ثورة ديسمبر العظمى: أهلاً بالرياح المباركة !!
تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT
هل كانوا يظنون أن الشعب سوف يتنكّر لثورته.. ولوصية الشهداء..؟! وأن ثورة ديسمبر العظمى سوف تخمد بهذه الألاعيب الرخيصة الخبيثة..فتأمروا عليها بالانقلاب ثم بالحرب..؟!
(يا قادماً من شندي أو من رهيد البردي) انظر الآن إلى مواكب عطبره والضعين ونيالا...لتعلم كيف أن الثورة متجذّرة في عيون الأطفال والكهول والآباء والأمهات والصبايا.
ثورة ديسمبر العظمى جاءت لتبقى وستذهب الحثالات والزبد جفاءً..وتفنى ثلة الغباء والرعونة والإجرام..وتبقى الثورة..ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام...!!
كما قلنا مرّة: هذا بلد عظيم مشى إنسانه على أحقاب الدهر مرفوع الرأس منتصب القامة، وهو بلد مغروز في رسوم ومواريث، ولم يبرز على ظهر الأرض كما تنبت الإعشاب (البروس)..! هذا بلد تكلله حضارات عريقة زاهية بعيدة الأغوار ولا تعجب إن قالوا لك أن السودان في أحقابه البعيدة كان موئلاً للإنسان الأول.. أو كان مهداً للحكمة..حارساً لمشارع الحق.. أو كان (شيفيلد إفريقيا) في فبارك صناعة الحديد..!
هكذا تتجسّد حضارات السودان حيثما توجهت في جنوبه وشماله وشرقه وغربه؛ في الشهيناب وفي نيالا أو (الفاشر الكبير) أو الشرق الذي كسر المربعات البريطانية.. وفي آثار كوش ونبته ومروي وعلوة والمقرة ودنقلا العجوز وسنار وتقلي والمسبعات والفونج..إلخ وفي الكنداكات الملكات وهن يدرن شؤون (السياسة العليا)..وحيثما نظرت تيقنت بقيمة هذا البلد الذي استعصى على غزوات الهكسوس والبطالمة وعلى أقطاب العالم القديم، وعرف كيف يصمد حتى في سنوات التكالب الاستعماري وكيف يتصدى للإمبراطورية البريطانية في أوج قوتها وسطوتها..!
هذا وطنٌ يتميّز بتنوع خصيب في شعوبه وأعراقه وجغرافيته وكسب عيشه وثمرات أرضه وأعراقه وأعرافه التي اعترفت أدبيات القانون الحديث بعلو كعبها في تكييف الحقوق العامة والخاصة وإقامة موازين العدل في معاملات الأراضي والزروع والأنصبة..الخ.. وهو البلد الذي تعترف الدنيا المعاصرة بنبوغ أبنائه وبناته في شتى مواقع العمل والفكر والإبداع والابتكار والأريحية وبذل المعروف..!
وإذا أراد احد أن يقلل من شأن هذا الوطن وإنسانه بسبب الجهل أو الغفلة أو العنجهية فسيرتد عليه جهله وغفلته وعنجهيته و(تصكّه على وجهه) ويبقى السودان منتصباً بقامته المديدة على ربوة الكرامة والحرية..مستنداً على موارده وخيراته العميمة في ظهر الأرض وباطنها من حقول ومراعٍ ومعادن نفيسة، وحيث تتلاقح رياح الخير فوق أنهاره العديدة وبما يفيض الله عليه من غيث السماء و(مياه الجوف) ومن شلالاته وترعه و(ترداته) وبحيراته وتبلدياته وغاباته التي فيها الخمط والأثل والسدر والطلح والهشاب.. ولو لم يكن في السودان كل هذا الخير الهتون لما صمد كل هذه السنوات الطوال مع ضراوة نهب وسرقات الكيزان التي تكالبت عليه (بالمكيال الكبير)..!
ينبغي أن يرعوي من يريد التقليل من شأن هذا الوطن وتحويله إلي بقعة مجهولة تتوالد فيها جراثيم سوء الخلق ومؤامرات سوء الطوية، وينبغي الكف عن التقليل من شأن الوطن والاستهزاء بإنسانه ومواريثه وثقله الراجح في موازين الدنيا وميازيب الحق والخير؛ فهذا وطن كبير.. أكبر من الذين يستصغرون شأنه ويريدون طأطأة قامته.. فقد مرت عليه اختبارات واختبارات عجمت عوده وعلّمت من لا يريد أن يتعلّم حقيقة هذا المارد الذي صدحت بشجاعة إنسانه وإبائهم الأناشيد السماويات الصادحة.. (هدم المحالات العتيقة وانتضى سيف الوثوق مطاعنا/ ومشى لباحات الخلود عيونه مفتوحة/ وصدوره مكشوفة.. بجراحها متزيّنة)..!
عاشت ثورة ديسمبر والمجد لشهدائها الأبرار ولا نامت أعين الفاسدين والقتلة المأجورين..!
murtadamore@yahoo.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: ثورة دیسمبر
إقرأ أيضاً:
ثورة يناير والإخوان.. والفرصة الضائعة
صدر مؤخرا للكاتب الصحفي أحمد سعد حمد الله، كتاب جديدا يحمل عنوان "ثورة يناير والإخوان.. والفرصة الضائعة".
وصدر الكتاب عن مكتبة الأسرة العربية في إسطنبول، وهو يقع في 242 صفحة من القطع المتوسط.
ويتناول المؤلف ما أسماها "الأخطاء" التي وقعت أثناء الثورة المصرية في 25 يناير، وخلال فترة حكم الرئيس الراحل محمد مرسي، وأدت إلى تعثر الثورة مبكرا، والانقلاب على الرئيس المدني بعد عام واحد فقط من جلوسه على كرسي الحكم.
كما يتطرق الكتاب إلى الدور المحوري الذي لعبه المجلس العسكري في إفشال الثورة عن طريق تفتيت القوى السياسية، بنجاحه المبكر في إحداث الوقيعة بينها، ما مكنه من عزل جماعة الإخوان عن بقية القوى الثورية لاحقا للانفراد بها، حيث يرى الكاتب أن المجلس العسكري نجح من خلال خطته هذه في استمالة كل القوى السياسية المعارضة للإخوان، حيث قام بحشدها عن طريق أذرعه الإعلامية في 30 يونيو 2013، فكانت تظاهراتهم بمثابة الغطاء الشعبي للانقلاب العسكري على الرئيس مرسي والتخلص من حكم الإخوان، كما يقول الكاتب.
كما يتناول المؤلف أيضا دور الولايات المتحدة وبعض الدول الإقليمية في دعم وتمويل الثورة المضادة والدولة العميقة لمنع الإخوان من تحقيق أي إنجاز يُحسب لهم، فيشير إلى أنه تم تصدير مئات الأزمات اليومية لإظهار فشل الإخوان في الحكم، مثل قطع الكهرباء، ومنع وصول مواد الوقود إلى محطات البترول، فضلا عن الدعوات المستمرة للعصيان المدني، وتحريض العمال والموظفين على الإضرابات، ودفع البلطجية وجماعة البلاك بلوك لقطع الطرق وإثارة المشاكل، وغير ذلك من الأزمات، التي خلقت رأيا عاما سلبيا ضد الإخوان، وسهل مهمة الجيش في الانقلاب عليهم، وعلى الثورة، وفق الكتاب.