محللون: المقاومة الفلسطينية أكثر تماسكا وإسرائيل تتصارع داخليا ولا تعرف ما تريد
تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT
غزة – أكد محللون وخبراء عسكريون إن المقاومة ما تزال في موقف قوة من الناحيتين السياسية والعسكرية رغم ما لحق بقطاع غزة من خسائر، وإن إسرائيل تعيش أزمة متعددة الأوجه بسبب عدم قدرتها على وقف الحرب أو تحقيق الأهداف.
فبعد 75 يوما من القتال، ما تزال إسرائيل قادرة على التوغل في قلب القطاع لكنها عاجزة عن بسط سيطرتها على متر واحد بشكل كامل بسبب المقاومة الضارية التي تواجهها، كما يقول الخبير العسكري اللواء واصف عريقات.
وقد أكد عريقات -خلال مشاركته في برنامج “غزة.. ماذا بعد؟”- أن إسرائيل بحاجة لتنفيذ 4 مراحل عسكرية هي: التقدم والتمدد والتطويق والتطهير، مشيرا إلى أنها لم تنجح في تنفيذ المرحلة الأولى حتى الآن بشكل كامل بسبب ما تنفذه المقاومة من كمائن واشتباكات من مسافة صفر.
كما أن المقاومة تبدي روحا معنوية مرتفعة جدا حتى الآن بينما الجيش الإسرائيلي يقتل أسراه أو يقتل بعضه بعضا بعدما تمكنت المقاومة من تحويل الدفاع إلى نوع من الهجوم.
صراع داخليالرأي نفسه ذهب إليه الخبير في الشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين بقوله إن الخسائر القياسية التي تلقتها إسرائيل خلال الأسبوعين الماضيين فقط تركت مزيدا من الآثار السلبية على تل أبيب.
ويرى جبارين أن إعلان الجيش جزءا من الخسائر “ليس بريئا”، وأن “النقاش الحاد الذي دار داخل مجلس الحرب يعكس الصراع المتزايد داخل هذه القيادة”.
وقال جبارين إن هذا التضارب يعكس صراعا انتخابيا بين أعضاء مجلس الحرب، مشيرا إلى أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بات معزولا تماما داخل هذا المجلس، في حين يحاول وزير الدفاع يوآف غالانت وعضو المجلس بيني غانتس تحييد رئيس الحكومة الحالي سياسيا.
وقال جبارين إن نتنياهو يمارس تكتيكا انتخابيا عبر حديثه بالعبرية لليمين الإسرائيلي؛ لأن ما يحدث في غزة سيلعب دورا محوريا في الانتخابات المقبلة، لكنه لن يفعل إلا ما يقوله باللغة الإنجليزية للولايات المتحدة، حسب تعبيره.
الموقف الأميركيوفي حين ترفض الولايات المتحدة أي حديث عن وقف للقتال، فإنها في الوقت نفسه تحاول تحسين شروط إسرائيل خلال مفاوضات إطلاق سراح الأسرى، كما يقول أستاذ السياسات الدولية حسن أيوب.
ويرى أيوب أن واشنطن تريد أيضا الحيلولة دون تحقيق أي انتصار سياسي أو عسكري للمقاومة، وتحاول فرض تصورات أمنية على قطاع غزة رغم أنها تشعر بصعوبة قدرة إسرائيل على محو المقاومة.
وبناء على هذه المعطيات، فإن الولايات المتحدة -برأي أيوب- تحاول إيجاد مفاوضات تحت قصف أقل وتيرة لكي تكون في صالح إسرائيل.
وفي الاتجاه نفسه، يقول الخبير العسكري واصف عريقات إن كل ما يجري في غزة يتم بأمر من أعلى مستويات القيادة الإسرائيلية، واصفا الأمر بأنه “عملية انتقام على غرار ما حدث سنة 1948، وتتم بأسلحة وقيادة أميركية”.
ارتباك إسرائيلي وتماسك في المقاومةوفيما يتعلق بالإشارات المتناقضة التي تصدر عن قادة إسرائيل، يقول أيوب إنها “تعكس ارتباكا داخليا، وعدم إمساك بمفاتيح التفاوض المطلوبة لأي صفقة محتملة، بينما المقاومة تعرف ماذا تريد تحديدا وتتمسك به”، وفق تعبيره.
ففي حين يواصل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الحديث عن المضي قدما في الحرب حتى تحقيق أهدافها، قال الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ إن إسرائيل تريد المفاوضات في ظل الحرب ووفق شروط المقاومة، كما أشار أيوب.
ورغم ذلك، فإن آخر ما تريده إسرائيل وواشنطن -وفق أيوب- هو أن يكون هناك وقف مؤقت جديد للقتال مقابل صفقة تبادل أسرى؛ خشية أن يؤدي هذا التوقف إلى وقف الحرب نهائيا قبل تحقيق النصر الصريح، والذي يبدو بعيدا حتى من وجهة نظر الإعلام الإسرائيلي.
وبما أن المقاومة تبلي بلاء أفضل من المتوقع في الميدان وتتبنى خطابا فلسطينيا عربيا يحظى بشرعية دولية متزايدة، فإنها تفضل عدم الجلوس للتفاوض على التفاوض وفق شروط تضعها إسرائيل التي تئن تحت وطأة الخسائر ولا تعرف ماذا تريد تحديدا، كما يقول أيوب.
في الوقت نفسه، يرى أيوب أن واشنطن تريد التركيز على التحديات الإستراتيجية الكبرى مع روسيا والصين، ومن ثم فإنها تبحث عن حل وسط يخرجها من هذا المأزق لا سيما أنها دفعت أثمانا كبرى سياسيا وعسكريا وماليا.
أما عريقات، فيرى أن إسرائيل ستجلس للتفاوض في نهاية الأمر لأنه سيكون أقل كلفة نظرا للأثمان الباهظة التي تدفعها في الآليات وجنود وضباط النخبة، ناهيك عن إهانتها عسكريا وإهانة السلاح الأميركي على مجموعة مقاتلين وليس على يد جيش منظم.
المصدر : الجزيرة + وكالاتالمصدر: صحيفة المرصد الليبية
إقرأ أيضاً:
مع فرضية غير واقعية
تستند هذه المقالة إلى فرضية غير واقعية، ولكنها تقوم بافتراض حقيقة تستحق الاستناد إليها والبناء عليها، وذلك بافتراض الحرب التي شنّها الجيش الصهيوني وكيانه على قطاع غزة، بعد عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، انحصرت بين الجيش الصهيوني وكيانه من جهة، وبين المقاومة وشعب غزة من جهة أخرى، كما لو كانا متصارعين أو متلاكمين على حلبة، لا تدخل عسكريا فيها من أمريكا والغرب، أي بلا جسر جوّي يعوّض الجيش الصهيوني، ما استخدمه من صواريخ الطائرات وقذائف الدبابات والمدافع، أي قوّة النيران التي استهلكها في تلك الحرب، وذلك خلال الأشهر الستة أو السبعة الأولى من تلك الحرب، أو حتى لو خلال خمسة عشر شهرا.
هنا تقول الفرضية إن الجيش الصهيوني كان سيُهزم عسكريا، وكان بإمكان المقاومة أن تعود إلى ملاحقته في غلاف غزة، فالخليل فالقدس، وذلك حين يَنضب ما اختزن من قنابل وصواريخ، وبلا تعويض.
حساب هذه الفرضية بسيط للغاية، وهو احتساب ما استخدم الجيش من نيران، ومن ثم الوصول إلى استهلاك الجيش ما لديه من مخزون ذخيرة، دخل فيه إلى الحرب البريّة، وحرب الإبادة والتدمير.
المخزون من الذخيرة، بلا تعويض يوما بيوم، وساعة بساعة، من قِبَل أمريكا ودول غربية أخرى، كان سينضب حتما، ويواجِه الجيش الصهيوني هزيمة عسكرية
ويكفي للتأكد من نضوب المخزون الاستراتيجي لدى الجيش الصهيوني، أن نقرأ في تقرير مشترك، بين مرصد حقوق الإنسان الأوروبي المتوسطي، وصحيفة "نيويورك تايمز"، وجامعة هامبورغ، صادر في 8 حزيران/ يونيو 2024، حيث جاء فيه أن الاحتلال الإسرائيلي أسقط أكثر من سبعين ألف طن من القنابل على قطاع غزة، منذ نشرين الأول/ أكتوبر 2023، متجاوزا بكثير المجموع، لكافة القنابل التي تمّ إسقاطها، خلال الحرب العالمية الثانية. مثلا ما أُلقِي على لندن 18300 طن، وهامبورغ 8500 طن، ودريسدن 3900 طنا.
لهذا، فإن المخزون من الذخيرة، بلا تعويض يوما بيوم، وساعة بساعة، من قِبَل أمريكا ودول غربية أخرى، كان سينضب حتما، ويواجِه الجيش الصهيوني هزيمة عسكرية.
تكشف هذه الفرضية غير الواقعية حقيقة تتعلق بالجيش الصهيوني، وما أحاط به نفسه من هيبة عسكرية، بسبب تاريخه العسكري، لا سيما في حروبه في 1948، و1956، و1967، و1982.
هذه الهيبة التي ما زال الجيش الصهيوني حريصا على ترويجها، أصبحت بعد حرب خمسة عشر شهرا، مع المقاومة والشعب في غزة، وهْمَا، عدا في مجال القصف في القتل الجماعي، والتدمير الشامل، وهو جريمة في القانون الدولي، وفي مبادئ الحرب، ووصمة عار في الوجود غير الشرعي للكيان الصهيوني.
تكشف هذه الفرضية ما وصلته المقاومة، من مستويات عليا في القيادة الأولى، والقيادات الميدانية، وفي ما أعدّته من أنفاق، واستعدادات عسكرية لحرب طويلة الأمد
وتكشف هذه الفرضية ما وصلته المقاومة، من مستويات عليا في القيادة الأولى، والقيادات الميدانية، وفي ما أعدّته من أنفاق، واستعدادات عسكرية لحرب طويلة الأمد (عشرات الأشهر في الأقل). وهو ما سمح بفشل حرب عدوانية من قِبَل الجيش الصهيوني، وهو مدعوم ساعة بساعة عسكريا وسياسيا، من قِبَل أمريكا والدول الغربية، مما يجعلها حربا عالمية، كان ميدانها قطاع غزة، طبعا من دون إغفال المساندة من محور المقاومة في هذه الحرب، إلى جانب المقاومة والشعب قي قطاع غزة.
وبهذا استهدفت هذه الفرضية، في مقدمة ما استهدفته، الإشارة إلى قادة كتائب عز الدين القسّام، الشهداء الذين أعلنتهم حماس في خاتمة شهر كانون الثاني/ يناير 2025. وهم قائد كتائب عز الدين القسّام الاستثنائي محمد الضيف (أبو خالد)، وإخوانه القادة الذين صنعوا عملية طوفان الأقصى، وقادوا حرب الخمسة عشر شهرا، وهم: مروان عيسى (أبو البراء)، ونائب القائد العام محمد الضيف، غازي أبو طماعة (أبو موسى)، ورائد ثابت (أبو محمد)، ورافع سلامة (أبو محمد)، وأحمد الغندور (أبو أنس)، وأيمن نوفل (أبو أحمد).
هؤلاء الشهداء، وأمامهم الشهيد يحيى السنوار، قائد المقاومة والشعب، وكل الشعب الفلسطيني، يجب أن يُذكروا مع عظام شهداء الأمة العربية والإسلامية، وأحرار العالم، وذلك جنبا إلى جنب، مع الشهداء الكبار قادة المقاومة الإسلاميّة في لبنان، وأمينها العام السيد حسن نصر الله.