وصف بأحد أقوى الأصوات في التاريخ، تميز بخصائص علمية وفنية استثنائية جعلته مادة للدراسة، ليس فقط من حيث تأثيره العاطفي والثقافي والفني، بل أيضا من حيث سماته التقنية مثل المدى الصوتي، والرنين، والتحكم في التنفس، والقوة التعبيرية.
المدى الصوتي والرنينأحد الجوانب التي لفتت النظر لصوت أم كلثوم هو مداه الصوتي الواسع، الذي يمتد إلى ثلاثة أوكتافات على الأقل. وفقًا لكتاب فيرجينيا دانيلسون "صوت مصر" (1997)، أظهرت أم كلثوم قدرة استثنائية على الانتقال بسلاسة بين الطبقات المنخفضة والمتوسطة والعالية من دون فقدان الوضوح أو الرنين. يضعها هذا ضمن فئة نادرة من المطربين الكلاسيكيين والمعاصرين.
وتشير دانيلسون أيضًا إلى تقدير أم كلثوم العميق للشعر الراقي، إذ "كانت لديها قدرة على ربط الارتجال الموسيقي بمعاني الكلمات التي تغنيها، مما يجعل المعنى محسوسًا بشدة لدى المستمعين. وكما يقال، الشعر هو فن العرب، والغناء الجيد للشعر يجذب تقديرًا هائلا لدى المستمعين الناطقين بالعربية".
إعلانبالإضافة إلى ذلك، أظهر صوت أم كلثوم رنينا قويا في الفورمانت، وهي خاصية عادة ما ترتبط بمغنيي الأوبرا. تشير دراسات من جامعة هارفارد ومعهد الصوتيات في فيينا إلى أنها استخدمت تقنية الفورمانت الغنائي، مما سمح لصوتها بأن يُسمع بوضوح فوق الأوركسترا دون الحاجة إلى تضخيم إلكتروني، وهي ظاهرة صوتية مماثلة لما يوجد في تقاليد الأوبرا الغربية.
التحكم في التنفسأحد العوامل الأساسية التي تسهم في قوة صوت أم كلثوم هو تحكمها الاستثنائي في التنفس. تُظهر الأبحاث في مجال علم الصوتيات أن قدرتها على الحفاظ على الجمل الموسيقية الطويلة دون أخذ نفس مسموع كانت نتيجة لاستخدامها تقنيات متقدمة في التنفس الحجابي. ويتجلى ذلك بشكل خاص في أدائها الحي، حيث كانت قادرة على مدّ النغمات لفترات طويلة مع الحفاظ على التحكم الديناميكي.
أعرب لوتشيانو بافاروتي، أحد أعظم مغنيي الأوبرا، عن إعجابه بدعم أم كلثوم التنفسي وقدرتها على التحمل، مشيرا إلى أن تحكمها في تدفق الهواء سمح لها بتقديم أداء عاطفي وتقني صعب للغاية. في الموسيقى العربية التقليدية، التي تركز على العبارات اللحنية الطويلة والتزيينات المعقدة، يكون هذا النوع من التحكم أمرا حاسمًا، وقد أتقنته أم كلثوم بدرجة غير مسبوقة.
الأنغام التوافقيةكشف التحليل الطيفي لتسجيلات أم كلثوم، الذي أجراه باحثون في جامعة أكسفورد، أن صوتها يحتوي على توافقيات غنيّة، مما يعزز من دفئه وعمقه. تسهم هذه التوافقيات في إدراك المستمعين لثراء الصوت وشدته العاطفية. كما أن وجود هارمونيكس قوية يفسر سبب بقاء صوتها واضحًا ومتميزا حتى في التسجيلات القديمة من القرن العشرين، التي لم تكن تعتمد على تقنيات هندسة صوتية متطورة.
كانت لديها القدرة على توليد ترددات عالية الطاقة في نطاق 3 آلاف هرتز، المعروف باسم "فورمانت الغناء"، والذي سمح لصوتها بالبروز بوضوح فوق الموسيقى المصاحبة. تُعد هذه الخاصية ميزة حاسمة في قوة صوت المطربين، حيث تضمن بقاء صوتهم مسموعا حتى في التوزيعات الموسيقية المعقدة.
إعلان التعبير العاطفي والطابع الصوتيإلى جانب براعتها التقنية، يُشاد بصوت أم كلثوم لقدرته على التعبير العاطفي العميق وطابعه الفريد. كما تم تفصيله في الفيلم الوثائقي لـبي بي سي "أم كلثوم: صوت مثل مصر"، امتلك صوتها طيفا ديناميكيا يمكنه التعبير عن الحزن العميق، والفرح الشديد، والشوق العاطفي، غالبًا داخل الأغنية نفسها. يجادل علماء الموسيقى بأن هذه القدرة ترجع إلى تحكمها الدقيق في طيف الصوت، مما سمح لها بتعديل الفروق الدقيقة في اللون الصوتي لمواءمة محتوى الكلمات والتعبير الموسيقي.
أكد الناقد الأدبي وعالم الموسيقى إدوارد سعيد على قدرة أم كلثوم على الحفاظ على التوتر العاطفي من خلال صوتها. وأشار إلى أن استخدامها للتغييرات الدقيقة في النغمات والزخارف اللحنية مكّنها من تشكيل العبارات الموسيقية بطريقة أثرت بشدة على الجمهور العربي، مع الحفاظ على هياكل المقامات التقليدية وإدخال نوع من الارتجال البارع.
المقارنة بالغناء الكلاسيكي الغربيغالبًا ما تتم مقارنة صوت أم كلثوم بمغنيي الأوبرا الغربيين بسبب قوته وتحمله وتقنياته الإسقاطية. سلطت دراسة مقارنة أجريت في قسم الموسيقى بجامعة ستانفورد الضوء على استخدام أم كلثوم للهجوم الحلقي والفيبراتو والبورتامنتو المنضبط، مما يتشابه مع أسلوب الغناء "بيل كانتو" الموجود في الأوبرا الأوروبية. ولكن على عكس المغنين الغربيين، فقد دمجت الارتجال اللحني العربي (التقسيم)، مما أضاف طبقة فريدة من التعبير جعلتها متميزة عن المطربين الكلاسيكيين.
علاوة على ذلك، تم تشبيه براعتها في الزخرفة والتشكيل اللحني بتقنيات ماريا كالاس، وهي مغنية أخرى مشهورة بكثافة تعبيرها ودقتها التقنية. أظهرت كلتا المغنيتين القدرة على الحفاظ على نقاء الصوت أثناء تشكيل العبارات ديناميكيًا، وهي مهارة تتطلب تحكمًا هائلًا في الرنين والنطق.
يعد صوت أم كلثوم مثالًا رائعا على القوة الصوتية والإتقان التقني والتعبير العاطفي. إن قدرتها على إسقاط الصوت دون تضخيم، واستدامة الجمل الطويلة بتحكم مذهل في التنفس، وإثراء صوتها بالتوافقيات تجعلها واحدة من أعظم المطربين في التاريخ.
إعلان