القاهرة-(د ب أ)- لاقت مخرجات قمة دول جوار السودان التي استضافتها مصر الخميس ترحيبا من طرفي الأزمة. وتقدم مجلس السيادة الانتقالي بالشكر لجمهورية مصر العربية والرئيس عبدالفتاح السيسي على استضافة هذه القمة التي وصفها بالمهمة من أجل استعادة الاستقرار والأمن في ربوع السودان. كما أعرب المجلس في بيان عن شكره لدول جوار السودان “التي أبدت مواقف داعمة لأمن واستقرار السودان والحفاظ على وحدته وسلامته وسيادته ودعمها لشعب السودان لتجاوز هذه المحنة” .
وأكد البيان حرص حكومة السودان على العمل “مع كل الأطراف الساعية لوقف الحرب وعودة الأمن والطمأنينة لربوع بلادنا الحبيبة”، معربا عن استعداد القوات المسلحة السودانية “لوقف العمليات العسكرية فورا إذا التزمت الميليشيا المتمردة (الدعم السريع) بالتوقف عن مهاجمة المساكن والأحياء والأعيان المدنية والمرافق الحكومية وقطع الطرق وأعمال النهب”. وشدد المجلس على ضرورة الالتزام ببدء حوار سياسي “فور توقف الحرب يفضي إلى تشكيل حكومة مدنية تقود البلاد خلال فترة انتقالية تنتهي بانتخابات يشارك فيها جميع السودانيين”. كما رحبت قوات
الدعم السريع، بالبيان الختامي لقمة دول جوار السودان “والتي جاءت متسقة مع الجهود الإقليمية والدولية المبذولة لوقف الحرب في السودان وتبني الحل الشامل أساساً لمعالجة المشكلة السودانية، وهو ما يمثل انتصارا لرؤيتنا التي ظللنا ننادي بها منذ بداية الحرب”. ووصفت قوات الدعم السريع هذه الخطوة بأنها تمثل دفعة قوية للجهود المبذولة والمتواصلة من قبل المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة بهدف التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين. وقالت عبر حسابها على تويتر: “إننا إذ نرحب بقمة دول الجوار السوداني، ندعو إلى تكامل الجهود الدولية والإقليمية كافة بتوحيد المبادرات المطروحة لتسهيل وتسريع الوصول للحل الشامل لا سيما مع منبر جدة ومبادرة (الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا) إيجاد”. وأبدت قوات الدعم السريع استعدادها التام للعمل مع “جميع الفاعلين في الداخل والخارج” من أجل التوصل إلى حل جذري للأزمة السودانية عبر استعادة المسار المدني الديمقراطي لرفع المعاناة عن الشعب السوداني. ومن جهته، أشار رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتس عبرحسابه على تويتر إلى خروج قمة القاهرة بنقاط واضحة للغاية وهي دعوة أطراف النزاع إلى إنهاء الحرب مع التشديد على وحدة السودان ، وضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة ، ووصول المساعدات الإنسانية ، مع بدء عملية سياسية شاملة. ووصفت صحيفة واشنطن بوست قمة القاهرة بأنها “الأبرز” بين مساعي تسوية الأزمة منذ اندلاع القتال في أنحاء السودان في منتصف نيسان/أبريل الماضي، مشيرة إلى استضافة الرئيس المصري لها وحضور قادة إثيوبيا وجنوب السودان وتشاد وإريتريا وجمهورية أفريقيا الوسطى وليبيا. وقالت الصحيفة إنه على الرغم من التشابه بين مخرجات قمة القاهرة و”الالتزامات السابقة التي وقعها طرفا الصراع في مدينة جدة السعودية في (أيار) مايو ، والتي تعثرت في نهاية المطاف ، حظيت خطة الخميس بدعم جميع الجيران السبعة بالإضافة إلى الجيش السوداني وقوات الدعم السريع ، التي أشاد بها كلاهما على وسائل التواصل الاجتماعي”. وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أنه منذ اندلاع الصراع، اتفق طرفاه على ما لا يقل عن 10 هدن لكنها انهارت جميعها. ونوهت إلى تأكيد رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد على ضرورة أن تعمل أي مبادرة جديدة جنبا إلى جنب مع المفاوضات التي يقودها الاتحاد الأفريقي، وإلا ستكون هناك مخاطرة بـ “إطالة أمد الأزمة”. وكان الوفد الممثل للجيش السوداني قد رفض حضور اجتماع عقده تكتل الإيجاد يوم الإثنين الماضي، متهما الرئيس الكيني ويليام روتو ، الذي ترأس المحادثات ، بالانحياز إلى قوات الدعم السريع، مستشهدا بارتباط روتو بعلاقات تجارية مع عائلة قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو. وجددت الحكومة السودانية التي يسيطر عليها الجيش دعواتها لاستبدال الزعيم الكيني كرئيس للجنة الرباعية. وخلال اجتماع الإيجاد، اقترحت اللجنة نشر قوات في السودان لتوفير حماية أفضل للمدنيين، وهو ما يتعارض مع أحد مخرجات قمة القاهرة بشأن كيفية معالجة الأزمة السودانية، حيث توافق المشاركون على التأكيد على الاحترام الكامل لسيادة ووحدة السودان وسلامة أراضيه، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، والتعامل مع النزاع القائم باعتباره شأنا داخليا، والتشديد على أهمية عدم تدخل أي أطراف خارجية في الأزمة بما يعوق جهود احتوائها ويطيل أمدها. ويحدو الكثير من السودانيين الأمل في نجاح هذه المبادرة لإنهاء صراع أودى حتى الآن بحياة أكثر من 3 آلاف شخص وشرد 3 ملايين على الأقل ، من خلال ما تم من اتفاق على تشكيل آلية وزارية على مستوى وزراء خارجية دول الجوار تعقد اجتماعها الأول في تشاد، من أجل وضع خطة عمل تنفيذية تتضمن حلولا عملية وقابلة للتنفيذ لوقف الاقتتال والتوصل إلى حل شامل للأزمة عبر التواصل المباشر مع الأطراف السودانية المختلفة، في تكاملية مع الآليات القائمة، بما فيها الإيجاد والاتحاد الأفريقي ، فضلا عن بحث الإجراءات التنفيذية المطلوبة لمعالجة تداعيات الأزمة السودانية على مستقبل استقرار السودان ووحدته وسلامة أراضيه، والحفاظ على مؤسساته الوطنية ومنعها من الانهيار، ووضع الضمانات التي تكفل الحد من الآثار السلبية للأزمة على دول الجوار، ودراسة آلية إيصال المساعدات الإنسانية والاغاثية إلى الشعب السوداني.
المصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
الفاشر السودانية المحاصرة.. إصابات خطيرة وعلاجات بدائية
يُعتبر الطفل محمد (8 أعوام) من المحظوظين في مدينة الفاشر الواقعة في غرب السودان، رغم أن ذراعه التي تحتوي على شظايا قد عولجت بقطعة قماش لا تزال تلفها، وذلك في ظل معاناة جرحى حرب آخرين من إصابات أكثر خطورة تصعب معالجتها، نظرا للحصار الذي تشهده المدينة ولشح المعدات الطبية فيها.
والأسبوع الماضي، شنت قوات الدعم السريع التي تخوض حربا ضد الجيش السوداني منذ عامين، هجوما داميا على عاصمة شمال دارفور ومحيطها، حيث انهار النظام الصحي أيضا.
يقول عيسى سعيد (27 عاما) والد محمد في اتصال عبر الأقمار الاصطناعية في ظل انقطاع الاتصالات في المنطقة بشكل كامل، "بمساعدة جارتنا التي كانت سابقا تعمل في مجال التمريض، أوقفنا النزيف لكن اليد فيها تورم ولا ينام محمد ليلا من الألم".
وكما هو حال سكان آخرين في مدينة الفاشر المحاصرة من قوات الدعم السريع منذ مايو/ أيار 2024، فإن عيسى لا يمكنه نقل ابنه إلى غرفة الطوارئ في أي مستشفى.
وأدت الهجمات المتكررة التي شنتها قوات الدعم السريع على العاصمة الإقليمية لمنطقة دارفور الشاسعة، إلى جعل أي تحرّك للمدنيين محفوفا بالمخاطر، فضلا عن ذلك، تعرضت جميع المرافق الصحية فيها لقصف أو لهجوم.
إعلان
ويقول محمد وهو منسق مساعدات إنسانية نزح إلى الفاشر قبل أيام، إن مئات الجرحى يجدون أنفسهم محاصرين حاليا في المدينة.
وكان هو نفسه قد أصيب في فخذه خلال الهجوم الدامي الذي نفذته قوات الدعم السريع على مخيم زمزم للنازحين الواقع على بعد 15 كيلومترا جنوب الفاشر.
وبحسب مصادر إغاثية، فإن مئات آلاف الأشخاص فروا من مخيم زمزم الذي أعلنت الأمم المتحدة أنه يعاني من مجاعة، وذلك للجوء إلى مدينة الفاشر.
ويضيف محمد الذي رفض الكشف عن اسمه الكامل لأسباب أمنية، "إن الناس فاتحة بيوتها وكل الناس يتلقون العلاج بشكل خصوصي في البيوت".

النساء والأطفال الحلقة الأضعف في المأساة (الأوروبية) العلاج بالموجود
وفي الفاشر، يحاول الناس تقديم الإسعافات الأولية وعلاج الحروق أو الجروح الناجمة عن الرصاص وشظايا القذائف، بالاعتماد على مواد بدائية للإسعافات الأولية وباستخدام نباتات طبية.
ويروي محمد أبكر (29 عاما) أنه كان يحاول إحضار الماء لأسرته عندما أُصيب بطلق ناري في رجله.
ويقول "حملني جيراني إلى داخل المنزل واستدعوا جارنا الذي لديه خبرة في معالجة الكسور بالجبيرة وهو نوع من العلاج الشعبي باستخدام أخشاب وقطع قماش". ويضيف "المشكلة أنه حتى لو عولج الكسر، ما زالت الرصاصة في رجلي".
وفي حين أصبح وجود المعدات الصحية محدودا للغاية في المدينة، يشير محمد إلى أنه لو كان هناك مال لكان من "الممكن إرسال من يشتري شاشا أو مسكنا، هذا إن كان موجودا ولكن بشكل عام لا توجد مستلزمات، يتم العلاج بما هو موجود".

أكثر من 800 ألف طفل محاصرون في مدينة الفاشر وفقا لليونيسيف (رويترز) التطهير بالملح
وأسفرت الهجمات الأخيرة التي شنتها قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر ومخيمات النازحين المحيطة بها، عن مقتل أكثر من 400 شخص، حسبما أفادت الأمم المتحدة الاثنين الماضي.
ويمكن لأي هجوم واسع النطاق قد تشنه قوات الدعم السريع التي تحاصر المدينة، أن يترك آثارا تدميرية عليها.
وتتزايد التحذيرات من مخاطر مثل هذه العملية في منطقة الفاشر حيث يجد 825 ألف طفل على الأقل أنفسهم محاصرين في "جحيم"، وفقا لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف).
وبعد 11 شهرا من الحصار وعامين من الحرب، بنى الكثير من سكان الفاشر ملاجئ مرتجلة وكثيرا ما حفروا على عجل حفرا غطوها بأكياس رمل لحماية أنفسهم من القصف.
إعلان
ولكن لا يتمكن الجميع من الوصول إلى الأمان في الوقت المناسب.
والأربعاء الماضي، سقطت قذيفة على منزل هناء حماد، مما أدى إلى إصابة زوجها في بطنه. وتقول المرأة البالغة 34 عاما "حاولنا إيقاف النزيف ومعالجة الجرح باستخدام ملح الطعام كمطهر لكنه توفى صباح اليوم التالي".
من جانبه، يناشد محمد الذي يجد نفسه طريح الفراش "التدخل العاجل من كل من يستطيع إنقاذ الناس".
والجمعة، دعت منظمة أطباء بلا حدود إلى إرسال مساعدات إنسانية. وقال رئيس البعثة راسماني كابوري "رغم إغلاق الطرق المؤدية إلى الفاشر، يجب إطلاق عمليات جوية لإيصال الغذاء والدواء إلى مليون شخص محاصرين هناك ويعانون الجوع".