الجزيرة:
2025-04-29@05:03:24 GMT

ماذا تعني سيطرة الدعم السريع على ود مدني؟

تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT

ماذا تعني سيطرة الدعم السريع على ود مدني؟

الخرطوم- بعد 4 أيام من المواجهات العسكرية مع الجيش السوداني، سيطرت قوات الدعم السريع -بلا قتال- على مدينة ود مدني الإستراتيجية عاصمة ولاية الجزيرة في وسط البلاد، في خطوة عدّها مراقبون تحولا في الحرب لصالح قائد قوات الدعم محمد حمدان دقلو (حميدتي)، تعزز من موقفه في أي مفاوضات مقبلة، وتهدد بعزل ولايات شرق السودان عن العاصمة وجنوب البلاد وغربها.

وانتشرت قوات الدعم السريع منذ الجمعة الماضية في الأجزاء الشرقية من ولاية الجزيرة، ثاني ولايات البلاد بعد الخرطوم، وحاولت اقتحام ود مدني عاصمة الولايات في موجات متتالية بعدد كبير من المقاتلين.

واستطاع الجيش صد هجمات الدعم السريع المتكررة على ود مدني وألحق بهم خسائر كبيرة، حسب مصادر عسكرية تحدثت مع الجزيرة نت، واحتفل مواطنو المدينة، مساء الأحد الماضي، بانتصارات الجيش وإبعاد الخطر عن مدينتهم التي تستضيف أكثر من نصف مليون لاجىء غالبيتهم من الخرطوم.

تطور دراماتيكي

وفي تطور دراماتيكي -وفق مصدر عسكري طلب عدم الكشف عن هُويته- عبرت مساء الاثنين الماضي، قوات الدعم السريع جسر حنتوب المؤدي إلى ود مدني من ناحية الشرق بلا اشتباك مع قوات الجيش، التي كانت تحرسه بالدبابات والمصفحات وتغلقه بالحاويات إثر انسحابها بشكل مفاجئ، مما أدى إلى دخولها إلى وسط المدينة.

ويضيف المصدر ذاته أن قوات الدعم السريع لم تجد مقاومة لدى دخولها ود مدني بسبب انسحاب قائد الفرقة الأولى وقواته جنوبا نحو مدينة سنار، قبل ساعة ونصف الساعة من دخول القوات المهاجمة التي واجهتها قوات محدودة من جهاز المخابرات والمتطوعين، الذين استطاعوا تأمين مواقع إستراتيجة ونقل الأموال من المصارف، وفرع بنك السودان المركزي إلى مواقع آمنة.

وأدّت سيطرة الدعم السريع على أجزاء واسعة من ود مدني إلى فرار عدد كبير من مواطني المدينة والنازحين إلى ولايتي سنار والقضارف شرقا، وقدّرت منظمة الهجرة الدولية عددهم بين 250 ألفا و300 ألف شخص، كما فرّ مئات من نزلاء السجون بعضهم مدانون بارتكاب جرائم خطيرة.

وذكرت مواقع إلكترونية قريبة من المؤسسة العسكرية أن قيادة الجيش قرّرت إقالة قائد الفرقة الأولى في ود مدني اللواء أحمد الطيب وإحالته على التحقيق، وتكليف اللواء ربيع عبد الله خلفا له.

في المقابل، كلّف "حميدتي" قائده في ولاية الجزيرة أبو عاقلة محمد أحمد كيكل بقيادة مهام الفرقة الأولى بولاية الجزيرة بعد سيطرة قواته عليها.

وأقرّ الجيش السوداني، أمس الثلاثاء، بانسحاب قوات رئاسة الفرقة الأولى مشاة بمدينة ود مدني، وأفاد بأنه يجري تحقيقا حول أسباب الانسحاب وملابساته.

وقال الجيش في بيان، إنه "يجري التحقيق في الأسباب والملابسات التي أدّت لانسحاب القوات من مواقعها شأن بقية المناطق العسكرية، وستُرفع نتائج التحقيق فور الانتهاء منها لجهات الاختصاص، ومن ثم تمليك الحقائق للرأي العام".

"انسحاب غير مسوغ"

يرى الخبير العسكري اللواء المتقاعد مازن اسماعيل أن انسحاب الجيش من ود مدني غير مسوّغ عسكريا، وقد تبرأت منه قيادة الجيش في بيانها، رغم أن البيان كان غامضا وفاتحا الباب أمام أسئلة وتخمينات.

وفي حديث للجزيرة نت، لم يستبعد الخبير العسكري أن يؤدي استمرار أسلوب قيادة الجيش بالطريقة الحالية في الدفاع من داخل أسوار المناطق العسكرية، إلى سقوط بقية عواصم الولايات في "يد المتمردين" على طريقة "قطع الدومينو".

ويضيف أن الحل في استنهاض قوى الدولة الشاملة لمواجهة تمرد قوات الدعم السريع، عبر فرض حال الطوارئ واستدعاء قوات الاحتياط، وتشكيل حكومة حرب من كفاءات وطنية ومجلس حرب وحكام عسكريين للولايات.

ويقول مازن، إن الدعم السريع وقعت في أخطاء عسكرية قاتلة بتمدد قواتها من الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور المتاخمة للحدود التشادية وحتى ود مدني في وسط البلاد، الأمر الذي يصعّب إسنادها وإمدادها بالمقاتلين والسلاح مما يتيح للجيش "تقطيع أوصالها".

وعن تداعيات تقدم الدعم السريع نحو وسط البلاد، يرى الباحث السياسي عمر البادرابي أن قوات "حميدتي" حصلت على مكاسب عسكرية ستمنحها دفعة معنوية كبيرة وتشجعها على التمدد في ولايات شرق البلاد وشمالها، وفي المقابل تهز الثقة في قيادة الجيش وتضعها تحت الضغط.

وحسب حديث الباحث للجزيرة نت، فإن الدعم السريع ستكون في موقف تفاوضي أقوى إذا لم يتغير الميزان العسكري خلال فترة وجيزة، ويدفعها إلى التمسك بمنحها دورا عسكريا وسياسيا بعد وقف الحرب كونها قوة لا يمكن تجاوزها في المعادلة السياسية.

قطع الإمداد

من جانبه، يقول محمد الباشا طبيق مستشار قائد الدعم السريع -للجزيرة نت-، إنهم قرروا السيطرة على ود مدني بعد زيارة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان إلى المدينة مؤخرا وإعلانه تدريب 40 ألف متطوع لقتال قواتهم، إلى جانب موقعها الإستراتيجي الذي يربط ولايات شرق البلاد مع ولايات النيل الأزرق والنيل الأبيض وسنار وكردفان، كما أنها خط إمداد رئيس للجيش.

ونفى أن يكون انتشار قواتهم في ود مدني سببا في فرار عشرات الآلاف من المواطنين ونازحي الخرطوم، وعزا موجات النزوح الجديدة لقصف طيران الجيش، واتهم الاستخبارات العسكرية ومجموعات مساندة لها بدفع "عصابات منفلتة" لممارسة النهب والتخريب وإلصاق التهم بالدعم السريع.

وكان "حميدتي"، امتدح في بيان أمس، نجاح قواته في توسيع رقعة "الأراضي المحررة"، حسب وصفه، وعدّ السيطرة على ود مدني عملا استباقيا مشروعا بعد حصولهم على معلومات استخباراتية دقيقة عن حشد قيادة الجيش -بالتنسيق مع قادة النظام السابق- عشرات الآلاف من المقاتلين لمهاجمة قواته في الخرطوم.

وقال، إن الدعم السريع ستترك أمر إدارة مدينة ولاية الجزيرة وعاصمتها ود مدني وتسيير شؤونها لأعيان المدينة الذين "لا يناصرون النظام القديم أو يتعاطفون معه".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع ولایة الجزیرة الفرقة الأولى قیادة الجیش على ود مدنی

إقرأ أيضاً:

خالد سلك ومحاولة تبرئة الدعم السريع: قراءة تحليلية في رسالة إدانة مجزرة صالحة

خالد سلك ومحاولة تبرئة الدعم السريع: قراءة تحليلية في رسالة إدانة مجزرة صالحة
مدخل:
خرج علينا السياسي خالد عمر يوسف “خالد سلك” بتصريح أدان فيه مجزرة صالحة، التي راح ضحيتها عشرات المدنيين العزل، محمّلًا المسئولية لما أسماه “عناصر” من قوات الدعم السريع.

ورغم أن الإدانة في ظاهرها تبدو موقفًا إنسانيًا وأخلاقيًا، إلا أن التدقيق في مضمونها وتوقيتها يكشف عن محاولة مقصودة لابعاد المسئولية، وفصل الجريمة عن المؤسسة الرسمية للدعم السريع.
متن:
أولًا: التفريق بين “العناصر” والمؤسسة
باستخدامه لمصطلح “عناصر”، يحاول خالد سلك إحداث فصل ذهني بين قوات الدعم السريع كمؤسسة، وبين بعض أفراده الذين ارتكبوا المجزرة. هذه الصياغة تسعى لتمرير فكرة أن الجريمة ليست سياسة معتمدة أو ممارسة ممنهجة، بل هي “تصرفات فردية” خرجت عن السيطرة.

وهذا بالضبط ما تحتاجه أي مؤسسة عسكرية تواجه تهم ارتكاب جرائم حرب: أن يتم تقديم جرائمها على أنها تصرفات معزولة لأفراد، لا قرارات صادرة عن قيادة وأوامر منظمة.
ثانيًا: تبييض الدعم السريع دوليًا ومحليًا
في ظل الاتهامات الدولية المتزايدة ضد قوات الدعم السريع بارتكاب جرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، فإن تبرئة الكيان الرسمي، وحصر المسئولية في بعض “العناصر”، يمثل طوق نجاة سياسي تحتاجه قيادات الدعم السريع بشدة.

خالد سلك، عبر هذا الخطاب، يقدم دعمًا موضوعيًا لهذه المحاولة، سواء عن قصد أو عن جهل بتبعات تصريحه.
ثالثًا: السياق السياسي وراء التصريح
لا يمكن قراءة موقف خالد سلك بمعزل عن التوجهات الأخيرة لبعض التيارات السياسية المرتبطة بالحرية والتغيير (قحت)، والتي تبحث عن “تسوية جديدة” في السودان.
ضمن هذه التسوية، يصبح من الضروري تهيئة الأرضية لعفو مشروط عن قوات الدعم السريع أو إدماجها مستقبلاً في المشهد السياسي والعسكري، مقابل ضمانات معينة.
وبالتالي، فإن تصريح سلك قد يكون جزءًا من محاولات إعادة تأهيل الدعم السريع وإزالة صفة “المليشيا المجرمة” عنه، تمهيدًا لاستيعابه في ترتيبات ما بعد الحرب.
رابعًا: خطورة هذا الطرح
محاولة خالد سلك لفصل الدعم السريع عن جرائمه ليست مجرد سقطة لفظية، بل تحمل خطورة سياسية وأخلاقية بالغة:
فهي تضعف جهود توثيق الجرائم،
وتمهد للإفلات من العقاب،
وتبعث برسائل خاطئة للضحايا بأن العدالة ستُضَحى بها لصالح تسويات سياسية رخيصة.
كما أنها تعيد إنتاج منطق “الجرائم الفردية” الذي طالما استخدمته أنظمة القمع لتبرئة نفسها عبر التاريخ.
خامسًا: لماذا يجب تحميل الدعم السريع كمؤسسة المسئولية؟
قوات الدعم السريع ليست تجمعًا عشوائيًا من الأفراد، بل هي قوة شبه نظامية تتبع تسلسلًا قياديًا واضحًا، وتخضع لأوامر مركزية من قادتها.
ما حدث في صالحة – كما في غيرها من الجرائم – ليس سلوكًا فرديًا شاذًا، بل جزء من نمط ممنهج من الانتهاكات، ينفذه أفراد بتوجيهات واضحة، أو في مناخ يسمح ويشجع على ارتكاب مثل هذه الفظائع.
مخرج:
تصريحات خالد سلك بشأن مجزرة صالحة تمثل انزلاقًا خطيرًا نحو تبييض صفحة واحدة من أبشع المليشيات التي عرفها السودان.
تاريخ الشعوب التي خرجت من الحروب الأهلية يعلمنا أن العدالة الحقيقية لا تتحقق عبر مساومات سياسية رخيصة، بل عبر محاسبة المجرمين كمؤسسات، لا كأفراد تائهين.
إن محاولة تبرئة ساحة الدعم السريع من مسئوليته الجماعية عن المجازر، لن تؤدي إلا إلى إعادة إنتاج المأساة بأشكال أخرى، وستكون خيانة لدماء الضحايا، ولحلم السودانيين بدولة القانون والعدالة.

خالد سلك ومحاولة تبرئة الدعم السريع: قراءة تحليلية في رسالة إدانة مجزرة صالحة

وليد محمدالمبارك احمد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • مع احتدام معارك الفاشر.. الدعم السريع تعرض ممرات آمنة للجيش
  • السودان.. الدعم السريع يشن قصفا عنيفا على الفاشر
  • قتلى وجرحى في اشتباكات عنيفة بين الجيش والدعم السريع بالفاشر
  • الفاشر.. اشتباكات عنيفة بين الجيش و”الدعم السريع” وتوقف مطابخ خيرية
  • خالد سلك ومحاولة تبرئة الدعم السريع: قراءة تحليلية في رسالة إدانة مجزرة صالحة
  • الحكم بإعدام “مصورة” قوات الدعم السريع شنقًا
  • الجيش السوداني يعلن مقتل 7 من أسرة واحدة بقصف الدعم السريع على الفاشر
  • الجيش السوداني: مقتل 7 أشخاص بقصف للدعم السريع على الفاشر  
  • الجيش السوداني: مقتل 7 أشخاص بقصف للدعم السريع على الفاشر
  • مستشار في الدعم السريع يكشف عن تدمير مسيرات إستراتيجية