ماذا تعني سيطرة الدعم السريع على ود مدني؟
تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT
الخرطوم- بعد 4 أيام من المواجهات العسكرية مع الجيش السوداني، سيطرت قوات الدعم السريع -بلا قتال- على مدينة ود مدني الإستراتيجية عاصمة ولاية الجزيرة في وسط البلاد، في خطوة عدّها مراقبون تحولا في الحرب لصالح قائد قوات الدعم محمد حمدان دقلو (حميدتي)، تعزز من موقفه في أي مفاوضات مقبلة، وتهدد بعزل ولايات شرق السودان عن العاصمة وجنوب البلاد وغربها.
وانتشرت قوات الدعم السريع منذ الجمعة الماضية في الأجزاء الشرقية من ولاية الجزيرة، ثاني ولايات البلاد بعد الخرطوم، وحاولت اقتحام ود مدني عاصمة الولايات في موجات متتالية بعدد كبير من المقاتلين.
واستطاع الجيش صد هجمات الدعم السريع المتكررة على ود مدني وألحق بهم خسائر كبيرة، حسب مصادر عسكرية تحدثت مع الجزيرة نت، واحتفل مواطنو المدينة، مساء الأحد الماضي، بانتصارات الجيش وإبعاد الخطر عن مدينتهم التي تستضيف أكثر من نصف مليون لاجىء غالبيتهم من الخرطوم.
تطور دراماتيكيوفي تطور دراماتيكي -وفق مصدر عسكري طلب عدم الكشف عن هُويته- عبرت مساء الاثنين الماضي، قوات الدعم السريع جسر حنتوب المؤدي إلى ود مدني من ناحية الشرق بلا اشتباك مع قوات الجيش، التي كانت تحرسه بالدبابات والمصفحات وتغلقه بالحاويات إثر انسحابها بشكل مفاجئ، مما أدى إلى دخولها إلى وسط المدينة.
ويضيف المصدر ذاته أن قوات الدعم السريع لم تجد مقاومة لدى دخولها ود مدني بسبب انسحاب قائد الفرقة الأولى وقواته جنوبا نحو مدينة سنار، قبل ساعة ونصف الساعة من دخول القوات المهاجمة التي واجهتها قوات محدودة من جهاز المخابرات والمتطوعين، الذين استطاعوا تأمين مواقع إستراتيجة ونقل الأموال من المصارف، وفرع بنك السودان المركزي إلى مواقع آمنة.
وأدّت سيطرة الدعم السريع على أجزاء واسعة من ود مدني إلى فرار عدد كبير من مواطني المدينة والنازحين إلى ولايتي سنار والقضارف شرقا، وقدّرت منظمة الهجرة الدولية عددهم بين 250 ألفا و300 ألف شخص، كما فرّ مئات من نزلاء السجون بعضهم مدانون بارتكاب جرائم خطيرة.
وذكرت مواقع إلكترونية قريبة من المؤسسة العسكرية أن قيادة الجيش قرّرت إقالة قائد الفرقة الأولى في ود مدني اللواء أحمد الطيب وإحالته على التحقيق، وتكليف اللواء ربيع عبد الله خلفا له.
في المقابل، كلّف "حميدتي" قائده في ولاية الجزيرة أبو عاقلة محمد أحمد كيكل بقيادة مهام الفرقة الأولى بولاية الجزيرة بعد سيطرة قواته عليها.
وأقرّ الجيش السوداني، أمس الثلاثاء، بانسحاب قوات رئاسة الفرقة الأولى مشاة بمدينة ود مدني، وأفاد بأنه يجري تحقيقا حول أسباب الانسحاب وملابساته.
وقال الجيش في بيان، إنه "يجري التحقيق في الأسباب والملابسات التي أدّت لانسحاب القوات من مواقعها شأن بقية المناطق العسكرية، وستُرفع نتائج التحقيق فور الانتهاء منها لجهات الاختصاص، ومن ثم تمليك الحقائق للرأي العام".
"انسحاب غير مسوغ"
يرى الخبير العسكري اللواء المتقاعد مازن اسماعيل أن انسحاب الجيش من ود مدني غير مسوّغ عسكريا، وقد تبرأت منه قيادة الجيش في بيانها، رغم أن البيان كان غامضا وفاتحا الباب أمام أسئلة وتخمينات.
وفي حديث للجزيرة نت، لم يستبعد الخبير العسكري أن يؤدي استمرار أسلوب قيادة الجيش بالطريقة الحالية في الدفاع من داخل أسوار المناطق العسكرية، إلى سقوط بقية عواصم الولايات في "يد المتمردين" على طريقة "قطع الدومينو".
ويضيف أن الحل في استنهاض قوى الدولة الشاملة لمواجهة تمرد قوات الدعم السريع، عبر فرض حال الطوارئ واستدعاء قوات الاحتياط، وتشكيل حكومة حرب من كفاءات وطنية ومجلس حرب وحكام عسكريين للولايات.
ويقول مازن، إن الدعم السريع وقعت في أخطاء عسكرية قاتلة بتمدد قواتها من الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور المتاخمة للحدود التشادية وحتى ود مدني في وسط البلاد، الأمر الذي يصعّب إسنادها وإمدادها بالمقاتلين والسلاح مما يتيح للجيش "تقطيع أوصالها".
وعن تداعيات تقدم الدعم السريع نحو وسط البلاد، يرى الباحث السياسي عمر البادرابي أن قوات "حميدتي" حصلت على مكاسب عسكرية ستمنحها دفعة معنوية كبيرة وتشجعها على التمدد في ولايات شرق البلاد وشمالها، وفي المقابل تهز الثقة في قيادة الجيش وتضعها تحت الضغط.
وحسب حديث الباحث للجزيرة نت، فإن الدعم السريع ستكون في موقف تفاوضي أقوى إذا لم يتغير الميزان العسكري خلال فترة وجيزة، ويدفعها إلى التمسك بمنحها دورا عسكريا وسياسيا بعد وقف الحرب كونها قوة لا يمكن تجاوزها في المعادلة السياسية.
قطع الإمدادمن جانبه، يقول محمد الباشا طبيق مستشار قائد الدعم السريع -للجزيرة نت-، إنهم قرروا السيطرة على ود مدني بعد زيارة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان إلى المدينة مؤخرا وإعلانه تدريب 40 ألف متطوع لقتال قواتهم، إلى جانب موقعها الإستراتيجي الذي يربط ولايات شرق البلاد مع ولايات النيل الأزرق والنيل الأبيض وسنار وكردفان، كما أنها خط إمداد رئيس للجيش.
ونفى أن يكون انتشار قواتهم في ود مدني سببا في فرار عشرات الآلاف من المواطنين ونازحي الخرطوم، وعزا موجات النزوح الجديدة لقصف طيران الجيش، واتهم الاستخبارات العسكرية ومجموعات مساندة لها بدفع "عصابات منفلتة" لممارسة النهب والتخريب وإلصاق التهم بالدعم السريع.
وكان "حميدتي"، امتدح في بيان أمس، نجاح قواته في توسيع رقعة "الأراضي المحررة"، حسب وصفه، وعدّ السيطرة على ود مدني عملا استباقيا مشروعا بعد حصولهم على معلومات استخباراتية دقيقة عن حشد قيادة الجيش -بالتنسيق مع قادة النظام السابق- عشرات الآلاف من المقاتلين لمهاجمة قواته في الخرطوم.
وقال، إن الدعم السريع ستترك أمر إدارة مدينة ولاية الجزيرة وعاصمتها ود مدني وتسيير شؤونها لأعيان المدينة الذين "لا يناصرون النظام القديم أو يتعاطفون معه".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع ولایة الجزیرة الفرقة الأولى قیادة الجیش على ود مدنی
إقرأ أيضاً:
السودان.. «الدعم السريع» يهدد بالتصعيد ويحدد خريطة عملياته
أكد قائد قوات “الدعم السريع” السودانية محمد حمدان دقلو “حميدتي”، “أن قواته لن تنسحب من القصر الرئاسي ومن العاصمة الخرطوم”، مهددا “بتصعيد جديد في المعارك مع الجيش”.
وقال حميدتي: إن”يوم 17 رمضان يصادف ذكرى تأسيس “قوات الدعم السريع”، ويتزامن مع معركة بدر الكبرى، وسيكون على الجيش وحلفائه، حسرة وندامة”.
ووجّه “حميدتي”، قواته “بجعل بعد غد الاثنين “يوما خاصا”، في إشارة إلى أن النزاع الحالي اندلع في الخرطوم قبل عامين”، مؤكدا أن “قواته ستظل متواجدة في القصر الرئاسي والمقرن والخرطوم، ولن تخرج منها”.
وأضاف حميدتي: “إن قوات “الدعم السريع” تغيرت تماما، وأصبح لديها تحالفات سياسية وعسكرية”، مهددا بأن “القتال في الفترة المقبلة سيكون مختلفا وسيأتي من كل فج وعميق”، داعيا ما أسماه بـ”التحالف الجديد إلى تحقيق مصالح السودان وعدم تقسيمه”.
وتوعد حميدتي، الدول التي دعمت الجيش، “بدفع الثمن”، مشددا على “عدم السماح بأن يصبح السودان بؤرة للإرهاب”.
وهدد قائد قوات “الدعم السريع”، بـ”اجتياح مدينة بورتسودان شرقي البلاد، التي اتخذها الجيش مركزا لإدارة شؤون السودان، كما أصبحت مقرا لوكالات الأمم المتحدة والبعثات الدبلوماسية، كما سنجتاح مدن عطبرة وشندي بولاية نهر النيل، ومروي والدبة ودنقلا بالولاية الشمالية”، مشددا على أن قواته “ليست ضد سكان هذه المناطق”، وإنما تستهدف من وصفهم بـ”المجرمين”.
وبحسب موقع “سودان تربيون” أشار حميدتي، إلى أن قواته “تتابع تحركات قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، ورئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي، وزعيم العدل والمساواة جبريل إبراهيم”.
هذا “ويتهم الجيش السوداني قوات “الدعم السريع” بارتكاب “جرائم بشعة، بما فيها الإبادة الجماعية في المناطق التي سيطرت عليها”، وكانت “قوات الدعم السريع” والحركة الشعبية في الشمال، وتجمّع قوى تحرير السودان، وحركة تحرير السودان “المجلس الانتقالي”، وقوى سياسية وأهلية شكلت “تحالف السودان التأسيسي” الذي جرى إعلانه في العاصمة الكينية نيروبي، وتوصلت أطراف التحالف إلى اتفاق على تشكيل حكومة موازية في المناطق الخاضعة لسيطرة “الدعم السريع”، حيث وقّعت على الدستور الانتقالي، وسط توقعات بإعلان الحكومة خلال مارس الجاري”.
يذكر أن “الحرب اندلعت في أبريل نيسان 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أدت إلى مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص ونزوح الملايين من منازلهم، ويعيش نحو نصف سكان السودان أي حوالي 26 مليون شخص وهم يواجهون انعدام الأمن الغذائي مع تزايد مخاطر المجاعة في مختلف أنحاء البلاد وتدهور شديد للأوضاع الاقتصادية”.