كيف يهدّد التغيّر المناخي الزراعة؟
تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT
من القرن الإفريقي إلى الأرجنتين، تتسبب موجات الجفاف والحرارة في معاناة البشر والحيوان والنبات: تفاقم التغيّرات المناخية التهديدات التي تتعرض لها المحاصيل الزراعية في العالم، حتى في المناطق التي كانت تُعتبر معتدلة سابقًا.
وليس هناك أي قارّة بمنأى من ذلك. أدى الجفاف دورا في زوال حضارة بأكملها، عندما سرّع سقوط الإمبراطورية الحِيثِّية التي كان موقعها في هضبة الأناضول في القرن الثاني عشر قبل الميلاد، وفق دراسة حديثة نشرتها مجلة «نايتشر» البريطانية.
والزراعة التي تمثّل 23% من انبعاثات غازات الدفيئة في العالم (جراء تربية الماشية واستخدام الأسمدة)، هي واحدة من أولى ضحايا الاحترار المناخي.
ويؤدي الاحترار إلى زيادة عدد موجات الجفاف وإطالة مدّتها، على غرار الموجة القياسية التي تشهدها منذ نهاية عام 2020 منطقة القرن الإفريقي، حيث أدى ارتفاع درجات الحرارة إلى نفوق الملايين من رؤوس الماشية وأصبح 23 مليون شخص مهددين بالجوع، وفق الأمم المتحدة.
في المجمل، يعيش أكثر من ثلاثة مليارات شخص في بيئة «شديدة التأثر» بتغير المناخ.
ويؤدي هذا التغيير أيضًا إلى زيادة حالات هطول الأمطار الغزيرة، مع ما يترتب على ذلك من عواقب مدمرة: تدمير المحاصيل، واستحالة البَذر أو الحصاد، وتفاقم تآكل التربة مع جرف الفيضانات طبقاتها العليا الخصبة. ولوحظ حدوث هذه الظواهر في السنوات الأخيرة في باكستان وأستراليا.
وتُضاف إلى ذلك الظاهرتان المناخيتان «إل نينيو» و «إل نينيا»، المتكررتان لكن غير المنتظمتين، واللتان تزيدان من حدة الجفاف في إندونيسيا (أول منتج لزيت النخيل في العالم) وفي الأرجنتين (من أبرز الدول المصدّرة للذرة)، وتؤثران على الرياح الموسمية في الهند، الأساسية في الدولة الأكثر تعدادًا للسكان في العالم، وتفاقمان الأعاصير.
-ويؤكد المدير العلمي لقسم البيئة في المعهد الوطني الفرنسي للبحوث الزراعية (Inrae) تييري كاكيه الذي يعمل على تكييف الزراعة مع التغيّر المناخي، أن «إذا كان هناك نقص في المياه في وقت الإنبات - أو نمو النبات - أو قبل الإزهار مباشرة، فسيكون لذلك تأثير كبير على إنتاج الحبوب». ويضيف أن «ارتفاع درجة الحرارة، مع أو بدون مياه، سيعزز ظاهرة توقف امتلاء الحبوب».
ويوضح أنه من الناحية التخطيطية، سيكون للمياه تأثير على كمية السنابل وتاليا حجم المحصول، ولدرجة الحرارة تأثير على جودتها ومعدل امتلاء الحبوب.
ويؤدي نقص المياه أيضا إلى نقص الأعلاف. فقد تخلى المزارعون الكاتالونيون عن زراعتها في أبريل الماضي في وقت كانت تعاني فيه إسبانيا من جفاف تاريخي.
ويؤدي جفاف نقاط تدفّق المياه ونقص العشب بشكل منتظم إلى القضاء على القطعان في منطقة الساحل والقرن الإفريقي. وحتى في المناطق التي تتمتع بطقس معتدل، مثل تونس وفرنسا، ينخفض إنتاج سلالات الألبان بسبب درجات الحرارة المرتفعة.
ويشرح كاكيه أن «الحيوانات المجترّة، التي تسخن أمعاؤها أثناء التخمير، حساسة بشكل خاص»، مشيرًا إلى أن «ذروة الحرارة البالغة 40 درجة مئوية يمكن أن تقتل بقرة».
ويتمّ توفير 60% من الأغذية في العالم من خلال الزراعة البعلية، فيما يتمّ تأمين الباقي من الزراعة المروية.
ومع ظاهرة الاحترار المناخي، يزداد الطلب على الريّ: تحتاج المحاصيل إلى مزيد من المياه لأنها تفقد أكثر من خلال التبخر.
ويقدر فقدان المحصول الزراعي بسبب الجفاف بنسبة 25% بين عامي 1961 و2006، بحسب الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (فبراير 2022).
وبحلول الفترة الممتدة من 2071 إلى 2100، إذا ارتفعت حرارة الكوكب بمقدار 1,5 إلى 2 درجة مئوية، فإن هذه الخسارة المرتبطة بالجفاف ستزيد بنسبة 9 إلى 12% للقمح وأكثر من 18% للأرز، مقارنة بفترة 1961-2016.
الحلول موجودة وهي وقف الزحف العمراني والإدارة المحسّنة والمستدامة للغابات والحفاظ على النظم البيئية ذات القدرة العالية على تخزين الكربون مثل الأراضي الخثيّة وتطوير الزراعة الإيكولوجية.
لكن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ تحذر أيضًا من «سوء التكيف»، مؤكدة على سبيل المثال أن «الإفراط في استخراج» المياه بغرض تخزينها لري المناطق القاحلة، يمكن أن «يؤدي إلى استنزاف المياه الجوفية»، الأمر الذي ستكون له آثار ضارة على المدى المتوسط.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی العالم
إقرأ أيضاً:
بيع أغلى عملة أمريكية غير ذهبية بملايين الدولارات.. ما سرها المذهل؟
عملة صغيرة بحجم نيكل رأس الحربة، قيمتها الفضية لا تتعدى 1.3 دولار، لكنها أذهلت العالم حين بيعت في مزادٍ علني بسعرٍ تجاوز 2.5 مليون دولار، فكيف تحولت قطعة نقدية تعود إلى القرن الـ17 إلى كنزٍ تاريخي؟ ومن صاحب الحظ الذي اكتشفها بعد قرونٍ في خزانةٍ قديمةٍ؟
سك العملة الفضية في القرن الـ 17
يعود تاريخ سك هذه العملة الفضية، إلى القرن الـ17، أي قبل تأسيس الولايات المتحدة الأمريكية، وتحديدًا في عام 1652 في بوسطن، عقب افتتاح أول مؤسسة سك العملات في المستعمرة البريطانية هناك بأسابيع قليلة، وكانت تبلغ قيمتها آنذاك 3 بنسات، وظهر عليها ختم في جانب واحد بالحرفين NE للدلالة على أنّها صُنعت في «نيو إنجلاند»، وفق بيان أصدره معرض «ستاكس باورز» الذي نظم المزاد.
سعر العملة الفضيةعندما عُرضت العملة الفضية في سوق المزادات، أقبّل الكثيرون من محبي اقتناء العملات النادرة على شرائها وخاصة أنّها ترتبط بالتاريخ الأمريكي، وبيعت بسعر قياسي بلغ 2.52 مليون دولار؛ لتكون بذلك أغلى عملة أمريكية غير ذهبية تم سكها قبل تأسيس دار سك العملات الأمريكية، حسبما ذكر موقع «صحيفة نيويورك بوست».
ويرجع تاريخ اكتشاف تلك العملة النادرة إلى العام 2016، إذ عثر عليها أحد الأشخاص بخزانة قديمة في هولندا، وكانت توضع في صندوق من الورق المقوي خُط عليه: «رمز فضي غير معروف، من عائلة كوينسي ب. ما. ديسمبر 1798»، ولم يكن أحدًا يعلم وقتها القيمة التاريخية لها، حتى تم إجراء بحث مكثف حولها، من قبل خدمة تصنيف العملات المعدنية المهنية PCGS، وهي هيئة مستقلة تصنف العملات النادرة.