حمله لإزالة الإشغالات والتعديات على الطريق العام بدشنا
تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT
كلف عبداللاه الخبير رئيس مركز ومدينة دشنا، قاسم عبدالرضي نائب رئيس المدينة، ومسؤولى قسم الإشغالات، بتنفيذ حملة إشغالات في شوارع المدينة حفاظًا على الطريق العام بشوارع المدينة، وتيسيراً لحركة المواطنين.
وأكد عبدالرضي، بمتابعة جهود إزالة التعديات ورفع الإشغالات من الطريق العام وعدم السماح للمنشآت التجارية والمحال والمطاعم باستغلال أرصفة المشاة ومسار الطريق في وضع الإشغالات، وذلك لتوفير حرم آمن لسير المواطنين وضمان عدم إعاقة الحركة المرورية.
وشدد على ضرورة المتابعة الدورية للمواقع التى تم إزالة التعديات منها لضمان عدم تكرار المخالفة مجددًا والتعامل الفورى حيال أى مخلفات، مشيرًا إلى أن محلية دشنا بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية مستمرة فى تنفيذ حملات إزالة التعديات.
يأتي ذلك تنفيذا لتوجيهات اللواء أشرف الداودى محافظ قنا، بعدم السماح بالتعدى على الطريق العام، وتكثيف حملات رفع الإشغالات بصفة دورية للتصدى للمخالفات وردع المخالفين.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: التعديات علي الطريق التعديات على الطريق العام حملة لإزالة الإشغالات محافظ قنا مدينة دشنا إزالة التعديات الاعلانات قنا الطریق العام
إقرأ أيضاً:
حمله مُبدأفًا
في كل يومٍ تصبح الحياة التي نعيشها في القرن الحادي والعشرين أسرع فأسرع، فالمرء أصبح لا يجد وقتًا لنفسه طوال الأربع والعشرين ساعةً في يومه، ليس لأنه مشغولٌ في الغالب، لكنه يحاول اللحاق بما يجري في العالم، ومشغول في الأنفاق الزمنية التي تصنعها وسائل التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي والإنترنت بشكل عام، فينفق من وقته ساعات دون أن يشعر، يفتح الشخص منا مواقع التواصل الاجتماعي في أول ساعة بعدما ينهض من نومه، ولا ينفك من الحملقة عليها حتى ينتهي يومه وينام غصبًا عنه، بل ربّما حتى أثناء نومه يحلم بتعليقات أو منشورات تشكل أحد أساسيات قصة الحلم الذي يعيشه.
في كل هذا، لحق الكتب والقراءة ما لحقها أيضا، فأصبح الكثير يستسهل أمر الحصول على الكتب، ولم يعد الأمر صعبًا في الحقيقة، فليس الأمر بحاجة إلا للبحث عنه وعن نسخة مصورة جيدا منه أيضًا، وإذا سألت شخصًا ما عن كتابٍ لم تجده، يقول لك في لا مبالاة غالبًا بسبب سهولة الأمر: «حمله مُبدأفًا» أي بصيغة (بي دي إف)، وقد يكون الكتاب غير الموجود على الإنترنت متخلّفًا، فإن كان ذا أهمية لمَ لم يحمّل حتى الآن!
هذه السرعة في الحصول على الكتاب تجعل استسهاله احتمالا أكبر، فلم يُدفع فيه مبلغٌ معين قد مرّ بدورة اقتصادية معينة حتى وصل إلى يد صاحب المكتبة في مقابل كتابٍ ما، فكل ما يحتاج الأمر إليه هو مبلغ اشتراك الإنترنت لا أكثر. لكن قراءة الكتب الورقية مهمة في الحقيقة ليست فقط لأنها ورقية أو بعض المشاعر الرومانسية التي يقول بها من يفضّل القراءة الورقية عن الإلكترونية، على الرغم من أن كثيرًا منها صحيح وشاعري.
في الأمر ما هو أبعد من ذلك، وهو أن خلال هذه السرعة التي نعيشها، نحتاج جميعًا إلى لحظات بطيئة، نستشعر فيها أن الساعة فيها ستين دقيقة كاملة يُمكن أن تستغل في أشياء كثيرة بعيدًا عن الشاشة، لذلك فإن ترك الشاشات بعيدًا، والإمساك بكتاب للقراءة فيه لا تقطع القراءة أي إشعارات أو إعلانات هو أمر ضروري للسلامة العقلية والنفسية.
تخيّل أن تقضي طوال يومك في سرعة لاستدراك ما فاتك، فتستعمل مواقع التواصل الاجتماعي لقراءة الأخبار ومنشورات الأصدقاء، ثم تسأل الذكاء الاصطناعي ليخبرك عن معلومة تشعر أنك -باعتبارك ألكسندر الأكبر طبعًا- لا تملك وقتًا للبحث عنها بالطرق «التقليدية» التي غالبًا ما تكون بحثًا في الإنترنت أيضا، فيخبرك بها في ثوانٍ -صحيحة كانت أو اخترعها في تلك اللحظة ليس مهمًّا- ثم تنتقل إلى أشغالك، في هذه الحالة التي تشكّل أبسط وأرقّ مثال للتسارع في الحياة الاجتماعية الحالية، لقد عاش عقلك مرحلة جمع معلومات متسارعة، لم تعطه وقتًا حتى يحلل معلومة ما حتى ألحقتها بعشر أو مائة في الدقيقة التالية، وهكذا طوال اليوم، تخيّل الآن في هذا الازدحام أنك قررتَ أن تترك كل هذه الشاشات وتمسك كتابًا ما وتقرأ منه، قراءة بطيئة واستيعابية، السطر يأخذ عدة ثوان والصفحة دقيقة أو دقيقتين، والمعلومات تتدفق ببطء وسهولة، فيأخذ العقل وقتًا حتى يحللها ويخزنها ويتمكن من استعادتها لاحقًا.
يقول كارل أونوريه في كتابه (في مديح البطء): «وبينما تسارعت وتيرة الحياة، تحدث العديدون عن أن السرعة تجرّد البشر من إنسانيتهم»، لأنها تصبح في أكثر الأحيان مرتبطة بالمادة، وإن كانت هذه المادة غير ملموسة مثل التفاعل في وسائل التواصل الاجتماعي أو غيرها من فخاخ الإنترنت، لكنها تبقى مرتبطة بالمادة الوسيطة التي تنقلها -الشاشة- ولذا هي تسرق الوقت، بل يُمكن أن تجرّد هذه السرعة البشر من إيمانهم أيضا، إيمانهم الديني أو الفكري أو قيمهم الاجتماعية والروحية، لأنها تعطّل في أحيانٍ كثيرة العقل وتزيد قسوة القلب، ليتحول الإنسان أشبه بالآلة التي تتحرك فقط بالنظر إلى الشاشات، مع تدمّر العلاقات الاجتماعية الواقعية، فهو في الأغلب يعلم عن سكّان الإنترنت أكثر مما يعلم عن عائلته وأصدقائه، الذين حتى في وقت جلوسه معهم لا ينفك عن شاشته تلك.
للخروج من هذا المأزق التاريخي الذي تعيشه البشرية، يجب استخدام الأدوات التقليدية التي تحاول أن تنتزع المرء من سرعته وتعيده للبطء الطبيعي الذي يجب أن يعيشه البشر في أيامهم الاعتيادية، ومن ضمن هذه الأدوات الكتاب الورقي، الذي ليس الأمر مرتبطًا بقراءته فقط، بل حتى بالحصول عليه، فإما أن يستعار من شخص أو من مكتبة، أو يشترى، ولتحقيق الثانية لا بدّ من مال، ومن أجل المال لا بدّ من العمل، وهكذا يعود المرء قليلا إلى حياته البطيئة والطبيعية، وصولا إلى القراءة والتخلص من فكّ الشاشة، ليشعر في تلك اللحظة أن الوقت طويل، وأن الساعة التي كان لا يشعر بها، يُمكن أن يقرأ فيها عددًا معينًا من الصفحات ولم تنتهِ بعد، فيستغل ما تبقى منها في التأمل والتفكير فيما قرأه، مع تكرار هذا النمط بشكلٍ يومي، يُمكن إدراك ما كان فيه من إدمان وهوَس، ويُمكن إدراك أن لا بأس بالبطء، فلم يفته شيء على الإطلاق، لم تخرج الشمس من المغرب، ولم تبدأ الحرب العالمية الثالثة، ولم يتخذ مجلس الأمن قرارًا يعاقب فيه إسرائيل، في تلك الساعة التي منحها نفسه لم يتغير شيء على الإطلاق، هو فقط من كان يظن أن عليه أن يبقى متيقظًا حتى لا يفوته أي شيء مهم أو غير مهم، لكن الحقيقة أن لا شيء يتغير على الإطلاق في ساعة بطيئة، بل حتى في أيام بطيئة، فيكفي أن يعرف العناوين العامة للأخبار وليس مهمّا أن يعرف عن كل تفصيل يجري، فذلك لن يفيده في أي شيء غير التوتر والقلق.
وفي مسألة أهمية العودة إلى البطء تفصيلٌ أكبر متعلق بجميع مناحي الحياة، وضرورة اتخاذ موقف شخصي مفصلي من السرعة الفلكية التي يعيشها إنسان هذا العصر، ربما نعود لها في مقالٍ آخر في وقت لاحق.
في هذه الحالة، ليس الأمر دعوة لمقاطعة الكتب الإلكترونية والحياة السريعة بالطبع، لكنه دعوة إلى الكفّ عن انتزاع الإنسان من إنسانيته بالسرعة التي لا جدوى منها، ودعوة للعودة للكتب الورقية، التي تشكّل في ذاتها كنزًا معرفيًّا واقتصاديًّا بدأ يفقد بريقه، ودعوة للحدّ من النشاط المستمر غير المنتج، فساعة وساعة، حتى يكون للعقل والجسد البشري إنتاج حقيقي ومؤثر. ودعوة أخيرة للبحث عن الكتب الورقية في بعض الأحيان إن كانت الظروف تسمح بذلك، فلا تسمع دائمًا نصيحة من يقول في كل مرة «حمله مُبدأفًا».