قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، إن العلاقة تقوم بين الإنسان والكون على التوافق والانسجام، ومنذ هبط الإنسان إلى الأرض، وقد ارتبط تطوره العقلي والحضاري بحسن توافقه وتكيفه مع البيئة والكون، وحسن استخدامه وانتفاعه بمفردات الحياة. فلا يحق له بأي حال الإساءة إليه، بل يجب عليه احترامه ورعايته.

والمسلم خاصة يتعامل مع مخلوقات الله من منطلق الشعور بالمساواة معها، والمشاركة في العبودية لإله واحد، وترتبط علاقاته بغيره بمدى تعلقه والتفاته إلى ربه، فهو يتوجه بالحب إلى الله ومن خلال ذلك الحب يتوجه بالحب إلى ما أبدع وصنع، ولذلك نراه يستوي عنده ضعف المخلوقات وقوتها، حقارتها وعظمتها، لأن نظره لا يتعلق بها، بل يتعلق بخالقها القوي الحكيم. فالمسلم يقدس من عالم الأشياء المصحف والكعبة وقبر النبي محمد ﷺ ونحوها، لمكانتها عند الله- عز وجل-، وتقديسه لها يجمع بين الاحترام والحب.

ولقد أعطى النبي ﷺ أصحابه درسا في حب الجماد والتفاعل معه ومجاوبته حينما حن إليه الجذع ومال، فَعَنْ جَابِرٍ: «كَانَ الْمَسْجِدُ مَسْقُوفًا عَلَى جُذُوعٍ مِنْ نَخْلٍ، فَكَانَ النَّبِيُّ - ﷺ - إِذَا خَطَبَ يَقُومُ إِلَى جِذْعٍ مِنْهَا، فَلَمَّا صُنِعَ لَهُ الْمِنْبَرُ، وَكَانَ عَلَيْهِ، فَسَمِعْنَا لِذَلِكَ الْجِذْعِ صَوْتًا كَصَوْتِ الْعِشَارِ- وهو صوت يخرج من الصدر فيه رقة-، حَتَّى جَاءَ النَّبِيُّ- ﷺ - فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا، فَسَكَنَتْ». [رواه البخاري].

وعندما مر النبي ﷺ على جبل أحد، وعلى الرغم من أنه كان موطنا أصاب المسلمين فيه قرحٌ وأصاب النبيَّ جرح، واستشهد عليه عمه حمزة بن عبد المطلب فحزن النبي لذلك، رغم ذلك فإنه أشار إليه وقال: «هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ» [البخاري]، فالجبل أحب المسلمين، والمسلمون يحبون هذا الجبل، وإن كان ما حدث في موقعة أحد أدعى أن يتشاءم المسلمون منه.

ولم يكن هذا الأمر من التفاعل مع الجماد في البيئة الإنسانية مقصورا في حياة رسول الله ﷺ بعد بعثته، بل قبلها فقد قال ﷺ : «إِنِّي لأَعْرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ كَانَ يُسَلِّمُ عَلَىَّ قَبْلَ أَنْ أُبْعَثَ، إِنِّي لأَعْرِفُهُ الآنَ» [مسلم]، فالنبي يذكر أنه لم يتجاهل الحجر بعد البعثة، بل ظل يعرفه ويتعلق به، ولم يفعل ذلك إلا لكونه مخلوقا لله أحبه وعظمه، فقد كان يسلم عليه قبل بعثته مبشرا له ومعلما بما سَيُكَلَّفُ به النبي من تحمل الرسالة وأدائها. ولم يكن تفاعل عالم الجماد مع رسول الله ﷺ مقصورا على العالم الأرضي، بل السماوي أيضا، فنجد القمر ينشق نصفين معجزة له، فَإِنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ- أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً فَأَرَاهُم انْشِقَاقَ الْقَمَرِ، قال الخطابي: انشقاق القمر آية عظيمة لا يعادلها شيء من آيات الأنبياء، لأنه ظهر في ملكوت السماء، والخطب فيه أعظم، والبرهان به أظهر ؛ لأنه خارج عن جملة طباع ما في هذا العالم من العناصر. [عمدة القاري شرح صحيح البخاري].

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

صلاح عبد الله يثير الجدل بشأن وفاة محمد جمعة

آثار الفنان صلاح عبد الله جدلًا واسعًا عبر موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك حيث قام بنشر نعى للشاعر محمد جمعة والفنان الكاريتر أحمد قاعود ولكن عند نشره النعى فقد أخطأ فذكر حساب  الفنان محمد جمعة وليس الشاعر محمد جمعة مما آثار جدلًا واسعًا حول وفاته.

و جاء النعى “ الشاعر الأستاذ محمد جمعة ألتقيته مرة واحدة أثناء تكريمى بالإسماعلية وترك فى قلبى أعظم الأثر وأجمل إنطباع ” 

و أردف حديثه “ والفنان الكاريتر أحمد قاعود تعرفت عليه هنا وتهاتفنا مرتين أو ثلاثة وحبيته قوى ثم إنقطع التواصل للاسف تقصيرًا منى والآن وبعد علمى بخبر رحيلهما  عن هذه الفانية مش عارف أنعيهم وأقول إيه غير إنى أرجوكم أرجوكم الفاتحة والدعاء ” 

منشور الفنان القدير صلاح عبد الله 

مقالات مشابهة

  • صلاح عبد الله يثير الجدل بشأن وفاة محمد جمعة
  • فضل الصلاة على النبي صل الله عليه وسلم
  • خبيرة: البشر سيخسرون المنافسة أمام الذكاء الاصطناعي
  • مختار جمعة: سرقة الكهرباء نهب لجموع الشعب.. وفتاوى التحليل ضد الوطنية
  • مختار جمعة يوجه الشكر للسيسي: "سر يا ريس على بركة الله ونحن جنودك"
  • وزير الأوقاف السابق لـ الرئيس السيسي: "سير على بركة الله ونحن جنودك"
  • وزير الأوقاف السابق: من يسرق الكهرباء يسرق الشعب المصري أجمع
  • لا اجتماع للجنة الخماسية في دارة البخاري ودعوة للحوار برئاسة لودريان!
  • جُمعة: النبي كنز مخفي لمن أراد باب الله وعز الدنيا
  • علي جُمعة: الرسول كان طاقة رحمة وحنان تسري حتى في الجماد