واشنطن ,"د. ب .أ": اتخذت الممثلة التجارية للولايات المتحدة كاثرين تاي مؤخرا إجراءات يمكن اعتبارها وسيلة لتمكين الصين من الاضطلاع بدور ريادي في السباق التكنولوجي العالمي ووضع معايير دولية تدفع برؤية مختلفة للتكنولوجيا والمجتمع.

ويقول عضو مجلس الشيوخ الديمقراطي السابق كينت كونراد، الذي مثّل ولاية نورث داكوتا في المجلس من عام 1986 إلى عام 2013 ، والعضو الجمهوري السابق، ساكسبي شامبليس، الذي مثل جورجيا من 2003 إلى 2015، في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية إنه مع نمو الاقتصاد العالمي رقميا بشكل متزايد، يبدو أن السياسة التجارية الأمريكية الرسمية تعود إلى النظام التناظري.

ففي قرار مربك في محادثات منظمة التجارة العالمية الأخيرة، سحبت الممثلة التجارية للولايات المتحدة بنودا تجارية رئيسية من شأنها أن تضع قواعد أساسية لقضايا القرن الحادي والعشرين المهمة، مثل تدفقات البيانات عبر الحدود وتوطين البيانات وعمليات نقل شفرة المصدر.

ويرى كونراد وشامبليس أن هذا القرار "قصير النظر" يهدد بتقويض ريادة أمريكا العالمية في مجال التكنولوجيا وخنق الإبداع وريادة الأعمال، ومنح الصين ميزة حاسمة في منعطف حرج.

وقالا إن التجارة الرقمية هي شريان الحياة للاقتصاد الجديد، حيث تدعم ملايين الوظائف الأمريكية، وتمثل 55% من صادرات الولايات المتحدة من الخدمات التجارية، وتساهم بمليارات الدولارات في الاقتصاد الأمريكي.

وسواء كان الأمر في مجال التمويل أو الرعاية الصحية أو التصنيع أو البيع بالتجزئة أو النقل، فإن الاتصال الرقمي يمكن الشركات الكبيرة والصغيرة من الوصول إلى الأسواق العالمية والتعاون عبر الحدود وبناء تقنيات الغد.

وعلى مدى عقود، قادت الولايات المتحدة العالم في مجال الابتكار، وكانت في طليعة الاقتصاد الرقمي. ويرى كونراد وشامبليس أن هذا "كان مفيدا للغاية لأعمالنا وعمالنا واقتصادنا بشكل عام. ومع ذلك ، لا يمكننا أن نأخذ موقفنا القيادي كأمر مسلم به. ولضمان حفاظ الولايات المتحدة على مكانتها، يجب علينا تعزيز اقتصاد رقمي عالمي عادل ومفتوح تحكمه قواعد تعكس قيمنا وتحفز الابتكار وريادة الأعمال".

وهذا هو السبب في أن الإدارات المتعاقبة، الجمهورية والديمقراطية على حد سواء، دعمت بحق القواعد الدولية التي تمكن من تدفق البيانات عبر الحدود، ومعارضة التخزين المحلي الإلزامي للبيانات، ومنع عمليات النقل الاجباري لشفرة مصدر البرمجيات.

ويرى كونراد وشامبليس أنه من خلال التراجع عن هذه المقترحات الحاسمة، يقوض مكتب الممثلة التجارية الأمريكية موقف أمريكا في تشكيل القواعد الرقمية للطريق الذي سيحكم الجوانب الأساسية للاقتصاد الأمريكي. وستحدد هذه القواعد كيفية انتقال البيانات عبر الحدود، وكيف تعمل الشركات في المجال الرقمي، وكيف تتم حماية الملكية الفكرية في عالم الإنترنت. إن قرار الممثلة التجارية الأميركية بالتخلي عن هذه المبادئ سيترك الولايات المتحدة في وضع غير موات في التفاوض على هذه القواعد الحاسمة.

ويقول كونراد وشامبليس إنه بدون ضمانات بتدفق البيانات المفتوحة إلى الخارج، ستواجه الشركات الأمريكية تكاليف تشغيلية أعلى، ووصولا أضيق إلى السوق وفرصا متناقصة جراء التضييق على الابتكار. ويضر هذا الشركات الصغيرة ورجال الأعمال بشكل خاص لأن الاتصال الرقمي يوفر الوصول إلى العملاء في الخارج.

وبالمثل، تمثل تفويضات توطين البيانات مخاطر وتكاليف أمنية لأن الشركات الأمريكية قد تضطر إلى تكرار مراكز البيانات المكلفة في كل دولة أجنبية.

واعتبر كونراد وشامبليس أن هذه المتطلبات تسمح للأنظمة الاستبدادية بالوصول المباشر إلى البيانات التجارية الحساسة عن المواطنين والشركات الأمريكية. كما يمكن لعمليات النقل الاجباري لشفرة المصدر أن تمكن الجهات الفاعلة الأجنبية، وخاصة لصوص الإنترنت في الدول المعادية، وتحديدا الصين وروسيا، من استغلال نقاط الضعف وسرقة الملكية الفكرية.

وستكون عواقب هذه الخطوة عميقة. وعلى الصعيد المحلي، قد يؤدي القرار المضلل الذي اتخذه مكتب الممثلة التجارية الأمريكية إلى إلغاء وظائف وتقويض الإبداع ورفع الأسعار بالنسبة للمستهلكين وإعاقة قدرة الشركات الأمريكية على النمو والاستثمار في المجتمعات.

ومن منظور استراتيجي أوسع، يمكن لإجراءات مكتب الممثلة التجارية الأمريكية أن تمكن الصين من القيام بدور قيادي في سباق التكنولوجيا العالمي وصياغة المعايير الدولية التي تقدم رؤية مختلفة تماما للتكنولوجيا والمجتمع، رؤية تتمحور حول الرقابة والاستبداد.

وبدون شك، تنتظر الصين بفارغ الصبر الثغرات التي يوفرها هذا القرار. وعلى مدى سنوات العقد الماضي، جعلت بكين الفوز في سباق التكنولوجيا العالمي وريادة تقنيات الجيل التالي أولوية وطنية قصوى، وخاصة الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية والتكنولوجيا الحيوية، والتي تعد بتحويل كل جانب من جوانب المجتمع بشكل جذري.

وعلى هذا النحو، فقد انخرطت في التجسس وسرقة الملكية الفكرية، في حين استثمرت المليارات في إعانات الدعم الحكومية لتعزيز موقف الشركات الصينية، وخاصة في تقنيات الجيل التالي الحيوية للقوة الاقتصادية والعسكرية، بحسب كونراد وشامبليس.

لقد أعطى مكتب الممثلة التجارية الأمريكية للتو عمالقة التكنولوجيا الصينيين دفعة كبيرة.

وقال كونراد وشامبليس " إن هذا هو السبب في أننا نجتمع معا، باعتبارنا عضوين سابقين في مجلس الشيوخ الأمريكي من جميع أنحاء الطيف السياسي، لدق ناقوس الخطر وحث الإدارة على عكس مسارها قبل فوات الأوان".

وأضافا" هذه ليست قضية سياسية.إن الأمر يتعلق بحماية المحرك الحيوي الذي يدفع أمننا القومي وازدهارنا الاقتصادي وقيمنا. لا يمكننا أن نجلس على الهامش بينما تتشكل القواعد التي تحكم اقتصاد المستقبل أمام أعيننا. وبدلا من ذلك، يجب أن نفعل كما فعلنا منذ عقود وأن نتبوأ مقعدنا على رأس طاولة المفاوضات".

وقالا إنه سوف تتاح للإدارة فرصة للقيام بذلك في مجلس التجارة والتكنولوجيا القادم بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. ومن الضروري أن تستغل الممثلة التجارية للولايات المتحدة السفيرة كاثرين تاي ووزير الخارجية أنتوني بلينكن ووزيرة التجارة جينا ريموندو هذا التجمع لإعادة إعلان التزام أمريكا بتطوير معايير التجارة الرقمية التي تحمي قيمنا المشتركة المتمثلة في الانفتاح وإمكانية الوصول والابتكار وحرية التعبير.

وقال كونراد وشامبليس في ختام تقريرهما إن مستقبل القوة الأمريكية وازدهارها وبراعتها التكنولوجية يمر بمنعطف حرج.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الشرکات الأمریکیة الولایات المتحدة عبر الحدود

إقرأ أيضاً:

الانتخابات الأمريكية 2024.. خالد داوود: منصب نائب الرئيس ليس له دور في تحديد السياسة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

 

قال خالد داوود، مدير تحرير الأهرام ويلكي، إن منصب نائب الرئيس الأمريكي لا يلعب دور في تحديد السياسة، والتركيز دائما ما يكون على شخص الرئيس، بالتالي كامالا هاريس كانت في موقف أصعب لأن الجميع كان يربطها بسياسات مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب أو بانعدام شعبية ترامب.

وأضاف "داوود"، خلال لقاء مع الإعلامي عمرو خليل، على قناة القاهرة الإخبارية، أن أحد الأسباب التي تجعل الديمقراطيين أكثر خشية من خسارة الانتخابات أنه من الناحية العملية لم يخض الحزب انتخابات وشعبية الرئيس تصل إلى 40% ونسبة الأمريكيين الذين يرون أن أمريكا تسير في الاتجاه الصحيح لا تتجاوز 28%.

وأشار إلى أن الصعوبات التي واجهتها هاريس هي دخولها السباق متأخرة، وأنها معروفة لكن ليست المعرفة الكثيرة بالنسبة للغالبية من الأمريكيين لأن نائب الرئيس لا يلعب دور في تحديد السياسات، بالتالي كان لديها الكثير من العمل للقيام به، وإذا حكمنا من هذا المنظور فان هاريس أبلت بلاء حسنا.

مقالات مشابهة

  • البنتاغون: الجيش مستعد لتنفيذ الأوامر القانونية لإدارة ترامب وتجنب السياسة
  • رانيا المشاط: صياغة سياسة التنمية الاقتصادية قائمة على البيانات والأدلة والاستدامة
  • الصين تحث الحكومة الأمريكية للالتزام بمبدأ "صين واحدة"
  • الصين تعلق على فوز ترمب برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية
  • بعد فوز ترامب.. "غوتيريش": مستعدون للعمل بصورة بناءة مع الإدارة الأمريكية الجديدة
  • بعد فوز ترمب..ما موقف إيران من السياسة الأمريكة
  • إلى أين تتجه بوصلة السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط؟
  • بعد الزيادة الجديدة.. أسعار السجائر في الأكشاك والمحال التجارية
  • الانتخابات الأمريكية 2024.. خالد داوود: منصب نائب الرئيس ليس له دور في تحديد السياسة
  • انتخابات اليوم الأمريكية… أزمة السياسة