انهيار مفاوضات سد النهضة بين مصر وإثيوبيا .. هل يتحوّل النيل إلى سلعة؟
تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT
فشل الاجتماع الرابع والأخير من مفاوضات سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا التي بدأت صيف العام الجاري في إطار توافق الدول الثلاث على الإسراع بالانتهاء من الاتفاق على قواعد ملء وتشغيل السد في قبل نهاية العام الحالي.
يأتي ذلك بالتزامن مع تخلف أديس أبابا عن دفع 33 مليون دولار هي عبارة عن قسيمة على سنداتها الدولية المستحقة بقيمة مليار دولار التي كان من المقرر استحقاقها في 11 كانون الأول/ ديسمبر، وخفضت وكالة "فيتش" العالمية التصنيف الائتماني لإثيوبيا إلى مستوى عالي المخاطر.
وأعلنت وزارة الموارد المائية والري، مساء الثلاثاء، أن "المسارات التفاوضية مع إثيوبيا قد انتهت"، مؤكدة أن "مصر سوف تراقب عن كثب عملية ملء وتشغيل سد النهضة، وأن مصر تحتفظ بحقها المكفول بموجب المواثيق الدولية للدفاع عن أمنها المائي والقومي في حالة تعرضه للضرر".
وأوضح البيان أن "الاجتماع لم يسفر عن أية نتيجة نظرا لاستمرار ذات المواقف الإثيوبية الرافضة عبر السنوات الماضية للأخذ بأي من الحلول الفنية والقانونية الوسط التي من شأنها تأمين مصالح الدول الثلاث، وتمادي إثيوبيا في النكوص عما تم التوصل له من تفاهمات ملبية لمصالحها المعلنة".
واتهمت القاهرة أديس أبابا "في استغلال الغطاء التفاوضي لتكريس الأمر الواقع على الأرض، والتفاوض بغرض استخلاص صك موافقة من دولتي المصب على التحكم الإثيوبي المطلق في النيل الأزرق بمعزل عن القانون الدولي".
وكانت الجولة الأخيرة من المفاوضات انطلقت في آب/ أغسطس الماضي بعد اتفاق رئيس النظام عبد الفتاح السيسي ورئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد على هامش قمة اجتماع دول جوار السودان في 13 تموز/ يوليو 2023، من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي في غضون 4 شهور بعد أكثر من عامين من إعلان الفشل في التوصل لاتفاق ملزم بين دولتي المصب ودولة المنبع في نيسان/ أبريل 2021.
هل تدفع الديون إثيوبيا لبيع المياه؟
وأثار توجه إثيوبيا نحو التخلف عن سداد فوائد سندات دولارية مستحقة إلى جانب خفض تصنيفها الائتماني إلى مستوى عالي المخاطر إلى "C" من "CC" مع تزايد احتمال التخلف عن السداد، مخاوف من طرح حصص من سد النهضة الأثيوبي الذي تبلغ تكلفته نحو 4.5 مليار دولار، للبيع وبالتالي بيع المياه لمصر.
ربما تعلن إثيوبيا إفلاسها قريبا، فهي عجزت عن سداد 33 مليون دولار فوائد مستحقة لحاملي سنداتها الدولية وقدرها مليار دولار، وبالتالي ستعجز عن سداد فوائد ديونها البالغة 28 مليار دولار وموعدها يونيو المقبل.
فهل تبيع إثيوبيا سد النهضة لدولة أو شركة، تبيع بدورها المياه لمصر والسودان؟ ! — عمار علي حسن Ammar Ali Hassan (@ammaralihassan) December 18, 2023
وهو ما أعرب عنه وزير خارجية مصر، سامح شكري، في أيلول/ سبتمبر الماضي في كلمته أمام الجمعية العامة الـ 79 للأمم المتحدة، إن مصر تعاني من عجز مائي يزيد على الـ50% من احتياجاتها المائية؛ ما يفرض عليها إعادة استخدام المياه المحدودة المتاحة لعدة مرات، واستيراد مياه افتراضية في صورة واردات غذائية بقيمة تقترب من 15 مليار دولار سنويا.
بحسب شكري، فإن مصر تأتي على رأس قائمة الدول القاحلة وتواجه ندرة حادة في المياه، فهي الأقل في معدل هطول الأمطار بين دول العالم، في حين يتجاوز عدد سكانها الـ105 ملايين نسمة، مشيرا إلى اعتماد مصر على نهر النيل بنسبة 98%.
ويحتجز سد النهضة المياه على النيل الأزرق، الفرع الرئيسي لنهر النيل، في منطقة "بني شنقول-قمز" على بعد نحو 30 كيلومترا من الحدود مع السودان، ويبلغ طوله 1800 متر وارتفاعه 145 مترا، ومن المقرر أن يخزن 74 مليار متر مكعب.
وتفيد تقديرات الأمم المتحدة بأن "المياه قد تنفد في مصر بحلول عام 2025" وأن مناطق في السودان حيث كان النزاع في دارفور مرتبطا بشكل أساسي بإمدادات المياه، معرضة بشكل متزايد للجفاف بسبب تغير المناخ.
صفعة جديدة من أبي أحمد للسيسي
اعتبر خبير السدود والأمن المائي، الدكتور محمد حافظ، أن فشل المفاوضات يعد بمثابة صفعة جديدة من أبي أحمد للسيسي، وقال: "كان هناك أمل كبير لدى النظام المصري أن تكون هناك نتيجة للمفاوضات والوصول إلى حل وسط بين الدول الثلاث حتى لو على المدى القصير، لكن بعد 4 جولات من المفاوضات لم تسفر عن جديد بل وصلت إلى طريق مسدود مجددا".
وانتقد في تصريحات لـ"عربي21": "غياب الشفافية عن تصريحات المسؤولين حول أسباب الخلاف غير تكرار أن إثيوبيا وضعت العراقيل في عم التوصل إلى حل ملزم، وكلمات من قبيل تماطل وتراوغ، الأزمة تتمحور حول حصة إثيوبيا من المياه وهي نقطة الخلاف، وليست الملء ولا التشغيل إنما الحصة التي تعتبرها إثيوبيا حق من حقوقها المكتسبة، وهذا هو السبب الأساسي لفشل المفاوضات".
وقلل حافظ من قيمة الرد المصري، وأوضح "كان من المتوقع أن تخرج مصر من اتفاقية 2015 وتكون هناك نافذة جديدة لمسار جديد في الساحات الدولية ولكن حتى الآن لا يوجد رد فعل مناسب، وأي خطوة غير ذلك لا قيمة لها، لا بد من وقفة جادة يمكن ترجمتها بالانسحاب من الاتفاقية السابقة على أقل تقدير".
وفيما يتعلق بتعثر إثيوبيا وعدم قدرتها على سداد فوائد الديون، رجح الخبير المائي أن "يساهم ذلك في تسريع وتيرة وحجم الملء الخامس البالغ 33 مليار متر مكعب من أجل تشغيل السد والحصول على كهرباء وتسدد الفوائد المستحقة عليها، وقد تتدخل الإمارات بشراء أسهم في سد النهضة وقد يكون هذا لأمر تمهيدا لبيع السد بشكل جزئي في السوق العالمي وجعل مصر تحت رحمة الإمارات".
إضعاف تحكم إثيوبيا في السد
الخبير في الشؤون الأفريقية، الدكتور ياسر محجوب الحسين، قال: "نظرا للدعم الكبير الذي تجده إثيوبيا في مشروعها وهو دعم دولي وإقليمي قائم على استراتيجيات بعيدة المدى، فإنه من المستبعد أن يؤدي هذا التعثر إلى بيع السد لشركة أو حتى دولة وستقف هذه القوى الدولية والإقليمية بقوة لمعالجة الأمر".
لكنه أضاف في حديثه لـ"عربي21": "غير أن هذا الأمر لاشك سيزيد الضغوط على إثيوبيا ويجعلها أقل قدرة على التحكم الكامل في إدارة السد مما يعرض قرارها السياسي للاختطاف".
ورأى أن "احتمال بيع المياه سواء من جانب إثيوبيا أو أي جهة قد تتحكم في السد، إلى مصر والسودان أمرا ليس واردا من ناحية فنية إذ يبلغ ارتفاع بحيرة تانا التي ينبع منها النيل الأزرق 1890 مترا فوق سطح البحر وهذا الانحدار الشديد يجعل هناك مخاطر جمة عبر حبس أي كميات مياه تزيد عن سعة السد وهي 74 مليار متر مكعب والتي ستبلغ مداها في الملء الأخير فهي مضطرة لتصريف المياه أول بأول".
واستدرك الحسين بالقول: "وقد يكون ذلك ممكنا في حالة حدوث جفاف غير مسبوق بيد أن التاريخ في مداه الطويل لم يسجل جفافا أو عجزا في أمطار الهضبة الإثيوبية بهذه الدرجة، كما أن استهلاك إثيوبيا للمياه يقدر فقط 1.5 مليار متر مكعب من النيل الأزرق خلال 25 عاما".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سد النهضة مصر مصر أثيوبيا سد النهضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ملیار متر مکعب النیل الأزرق ملیار دولار سد النهضة
إقرأ أيضاً:
"إم جي إكس" الإماراتية تستثمر 2 مليار دولار في منصة "بينانس"
أعلنت "إم جي إكس"، الشركة الإماراتية الرائدة في الاستثمار في الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة، في أبوظبي، استثمار 2 مليار دولار في "بينانس"، أكبر منصة لتداول العملات المشفَّرة في العالم، وهو الاستثمار الأكبر في قطاع العملات المشفَّرة "عملة مستقرة"، وأوَّل معاملة استثمارية مؤسَّسية في تاريخ "بينانس".
ويمثِّل هذا الاستثمار دخول "إم جي إكس" قطاع البلوكشين والعملات المشفَّرة للمرة الأولى، باستحواذها "على حصة أقلية في "بينانس" ضمن استراتيجيتها لدعم الإمكانات التحويلية للبلوكشين. ومن خلال هذه الشراكة مع إحدى أبرز الشركات الرائدة في القطاع، تسعى "إم جي إكس" إلى دفع عجلة الابتكار في التقنيات الناشئة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والاقتصادات الرقمية القائمة على "التوكنات". 1000 موظفوترسّخ "بينانس" حضورها في دولة الإمارات، التي تتميز بريادتها في الابتكار، وبيئتها الداعمة للعملات المشفرة، وإطارها التنظيمي الواضح، حيث توظف "بينانس" نحو 1000 موظف في الإمارات من إجمالي نحو 5000 موظف عالمياً، ما يعكس التزامها المتزايد بتعزيز حضورها في المنطقة.
وتتصدر "بينانس" قطاع العملات المشفَّرة باعتبارها أكثر المنصات أماناً وتنظيماً وموثوقية، متفوقةً بفارق كبير في حجم التداول، الذي يتجاوز إجمالي أحجام العديد من المنصات المنافسة. وتحظى المنصة بما يزيد على 260 مليون مستخدم مسجَّل، ويتجاوز حجم التداول التراكمي 100 تريليون دولار. ويُسهم هذا الاستثمار في تعزيز مكانة "بينانس" شركة رائدة في تطوير قطاع العملات المشفرة، ويؤكد التزام "إم جي إكس" بدعم مستقبل التمويل اللامركزي، وحلول البلوكشين المدعومة بالذكاء الاصطناعي، واقتصاد الأصول الرقمية.
إم جي إكس، الشركة الإماراتية الرائدة في الاستثمار في الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا ومقرها أبوظبي، تبرم أول استثمار مؤسسي في منصة بينانس بقيمة 2 مليار دولار. الاستثمار هو الأكبر من نوعه في قطاع العملات المشفرة ويهدف إلى تعزيز الابتكار في الذكاء الاصطناعي وتقنية البلوكشين والتمويل. pic.twitter.com/jiQTcJjvEC
— مكتب أبوظبي الإعلامي (@ADMediaOffice) March 12, 2025وقال أحمد يحيى، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة إم جي إكس: "يمثِّل استثمار إم جي إكس في بينانس محطة مهمة في مسيرة تطوير البلوكشين ودوره في مستقبل التمويل الرقمي. مع تزايد تبنِّي المؤسسات لهذا القطاع، أصبحت الحاجة إلى بنية تحتية آمنة ومتوافقة وقابلة للتوسُّع أكثر أهمية من أي وقتٍ مضى. لطالما كانت بينانس محركاً رئيسياً للابتكار في العملات المشفرة، من تقنيات التداول و"التوكنات" إلى عملية التخزين والمدفوعات. معاً، نلتزم بتطوير منظومة أصول رقمية أكثر شمولاً واستدامة".
خطوة فارقةوقال ريتشارد تنغ، الرئيس التنفيذي لشركة بينانس: "يُعدُّ هذا الاستثمار من "إم جي إكس" خطوة فارقة لقطاع العملات المشفرة ولبينانس. معاً، نعمل على إعادة تشكيل مستقبل التمويل الرقمي من خلال ابتكارات متقدمة في مجال تبادل العملات المشفرة. هدفنا هو بناء منظومة أكثر شمولاً واستدامة، مع تركيز قوي على الامتثال والأمان وحماية مصالح المستخدمين. هذا الاستثمار يعكس التزامنا بدعم نمو قطاع العملات المشفرة بشكل مسؤول ومستدام".