خبراء: القوة الدولية في البحر الأحمر مكلفة للغاية وقد توسع حرب غزة
تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT
يرى خبراء أن القوة المتعددة الجنسيات التي أعلنت الإدارة الأمريكية عن تشكيلها لمواجهة هجمات الحوثيين المتزايدة ضد السفن الدولية في البحر الأحمر، يمكن أن تتسبب في أعباء سياسية واقتصادية في السياسة الداخلية للدول إذا تفاقمت الأوضاع في اليمن، فضلًا عن احتمالات امتداد الحرب في غزة.
جاء ذلك في حديث للمحاضر في جامعة حسن قاليونجو مراد أصلان، ونائب رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط (ORSAM) وعضو الهيئة التدريسية بجامعة سقاريا التركية، إسماعيل نعمان تاجي، بخصوص القوة المتعددة الجنسيات التي أعلنت الإدارة الأمريكية تشكيلها بحسب الأناضول.
عواقب أقتصادية
وكان متحدث وزارة الدفاع الأمريكية باتريك رايدر، أعلن في 5 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، أن الولايات المتحدة تجري مباحثات من أجل تأسيس "قوة مهام بحرية" دولية ضد هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر، مبينا أن القوة ستكون تحالفا يشمل 38 دولة راغبة في ذلك.
وقال المحاضر أصلان إن تشكيل مثل هذه القوة المتعددة الجنسيات عادة ما يكون لفترات مؤقتة، إلا أن التحالفات التي تنبثق عنها تكون تحالفات دائمة.
مشيرا إلى أن "هذا التحالف ربما يظهر كإجراء مؤقت يمكن اتخاذه بالتوازي مع تصاعد التوتر في إسرائيل، فمنذ بداية الحرب (على قطاع غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي)، طالب الجانب الأمريكي بعدم توسيع دائرة الصراع، مُمليا على دول المنطقة وجهة نظره".
وقال إن "الحوثيين أعلنوا الحرب على الاحتلال واشتبكوا بشكل مباشر معها، من خلال إطلاق مجموعة من الصواريخ والقذائف الصاروخية".
وأضاف أن "الصواريخ التي أطلقها الحوثيون اعترضتها أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية والبحرية الأمريكية في منطقة الخليج".
أصلان أكد أن "الحوثيين بدأوا التدخل في حركة الملاحة البحرية، بعدما فشلت الهجمات الصاروخية في إحداث تأثير مباشر على إسرائيل".
وتابع: "لليمن سواحل على المحيط الهندي والبحر الأحمر ومضيق باب المندب، ومن الممكن بسهولة حظر حركة السفن في هذه المنطقة بطرق مختلفة".
ويرى أصلان أن لهذه القرار "عواقب اقتصادية كبيرة، ويتعين على شركات الشحن دفع المزيد من التأمينات عندما تزداد المخاطر في حركة الملاحة البحرية"، معتبرا أن "حظر حركة الملاحة في المنطقة سيحمل معه تداعيات اقتصادية مهمة".
توسع دائرة الحرب
وأشار أصلان إلى أن "قطع هذا الطريق البحري يعني تعطيل حركة التجارة العالمية، وهذا يشكل تحدياً للنهج الأمريكي القائم على منع اتساع دائرة الحرب في غزة".
واعتبر أن "دائرة الحرب توسعت منذ اللحظة الأولى التي تأسس فيه هذا التحالف، وعزمه الانخراط في اشتباك عسكري، لذلك ينبغي أن نتوقع زيادة التوترات في منطقة الخليج".
ولفت أصلان إلى أن "بدء العمليات العسكرية في اليمن يعني توسع دائرة الصراعات في غزة، وانتقالها فعليًا إلى منطقة جنوب البحر الأحمر".
وأوضح أن "اتساع دائرة الصراع لا يعتبر الخيار الأفضل للولايات المتحدة، لأن التدخل في هذه المنطقة (اليمن) على خلفية التوتر في غزّة، سيعني اتخاذ إجراءات مماثلة في مناطق مختلفة".
وأكد أن "الطريقة التي ستختارها الولايات المتحدة عند تشكيل مثل هذا التحالف مهمة، وربما تعمل واشنطن بالتعاون مع التحالف على الاكتفاء بحماية السفن المبحرة في المنطقة، ذلك أن الإدارة الأمريكية تعلم أن توجيه ضربات جوية مباشرة نحو اليمن تحت مسمى الضربة الوقائية، سوف يتمخض عنه رد".
وختم أصلان حديثه بالقول: "أعتقد أن هذا الوضع هو السيناريو الأسوأ، لأن التدخل المباشر في اليمن سيعني بداية طريق مسدود جديد للدول المشاركة في التحالف، على غرار ما جرى في أفغانستان".
من جهته، قال إسماعيل نعمان تاجي، إن "الهجمات الإسرائيلية المتزايدة ضد الفلسطينيين، قد أعادت هذه القضية إلى الواجهة مرة أخرى".
وأشار تاجي إلى أن "الهجمات على غزّة أدت إلى بروز الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن عنصرا فاعلا في المعادلة السياسية، من خلال استهداف عناصر إسرائيلية وأخرى قد تكون على صلة بإسرائيل في المنطقة".
وأكد أن "الحوثيين استهدفوا السفن والناقلات التجارية الإسرائيلية في البحر الأحمر، حيث يمر 12 بالمئة من التجارة العالمية، على خلفية الهجمات الإسرائيلية المتزايدة في الأشهر الأخيرة (في غزّة)، كما استولوا على بعض السفن باستخدام طائرات مسيرة".
ولفت إلى أن "الإدارة الأمريكية أعلنت إطلاق عملية ’حارس الرخاء’، بالتعاون مع المملكة المتحدة والبحرين وكندا وإيطاليا وفرنسا وهولندا والنرويج وسيشيل وإسبانيا".
وعن دوافع ذلك، قال تاجي: "السبب الرئيسي وراء قيام الولايات المتحدة والدول الحليفة بإنشاء قوة متعددة الجنسيات، هو إظهار وقوفها إلى جانب إسرائيل وفي مواجهة الهجمات التي طالت مصالح تل أبيب في البحر الأحمر، إضافة إلى ضمان أمن طرق التجارة العالمية وحماية سلامة الملاحة من التعرض للمزيد من المخاطر".
التدخلات العسكرية ليست حل
وأكد تاجي أن "شركات عالمية أوقفت مؤخرًا رحلاتها في البحر الأحمر، كما أعلنت معظم الشركات المهمة إيقافها وبشكل مؤقت أنشطتها التجارية مع إسرائيل".
لافتا إلى أن "نجاح القوة متعددة الجنسيات واستمراريتها على المدى الطويل يعتمدان على بضع نقاط، هي حماية مواقع الدول المهمة المطلة على البحر الأحمر مثل مصر والسعودية والسودان، وضمان مساهمة هذه الدول في القوة، وهذا يعني أن أنشطة القوة يجب أن تتضمن جهودا دبلوماسية".
وأكد أن "الحلول العسكرية وحدها، نادراً ما تحل النزاعات السياسية الأساسية، والمشاركة الدبلوماسية لجميع الأطراف المعنية ضرورية، لضمان الاستقرار على المدى الطويل".
وأشار تاجي إلى أن "التدخلات العسكرية قصيرة المدى قد تبدو وكأنها توفر حلولًا فورية، إلا أن مثل هذه التدخلات عادة ما تفشل في حل المشكلات الأساسية".
وختم بالقول: "إن نية الولايات المتحدة والدول الحليفة، هو الحفاظ على وجود هذه القوة العسكرية في البحر الأحمر لفترة طويلة، لكن ذلك سوف يجعلها تتكبد تكاليف اقتصادية وسياسية في الساحتين الداخلية والخارجية لواشنطن وحلفائها".
استمرار استهداف الحوثي للسفن
وأعلنت "الحوثي" اليمنية، في 12 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، استهداف سفينة نفط نرويجية لم تستجب للتحذيرات وواصلت الإبحار نحو إسرائيل، فيما أعلنت الوكالة البحرية البريطانية أن السفينة وطاقمها الذين تم استهدافهم في البحر الأحمر بخير.
وكان عبد الملك الحوثي زعيم الجماعة، قد هدد في خطاب متلفز يوم 14 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، باستهداف سفن إسرائيلية في البحر الأحمر.
وأعلن يحيى السريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، في بيان نشره على حسابه عبر منصة "إكس" في 19 نوفمبر الماضي، عزمهم "استهداف أي سفينة ترفع العلم الإسرائيلي، رداً على الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة المحاصر".
بعد ذلك، شن الحوثيون هجوماً بطائرات مسيرة على سفينتين إسرائيليتين هما "يونيتي إكسبلورر" و"نمبر ناين" في مضيق باب المندب.
كما ذكرت شركة الشحن الإسرائيلية (ZIM)، في بيان لها يوم 29 تشرين ثاني/نوفمبر الماضي، أن سفنها لن تستخدم قناة السويس في مصر، مشيرة إلى توتر الوضع الأمني في بحر عُمان والبحر الأحمر.
وفي 4 كانون ثاني/ديسمبر الجاري، أعلنت القيادة المركزية الأمريكية عبر منصة "إكس"، استهداف 3 سفن تجارية في المياه الإقليمية الدولية جنوب البحر الأحمر.
وجاء في البيان أن المدمرة "يو إس إس كارني" التابعة للبحرية الأمريكية في جنوب البحر الأحمر، استجابت لنداء استغاثة السفن التجارية، وأن المدمرة أسقطت 3 طائرات مسيرة كانت تتقدم نحوها أثناء مساعدتها السفن التجارية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الحوثيين غزة الاحتلال الخليج الخليج غزة الاحتلال البحر الاحمر الحوثي سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإدارة الأمریکیة الولایات المتحدة فی البحر الأحمر فی الیمن إلى أن
إقرأ أيضاً:
خبراء: استهداف اليمن لن يضعف الحوثيين وسيعزز شعبيتهم
أجمع خبراء ومحللون على أن الضربات الإسرائيلية الأخيرة على اليمن تعكس محاولة إسرائيل لإعادة تأكيد قوتها الإقليمية بعد أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وترسيخ مكانتها كقوة رئيسة في الشرق الأوسط.
ويرى الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي، إيهاب جبارين، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يسعى في نهاية حياته السياسية إلى تحقيق هدفين رئيسيين: بسط النفوذ الإسرائيلي بين البحر والنهر، وفرض هيمنة إسرائيلية بين النيل والفرات.
ويؤكد الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات، الدكتور لقاء مكي، أن الضربات الإسرائيلية على اليمن لن تؤدي إلى إسقاط جماعة أنصار الله (الحوثيين)، بل قد تزيد من شعبيتهم محليا.
ويشير إلى أن الحوثيين اكتسبوا شرعية جديدة من خلال دعمهم لغزة، مستفيدين من المشاعر القومية والتعاطف الشعبي مع القضية الفلسطينية في اليمن.
ومن جهته، يرى الدبلوماسي الأميركي السابق في اليمن، آدم كليمنس، أن الإدارة الأميركية تتخذ موقفا حذرا من الضربات الإسرائيلية، محاولة إيجاد توازن بين دعم إسرائيل والتعامل مع تداعيات الخسائر البشرية الكبيرة في غزة.
انكماش إيران
ويؤكد أن الأولوية الأميركية حاليا هي التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، معتبرا أن ذلك قد يساعد في تخفيف التصعيد في المنطقة ككل.
إعلانوفيما يتعلق بالموقف الإيراني، يشير الدكتور مكي إلى وجود نقاش داخلي غير معلن في إيران حول مستقبل سياستها الإقليمية.
ويلفت إلى تصريحات وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف التي دعا فيها إيران إلى الانكماش للداخل وإعادة بناء نفسها، في حين يتحدث المرشد الأعلى علي خامنئي عن استمرار المقاومة.
ويقول الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي، إيهاب جبارين، إن إسرائيل تفضل التعامل مع إيران من خلال المنطقة "الرمادية" الاستخباراتية بدلا من المواجهة المباشرة، مشيرا إلى أن المشكلة الإسرائيلية ليست مع البرنامج النووي الإيراني بحد ذاته، بل مع النظام الإيراني ككل، ويرى أن إسرائيل تسعى إلى تحجيم قدرة إيران على تشكيل تهديد لها.
وحول مستقبل المواجهة، يؤكد كليمنس أن واشنطن ستتردد في التورط في نزاع جديد مع إيران أو الحوثيين، مشددا على ضرورة استخدام الأدوات الدبلوماسية بدلا من العمل العسكري.
ويشير إلى أهمية التنسيق مع دول الخليج للضغط على الحوثيين ورفع المعاناة عن الشعب اليمني.
نكسات إقليمية
ويلفت الدكتور لقاء مكي إلى أن إيران باتت تستشعر الخطر على نظامها بعد سلسلة من النكسات الإقليمية، بما فيها سقوط نظام الأسد في سوريا والضربات التي تلقاها حلفاؤها في لبنان وغزة.
ويرى أن المعركة المقبلة لإيران ستكون دفاعا عن نظامها أكثر من كونها دفاعا عن محور المقاومة.
وفي ظل هذه التطورات، يتفق الخبراء على أن الضربات الإسرائيلية على اليمن تعكس محاولة لإعادة ترتيب الأوراق في المنطقة، لكنها قد لا تحقق أهدافها المعلنة في ردع الحوثيين أو إضعاف النفوذ الإيراني.
ويؤكدون على أهمية البحث عن حلول دبلوماسية للأزمات المتعددة في المنطقة، بدءا من التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة.