بعيدا عن التخوين ،ومشتقاته ،الذي يلجا له البعض لتفسير بعض التطورات غير المواتية ،وفق تهيؤاتهم، في مجرى الحرب،خصوصا، فلول النظام المقبور ،الذين اشعلوا الحرب وعملوا على عرقلة وقفها ،يمكن النظر لماحدث في مدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة ،عصر يوم امس الاثنين، 18 ديسمبر 2023، حيث انسحبت الفرقة الاولى واللواء الاول من موقعيهما، داخل المدينة وشرقها ،في حنتوب، ومن ثم دخول قوات الدعم السريع اليها، دون قتال ،تقريبا،في اطار ما يتراءى كاستراتيجية جديدة للقوات المسلحة ،منذ نهاية اكتوبر الماضي،بتفادي المواجهات المباشرة مع قوات الدعم السريع، وفق مقتضى الضرورات الميدانية.
يعتبر سقوط نيالا في 26 اكتوبر بيد الدعم السريع بعد صمود شهور ،هو اهم منعطف في مجرى الحرب منذ اندلاعها في 15 ابريل، والمدخل لتكتيك الانسحابات، والتلاؤم مع معطيات الميدان...
وهو تكتيك ينطوي على تراجع عن خيار الحسم العسكري،الذي ظلت قيادة الجيش تتبناه. وسيفرض هذا الخيار ،ومع التوسع الجاري في الإلتجاء اليه، على القيادة اعادة النظر والتفكير في التفاوض كبديل.
لكنه ،بالمقابل، سيشكل لتقدم قوات الدعم السريع باتجاه بقية معسكرات الجيش في بقية المدن و الولايات، بما يعنيه ذلك من التوسع في جغرافيا الحرب، وتزايد موجات نزوح المواطنين على المستوى القومي.فاستيلاء الدعم السريع على ولاية الجزيرة ،سيضع العديد من الولايات الاخرى ،لا سيما ولايات سنار والنيل الابيض والقضارف وربما نهر النيل،ايضا ،ضمن مقدمة الاهداف المحتملة لتفدم الدعم السريع ،على إيقاع واقعة مدني. وتبديد الامان النسبي الذي كانت تتمتع به.
فمن شأن معطيات معركة مدني ،التي انتهت بانسحاب الجيش،انسحابا تكتيكيا او استراتيجيا ،وتداعياتها، ان تحدث تعديلا ،ايا كان حجمه ،في ميزان القوى على الارض ،ربما تكون له انعكاساته على العملية التفاوضية، التي يستضيفها منبر جدة،منذ حين من الوقت.
اذا تقدم الدعم السريع،انطلاقا من مدني ،مرورا بالقضارف، باتجاه بورتسودان ،فانه سيقترب،في الواقع،من الحسم العسكري،ما يترتب عليه اجرائيا ،إلغاء ،أو إقصاء منافسه ،كطرف ثان في العملية التفاوضية، أو إضعافه ،على الاقل،إن لم يلغ التفاوض نفسه،كخيار ،ظل مطروحا كبديل متفق عليه للحسم العسكري.
التوقيع: Abdalla Rizig Abusimazeh
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
إبراهيم عثمان يكتب: حتى لا نظلم “تقدم”
*اشتكى القيادي بـ”تقدم” شريف محمد عثمان القيادي من تشويه مواقفهم في هذه الحرب، وتصويرها وكأنها منحازة للدعم السريع، وهي شكوى مستمرة منذ بداية الحرب، ولا تكاد تغيب من ألسنة قيادات “تقدم”، وهم محقون في مبدأ رفض التشويه، وفي المطالبة بأن يكون الحكم على مواقفهم مبنياً على الحقائق كما هي، لا الادعاءات كما يصنعها خصومهم، وفي المطالبة بأن يقوم رصد الحقائق على الدقة، وتحري الإنصاف لا العشوائية وتحري الإدانة.*
*التزاماً بهذه المطالبة المشروعة يمكن رصد عدد من الحقائق الرئيسية* :
١/ *إشعال الحرب* :
* اتفقت تقدم مع الدعم السريع على أنه برئ من إشعالها، وعلى أنه بريء من الانقلاب والتمرد، وعلى استبعاد حصار مطار مروي من قضية إشعال الحرب، وعلى رفض رواية الجيش بخصوص الرصاصات الأولى في الخرطوم واعتماد رواية الدعم السريع.
٢/ *الغرض من إشعال الحرب* :
* اتفقت مع الدعم السريع في أول جملة في ديباجة “إعلان أديس أبابا” على براءته من الغرض الذي يمكن أن يدفعه لإشعال الحرب، فالحرب “كما اتفقا”: ( هي آخر حلقة من سلسلة المحاولات الفاشلة لقطع الطريق على مسار ثورة ديسمبر المجيدة).
٣/ *الموقف من الديمقراطية:*
* تتفق “تقدم” مع الدعم السريع في أنه ملتزم بها وعلى أن الجيش غير ملتزم بها، أو على الأقل التزامه بها محل شك.
٤/ *الموقف من الداعمين* :
* يتفق قادة “تقدم” والدعم السريع على إدانة أي دعم الجيش، وعلى إدانة الاستجابة لاستنفاره، وعلى مهاجمة داعميه ووصفهم بأنهم يمثلون، معه، “معسكر الحرب”، وعلى عدم استخدام أي كلمات حادة أو وصف قدحي للدعم السريع وداعميه من الداخل والخارج .
* ويتفقان على إدانة مقاومة المواطنين للدعم السريع إذا هجم عليهم في أحيائهم وقراهم وبيوتهم.
٥/ *الحكم على المواقف من “إعلان جدة”*:
* تدعم “تقدم” موقف الدعم السريع من “إعلان جدة”، وتجد له الأعذار في عدم تنفيذه.
* اتفقت مع الدعم السريع على تجنب ذكره صراحةً أو الإشارة إليه في إعلان أديس أبابا.
* اتهمت الحكومة والجيش بالتعنت والمزايدة في قضية المنازل، وبرأت الدعم السريع من التعنت.
* تبرع بعض قادتها للدعم السريع بتبريرات لاحتلال البيوت، وبشروط لإخلائها، لم يقل بها هو نفسه.
٦/ *الحكم على المواقف من قضية السلام* :
* تتفق “تقدم” مع الدعم السريع على إيمانه بالسلام وسعيه الجاد له، وعلى تعنت الجيش.
* ويتفقان على شروط التفاوض، وعلى رفض شروط الحكومة، وعلى أن يضمن التفاوض دور رئيسي للدعم السريع في “تصميم العملية السياسية”، وعلى أن يتضمن أي اتفاق عقوبات متفاوتة لداعمي الجيش، كل حسب قوة دعمه.
٧/ *الجرائم* :
* تطالب “تقدم” باستبعاد القضايا الست أعلاه، وقضايا تفصيلية أخرى، عند الحكم بانحيازها أو عدم انحيازها. وتقول إن الحكم يجب أن ينبني “فقط” على إداناتها للجرائم، وتقول إن الطرفين يرتكبان الجرائم، وإنها تدينهما، وبهذا يثبت عدم انحيازها.
* تضع “تقدم” الطيران الحربي كمقابل رئيسي لجرائم الدعم السريع، وتطالب العالم بحظره، ولم تسجّل لها أي مطالبة بحظر يخص الدعم السريع، ولا حتى للطيران الذي ينقل سلاحه.
* تغيب كلمة الإرهاب في أحاديث قادة “تقدم” عن الدعم السريع، وتحضر كلمة الإرهاب، أحياناً، في أحاديثهم عن الجيش، وتتفق مع الدعم السريع في رفض تصنيفه كجماعة إرهابية.
* يطالب قادتها المواطنين بترك الغبائن الناتجة إجرام الدعم السريع، وتشارك بفعالية في حملات الدعم السريع الإعلامية التي تهدف إلى توجيه الغبائن إلى الجيش وداعميه .
٨/ *موقف الدعم السريع* :
* يبدي الدعم السريع رضاه عن “تقدم”، ويتعامل معها كحليف له، ويشترط قيادتها للعملية السياسية.
*وهكذا يتضح أن الحقائق الصلبة غير المشوهة ليست في مصلحة “تقدم”، وأن رصدها والوعي بدلالاتها يضر بدعوى حيادها، وأن التشويه الحقيقي يكون بتجاهل هذه الحقائق الصلبة غير القابلة للدحض لا برصدها والحكم عليها، وأنها تثبت انحياز “تقدم” للدعم السريع. أما محاولة إثبات عدم الانحياز بعامل وحيد هو إدانة الجرائم هي محاولة فاشلة تقوم على استغباء الناس، فلا “تقدم” ولا غيرها يملكون رفاهية عدم إدانة جرائم الدعم السريع، فهي إدانات إلزامية، ومع ذلك تضعفها “تقدم” بحيل كثيرة .*
إبراهيم عثمان
إنضم لقناة النيلين على واتساب