سودانايل:
2024-07-02@01:38:40 GMT

القتل للسياسة قتل للسياسة: حدار الدم

تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT

(من يوميات ثورة ديسمبر 27 يناير 2019)
دولة الإنقاذ حالة استثنائية للتعطش للدماء. يكفي أن البشير لم يجد، وخيط دماء شهداء الثورة لم يجف، بداً من الفحيح ب"فلترق كل الدماء" والتعثر في آية القصاص. وأزهقت الإنقاذ أرواح شباب الحركة الإسلامية لرفع معنويات القوات المسلحة التي ضرب اليسار الجزافي وغيرهم عليها عزلة سياسية موجعة خلال حربها مع الحركة الشعبية.

فاذكر ما أزال محاضرة العقيد حمدين لنا، او تنويره، في مؤتمر الحوار الوطني في شتاء 1989 حين قال إن المعنويات كانت هي أضعف حلقات العمل العسكري في تلك الحرب. ولم يـتأخر شباب الإسلاميين لسد الفرج. وفي الجنوب يا ما ماتو رجال. وأسرفت الإنقاذ في القتل في دارفور إسرافاً. ولم يحل إسلامها دون ذلك الإفراط حتى تذكره البشير بيقظة ضمير متأخرة وعابرة في كلمة ذاعت. وفيها "نزّل" فقه الدين الذي حرم النفس إلا بالحق. وقتلت الإنقاذ في بورتسودان وسوبا وكجبار وسبتمبر 2013 وكثير غيرها. وبدا من تصريحات أخيرة لعلي عثمان محمد طه والفاتح عز الدين ومعتز موسى أن الإنقاذ لم تستعد لغير المقاتل. وأحسنت صنعا.
الإنقاذ هي الحكومة حين تصير سَفّاحاً بلا أعراف. ومع ذلك لم تبتدع القتل في السياسة عندنا، ولكنها "بدّعت" كما يقولون. واسهدني هذا القتل في السياسة فتوافرت على دراسته كما تجلى في مذبحة بيت الضيافة ومحاكم الشجرة 1971. وقلت في كتابي "مذبحة بيت الضيافة: التحقيق الذي يكذب الغطاس" (2018) إن القتل فشا فينا، وأضغننا، وحقننا ب "دم تاير" داؤه الفصادة أي كشف الغطاء عن كل المقاتل بتحقيق يشفي الأمة من الثأر.
كثيراً ما قلت عن أحدهم إن القتل للسياسة هو قتل للسياسة. وقتلت الإنقاذ من جم فاستحالت ممارسة السياسة في ساحتها. ومن طلبها صار بين أمرين: أن يلحس كوعه أو يطالعهم في خلاء الله أكبر. واستجابت قوى كثيرة لهذه المطالعة. ومتى سألت عن اختيارها للعمل المسلح قالت ألم تسمع الإنقاذ تستحثنا عليه. وماتت السياسة بالنتيجة في بيئة تعسكرت حتى الثمالة للمستطيع ولغير المستطيع. وضرب الجفاف المجتمع المدني الذي لم يطلبوا منه سوى الفرجة على صراع الديكة العسكرية.
السياسة بالأحرى هي حقن الدماء. وسمعت شعراء الكبابيش يطرون مشائخهم ل "حدار الدم" أي تلافي الاقتتال بالفدية وحقن الدم ألا ينحدر، ألا يسيل. وقال بهذا الفهم نفسه المنظر السياسي الإنجليزي توماس هوبز (1588-1679) الذي عاش في القرن السابع عشر خلال فترة الحرب الأهلية الإنجليزية. فنزعت تلك الحرب الملكية من سدتها، ثم عادت بعدها، وأهرقت دماء وأرواحاً. فقال هوبز إن سيادة السلطة السياسية لا تقع متى لم يخش الناس الموت. ولم تكن خشية الموت فاشية على عهد هوبز. فأهل عصره كانوا ممن يغامرون بحياتهم فداء لعقائدهم مغامرة أدت إلى حروب أوربا المعروفة بحرب "الثلاثين عاماً" وغيرها. وكانت مهمة هوبز الفكرية أن يجادل قومه ليغرس فيهم خشية الموت طلباً لحكم تراض وطني.
وكانت المسيحية هي أكبر عقبة وقفت في وجهه لأنها اعتقدت في خلود الروح. فقد كان استعداد المسيحيين للموت طاغياً وهو ما ينذر بالفتنة المدنية. فليس تقوم للنظام المدني في رأي هوبز قائمة إذا كانت إراقة الدماء على قفا من يشيل. فلو كان للسياسة من معنى فعليها أن تهمش غرائزنا للموت، أو تبطل من مفعولها ما استطاعت. فلابد لنا من توقير الحياة إذا أردنا للمجتمع المدني أن ينشأ ويستتب. ولذا جعل هوبز للدولة، كمحتكر لإدارة العنف، وحدها سلطة الحياة والموت على الناس. ومن رموز ذلك أنه ما يزال لا يُعدم أحد في الدولة بعد حكم القضاء عليه إلا بعد تصديق من الوالي أياً كان. وصار من دارج الحديث قولنا إن عمل السياسة يكف متى ارتكبنا العنف. فالقتل من أجل السياسة هو قتل للسياسة نفسها في نهاية المطاف.
خلع هوبز فقه الدولة من فقه الدين لأنه رأى أنه لا قيام لمجتمع سياسي في ظل خصومة الدين وملله ونحله. ولكنه كرس الحاكم سلطاناً مطلقاً حرّم الثورة عليه ليؤمن المجتمع من غائلة الفتنة والتقاتل. ويذكرنا هذا الاستئصال لمعارضة الحاكم ببعض أهل السنة على أيامنا هذه الذين خرجوا يروجون لأحاديث نبوية تنهي عن مس الحاكم الذي سيأتينا في شكل شيطان يضربنا ويقلع حقنا ولا نقول "بغم". ووجد هوبز معارضة من معاصره جون لوك (1632-1704) الذي جوز معارضة الحاكم وخلعه.

IbrahimA@missouri.edu  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

ثلثا الإسرائيليين يؤيدون اعتزال نتنياهو للسياسة

#سواليف

أظهر استطلاع للرأي أجرته قناة عبرية أن نحو ثلثي الإسرائيليين يؤيدون اعتزال بنيامين نتنياهو الحياة السياسية، وألا يترشح لولاية جديدة في منصب رئيس الوزراء.

وبحسب الاستطلاع الذي أجرته القناة 12 العبرية الخاصة، ونشرت نتائجه أمس الجمعة، فإن 66% يعتقدون أن نتنياهو، البالغ من العمر 74 عاما، يجب أن يتقاعد ولا يترشح لولاية سابعة.

بينما يرى 27% من المستطلعة آراؤهم أنه يجب أن يترشح لولاية جديدة ويستمر في حياته السياسية، و7% لا يعرفون، بحسب القناة الإسرائيلية.

مقالات ذات صلة الضمان الاجتماعي في مناظرة بايدن وترامب.! 2024/06/29

ومنذ أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي أعقبتها حرب مدمرة شنتها إسرائيل على قطاع غزة، انخفضت شعبية نتنياهو بشكل حاد، وفقا للعديد من استطلاعات الرأي التي أجرتها وسائل إعلام عبرية، وخاصة خلال الشهور الأخيرة.

وفي وقت سابق أمس الجمعة، أظهر استطلاع للرأي في إسرائيل -نشرته صحيفة “معاريف”- استمرار تقدم زعيم حزب “الوحدة الوطنية” المعارض بيني غانتس على نتنياهو، لمنصب رئاسة الحكومة في حال إجراء انتخابات جديدة.

ورغم تصاعد المطالبات في إسرائيل بإجراء انتخابات مبكرة، إلا أن نتنياهو أعلن مرارا رفضه إجراءها في ظل الحرب.

وجرت آخر انتخابات في إسرائيل نهاية 2022، وبموجب القانون فإن ولاية الكنيست (البرلمان) تستمر 4 سنوات، ما لم يتم إقرار إجراء انتخابات مبكرة.

وأسفرت الحرب الإسرائيلية المدعومة أميركيا والمستمرة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عن أكثر من 124 ألفا بين شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال.
إعلان

وتواصل تل أبيب حربها رغم قراري مجلس الأمن الدولي بوقفها “فورا”، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح رفح، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال “إبادة جماعية”، وتحسين الوضع الإنساني المزري في غزة.

مقالات مشابهة

  • إدارة مولودية وهران تحسم أولى صفقاتها الصيفية
  • حلقة عمل حول دليل إعداد السياسات العامة لمختلف الجهات والهيئات الحكومية
  • رئيس «صحة النواب»: تعديلات قانون التأمين الصحي الشامل أولوية أمام الحكومة الجديدة
  • التهديد الأكبر للولايات المتحدة الأمريكية
  • في ذكرى وفاته .. اليمن يقطف ثمار تحركات عالمه الرباني السيد بدرالدين الحوثي
  • حسن عز الدين: الشعب الفلسطيني وحده من يرسم اليوم التالي في غزة
  • الخشت: الفيلسوف الفقيه الذي يجمع بين الفكر الإسلامي والغربي
  • برلمانية كردية: التحالف الحاكم يواصل السياسة الانقلابية
  • ثلثا الإسرائيليين يؤيدون اعتزال نتنياهو للسياسة
  • سيمور هيرش: الحزب الديمقراطي في أزمة وآن الأوان لصياغة خطاب استقالة بايدن