سرايا - في خطوة وصفت بالمذهلة أعلنت طرابلس في 19 ديسمبر عام 2003 تخليها عن برامج أسلحة الدمار الشامل وأنها ترحب بالمفتشين الدوليين للتحقق من إيفاء ليبيا بالتزاماتها.


تلك الخطوة التي تحدثت عنها وسائل الإعلام الغربية باستغراب وتعجب جعلت من ليبيا الدولة الثانية التي تتخذ مثل هذه المبادرة الطوعية بعد جنوب إفريقيا عقب سقوط نظام الفصل العنصري.



الكثيرون في الغرب ربطوا على الفور الخطوة الليبية بالقبض على صدام حسين قبل أيام معدودة، ورجح البعض أن القيادة الليبية بدت بهذه الخطوة كما لو أنها تطبق "وصية" تلقتها من صدام حسين والطبيب الأمريكي يتفحص أسنانه، إلا أن الخبراء يقولون عن مثل هذا التوجه في طرابلس لتطبيع العلاقات مع الغرب وإغلاق الملفات القديمة بدأ قبل ذلك بوقت طويل، وأن المفاوضات بين طرابلس وواشنطن ولندن بشأن تسليم البرنامج النووي والصاروخي الليبي السري كانت بدأت خلف الكواليس قبل عشرة أشهر من تاريخ الإعلان عن الخطوة.


نجل القذافي سيف الإسلام على شاشة شبكة "سي إن إن " الإخبارية الأمريكية، أعلن في ذلك الوقت أن "هذه الخطوة ستمهد الطريق لتطبيع علاقاتنا السياسية مع الولايات المتحدة ومع الغرب بشكل عام، وكذلك القضاء على أي تهديد ضد ليبيا من الغرب والولايات المتحدة على وجه الخصوص".

بداية التحول الذي أفضى إلى تخلي ليبيا عن برامج أسلحة الدمار الشامل تعود إلى 4 أكتوبر عام 2003 حين تم تفتيش سفينة تجارية تابعة لشركة ألمانية في ميناء "تارانتو" بإيطاليا وعثر بها على خمس حاويات في طريقها إلى ليبيا تحتوي على مكونات لبرنامج تخصيب اليورانيوم الليبي. الشحنة صودرت في حين جرت الحادثة في أوج نشاط استخباراتي أمريكي بريطاني واسع في تلك الفترة لملاحقة الشبكة السرية الليبية التي بنيت لتغذية تلك البرامج السرية.

عقب الإعلان عن المبادرة الليبية الطوعية عمل مفتشون تابعون للولايات المتحدة وبريطانيا والمنظمات الدولية على تفكيك برامج الأسلحة الكيميائية والنووية والصاروخية الليبية، وبالتوازي اتخذت واشنطن خطوات في اتجاه تطبيع علاقاتها مع طرابلس التي كانت قطعت بشكل رسمي ورئيس في عام 1981، كل ذلك جرى بعد أن قامت الطائرات الأمريكية في عشرات الرحلات بنقل كميات هائلة من الوثائق والمعدات الحساسة من ليبيا.


الإنجازات النووية الليبية:

عقب وصول العقيد معمر القذافي و"الضباط الأحرار" إلى السلطة عام 1969، طلبت طرابلس بين عامي 1970 – 1971 من بكين سرا بيعها "رؤوسا نووية" إلا أن الصين ردت بالقول إنها لا تتاجر بالأسلحة النووية.

صدقت طرابلس في 26 مايو عام 1975 على معاهدة عدم الانتشار النووي، إلا أنها بدأت في عام 1977 بالتعاون مع الاتحاد السوفيتي في بناء مفاعل أبحاث في تاجوراء بالقرب من طرابلس يعمل بالماء الخفيف وتبلغ قوته 10 ميغاوات، دشن عمليا في عام 1981.

استوردت ليبيا بين عامي 1978 – 1991 من النيجر 2263 طنا من اليورانيوم الخام، وقامت شركة برازيلية في منتصف عام 1980 بعمليات للتنقيب عن اليورانيوم في ليبيا.

اشترت ليبيا في عام 1982 وثائق فنية من شركة بلجيكية لبناء مصنع لتحويل اليورانيوم كان من المفترض أن يتم بناؤه في منطقة سبها، إلا أن هذا المشروع لم يكتمل.

تمكنت طرابلس من خلال وسيط في عام 1986 من شراء محطة تحويل يورانيوم متنقلة معيارية من شركة يابانية، ما سمح لها بإنتاج مركبات متنوعة. تم تجميع المحطة جزئيا، ولكن لم يتم تشغيلها.

وقعت السلطات الليبية في عام 1984 عقدا مع شركة "إمهاوزن كيمي" الألمانية الغربية، نص على بناء مصنع لإنتاج الماء الثقيل في منطقة الرابطة جنوب طرابلس. العقد لم ينفذ بسبب ضغط أمريكي.

حاولت ليبيا أواخر 1980 وأوائل 1990 الحصول على المعلومات الضرورية لبناء مصنع لإنتاج المياه الثقيلة، إلا أنها تمكنت من الحصول على وثائق عامة فقط.

بعد مفاوضات مع عالم الفيزياء النووية وأبو القنبلة النووية الباكستانية عبد القدير خان، اشترت طرابلس 20 جهاز طرد مركزي "إف – 1" في عام 1995 ، إضافة إلى مكونات أخرى تسمح بتجميع 200 جهاز مماثل، وقامت بتجربة أجهزة الطرد المركزي بنجاح في أكتوبر من عام 2000.

عملاء الاستخبارات المركزية الأمريكية توصلوا حينها إلى نتائج بأن ليبيا لا تملك أسلحة نووية، لكنها كانت قريبة من هذا الهدف، وهي تملك كمية كبيرة من المواد السامة، ولديها مركز لتطوير الأسلحة البيولوجية، إلا أن مثل هذا السلاح لم ينتج بعد. كما أن طرابلس اعترفت لهم بأنها اشترت من كوريا الشمالية صواريخ باليستية.


مندوبو أجهزة الاستخبارات الأمريكية الذين تولوا تفتيش المنشآت الليبية، زعموا أن برنامج طرابلس النووي كان أكثر تقدما مما توقعوا، كما صرّح أحد قادة وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية بأن "ما رآه في ليبيا كان الاكتشاف الأكثر إثارة للإعجاب في السنوات الثلاثين الأخيرة".

المبالغة الرسمية الأمريكية في تقييم البرنامج النووي الليبي كانت مناسبة في ذلك الوقت في محاولة تلميع "السمعة الأمريكية" وإعادة الاعتبار إليها، وكانت واشنطن ضمنيا تقول للعالم المصدوم من كذبها حيال أسلحة العراق النووية والبيولوجية، "إذا لم نجد أسلحة دمار شامل في العراق، فها هي، لقد وجدناها في ليبيا"!

في تلك المناسبة التي أعلنت فيها ليبيا تخليها عن برامج أسلحة الدمار الشامل، امتدح الرئيس الأمريكي جزرج بوش الابن الخطوة الليبية ودعا قادة كوريا الشمالية وإيران إلى أن تحذوا حذو القذافي!

بطبيعة الحال، بعد أن انقلب الغرب على القذافي في عام 2011، وتدخل حلف الناتو وشن هجمات جوية عنيفة وسلح المنتفضين ضد نظامه، وتعقبه إلى أن قبض عليه وقتل بطريقة بشعة، لم يعد أمام بيونغ يانغ إلا أن تشعر بالراحة وبالرضى لأنها لم تنصت لنصيحة بوش ولم تقتد بالقذافي!

المصدر: RT
إقرأ أيضاً : باراغواي .. مقتل ضابط و11 نزيلا أثناء نقل مجرم خطير من السجنإقرأ أيضاً : محكمة تقضي بعدم أهلية ترامب لخوض انتخابات الرئاسة التمهيديةإقرأ أيضاً : هل يرضخ نتنياهو لجبهته الداخلية وشروط المقاومة ويدفع “ثمنا باهظًا” لتحرير الأسرى؟


المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

كلمات دلالية: الدولة الفصل حسين حسين بكين الصين الشمالية العراق الرئيس الشمالية الصين ترامب الشمالية العراق بكين الدولة الفصل حسين الرئيس فی عام إلا أن

إقرأ أيضاً:

رئيس وكالة الطاقة الذرية يتباحث في طهران بشأن البرنامج النووي

نوفمبر 14, 2024آخر تحديث: نوفمبر 14, 2024

المستقلة/-أجرى رافائيل غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوم الخميس، سلسلة من المباحثات مع المسؤولين في طهران، بشأن ملف البرنامج النووي الإيراني. ويأمل غروسي في إيجاد حلول للتوتر الحالي، مؤكداً ثقته في التوصل إلى نتائج إيجابية.

وتأتي هذه الزيارة في وقت حساس، حيث تشهد المنطقة توترا متزايدا بين طهران وتل أبيب.

وبينما يواصل غروسي مساعيه لتحسين العلاقات مع طهران، شدد على أن التقدم في ملف الضمانات الشاملة سيسهم في توسيع مجالات التعاون بين الوكالة وإيران. وأكد أن التركيز سيكون على بناء الثقة المتبادلة، مما سيعزز التعاون بين الجانبين في المستقبل القريب.

في هذا السياق، أكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أن طهران لم تسع يومًا ولن تسعى إلى امتلاك سلاح نووي، التزاما منها بفتوى المرشد الأعلى الإيراني بهذا الشأن.

وأوضح بزشكيان أن الجمهورية الإسلامية مستعدة للتعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بهدف رفع أي لبس أو شكوك حول برنامجها النووي السلمي، مشددًا على التزام بلاده بالشفافية التامة في جميع مراحل البرنامج النووي.

بدوره، أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن حكومته مستعدة للتعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، موضحاً أن البرنامج النووي الإيراني يظل سلمياً وأن بلاده ليست لديها أي مشكلة في تلبية مطالب الوكالة المتعلقة بالشفافية.

وأضاف عراقجي أن المفاوضات الأخيرة كانت خطوة إيجابية نحو خفض التوتر، وأن بلاده تأمل في أن تسهم هذه الجهود في خلق مسار جديد للتعاون.

هذه التصريحات تأتي في وقت تواصل فيه القوى الغربية ضغطها على طهران، لا سيما عبر مجلس محافظي الوكالة، الذي يسعى إلى اتخاذ خطوات أكثر حزمًا لضمان الامتثال الكامل من إيران. وفي وقت، تستعد فيه طهران للرد على الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف أراضيها في الـ 26 من أكتوبر.

ختاماً، أكد غروسي أن هدف الوكالة هو تعزيز التعاون مع إيران لضمان أفق مفتوح للتقدم في ملفها النووي، مع السعي إلى بناء الثقة وتوسيع أفق التعاون مع جميع الأطراف المعنية.

 

مقالات مشابهة

  • ضبط عاطل بحوزته أسلحة وسجائر مهربة بمطروح
  • نجم الكرة الليبية خالد حسين يستقبل بعثة الزمالك في ليبيا استعدادًا لمهرجان اعتزاله
  • رئيس وكالة الطاقة الذرية يتباحث في طهران بشأن البرنامج النووي
  • بزشكيان يعد بإزالة أي غموض بشأن برنامج بلاده النووي
  • اتهامات لمسلحين شمال نيجيريا بالحصول على السلاح من ليبيا
  • رئيس مجلس الشؤون الدفاعية الروسي: قد نضطر لتفعيل سلاحنا النووي.. وأمريكا تتراجع
  • ما سر ذكر طرابلس في نشيد البحرية الأمريكية؟ (شاهد)
  • غروسي يبدأ مباحثات مفصلية في إيران بشأن النووي
  • وزير الخارجية الإيراني: طهران لم تترك طاولة المفاوضات بشأن برنامجها النووي السلمي
  • القيادة الأمريكية: ضربات جوية تستهدف مخازن أسلحة الحوثيين وتصدي لهجماتهم في باب المندب