طهران- بعد الإشادة الإيرانية بسلوك الحوثيين في البحر الأحمر لنصرة غزة وتحذيرها الرسمي من تشكيل أي قوة دولية لضمان الملاحة البحرية، سارعت طهران، أمس الثلاثاء، للكشف عن "قوة باسيج بحرية" ردا على الإعلان الأميركي تشكيل قوة عمل بحرية متعددة الجنسيات لحماية التجارة بالبحر الأحمر.

وبعيد ساعات من تأكيد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إنشاء قوة عمل بحرية لمواجهة هجمات الحوثيين على السفن التجارية بالبحر الأحمر، أعلن قائد القوة البحرية في الحرس الثوري الأدميرال علي رضا تنغسيري أن بلاده نظمت قوات الباسيج البحرية للمحيطات والسفن والقطع البحرية الأخرى القادرة على الإبحار حتى تنزانيا.

وقدّر تنغسيري قوام القوة الشعبية الجديدة بـ55 ألف عنصر و33 ألف قطعة بحرية موجودة في المياه الخليجية خلال المرحلة الأولى من نشاطها، وأفاد بأنها ستباشر مهمتها في بحر قزوين خلال المرحلة التالية، مؤكدا إنشاء قوة ظل بحرية من قوات التعبئة الشعبية وتجهيزها بأسلحة مناسبة.

"اليد العليا"

وكان وزير الدفاع الإيراني محمد رضا أشتياني قد حذر، الأسبوع الماضي، الولايات المتحدة من أنها "ستواجه مشاكل استثنائية إذا أرادت تشكيل قوة دولية لحماية الملاحة في البحر الأحمر" وقال إنه "لا يمكن لأحد التحرك في منطقة اليد العليا فيها لإيران".

وبذلك، لا يشكل إعلان البنتاغون مفاجأة لطهران، إلا أن الأوساط الإيرانية ترى في الخطوة الأميركية مؤشرا على نجاعة العمليات الحوثية في الضغط على الاحتلال الإسرائيلي وإرباك حسابات حلفائه الغربيين لاسيما بخصوص العدوان المتواصل على قطاع غزة.

ويقرأ الباحث العسكري علي عبدي تشكيل القوة البحرية الغربية بالبحر الأحمر في سياق الرد الغربي على فعالية سلوك الحوثيين في مسار الحرب الإسرائيلية على غزة، والخشية مما قد يكون أعظم خاصة بشأن عرقلة الملاحة البحرية بين القوى الشرقية والغربية عبر قناة السويس.

وأوضح عبدي -للجزيرة نت- أن بُعد المسافة بين الأراضي الفلسطينية المحتلة واليمن يجعل من العمليات البرية والبحرية الإسرائيلية ضد القوات الحوثية "مهمة مستحيلة" مضيفا أن العمليات الجوية التي قامت بها جهات عربية وغربية و"عبرية" على اليمن، خلال العقد الماضي، أثبتت فشلها في تقييد قدرة الحوثيين.

واعتبر أن غياب الدول المطلة على البحر الأحمر -وعلى رأسها السعودية ومصر– في التحالف البحري دليل على فشل واشنطن في إقناع هذه الدول للمشاركة في العمليات المحتملة ضد الحوثيين، قائلا إن التحالف لن يوقف عمليات الحوثيين في البحر الأحمر.

وتابع الباحث العسكري أن دولا إقليمية عدة تفضل النأي بالنفس وعدم المواجهة مع ما يسمى محور المقاومة بعد التحذير الإيراني لأنها تعلم جيدا أن التحالف الجديد سيكون مؤقتا، وليس من الحكمة التضحية بمصالحها مع صنعاء وطهران من أجل الخطط الغربية الرامية إلى دعم إسرائيل في إبادة غزة، كما أن بعض هذه الدول شاركت بالفعل في تحالف "عاصفة الحزم" ضد الحوثيين.

خطوة أنصارالله #اليمن الشجاعة بتقييد حركة السفن إلى الأراضي المحتلة قد أفضى إلى الضغط على الشريان الحيوي للصهاينة. وأي دولة تنضم إلى التحالف الأمريكي للتعامل مع هذا التحرك تعتبر مشاركة مباشرة في المجازر التي ترتكب بحق الأطفال من قبل الكيان الصهيوني.

— علی شمخانی (@alishamkhani_ir) December 18, 2023

أوراق عديدة

ورأى عبدي أن بلاده تمتلك أوراقا عديدة للتعامل مع القوة الدولية في البحر الأحمر وتحييد مخاطرها وفق التالي:

التعاون مع جماعة الحوثي اليمنية. التنسيق بين أعضاء محور المقاومة الممتد من البحر الأبيض حتى بحر العرب. القوة البحرية الكلاسيكية والتنظيمات التعبوية والشعبية. ترسانة عسكرية هائلة تغطي الشعاع الواصل حتى البحر الأحمر. السيطرة الكاملة على مضيق هرمز والنفوذ على مضيق باب المندب.

ونظرا لموقف طهران من التحالف البحري الجديد بقيادة الولايات المتحدة في البحر الأحمر الذي يبعد عن الشواطئ الإيرانية نحو 2000 كيلومتر، يستبعد الباحث الإيراني في الشؤون الإستراتيجية علي رضا تقوي نيا مشاركة بلاده إلى جانب الحوثيين لمواجهة القوة الدولية.

وفي حديثه للجزيرة نت، أكد تقوي نيا أن دعم طهران للحوثيين لا يتجاوز الدور الاستشاري الذي تقدمه منذ سنوات. بيد أن التطور الجديد سوف يحث إيران على تقديم الدعم الاستخباري واللوجستي لما تسمى حكومة الإنقاذ الوطني اليمنية التي تعتبرها "حليفا إستراتيجيا" باليمن.

وتابع أن سيطرة الحوثيين على باب المندب تضع ثاني أهم مضيق بحري بالعالم تحت سيطرة محور المقاومة إلى جانب مضيق هرمز.

وتوقع الباحث الإيراني احتدام التوتر بالبحر الأحمر في حال تنفيذ القوة الدولية عمليات ضد الحوثيين، لأن الجانب اليمني سيمنع مرور سفن جميع الدول المشاركة في التحالف الأميركي بالمنطقة، مستدركا أن هذا التحالف الجديد سيفشل في تحقيق الأهداف الذي أُنشئ من أجلها على غرار القوة البحرية التي سبق وأحدثتها واشنطن في المياه الخليجية قبل سنوات.

إستراتيجية النفوذ

وأكد تقوي نيا أن الحوثيين يمتلكون أسلحة مناسبة لإغلاق مضيق باب المندب في وجه السفن المتجهة إلى إسرائيل وأن موقف وزير الدفاع الإيراني كان قد أخذ قدرات الحوثيين العسكرية بعين الاعتبار.

ورأى أن بلاده قد أثبتت نفوذا نسبيا في منطقة باب المندب خلال السنوات الأخيرة، موضحا أن المقصود من النفوذ لا يعني الحضور المباشر والمستمر في البحر الأحمر والمحيط الهندي، وقد يكون عبر التعاون مع الحلفاء وبالتالي لن تسمح طهران بتقويض سيطرة الحوثيين على باب المندب.

وأشار إلى أن السيطرة المباشرة أو غير المباشرة على المضايق البحرية والمواقع الإستراتيجية تعزز المكانة الدولية للدول الوازنة، وترفع من قدرتها الجيوسياسية وتأثيرها على الموازنات العالمية، وتضمن مصالحها السياسية والاقتصادية والأمنية.

وختم الباحث الإيراني بالقول إن إستراتيجية بلاده في دعم حلفائها الإقليميين حققت إنجازات جبارة حتى الآن، وإن طهران تعمل على ضمانها وتوسعة نفوذها بدءا من المياه الخليجية حتى بحر عمان والمحيط الهندي وبحر العرب والبحر الأحمر خلال الفترة المستقبلية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی البحر الأحمر بالبحر الأحمر القوة الدولیة القوة البحریة باب المندب

إقرأ أيضاً:

خبير عسكري أردني:التصعيد قادم في اليمن وأمريكا قررت اتباع استراتيجية الاغتيالات التي تمس قيادات الحوثيين

 

تحوُّل جديد تشهده المواجهة بين الحوثيين والقوات البحرية الأمريكية، بعد محاولة الجماعة الارهابية المدعومة من إيران، مؤخراً إستهداف مدمرات أمريكية أثناء عبورها مضيق باب المندب، وحديثها عن استهداف حاملة طائرات في البحر العربي وهي تعكس، وفق تقارير أمريكية، فشلاً للاستراتيجية التي يتبعها البيت الأبيض في التعامل مع المخاطر التي يفرضها الحوثيون في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.

الخبير العسكري الأردني محمد المقابلة، اعتبر بأن هذا الهجوم الذي نفذه الحوثيون يعتبر نوعياً من الناحية العسكرية، لافتاً إلى أنه عادة ما تكون حاملة الطائرات الأمريكية مزودة بنظام دفاعي جوي وبحري معقد جداً.


ونقل موقع"الخليج أونلاين"،عن المقابلة قولة بأن تلك الحاملات قادرة على رصد الأهداف الجوية على بعد مئات الكيلومترات، إضافة إلى امتلاكها نظام مراقبة بحرياً يصل لعشرات الكيلومترات؛ ما يمنحها مجالاً لإعطاء إنذار مبكر، وتفعيل الدفاعات للتصدي لتلك التهديدات وتحييدها.


رمزية كبيرة
يعتقد المقابلة أن الهجوم على حاملة الطائرات أبراهام لينكولن يمثل رمزية كبيرة، "إذ يعني أن القطع الحربية الأمريكية في بحر العرب والبحر الأحمر أصبحت مستباحة من قبل الحوثيين، وسيتم استهدافها بدون أي تردد أو حسابات لعواقب هذا الهجوم".

وتابع الخبير العسكري:

هذا الهجوم يدل على أن الحوثيين ذاهبون بالتصعيد إلى أبعد حد ممكن، وهي رسالة للقيادة السياسية والعسكرية الأمريكية، أن الجماعة على أهبة الاستعداد للمواجهة.


استراتيجية مختلفة
ويرى المقابلة أن القيادة العسكرية الأمريكية ربما قررت أن تتبع استراتيجية الاغتيالات وانتقاء الأهداف التي تمس قيادات الحوثيين العليا، كما فعل الإسرائيليون باستهداف قيادات "حزب الله".

وقال الخبير العسكري الأردني:

التصعيد قادم؛ لأن أمن البحر الأحمر ليس مقتصراً على بقعة جغرافية معينة، بل هو أمن العالم أجمع، وهكذا تنظر الإدارة الأمريكية لموضوع الحوثيين.

حتى لو كان هناك تهدئة على جبهة "حزب الله" أو غزة، فإن أمريكا وبريطانيا وألمانيا و"إسرائيل"، وبعض الدول العربية، لا يمكن أن تقبل أن يكون بحر العرب وباب المندب منطقة تحت التهديد مستقبلاً.

إدارة بايدن أرادت تسليم ملف بحر العرب والبحر الأحمر وباب المندب للإدارة القادمة، وهو ملف ملتهب، لتقوم إدارة ترامب بإنهاء هذا الملف ومعالجته.

أعتقد أن السيناريو المحتمل في البحر الأحمر، ألا تبقى قواعد الاشتباك التي تعودنا عليها خلال عام، أو أن يتم التوصل إلى هدنة مع الحوثيين بالذات، بمعنى أن أمريكا لا تريد أن تبقي ملف بحر العرب والبحر الأحمر رهينة بيد الحوثيين أو بيد إيران.

الإدارة الأمريكية القادمة ستنظر إلى جبهة الحوثيين كتهديد قائم ومستمر لا بد من إنهائه؛ بسبب تأثيره على الاقتصاد الأمريكي، وخطة ترامب لتحسين الوضع المعيشي للمواطنين الأمريكيين.

تشكيل تحالف
وحول موقف ترامب من ملف الحوثيين، يرى المقابلة أنه سيكون أكثر تشدداً في معالجة الأمر، إلى جانب أن "هناك دولاً عربية مثل مصر، متأثرة بشكل مباشر من عمليات الجماعة، ومن ثم فهي حريصة على إنهاء التهديد، وكذلك السعودية والإمارات".

وأضاف:

التصعيد في البحر الأحمر قادم، والنظرة إليه ليست كالنظرة إلى جنوب لبنان أو غزة مع الكيان الصهيوني في هذه المرحلة؛ لأن هذا الأمن يعتبر أمناً عالمياً.

ترامب لا يريد توريط قوات أمريكية في ملف اليمن، لكون الجماعة دوامة استنزاف لمن يدخل في مواجهة معها، ومن ثم فترامب سيدفع باتجاه إنشاء حلف جديد، تدخل فيه دول عربية خليجية، وعلى رأسها السعودية وكذلك مصر، ليقوموا بتأمين حرية الملاحة والحركة في البحر الأحمر.

هذا يعني أن الحوثيين سيدخلون في مواجهة مع دول عربية أخرى في حال تعرضوا لهجوم منها.

مقالات مشابهة

  • الحوثيون يعلنون استهداف سفينة تركية بالبحر الأحمر.. بماذا ردت الشركة؟ (شاهد)
  • المبعوث الأمريكي: قيادتنا قلقلة بشأن عزم الحوثيين توجيه ضربة للسفن الحربية الأمريكية في البحر الأحمر
  • انطلاق أول دورة تدريبية لتعليم لغة الإشارة للعاملين بالقطاع الصحي بالبحر الأحمر
  • دورة تدريبية لتعليم لغة الإشارة للعاملين بالمنظومة الصحية بالبحر الأحمر
  • المرشدين السياحيين بالبحر الأحمر: رأس شيطان ضمن أفضل 10 مناطق للغطس في العالم
  • إيران تتبرأ من هجمات الحوثيين بالبحر الأحمر
  • اتحاد ألماني يؤكد وصول رسائل تهديد إلكترونية من الحوثيين لشركات السفن
  • البحرية البريطانية: تلقينا تقريرا عن حادث بحري على بعد 25 ميلا غرب المخا
  • البحرية البريطانية: هجوم صاروخي جديد في البحر الأحمر
  • خبير عسكري أردني:التصعيد قادم في اليمن وأمريكا قررت اتباع استراتيجية الاغتيالات التي تمس قيادات الحوثيين