ماذا تتوقع بعد الانسحاب الأمريكى من كابول. هذا ما يقدمه الفيلم الوثائقى لإبراهيم نشأت Hollywood gate «هوليوود جيت». مع ملازمته اثنين من مسئولى طالبان خلال العام الأول وهوما نتج عنه أكثر الأفلام اثارة للجدل خلال الفترة الاخيرة، نحن هنا بصدد وقائع حقيقية عن عودة طالبان إلى السلطة. الفيلم يعرضه مهرجان الجونة فى دورته السادسة ضمن المسابقة غير الرسمية.

الفيلم من إخراج إبراهيم نشأت.. وسيناريو إبراهيم نشأت، طلال ديركى، شين بوريس... على الرغم من المخاطر الشخصية المروعة، يتمكن المخرج إبراهيم نشأت من الوصول إلى شخصيات رفيعة المستوى من طالبان، لتقديم رواية مرعبة لشاهد عيان عن الاستيلاء على قاعدة عسكرية أمريكية سابقة فى كابول.

انه نظرة ستفاجئك للأشهر الأخيرة من الوجود الأمريكى فى أفغانستان. والسؤال الذى ستجد نفسك تسأله: «لماذا سمح هؤلاء الأشخاص لهذا المخرج بالتواجد هناك فى هذه اللحظة المحورية التى تحتوى على العديد من الاسرار؟»... إنه استجواب حول «الوصول» وما يحدث عندما تتقاطع المبادرات المتضاربة للدعاية والصحافة، كما يوحى عنوانه، فهو أكثر روعة من حيث المصطلحات الوصفية، كفيلم عن قوة وحدود صناعة الأفلام الوثائقية؛ ومن هذه المصطلحات، فهو رائع بما فيه الكفاية لدرجة أننى كنت منزعجًا فى بعض الأحيان فقط من مدى عدم تحقيقه كمشروع يتمحور حول هدفه الحقيقى. 

كان نشأت يأمل فى الحصول على شيء أكثر حسمًا وتحذيرًا. أرادت طالبان إعلانًا تجاريًا مدته 90 دقيقة، وأراد نشأت 90 دقيقة من الحقيقة، وما حصل عليه كل منهما كان صورة للتكلفة المعقدة للوصول إلى الفيلم، وهو أكثر أهمية فى قابليته للتطبيق العالمى على صناعة الأفلام الوثائقية من كونه فوريًا كفيلم وثائقى.

ويوضح نشأت، وهو صحفى مصرى، فى نص تمهيدى أنه وصل إلى كابول بعد أيام قليلة من الانسحاب الأمريكى، ولم يكن معه سوى كاميرا ومترجم أفغانى فقط. ومن خلال سلسلة من المفاوضات، تمكن من الوصول رسميًا إلى اثنين من مسئولى طالبان العاملين فى مجمع بوابة هوليوود، الذى يزعم أنه قاعدة تم إخلاؤها لوكالة المخابرات المركزية.

يقول نشأت بصراحة:

«فى المقابل، يجب أن أظهر للعالم صورة طالبان التى يريدون منى أن أراها»، وبالطبع ليس ما أريده، ويضيف: «بين أبواب ما أرادوا وما جئت لأفعله، هل لى أن أظهر ما رأيت».

ومهما كانت الرسالة الأيديولوجية التى كانت طالبان تأمل فى نقلها. يتردد صدى المشاهد السريعة القليلة للمدنيين والأطفال الأفغان، والتى سمح له القائمون بالوصول إليها عن طريق الخطأ.

فيلم «هوليوود جيت» يأخذك بين الوحشية الصناعية واسعة النطاق للقاعدة الجوية الأمريكية المهجورة فى كابول، إلى لقطة خاطفة لطالبان وهو يضرب امرأة ترتدى البرقع فى الشارع، إلى الأعمال التافهة المتكررة المتمثلة فى إلقاء النفايات والتخريب، فإن القبح يكمن إلى حد كبير فى نقطة.

«هوليوودجيت»، اسم نقطة الوصول الرئيسية للقاعدة يبدو فى البداية وكأنه عنوان غريب، ولكن هناك شعورا بأنه مناسب للغاية: الجميع يؤدى عروضه هنا، ملاوى منصور، قائد القوات الجوية المعين حديثًا وغير المؤهل بشكل واضح، وإم جى مختار، ملازم شاب يعانى من استياء واضح وندوب نفسية من هذه الحرب الأخيرة التى دامت 20 عامًا فى حياته... إننا أمام منصور، عندما يلقى أحد خطاباته المشوشة أمام القوات وحاشيته، والقوات نفسها، تتحول بشكل غير مريح فى ملابسهم العسكرية غير المناسبة كما لو كانوا يرتدون الأزياء. وبالطبع لا بد أن نشأت نفسه هو الذى يؤدى أيضًا، حيث يقدم ما يمكن أن يكون واحدًا من أكثر أعمال حرق الجسور شبه الانتحارية جرأة فى الذاكرة الحديثة. الكاميرا تلتقط الحقيقة بطبيعتها، خاصة فى الحالات التى تكون فيها تلك الكاميرا خلف الأبواب التى تحمل علامات واضحة «ممنوع الكاميرات».

يغطى الفيلم الوثائقى العام الذى قضاه نشأت مع هذين الرجلين: منصور، وإم جى مختار، الى جانب حكايات مجمع بوابة هوليوود نفسه، وهو عبارة عن كنز مذهل من الطائرات المهجورة والأسلحة والتكنولوجيا وحتى معدات الصالة الرياضية التى خلفتها القوات الأمريكية فى رحيلها المتسرع. لا أحد فى طاقم طالبان يعرف بالضرورة كيفية استخدام أى من هذه الأشيا، لكن الإصلاحات والتدريب جاريان لأنهما توثيق فترة انتقالية مدتها 12 شهرًا من «الميليشيا المتمردة إلى النظام العسكري»، وبينما يحاول نشأت توثيق الحقيقة والتنقيب فى تفاصيل الخلفية والسياق والقرائن وردود الفعل التلقائية على الأحداث..

بالتوازى، نقضى بعض الوقت مع مختار، حيث يقوم ببعض المهمات لمنصور. ومثل كل أعضاء طالبان من ذوى الرتب المنخفضة فى القاعدة، فهو يحترم أميره (القائد)، يعرض بفخر صورهما معًا ويتحدث بصراحة إلى نشأت عن رغبته فى الارتقاء عبر التسلسل الهرمى إلى منصب يتمتع بقدر أكبر من السلطة والمسئولية. ويشكل هذا جزئيًا رغبة طبيعية فى التقدم الشخصى، ولكن الدافع وراء ذلك جزئيًا هو الانتقام لأخيه الذى قتله جنود أمريكيون، والذى يؤكد مختار عند قبره من جديد بصوت عالٍ على تعهده بأن «كل انتصاراتى العسكرية ستكون من أجلك»، بل إنه يذكر أن أعز خيالاته -التى يرويها بسلوك حالم لشخص يعبر عن رحلة جميلة من الخيال- هى أن يُسقط فى سرب من الجنود الأمريكيين بمدفع رشاش محشو ويقتل أكبر عدد ممكن قبل أن «يستشهد». 

وفى الحقيقة إن مختار هو طالب متشدد، ولكن فى بعض الأحيان يبدو حماسه الدينى أكثر واقعية مما قد نفترض فى البداية. يروى لرفيق نكتة تشبه امرأة بلا حجاب بقطعة شوكولاتة غير مغلفة سقطت على الأرض، فمن -مثل أى رجل- سيرغب فى تناول شيء كهذا؟ ولكن عندما يسأله صديقه مباشرة عما إذا كان يؤمن بمبدأ الشريعة المتمثل فى ستر المرأة، يتردد مختار لفترة طويلة لدرجة أن نشأت يقطع قبل أن نسمع رده، إذا كان قد أعطى إجابة.

قد يكون مختار أقل رتبة، لكنه يتمتع بشخصية كاريزمية وذكاء. هذه هى الصفات التى لا يستطيع منصور الحصول عليها، الذى يبدو أنه يواجه بعض الصعوبة فى العمليات الحسابية البسيطة بشكل مذهل، أن يتباهى بها بنفس القدر، بينما يتباهى بكل شيء آخر: مدى اجتهاده فى العمل، ومدى مكره، وحتى كيف أن زوجته طبيبة موهوبة للغاية. ومن الواضح أنه أجبر على التوقف عن ممارسة المهنة كشرط لزواجهما، ربما الجانب الأكثر إثارة للخوف فى فيلم نشأت المخيف تمامًا هو الطريقة التى ترى بها كاميرته من خلال التملق الذى يحيط بجنرال القوات الجوية، وترى مباشرة من الجانب الآخر، حيث لا يوجد سوى القليل جدًا من الجوهر هناك.

التكتيك الرئيسى للمخرج هو فضح الحيلة كلما أمكن ذلك، والخروج فى المحادثات التى يناقشه فيها الجنود، وكذلك المشاهد التى يظهر فيها هو وكاميرته فى انعكاسات. فى الوقت نفسه، جميعهم يعرفون ويرون بالضبط ما يفعله، ويعلقون بسخرية، على سبيل المثال، عندما تتجول كاميرته أمام النساء فى نشرة الأخبار التليفزيونية مع أغطية وجوههن الإلزامية. الطالبان يوبخون ويهينون، وفى إحدى المرات، يتعاملون بخشونة مع كاميرا نشأت.

يركز فيلم Hollywood gate حول عملية الشد والجذب أكثر من اهتمامه بحركة طالبان؛ راصدا أحيانًا سلوكيات وتفاعلات قد تجعل «أبطالها» يبدون وكأنهم بسطاء أو رجال شرطة غير مستعدين لهذه اللحظة من التفوق. تلك المشاهد لا تجيب عمن يبدو أسوأ، القوة الإمبريالية المتخبطة التى اضطرت إلى التخلص من معدات بالمليارات كجزء من خروج مخزٍ أم المجلس العسكرى الجديد الذى استغرق بضعة أشهر لتعلم كيفية استخدام تلك المعدات؟.. غالبًا ما تكمن قوة صناعة الأفلام الوثائقية فى اكتشاف طبقات من الإنسانية تجرى حتى فى أحلك البيئات، لكن التأثير الكبير الذى أحدثه فيلم «هوليوود جيت» يأتى من قيام المخرج نشأت بالتحديق فى الدائرة الداخلية لقيادة طالبان لمدة عام. إن الطريقة التى تمكن بها الصحفى والمخرج المصرى نشأت من الوصول غير المسبوق إلى طالبان، هى قصة مثابرة تستحق أن تكون فيلمًا خاصًا بها، لكنها مجرد مقدمة لفيلم «هوليوود جيت» الذى يبدأ بعد فترة قصيرة من السياق من خلال التعليق الصوتى الناعم والمحزن لنشأة فى أول يوم له فى التصوير. إنه يوم 31 أغسطس 2021، أى اليوم التالى لمغادرة آخر جندى أمريكى أفغانستان. ومن خلال عملية متاهة، سُمح لنشأت، تحت حراسة مشددة ومعادية بشكل لا لبس فيه، بمتابعة وتصوير أجهزة كمبيوتر محطمة متناثرة عبر المساحات المكتبية الجاهزة، وغالبًا ما تكون متناثرة بشكل غريب مع البيض المكسور ومستودع مليء بصناديق الأدوية، والأهم من ذلك، المطار بأسطوله من المروحيات والطائرات التى تم تخريبها على عجل، جعل منصور يصيح قائلًا: «لقد ترك الأمريكيون وراءهم كنزًا دفينًا». من غير المحتمل على الإطلاق أن يكون الأمريكيون قد تركوا أى شيء ذى قيمة حتى لو كان فى شكل يمكن إنقاذه ولو عن بعد. فى الواقع، علمنا لاحقًا أن الولايات المتحدة تركت ما قيمته أكثر من 7 مليارات دولار من المعدات العسكرية فى أفغانستان.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: كابول القوات الجوية من خلال

إقرأ أيضاً:

فلادمير بوتين .. لأمريكا.. بصرك اليوم حديد .. وفيتو جديد

بقلم طه احمد ابوالقاسم ..

نكتب اليوم ونعيد
بوتين يعيد مجد الديار الروسية القيصرية والبلشفية .. ويرسم روسيا اليوم ..

تحدث ساعات واظهر براعة وذاكرة سياسية .. هز العالم الذى تسمر امام الشاشات لسماع الخطاب التاريخى .. قنبلة بطعم اخر ..وانذار مبكر .. واخذ المبادرة ..
ان النظام العالمى الجديد بدأ من موسكو .. وليس من امريكا التى ادعت النبوة وسيطرت على العالم .. وجعلته امبراطورية خاضعة لها ..

امريكا اليوم ..بصرها حديد تحدق باجفان جامدة .. على مصيرها .. وان التفكيك قادم اليها ..
امريكا الترليونية افلست .. انهكتها الكرونا .. ولا احد يشترى اف 16 والباترويت فى ظل طائرات مسيرة ..

امريكا هبطت إلى الدرجة الثالثة.. فضيحتها بجلاجل .. سرقت فى وضح النهار .. من حليفتها فرنسا .. صفقة الغواصات الاسترالية..

صرخت فرنسا ..طعنة نجلاء من الحليف ..
اهتزت صورة فرنسا امام دول الفرانكفونية .. انها كانت تستخدم المساحيق وتتجمل .. وتستخدم البوتكس لتكبير الشفاة والارداف ..
امريكا من مخازيها تفكيك الدول .. ضربت النسيج الأوروبي فى مقتل ..

واخذت حليفتها بريطانية .. التى غابت عنها الشمس .. وكانت تتغذى من المستعمرات .. أصابها السحت .. فضلت بورصة الدوري الانجليزى وبيع اللعيبه .. ووسط لندن للاثرياء
اختفت عبارة made in England ..
...
وهى صاحبة المناطق المقفولة .. لحجز المدنيين فى دهاليز الفقر.. والعوز ودعم التمرد منذ العام 1955 ..
تقدم مشروعا لحماية
المدنيين من الجيش السودانى الذى حفظ لها ماء وجهها فى الحرب العالمية .. تود اليوم ان تفككه

امريكا التى تعودت أن تدفع المال للمعارضين ليعملوا ضد بلادهم .. وتجردهم من الكبرياء .. وتتركهم فى قارعة الطريق ..

اليوم ثورة بطعم اخر .. داخل الولايات المتحدة .. تحرق قلبها وكبدها .. ويتصاعد الراى لكبح الطموح الخطر ..

امريكا التى استرقت البشر .. واهانت كرامتهم داخل حدودها .. كما فى حالة الهنود الحمر .. والزنوج ..

وحادثة الزنجى جورج فلويد .. الذى انقطعت أنفاسه بجلسة الشرطى ..
على رقبته .. هزت العالم .

بوتين .. جعل العالم يقرأ غزوات امريكا..بعين مفتوحة .. التى بلغت أكثر من مائة وعشرون ..

واستخدمت السلاح الذرى لتسحق اليابان .. وتتهمها روسيا اليوم .. بان جعلت أوكرانيا .. معملا للفيروسات ..
مكان تخرج رؤساء إسرائيل.. وضيعة عائلة روتشليد ..
لن ينسى العالم .. منظر الجندى الامريكى يغطى تمثال الرئيس العراقى بالعلم الامريكى وتنصيب حاكما مدنيا .. وفظائع سجن ابوغريب ..

الحاكم المدنى الأمريكى يترك المجتمع المدنى العراقى حتى اللحظة فى بؤرة الفقر وتدمير امكاناته العلمية .. وبنيته التحتية ..
ويحل الجيش .. ويضع العراق فى البند السابع ..

رسبت امريكا فى امتحان الشفوى .. ولم يستطع خبراء الدعاية والفوتشوب تغطية فظائع امريكا فى أرجاء المعمورة ..

اليوم يعلن فلادمير بوتين .. من موسكو ان تتحرر اليابان .. والمانيا من القيد الذى يعض على القدمين ..

ليكونوا فى مجلس الأمن .. بديلا لدول سايكس بيكو .. الذين شاركوا فى إرهاب الشعوب واكل مالهم وقوتهم ..

أمريكا مازالت تنوى بقانون جاستا الظالم ..الصاق تهم 11 سبتمبر .. و سرقة الصندوق السيادى للسعودية ..

العالم اليوم فى حالة توتر وقلق .. وحقائق ومظالم العالم الثالث فى سطح مكتب كمبيوتر الأمم المتحدة. ...
وانذار للأمم المتحدة ان تصلح من شانها وتكون اكثر قربا من الغلابا والمقهورين ..
خليفه حفتر الليبى.. يقذف عاصمة بلاده والأمين العام فى داخلها ..؟؟؟
ويزور قصر الاليزية ويتحدث مع الأمريكان..

روسيا يحكمها اليوم بوتين رجل الاستخبارات منذ أن كان يافعا .. فى ذاكرته روسيا الثقافة والعلم ورائدة الفضاء
Sent from Yahoo Mail on Android

tahagasim@yahoo.com  

مقالات مشابهة

  • رفعت عينى للسما
  • «جمال الغيطانى»
  • «الغيطانى» حكاء الماضى.. سردية الوجع الإنسانى
  • مهرجان القاهرة السينمائي.. أحلام وقضايا الشعوب العربية تتلاقى في رحلة من السعادة والمتعة
  • مصطفى بكري: نتنياهو وجالانت سيكونان ملاحقان في أكثر من 123 دولة حول العالم
  • محافظ أسوان والأزهر يبحثان سبل مكافحة تفشي الطلاق وحلوله
  • محافظ أسوان يلتقى بالأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية.. شاهد
  • محافظ أسوان يلتقى الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية
  • عادل حمودة يكتب: سفير ترامب الجديد فى إسرائيل: لا شىء اسمه فلسطين
  • فلادمير بوتين .. لأمريكا.. بصرك اليوم حديد .. وفيتو جديد