ثلاث حقائق في الذكرى الخامسة لثورة ديسمبر المجيدة
تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT
(1)
ان ثورة ديسمبر المجيدة مهرت بدماء ودموع وتضحيات عظيمة، ورفعت شعارات الحرية والسلام والعدالة، ستظل الثورة حية وفتية وسوف تنتصر بإذن الله ولو بعد حين، الدرس المستفاد والباقي انه متى ما توحدت إرادة وعزيمة هذا الشعب فإنه قادر على تحقيق ما يريده، وأن وحدة قوى الثورة والتغيير مهمة لا تقبل التأجيل، صحيح؛ بدأت ملامح التوحد في تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية "تقدم" ولن تكتمل الوحدة الا بالتمسك بمقاصد الثورة واعلاء قيم السلام والحرية والعدالة، والاتفاق على إعادة تأسيس الدولة السودانية وفق مشروع وطني يعبر عن جموع السودانيين.
(2)
حـرب الخامس عشر من أبريل هي حـرب الكيزان بإمتياز، أشـعلونها بعد فشل إنقلابهم في الخامس والعشرين من أكتوبر؛ حينما رفض الدعم السـريع تنفيذ تعليمات قادة الكيزان في استمرار الانقلاب، فلا تعدو الحرب في نظرهم سوى عملية إخضـاع وإرجاع الدعم السـريع الي بيت الطاعة او القضاء عليه، وكان الأمر في ظنهم لا يتجاوز ساعات وبالكثير أيام، وصـورها إعلامهم بأنها حرباً للكرامة، واستخدموا الدعاية الحربية ضد قوى الثورة والانتقال الديمقراطي للنيل منها والقضاء على كل أثار وملامح ثورة ديسمبر المجيدة ضمن عملية تصفية واحدة، فقد كانت نتيجة هذا التفكير الجنوني هي الوطن الآن من كارثة إنسانية غير مسبوقة في العالم، بتشـريد الملايين، وقتل واسـع النطاق، وزرع الفتن القبلية والاثنية والتمايز الاجتماعي، وزرع الخوف والجوع، وتدمير البنية التحتية للدولة، وتعميق الانقسام المجتمعي، في المقابل دخل الدعم السـريع الحرب متمردا على تعليمات قادة الكيزان رافعا شعار الديمقراطية، ورافضا الانصياع من جديد لقيادة التنظيم الذي أسسه معلناً حربه على الكيزان، الإصرار على استمرار الحرب وإفشال اي مساعي لحل سياسي يؤكد بأن الامر بالنسبة للكيزان كأنه صراع داخلي حول القيادة العسكرية للتنظيم والذي يجب ان يحسم عسكرياً وليس سياسياً.
إنفتاح الدعم السـريع على مدن السودان وتوسعة رقعة الحرب يشير الى تجاوز نطاقها المستهدف القوات المقاتلة والكيزان الي استهداف للمواطنين، ونشر الهلع والفوضى والانفلات الأمني والنهب والسلب، كأن هناك إتفاق ضمني بتحويل المعركة ضد المواطن.
الواضح ان تمدد الحرب بهذه الصورة لم يكن مفأجاة ولكنه؛ يشير الي بداية نهايات الحرب، خاصة بعد زيادة القناعة بأن إستمرار الحـرب لن تكون نهايته سعيدة لمن أشعلها، وأن شعار #لازم_تقيف هو الأصوب، كما ان الاحباط الكبير نتيجة سقوط ولاية الجزيرة في يد الدعم السـريع كأكبر مدينة ايواء للنازحين، ومركز تجاري واقتصادي يؤمن البضائع والسلع لبقية أنحاء السودان، ويهدد الزراعة في مشروع الجزيرة، ناتج عن مضاعفة معاناة السودانيين.
(3)
ان التفاوض والحل السياسي هو المدخل الصحيح الذي يجنب البلاد الانهيار الكامل، ويفتح الباب أمام الاستقرار والسلام، ويوقف حمامات الدم، وعلى القوى المدنية تحمل مسؤوليتها بالتصدي لجرائم طرفي الحرب بتجريدها من اي مشروعية والاصطفاف المدني الواسع حول رؤية إنهاء الحرب وإستعادة المسار المدني. وعلى أطراف الحرب ادراك حقيقة ان لا مستقبل لحكم عسكري وأن الجرائم التي ارتكب لن تمر بلا محاسبة، وأن الاصلح لهما الاستجابة لوقف إنطلاق النار والعدائيات اليوم قبل الغد لتقليل الكلفة. وعلى المجتمع الإقليمي والدولي الخروج من دائرة إدارة الأزمة الي مواجهتها والعمل على حلها، وتحمل المسئولية في حماية المدنيين وفق القانون الانساني والدولي.
wdalamin_2000@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الدعم السـریع
إقرأ أيضاً:
رسالة إلي أمين حسن عمر وقيادات الحركة الإسلامية
نضال عبدالوهاب
٢٧ يناير ٢٠٢٥
اولاً ليست لي أي معرفة شخصيّة بك ولكنها مصلحة بلادنا التي تجعلني أرسل لك هذه الرسالة في الفضاء العام ، و إلي من معك من قيادات “الحركة الإسلامية” ، سواء كنتم في بورتسودان أو أنقرة واستانبول او غيرها من عواصم وبلدان العالم.
سادخل مُباشرةً في جوهر رسالتي دون مُقدّمات للذهاب للأفيّد والأهم.
قمتم بإنقلاب عسكري في ١٩٨٩ لإستلام السُلطة ونجحتم في ذلك ، حكمتم فيها بالحديد والنار والبأس وأذقتم الشعب السُوداني كُل أصناف العذاب ، وقمتم بالتخريب المُنظم للبلد ، فصلتم الجنوب وأشعلتم الحرب في ثلاث أرباع البلاد ، مات مئيات الآلاف ، في دارفور وجبال النوبة وجنوب كردفان والنيل الأزرق والشرق والجنوب نفسه قبل فصله ، وكان مبرركم لكل هذا القتل “أسباب تافهة” كما قال عمر البشير في لحظة تجلي و بعظمة لسانه وإعتراف منه “كنا نقتل الناس في دارفور لأتفه الأسباب ، وإنه لم نراعي حُرمة الدماء” و أردف قائلاً ” ولزوال الكعبة أهون عند الله من قتل مُسلم ، وأمركم وقتها بالتوبة والإستغفار والرجوع إلي الله ، طبعاً هذه هي لغة رفيقكم البشير وليست من عندي ، ثم إعترف عليكم شيخكم الراحل د.حسن الترابي في شاهد علي العصر بقناة الجزيرة ، في حلقاته الشهيرة وقال ما قال في حقكم ، ولا أعتقد أن حديث الرجل والذي طالب ببثه بعد موته ولأنه يعلم بتلاميذه ، يمكن لي أو لآخر أن يأتي بما هو أسوأ ، لما فيه من المذمّة لكم ولعهدكم وأخطائكم وجرائمكم خلاله ، ثم تأتي الشهادات التوثيقية الأهمّ بقناة العربية لآخر مؤتمر وإجتماع شوري لكم قبل الثورة في ٢٠١٨ ليُبين وبالسنتكم أنتم وإعترافاتكم بقليل مما فعلته أيديكم من قتل وبطش بالسودانيين والتضييق عليهم والفساد الغير مسبوق ، إنه نفسه إجتماع الشوري الذي “اجهشت” بالبكاء فيه بنفسك يا د.امين حسن عمر وأنت تدافع عن ناس “ود إبراهيم” وغازي صلاح الدين، ومحاولة إنقلابهم وأشتط فيه رفيقك علي عثمان بالقول ” نحن في يوم واحد قتلنا وأعدمنا ٢٨ ضابط” ، ويقصد شهداء حركة وإنقلاب ٢٨ رمضان علي سُلطتكم ، كل هذا هو من “ناسكم” وليس من “خصومكم” وأعداءكم ، هذا غير عشرات الإعترافات لقيادات وعضوية الحركة الأسلامية المبذولة والمؤثقة.
لن أتحدث عن أي أخطاء أو جرائم لعهدكم المُمتد لثلاثون عاماً كاطول فترة حكم مُتواصلة لنظام في السُودان أتي عبر البندقية والدبابة ونُفذ بليل والناس “نيام” كفعل “السارقين والحرامية”.
سنطوي كل هذا وأنتقل معكم لثورة ديسمبر في ٢٠١٨ ضدكم ، مهما حاولتم من محاولات تسفيه هذه الثورة وتبخيسها والتقليل منها تظل واحدة من أعظم الثورات في كُل العالم وبإعتراف الآخرين وليس السُودانين ، ثورة بدأت بالسلمية وأختتمت بالسلمية لشعب ضرب أروع الأمثلة في الفعل الثوري الخالي من العُنف والذي سلاحه فقط “الهُتاف” و “الأناشيد الثورية” للثوار و “زغاريد النساء” ، الثورة التي كان قيادات و أعضاء تنظيمكم في البدء يسخرون منها ، ثم إستماتوا في محاولات قمعها وقتل المُتظاهرين لدرجة محاولات إستخراج فتوي “كعادتكم” عند إمتهان وتبرير “القتل” أن للحاكم الحق في قتل ثلثي الشعب وفي رواية النصف ، هكذا كان تفكيركم لإيقافها ، وأنت تعلم جيداً ومن معك كيف كنتم تتعاملون مع من يقف ضدكم أو يتفوه بكلمة تغضبكم دعك من محاولة أسقاط نظامكم وإبعادكم عن كراسي السُلطة ، إذا كنتم لاتعترفون بهذه الثورة فيكفيكم أن تراجعوا فديوهاتها ومشاهدها المؤثقة والمصورة ، فهي لم تُمحي بحمدالله و متوفرة لمراجعتها ، للتيقن فقط من غضب الناس عليكم وعلي ظلمكم وفترة حكمكم وسُلطتكم ، وأنت بنفسك إعترفت في لقاء لك مؤخراً أن الرأي العام أصبح ضدكم ، رغم محاولاتك المُستميتة للدفاع عن نظامكم واخطاؤكم ، وتبخيس الثورة ولعن خصومكم ومن خرجوا ضدكم.
حاربتم بكل ما اؤتيتم من قوة ، ودولتكم العميقة كانت حاضرة ، واعداء الثورة والثورة المُضادة ايضاً كانت حاضرة ونجحتم في إشعال الحرب مع ربيبتكم وصنيعة أياديكم مليشيا الدعم السريع المُجرمة ، ثم قتلتم أنتم الاثنين معاً وأبدتم السُودانيين ، ودمرتم البلاد وشردتم اهلها ، وفعلتم خلال هذه الحرب ومنذ ال ١٥ من أبريل ٢٠٢٣ عنف غير مسبوق ، وأشعتم عن عمد وعمل منظم بواسطة اجهزة أمنكم خطاب كراهية غير مسبوق أيضاً ، وتفننتم في تفتيت النسيج الإجتماعي ونشر سياسة فرق تسد التي كانت هي نهجكم لسنوات طويلة ، اثرتم النعرات القبلية وهيجتموها ، سممتم الأجواء السياسية ، بإختراق القوي السياسية وعمليات شراء الذمم والرشاوي وكل موبقات ورزائل ورداءة العمل السياسِي القذرة ، إستخدمتومها ، وها أنتم اليوم وبعد رفضكم لوقف الحرب كوسيلة وغاية لكم للعودة عن طريقها للسُلطة التي لاتريدون مُغادرتها حتي ذهابكم لقبوركم ، عدتم للإنتقام من كل الشعب السُوداني الذي رفضكم ، تصفون خصومكم وتغتالونهم وتتوعدون الآخرين ، وتعتقلون وتعذبون ، تقومون بحملات الدفتردار الإنتقامية المذكورة في التاريخ وأبشع ، تمدون لسانكم وانت علي رأسهم يا د.أمين حسن عمر للثورة والثوار وتتوعدونهم ، وتظنون أنكم في المرحلة الأخيرة للإجهاز عليها تماماً ، وأنكم قد نجحتم وتتوهمون أن كل الشعب أو غالبيته معكم ، نعم غالبية الشعب يكره المليشيا وأفعالها ويود التخلص منها خاصة من تضرروا مُباشرة منها وهم بالملايين ، لكن الحقيقة التي تحاولون مُدارتها ونسيانها أن الشعب يكرهكم أكثر ، أو بالأصح كره أفعالكم ، وفشل مشروعكم السياسِي بالتجربة وسقط سقوطاً مدّوياً ، تستغلون أخطاء فصيل أو أشخاص من القوي المدنية وقوي الثورة لشيطنة كل الثورة والثوار ، ولكن فات عليكم أيضاً أن تلك الأخطاء لهؤلاء هي أيضاً لا تمثل كُل من خرج ضدكم حقيقةً و هم بالملايين كما تعلم أو تعلم وتُنكر! ، لن تنجحوا مهما فعلتم في محو الفعل المقاوم ضدكم.
شخصي وحتي لا تُجهد نفسك ليس من “الحرية والتغيير أو تقدّم ، ولكنه في ذات التوقيت في الصف المقاوم والثوري علي الدوام ومع التغيير في بلادنا والعاملين لأجل ذلك مع الآخرين ، وكنت قد دعوت للحوار معكم لوقف الحرب بشروط للحوار مؤثقة وموجودة وكان ذلك فقط لمصلحة الشعب السُوداني وبلادنا في وقف الحرب و وقف إبادته وتشريده ومُعاناته وللمُحافظة علي بلادنا ووحدتها.
أخيراً أريد تذكيرك وقيادات الحركة الإسلامية بفعل ومعاملة الثوار ضدكم ، لم يمارسوا ضدكم العنف والقتل والإنتقام وقد كان مُتاحاً لهم.
الآن بلادنا في وضع غير مسبوق من الفُرقة والدمار والإنقسامات ، وللأسف يقع عليكم الوذر الأكبر في هذا مهما أنكرتم ، أو تماديتم في الغفلة والتغافل ، لا تزايدوا علي الشعب السُوداني ولاتغتروا بما تحقق من إنتصارات عسكرية ، فالمليشيا صُنع ايديكم ، وستظل جرائم الحرب وما تم فيها في رقاب كل من قتل و أباد وطهر عرقياً وأغتصب ، إذا كان المتعاونون مع المليشيا مجرمين وهم بالفعل كذلك فما جزاء من أوجد المليشيا نفسها ودربها وقواها وسلحها وفتح لها الطريق كي تتسلط علي رقاب الأبرياء والمساكين من بنات وأبناء الشعب السُوداني ، علماً أنها هي نفسها من كانت تُستخدم كأداة منكم ومن نظامكم وجيشكم في قتل السودانيين وإبادتهم في دارفور وحتي الخرطوم!؟
دعوتي لكم للتعقل والإتعاظ ، إن كنتم تعقلون ، ولعدم تكرار الأخطاء وإن لم تكن تجربتكم الطويلة في الحُكم كافية لتغيير سلوككم ومنهجكم لصالح مستقبل البلاد ووضع سياسِي صحي وديمُقراطي حقيقي ، ولإشاعة العدل والحريات والسلام والوحدة ، فلا أعتقد أنه ستكون هنالك تجربة أخري إلا إذا ابدتم كُل الشعب السُوداني وحكمتم انفسكم.!!
#أوقفوا الحرب والقتل
#الثورة مُستمرة