تصدرت تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال استقباله المرشحين الذين خاضوا انتخابات رئاسة الجمهورية 2024، بالإضافة إلى استقباله وزير دفاع اليونان، فضلا عن عدد من الأخبار الأخرى اهتمامات صحف القاهرة الصادرة اليوم /الأربعاء/.
فتحت عنوان/ السيسي: النجاح الحقيقي لمصر كلها/، قالت صحيفة /الجمهورية/، أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي تقديره للأداء السياسي للمرشحين الذين خاضوا انتخابات رئاسة الجمهورية 2024 على النحو الذي يثري التعددية والتنوع في المشهد السياسي والديمقراطي المصري، مشيرا إلى أن النجاح القيقي لمصر كلها تمثل في مستويات المشاركة الآلية وغير المسبوقة من المواطنين في الانتخابات بما عكس وعي الشعب المصري العظيم بمسئوليته الوطنية.


وأوضحت الصحيفة، أن ذلك جاء خلال استقبال الرئيس السيسي أمس بقصر الاتحادية، المرشحين الذين خاضوا انتخابات رئاسة الجمهورية 2024، وهم رئيس حزب الشعب الجمهورية حازم عمر، ورئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي فريد زهران، ورئيس حزب الوفد عبد السند يمامة، وبحضور رئيس الحملة الانتخابية للرئيس السيسي المستشار محمود فوزي.
وفي موضوع آخر، وتحت عنوان /السيسي يؤكد مجددا ضرورة التهدئة وإيجاد حلول سياسية لأزمة غزة/، ذكرت صحيفة /الجمهورية/، أن الرئيس السيسي أكد مجددا خطورة الوضع في قطاع غزة وضرورة التهدئة والسعي لإيجاد حلول سياسية للأزمة الحالية، حرصا على أمن واستقرار الإقليم الذي تتزايد مؤشرات الخطر به، مشددا على ضرورة تكثيف الجهود الدولية لتنفيذ قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأوضحت الصحيفة، أن ذلك جاء خلال استقبال الرئيس السيسي أمس " نيكولاوس ديندياس" وزير دفاع اليونان وذلك بحضور الفريق أول محمد زكي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي وسفير اليونان بالقاهرة.
وفي شأن مختلف، وتحت عنوان /رئيس الوزراء يستعرض مقترح حزمة الحوافز الاستثمارية لقطاع الرعاية الصحية/، قالت صحيفة /الأهرام/، أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أهمية المتابعة المستمرة للمشروعات التي تتم في محافظة مطروح، وخاصة في ظل ما تتمتع به من مدن ومناطق سياحية متميزة، تجعلها محط أنظار السائحين، مشيرا إلى ضرورة الالتزام بتنفيذ مشروعات المبادرة الرئاسية «حياة كريمة»، سواء في القرى والمناطق البدوية بالمحافظة في توقيتاتها المحددة، لمردودها الإيجابي على أبناء المحافظة.
وأوضحت الصحيفة، أن ذلك جاء خلال اجتماعه أمس مع الدكتور عاصم الجزار، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، واللواء هشام آمنة، وزير التنمية المحلية، واللواء خالد شعيب، محافظ مطروح، لمتابعة عدد من ملفات العمل الخاصة بالمحافظة، وذلك بحضور عدد من المعنيين.
وأشارت إلى أن رئيس مجلس الوزراء، أكد توجه الحكومة لتشجيع القطاع الخاص على التوسع في المشاركة في تقديم خدمات الرعاية الصحية، وكذا الخدمات التعليمية، بهدف رفع مستوى هذه الخدمات المقدمة للمواطنين، ومن ثم العمل على تقديم المحفزات والتيسيرات اللازمة، وأن ذلك جاء خلال لقائه، الدكتور خالد عبدالغفار، وزير الصحة والسكان لاستعراض أنشطة قطاع الرعاية الصحية المستهدفة ضمن المقترح.
وفي موضوع آخر، قالت صحيفة /الأهرام/ تحت عنوان /«النواب» يوافق «مبدئيا» على مشروع قانون نقابة التكنولوجيين/، وافق مجلس النواب خلال جلسته العامة أمس، برئاسة المستشار الدكتور حنفى جبالي، على تقرير لجنة التعليم والبحث العلمي بشأن مشروع قانون إنشاء نقابة التكنولوجيين، المقدم من الحكومة، والذي يهدف إلى تنظيم مهنة التكنولوجيين، وجمع الخريجين تحت مظلة نقابية، تعمل على تعزيز مكانتهم في سوق العمل.
وبحسب الصحيفة، فقد أوضح جبالي أن مشروع القانون كان فيه مواد تتعارض مع الدستور وبها تناقض، مشيرا إلى أن لجنة التعليم بالمجلس بذلت جهدا مشكورا لإصلاح ما به من عوار.
وعربيا، وتحت عنوان /مجزرة جديدة للاحتلال في جباليا.. وأوضاع الضفة «كارثية»، قالت صحيفة /الأهرام/، وسط مخاوف من فيتو أمريكي جديد، وسعي مجلس الأمن الدولي جاهدا للتحدث بصوت واحد قبل التصويت المتوقع خلال ساعات على قرار جديد يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة، استشهد عشرات الفلسطينيين أمس في مجزرة جديدة، ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في جباليا شمال القطاع.
وأضافت، الصحيفة، بأن مصادر محلية وطبية أفادت بأن العشرات استشهدوا وأصيب آخرون بعد قصف طائرات الاحتلال مربعا سكنيا في المخيم.
وفيما يتعلق بالشأن العسكري، نقلت صحيفة /الأخبار/ خبرا بعنوان (الفريق أول محمد زكي يستقبل ديندياس) قالت فيه التقى الفريق أول محمـد زكي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي، نيكولاوس ديندياس وزير الدفاع الوطني بجمهورية اليونان والوفد المرافق له الذي يزور مصر حالياً، وأجريت مراسم استقبال رسمية بمقر الأمانة العامة لوزارة الدفاع وعزفت الموسيقات العسكرية السلام الوطني لكلا البلدين.. وتناول اللقاء مناقشة أوجه التعاون الثنائي في العديد من المجالات، والتوافق حول تكثيف الجهود الرامية لدعم التعاون العسكري بين الجانبين واستشراف آفاق جديدة لتوطيد العلاقات بين القوات المسلحة لكلا البلدين الصديقين.
وأعرب وزير الدفاع اليوناني عن تقديره لجهود القوات المسلحة المصرية، مؤكداً في هذا الإطار حرص بلاده على تعزيز علاقات التنسيق والشراكة على المستوى العسكري والأمني بين البلدين.
ووفقا للصحيفة حضر اللقاء الفريق أسامة عسكر رئيس أركان حرب القوات المسلحة وعدد من قادة القوات المسلحة لكلا البلدين والسفير اليوناني والملحق العسكري لدولة اليونان بالقاهرة.
وفي ذات الشأن أبرزت /الأخبار/ خبرا تحت عنوان (القوات البحرية تتسلم الفرقاطة "القدير" من طراز MEKO-A200) أشارت خلاله إلى تسلم القوات البحرية الفرقاطة "القدير" من طراز (MEKO-A200) بعد إتمام إجراءات الاستلام بمدينة (Bremerhaven) الألمانية لتنضم للأسطول البحري المصري، حيث تم بناؤها بشركة (TKMS) بترسانة (SBN) الألمانية وفقاً لأحدث النظم العالمية في منظومات التسليح والكفاءة القتالية، وذلك في إطار تعزيز قدرات القوات البحرية المصرية ودعم علاقات التعاون العسكري المصري الألماني .
وأوضحت الصحيفة أن قائد القوات البحرية الفريق أشرف عطوة قام برفع العلم المصري على الفرقاطة "القدير" والتي تعد الثالثة من أصل أربع فرقاطات من طراز (MEKO-A200) تم التعاقد عليها بين مصر وألمانيا، وذلك بحضور عدد من قادة القوات البحرية المصرية والألمانية والسفير المصرى بألمانيا والملحق العسكري المصري بألمانيا وعدد من ممثلي الشركة الألمانية (TKMS) المصنعة للفرقاطة "القدير".

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

مصطفى طلاس.. قصة وزير دفاع الأسد الذي أرعب السوريين

قام نظام حافظ الأسد وابنه بشار طوال خمسين عاما على تغلغل ضباط الطائفة العلوية في المفاصل العسكرية والأمنية والحكومية في الدولة، وهو ما هيَّأ لهم حكما مستقرا بالحديد والنار، ولكن الأسد استخدم وجوها سُنية بارزة لتكون بمنزلة الواجهة السياسية التي تحمي نظامه الطائفي.

وكان من أبرز هذه الوجوه وزير الدفاع السوري الأسبق مصطفى طلاس الذي يُعد أطول وزراء الدفاع العرب عهدا، فقد بَقِي الرجلُ في منصبه هذا أكثر من ثلاثين سنة كاملة!

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2خزائن الرعب وتفاصيل فروع القتل والتعذيب الأمنية السوريةlist 2 of 2العلويون والقصة الغامضة لحكم سورياend of list

وُلد مصطفى طلاس في 11 مايو/أيار 1932 في بلدة الرستن بمحافظة حمص، وفي عام 1947 التحق بالكلية الحربية في المدينة نفسها، وفيها تعرّف على مجموعة من الضباط البعثيين، كان من بينهم صلاح جديد وحافظ الأسد، وبعد تخرجه في أوائل الخمسينيات أصبح ضابطا في الجيش السوري.

الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد (يمين) ووزير الدفاع السوري السابق مصطفى طلاس في حفل عشاء عام 2000م (الفرنسية) طلاس من صداقة الأسد إلى خدمته

وكما يقول محمد نذير سنان في كتابه "لماذا سورية؟"، فمع قيام الوحدة بين سوريا ومصر بين سنوات (1958-1961)، نُقل طلاس إلى القاهرة برفقة عدد من الضباط، كان من بينهم حافظ الأسد، ومحمد عمران، وصلاح جديد، الذين سيقودون العديد من الانقلابات التالية.

وخلال تلك الفترة، توطدت علاقته خصوصا مع رفيقه حافظ الأسد، وعندما وقع الانفصال، اعتُقل الأسد في القاهرة، بينما عاد طلاس إلى سوريا، مصطحبا معه زوجة الأسد وابنته بُشرى، ولاحقا أُفرِج عن الأسد في صفقة تبادل مع مصر.

وفي عام 1963، مع بداية حكم البعث، نال مصطفى طلاس مكافأة على إخلاصه، رغم أنه لم يكن له دور بارز في انقلاب الثامن من آذار، الذي قاده مجموعة من الضباط العسكريين في خطوة كانت تبدو محدودة، لكن طلاس الذي لم يُعرف بنشاطه الثوري، أثبت ولاءه للنظام القادم، وهو ما سيجعله قريبا من دائرة السلطة.

إعلان

ولكن في عام 1964، انفجرت الأوضاع في حماة عندما اندلعت مواجهات دامية بين الشعب الرافض لممارسات السلطة الجديدة، التي اجتاحت مدنا عدة على شكل إضرابات ومظاهرات شعبية واسعة.

وفي المقابل قامت السلطة البعثية بتهديد كل صوت معارض بعنف، حيث اقتحمت المحال التجارية المغلقة ونهبت محتوياتها، وأطلق النظام يد الجيش لقمع المعارضة، حتى وصل الحال إلى قصف مسجد السلطان في حماة، الذي تحول حينئذ إلى ملاذ للمطاردين، وكانت النتيجة سقوط 17 ضحية من أبناء المدينة، وهو ما يمكن أن يوصف بالإرهاصات المبكرة لمجزرة حماة التي ستقع بعد ذلك بثمانية عشر عاما.

في تلك الأثناء، عُيِّنَ طلاس الضابط العسكري قاضيا لمحكمة عرفية ميدانية، حينها أصدر أحكاما بالإعدام على علماء وشباب من مدينة حماة، ليعلن مبكرا عن ولائه للنظام البعثي الجديد.

في المقابل سعى الرئيس السوري وقتها وأحد ضباط البعث البارزين أمين الحافظ للقاء مع شيخ المدينة محمود الحامد، في خطوة تهدئة لتخفيف الاحتقان الناتج عن هذه المحاكمات والأحداث، وليُعلن بعدها عن عفو شامل عن جميع المحكومين في هذه القضية.

رسمت هذه الأحداث الصادمة بين السلطة والجيش بداية مسيرة مصطفى طلاس السياسية مبكرا، حيث كشفت عن ولائه العميق لطموحاته الشخصية وتطلعاته في الوصول إلى السلطة بأي شكل ولون.

في تلك الأثناء، كانت العلاقة بين طلاس وأمين الحافظ متوترة، فبينما كان طلاس يتحرك تحت إشراف صديقه المقرب حافظ الأسد، الذي كان يتمتع بميول طائفية واضحة، ويسعى لتشبيك الضباط العلويين وتقوية مراكزهم، كان أمين الحافظ، الرئيس السني، يتعامل مع المسألة الطائفية بعدم اهتمام لافت.

وفي عام 1965 كان مصطفى طلاس يسعى بكل قوة لاعتقال كبار الضباط الموالين لأمين الحافظ في منطقة حمص العسكرية المعروفة بالمنطقة الوسطى، وبترتيب وتنسيق مع صلاح جديد وحافظ الأسد.

صلاح جديد، ترأس سوريا لأربع سنوات، وأطاح به انقلاب عسكري عام 1970 قاده رفيقه في الحزب وزير الدفاع آنذاك حافظ الأسد، إثر خلافات بين الاثنين. (مواقع التواصل)

وكما يذكر طلاس في مذكراته "مرآة حياتي"، فقد أصدر أمين الحافظ، بتأييد القيادة القومية لحزب البعث الذي كان على رأسه مؤسِّسه ميشيل عفلق وآخرون، قرارا يقضي بإقصاء طلاس عن قيادة المنطقة الوسطى، ليخسر منصبه العسكري بسبب مشاركته في تسريح عدد من الضباط السنة الموالين للحافظ، بتوجيه من صديقيه حافظ الأسد وصلاح جديد.

إعلان

وعلى إثر هذه الحادثة بدأ الترتيب داخل حزب البعث من الضباط العلويين والدائرين في فلكهم مثل مصطفى طلاس للإطاحة بالمعارضين لنفوذهم المتصاعد، وعلى رأسهم مؤسس الحزب ميشيل عفلق وأمين الحافظ وغيرهم.

وفي النهاية نجح هذا المخطط في 23 فبراير/شباط 1966، حين شهدت الساحة الحزبية ما عُرف بثورة "الشُّباطيين"، حيث قام مجموعة من الضباط العلويين، وعلى رأسهم صلاح جديد ومحمد عمران وحافظ الأسد، بالإطاحة بأمين الحافظ وكل مؤسسي حزب البعث الأوائل مثل ميشيل عفلق والبيطار، بالإضافة إلى القيادات السياسية كافة.

وعلى إثر ذلك، تولى صلاح جديد منصب نائب الأمين العام لحزب البعث، وظل هذا المنصب مرفوعا رغم تصفية القيادات التقليدية، بينما عُيِّنَ حافظ الأسد وزيرا للدفاع، وبعد نجاح الانقلاب الجديد، وكما وعد الأسد رفيقه طلاس سابقا، فقد عاد إلى منصبه قائدا للمنطقة الوسطى، وهو ما حدث، الأمر الذي جعل طلاس يستوثق من علاقته وولائه لصديقه حافظ الأسد بصورة مطلقة.

الذراع اليمنى لحافظ الأسد

في عام 1967، وقعت الهزيمة المدوية التي عُرفت في تاريخ العرب الحديث بـ"النكسة"، وكان نور الدين الأتاسي يشغل منصب رئيس الجمهورية في سوريا في ذلك الحين، ولم يكن في الحقيقة سوى واجهة سنية ضعيفة تحركها الأيادي العسكرية، في حين كان يوسف زعين يشغل منصب رئيس الوزراء.

أما الحكام الفعليون لسوريا في تلك الفترة فكانوا: صلاح جديد نائب الأمين العام لحزب البعث، وحافظ الأسد وزير الدفاع، وأحمد سويداني رئيس الأركان.

وعقب النكسة، وفي ظل الصراع على السلطة، تصاعدت الخلافات بين الصديقين المقربين لهذا السبب، ونظرا للولاء المطلق الذي أدركه حافظ من صديقه طلاس، فقد عيَّنه في عام 1968 رئيسا لأركان الجيش، وذراعه اليمنى به، خاصة في تلك السنوات التي تصاعد فيها الصراع بين حافظ الأسد وصلاح جديد، وبلغ ذروته في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 1970، عندما حاول صلاح جديد الحصول على قرار من القيادة القومية لإقالة حافظ الأسد ومصطفى طلاس.

إعلان

لكن حافظ الأسد سبقهم، ونزل بدباباته إلى الشوارع، فقام باعتقال صلاح جديد وأعضاء القيادة القومية وكل مَن كانوا موالين له، وعلى رأسهم نور الدين الأتاسي رئيس الجمهورية الضعيف، الذي ظل في السجن حتى وفاته عام 1992، بينما مات صلاح جديد في السجن أيضا في العام التالي 1993.

بعد نجاح ما سمَّاه حافظ الأسد بالحركة التصحيحية، تولى الحكم مباشرة، وكانت تلك المرة الأولى التي يصل فيها رئيس من الطائفة العلوية إلى السلطة في سوريا، وهي طائفة تُشكِّل أقل من 10% من السكان، وأمام هذا الواقع الجديد كان من المتوقع أن يكون مصطفى طلاس بمنزلة الواجهة السنية في التركيبة الحاكمة الجديدة.

وفيما بعد ترقى إلى رتبة عماد، وهي رُتبة خصصت له وتميزت عن باقي الضباط، وأُسندت إليه وزارة الدفاع طوال فترة حكم الأسد، بالإضافة إلى منصب نائب رئيس مجلس الوزراء، إلا أن طلاس بقي في نظر كثير من أهل السنة في سوريا ضابطا ذا قيمة محدودة.

ويتأمل باتريك سيل في كتابه "الأسد، الصراع على الشرق الأوسط" في الحاشية التي كانت تحيط بحافظ الأسد، وكان منهم بالطبع مصطفى طلاس، ورأى أن بقاءهم في مناصبهم لفترات طويلة يرجع إلى "الولاء" والولاء فقط، يقول: "في سنته الأولى جمع الأسد فريقه، فاستخدم رجالا قُدِّر لهم أن يعملوا تحت حكمه خمسة عشر عاما أو تزيد، ومثلما كان الأسد منسجما مع نفسه في مبادئه السياسية، بدا أنه يتردد كثيرا في تغيير الوجوه من حوله، كان من طبعه تقدير الولاء تقديرا عاليا".

كان مصطفى طلاس أحد اللاعبين في صياغة خطط حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 ضد الكيان الصهيوني، حيث كان له دور بارز في التنسيق مع الجانب المصري لإدارة العمليات العسكرية.

ورغم أن الجيش السوري حقق نجاحا مبدئيا بفضل عنصر المفاجأة الذي مَكَّن قواته من الوصول إلى شواطئ طبرية، فإن عجز القيادة العسكرية عن توفير الدعم اللازم للتقدم أو تعزيز الهجوم حال دون استثمار هذا الانتصار، الأمر الذي أدى إلى تراجع القوات السورية وفقدان كل ما أنجزته، بالإضافة إلى نزوح سكان 20 قرية نحو دمشق، لتنتشر الخيام الخاصة بالوافدين على أطراف العاصمة.

رغم تضخيم الذات الذي نراه في السيرة الذاتية التي كتبها طلاس في خمس مجلدات بعنوان "مرآة حياتي"، ومحاولة تصوير نفسه بأنه الرجل الثاني في سوريا طوال ثلاثة عقود، فقد نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ضابط الاستخبارات الفرنسي السابق والخبير في الشؤون السورية، آلان شوييه، قوله: "كان لطلاس دور محدود في وضع الإستراتيجية العسكرية للجيش السوري، حيث كانت القرارات تُتخذ من قِبَل حافظ الأسد والضباط العلويين".

وهو الأمر الذي أكده المؤرخ والدبلوماسي الهولندي نيكولاس فان دام في كتابه "الصراع على السلطة في سوريا"، فإن حافظ الأسد، بعد استيلائه على الحكم في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 1970، اعتمد اعتمادا كبيرا على مجموعة من الضباط الموالين له، الذين تولوا مراكز إستراتيجية حيوية داخل القوات المسلحة.

إعلان

ويلاحظ فان دام أن معظم هؤلاء الضباط كانوا من الطائفة العلوية، بينما وُكلت مناصب عسكرية رفيعة لعدد من الضباط المنتمين إلى طوائف أخرى، لكن دون أن يُشكِّلوا تهديدا فعليا لحكم الأسد، إذ ظل النفوذ الحقيقي في يد الضباط العلويين، الذين كانوا قادرين على إخماد أي محاولة للتمرد.

ولتوضيح هذا النمط، يستشهد فان دام بعدة أمثلة، منها اللواء ناجي جميل، وهو ضابط سني من دير الزور، الذي تولى قيادة سلاح الجو السوري من نوفمبر/تشرين الثاني 1970 حتى مارس/آذار 1978. ورغم منصبه الرفيع، لم يكن قادرا على استخدام سلاح الجو في مواجهة النظام، نظرا لأن القواعد الجوية الرئيسية كانت تحت سيطرة الضباط العلويين.

وينطبق هذا الأمر أيضا على ضباط سُنة آخرين كان على رأسهم اللواء مصطفى طلاس، الذي عُيِّنَ وزيرا للدفاع في مارس/آذار 1972، واللواء يوسف شكور، الذي شغل منصب رئيس الأركان لاحقا، وهو من الطائفة المسيحية (الروم الأرثوذكس).

ويرى باتريك سيل في كتابه السابق أن دور طلاس على رأس الجيش كان منع حدوث أي انقلاب عسكري على حافظ الأسد، ولعب دور في إحداث توازن عسكري وأمني أمام وحدات الجيش وقوات الأمن والمخابرات الأخرى، ولهذا السبب كان مجرد قطعة شطرنج يحركها الأسد وفقا لمصالحه الخاصة.

وسنرى ذلك واضحا في الدور الذي لعبه طلاس في مجزرة حماة عام 1982 بجوار رفعت الأسد وعلي حيدر وغيرهم من الضباط العلويين المتنفذين والمسيطرين على الجيش والقوات الأمنية، فقد كان طلاس مؤمنا بالحلول الأمنية واستخدام القوة والعنف المطلق لكل معارض لحافظ الأسد.

ففي مقابلة نادرة مع صحيفة "دير شبيغل" الألمانية عام 2005، دافع طلاس عن الحملة العسكرية الدموية على حماة، قائلا: "استخدمنا السلاح للوصول إلى السلطة… وأي شخص يريد انتزاعها منا، عليه أن يأخذها بالقوة"، مشيرا إلى أنه خلال تلك الفترة، كان يُنفَّذ نحو 150 حكما بالإعدام أسبوعيا في دمشق وحدها.

إعلان

كان لطلاس دور مهم أيضا في حماية نظام حافظ الأسد أثناء فترة الغيبوبة التي تعرض لها حافظ عام 1984، ففي تلك الفترة، سعى رفعت الأسد، الشقيق والمزهو بقيادته لقوات "سرايا الدفاع" ذات الأربعين ألف مقاتل بأسلحتهم الخفيفة والثقيلة، إلى تعزيز نفوذه والسيطرة على السلطة من خلال إجراء انقلاب أبيض، مستغلا مرض أخيه.

طلاس يورث السلطة لبشار!

في مذكراته الآنفة، يرسم مصطفى طلاس صورة الحامي لحافظ الأسد، والمدافع المخلص له، فتحت عنوان "ثلاثة أسابيع هزت دمشق"، ينقل طلاس عن رفعت الأسد قوله لحافظ الأسد بعد جلسة مصالحة بينهما: "أقسم لك بالله لولا العماد مصطفى طلاس، كل جماعتك في الأركان لا يساوون فرنك… كان الوحيد المستعد للقتال".

وكان لطلاس العديد من المواقف المثيرة للجدل على المستوى الإقليمي، فقد كان يصف الرئيس المصري الأسبق أنور السادات بالخائن، لأنه في زعمه أراد أن يجنّده لصالحه وقد رفض ذلك، وربما كان من الذين حرضوا حافظ الأسد على إسقاط طائرة السادات حين جاء دمشق ليخبره بعزمه السفر إلى القدس للصلح مع إسرائيل، كما اشتهر عنه سبّه الشهير للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات للموقف ذاته.

وبالنظر إلى الفراغ الذي خلّفته سنواته الطويلة في وزارة الدفاع، ولتأكيد استنتاج نيكولاس فان دام وغيره من الباحثين في التاريخ السوري المعاصر بأن طلاس كان مجرد واجه سُنية تُستخدم لاعتبارات حفظ السلطة بيد العلويين، توجّه طلاس إلى مجال التأليف والنشر، فأسس دار نشر حملت اسمه، وأصدر من خلالها العديد من أعماله البارزة، كان من بينها مذكراته الشخصية "مرآة حياتي"، وكتاب "تاريخ الثورة العربية الكبرى"، و"الرسول العربي"، بالإضافة إلى "تأبين نزار قباني"، ولعل أشهر أعماله وأوسعها انتشارا كان كتابه عن "فن الطبخ".

في كتابه "الرواية المفقودة"، يستعرض نائب رئيس الجمهورية ووزير الخارجية الأسبق فاروق الشرع وقائع العاشر من يونيو/حزيران عام 2000، حيث زار بيت الرئيس ليجد وفق إيماءة من اللواء آصف شوكت أن "جثمان الرئيس (حافظ الأسد) مسجى في الغرفة المجاورة".

إعلان

وفي هذا السياق، يشير الشرع إلى الدور الذي لعبه مصطفى طلاس في ترتيبات انتقال السلطة، قائلا: "لم يتساءل أيٌّ منا في جلسة حزينة كيف حدثت الوفاة المفاجئة، لكن العماد مصطفى طلاس كسر الصمت، واقترح مباشرة تعديل الدستور كي يتمكن الدكتور بشار من تولي الرئاسة. وتابع بأنّ التعديل المقترح يتطلب إبلاغ رئيس مجلس الشعب عبد القادر قدورة لعقد جلسة طارئة لهذا الغرض".

ومنذ اندلاع الثورة السورية في مارس/آذار 2011، التزم مصطفى طلاس الصمت حيالها، فلم يعلن موقفا واضحا، ولم يوجّه أي انتقادات لمجازر النظام، مفضلا مغادرة سوريا والاستقرار في فرنسا مع أسرته، وسنجد من بين أبنائه الأكثر شهرة مناف طلاس، الذي كان قائدا للواء 104 في الحرس الجمهوري قبل أن ينشق عن النظام في يوليو/تموز 2012، حيث فرّ إلى تركيا، ومنها توجّه لاحقا إلى فرنسا.

وقد تباينت الروايات بشأن الدوافع الحقيقية لانشقاق مناف، فبينما أشارت بعض المصادر إلى أن قراره جاء احتجاجا على الحملة العسكرية العنيفة ضد مسقط رأسه، بلدة الرستن، رجحت مصادر أخرى أن القطيعة بينه وبين النظام بدأت خلال العملية العسكرية على حي بابا عمرو في حمص، بين فبراير/شباط ومارس/آذار 2012، حين رفض قيادة الوحدة التي شنّت الهجوم على الحي وسيطرت عليه لاحقا.

بعد حياة طويلة قضاها في خدمة آل الأسد، وفي 27 يونيو/حزيران 2017، توفي مصطفى طلاس عن عمر ناهز 85 عاما في مستشفى أفيسين قرب باريس، ليكون إحدى أهم الشخصيات التي لعبت دورا في إرعاب الشعب السوري في العقود الخمسة الأخيرة!

مقالات مشابهة

  • الاتحاد المصري للتأمين: حماية الأسرة خط دفاع أول ضد الأزمات المالية المفاجئة
  • التعديل الحكومي في اليونان.. الوزراء الجدد يؤدون اليمين وبدء تنفيذ الأولويات
  • قمة القاهرة وندوة القوات المسلحة.. نشاط الرئيس السيسي خلال النصف الأول من مارس (فيديو)
  • مصطفى طلاس.. قصة وزير دفاع الأسد الذي أرعب السوريين
  • تصريحات لـ وزير النفط في حكومة عدن تشعل وسائل التواصل الاجتماعي
  • أشرف عبدالغني: رسائل الرئيس السيسي خلال زيارة الأكاديمية العسكرية طمأنت الشعب المصري
  • السيسي يتابع مع القوات المسلحة مهام دعم ركائز الأمن القومي المصري
  • السيسي يلتقي قادة القوات المسلحة بحضور وزير الدفاع
  • القاهرة تجدد مطالبتها بانسحاب القوات الأجنبية من ليبيا
  • صحيفة “نيويورك تايمز”: اليمن قد يمتلك عنصر المفاجأة ضد القوات الأمريكية أو الإسرائيلية