الجيش السوداني ينسحب من "ود مدني" مع فرار المدنيين
تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT
قال الجيش السوداني، أمس الثلاثاء، إن قواته انسحبت من مواقع في ود مدني، بعد أن أدى دخول قوات الدعم السريع المنافسة المدينة إلى نزوح جماعي للمدنيين، الذين كان بعضهم قد نزح بالفعل خلال الحرب المستمرة منذ 8 أشهر.
وحققت قوات الدعم السريع شبه العسكرية تقدماً في الأسابيع القليلة الماضية، إذ عززت قبضتها على إقليم دارفور الشاسع، وسيطرت على أراض جديدة تمتد شرقاً نحو العاصمة الخرطوم.
وتبعد ود مدني نحو 170 كيلومتراً جنوب شرقي العاصمة الخرطوم، وهي مركز مساعدات وملجأ للنازحين داخلياً. كما أنها عاصمة ولاية الجزيرة، وهي منطقة زراعية مهمة، في بلد يواجه تفاقم الجوع.
وقالت المنظمة الدولية للهجرة، الإثنين، إن دخول قوات الدعم السريع إلى المدينة أدى إلى فرار قرابة 300 ألف شخص من المنطقة.
The United Nations raised the alarm Tuesday over fighting between Sudan's army and paramilitary forces that is raging near the country's former safe haven of Wad Madani, where the population has swelled to more than 700,000
???????? ➡️ https://t.co/BEZ5l5Fx2v pic.twitter.com/5zs6Ahf4I6
وظهر في مقطع مصور نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي، أمس الثلاثاء، ما بدا أنه مبنى إداري كبير في ود مدني وهو يحترق، وقال أحد مقاتلي قوات الدعم السريع إنه بنك قصفه الجيش. وأظهر مقطع آخر مقاتلي قوات الدعم السريع في مخزن مليء بالأسلحة والذخائر، ولم يتم التحقق من صحة مقاطع الفيديو.
وقال أحد أهالي ود مدني يدعى أحمد عادل للوكالة عبر الهاتف إن "قوات الدعم السريع منتشرة في شوارع المدينة على متن شاحنات ودراجات نارية، وتطلق النار احتفالاً، فيما تقصف طائرات الجيش بعض الأحياء"، وأضاف "الناس في حالة خوف وذعر، ويفرون بأعداد كبيرة".
وتسيطر قوات الدعم السريع، وهي قوة خرجت من رحم الميليشيات التي نشرها الجيش قبل عقدين من الزمن لقمع التمرد في دارفور، على معظم أنحاء الخرطوم منذ الأيام الأولى للحرب. ويسيطر الجيش الذي يملك طائرات، ولكن القليل من قوات المشاة، على شرق السودان وشماله، مما يثير مخاوف من احتمال تفكك ثالث أكبر دولة أفريقية من حيث المساحة.
غارات على دارفورويقول السكان إن الغارات الجوية للجيش تسببت في سقوط ضحايا مدنيين على نطاق واسع. وقالت وزارة الخارجية الأمريكية، أمس الثلاثاء، إنها تشعر بقلق بالغ إزاء التقارير التي أفادت بأن طائرات الجيش تقصف مناطق مأهولة بالسكان في شمال دارفور وجنوبه.
وقال الجيش في بيان إنه يحقق في أسباب انسحاب قواته من ود مدني. وقالت قوات الدعم السريع، المتهمة بارتكاب أعمال نهب واعتقالات وعنف جنسي على نطاق واسع في الخرطوم ومدن أخرى، إنها ستوفر الحماية والخدمات الأساسية للمدنيين في ود مدني.
واندلعت الحرب في السودان في منتصف أبريل (نيسان) الماضي، بعد توتر على مدى أسابيع بشأن صلاحيات الجيش وقوات الدعم السريع، في ظل خطة انتقالية نحو الحكم المدني. وتقاسم الجيش وقوات الدعم السريع السلطة مع الأحزاب السياسية في أعقاب الانتفاضة الشعبية عام 2019، قبل القيام بانقلاب مشترك في 2021.
وحوّل الصراع الخرطوم إلى منطقة حرب، وأثار موجة من عمليات القتل لأسباب عرقية في دارفور، وتسبب في أزمة إنسانية كبرى. وقالت المنظمة الدولية للهجرة، أمس الثلاثاء، إن أكثر من 7 ملايين شخص فروا من منازلهم بسبب الحرب، بينهم أكثر من 1.5 مليون عبروا إلى دول مجاورة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل مونديال الأندية الحرب الأوكرانية عام الاستدامة أحداث السودان قوات الدعم السریع أمس الثلاثاء ود مدنی
إقرأ أيضاً:
أين تقف .. مع مليشيات الجيش أم مليشيا الدعم السريع؟
طلعت محمد الطيب
رأينا ومنذ بدء هذه الحرب القذرة كيف ظل إعلام الفلول يثابر في إلصاق تهمة إنحياز تنسيقية تقدم إلي قوات الدعم السريع وإتهامها بأنها جناح سياسي له، ولكن دون تقديم حجج مقنعة.
الواقع ان تقدم وغيرها من قوي سياسية ومدنية وافراد ومنظمات تبذل ما تستطيع من جهد لوقف العدائيات وعودة الفريقين إلي طاولة المفاوضات. هذا المقال لا يهدف إلى مناقشة هذا الأمر، بل هو محاولة لتقديم رؤية أقرب لواقع الوجدان السوداني تجاه الفريقين المتحاربين وهي حرب نعلم جميعا إن الوطن والمواطن هو من يدفع تكلفتها الباهظة جدا ويسعى كل العقلاء إلى إيقافها، بل يتوق الناس إلى العودة لحياتهم الطبيعية قبل الحرب رغم ما كان بها من معاناة وشقاء.
حتي نفهم مشاعر الناس تجاه الفريقين المتقاتلين لا بد من الاستعانة بنظرية التطور والحداثة الثانية (استخدمها في مقابل الحداثة الاولي)، لأنها تبنت موقف يرتكز علي حقيقة أن المعرفة ثنائية وهي معرفة العقل مقابل الفطرة. والاستعانة بالتطور لا علاقة له بالقضايا الوجودية الكبري مثل الإيمان والإلحاد بل إنها استعانة ذات طابع معرفي أو ابستمولوجي ودليلي علي ذلك هو وقوف العديد من الدعاة الإسلاميين بحماس شديد مع نظرية التطور بحكم ان العلم الحديث والحفريات ظلت تؤكد صحتها في مجملها. هناك مثلا الشيخ عدنان ابراهيم في أوروبا وهناك عبد الصبور شاهين في مصر وهو للمفارقة كان ممن قدموا دعوة ضد الكاتب الراحل نصر حامد أبو زيد يكفره فيها ويؤيد ضرورة التفريق بينه وبين زوجته!.
بل حتي رموز الإسلام السياسى من أمثال القرضاوي كان قد صرح في لقاء تلفزيوني شهير فيما يتعلق بنظرية التطور، أنه علي إستعداد لإعادة تأويل النصوص الدينية لتستوعب نظرية التطور. وقبل ذلك كان الشهيد محمود محمد طه له موقف واضح مؤيد لنظرية تشارلز داروين بمعني أن أبو البشرية آدم كان له اب وام.
التطور يعني أن اسلاف الإنسان عاشوا ملايين السنين قبل ان يظهر الإنسان بشكله الحديث قبل عشرات الالاف إلي مائة الف سنة تقريبا. ومن المعروف أن غرائز الإنسان تطورت لتعزيز تناسله وتطوره وانطبعت تلك الغرائز في تلافيف الدماغ وهي قوية جدا لأنها ارتبطت ببقاء الإنسان. ومن المعروف ايضا أن الإنسان كان قد عاش آلاف السنين في مجموعات صغيرة ومن الغرائز القوية لديه هي غريزة الانتماء لمجموعته وحمايتها لأن في ذلك حماية لنفسه ولذلك أصبحت غريزة ( نحن) ضد ( الآخرين ) لحماية أنفسنا منهم ، قوية جدا ، بحيث لا يقل تاثيرها علي سلوك الإنسان عن غرائزه الجنسية والبيولوجية الأخري.
تطور العقل بمعني السببية والمنطق كان تطورا لاحقا وبطيئا في مقابل الفطرة intuition حتي ان أحدهم قال أن نمو ريش الطيور بعد أن تطورت من الزواحف كان بغرض التدفئة وليس الطيران وإن الطيران جاء عرضا. عقل الإنسان لانه مازال ضعيفا واسيرا لفطرته الحيوانيه يحتاج إلي روافع مثل المؤسسات والقيم وكل ما شانه تعزيز وترقية التفكير الجماعي. وقد شبه عالم النفس الامريكي الشهير جوناثان هيدت العقل براكب الفيل، والفيل في هذه الحالة هي الفطرة، وإنت لا تملك سوي توجيه ذلك الفيل الضخم إلي الوجهات الصحيحة ولا يمكنك تجاهله لانه سيكون من يقودك في هذه الحالة. مشكلة الحداثة الاولي إنها اعتقدت بقدرة العقل علي السيادة بل تحول دعاتها حتي إلي شئ شبيه ب " عبادة السبب" وهذا ما فعله الناس اثناء الثورة الفرنسية حينما دخلوا إحدى كاتدرائيات باريس وقاموا بتكسير تصاوير العذراء والسيد المسيح وكل الرموز الدينية واستبدلوها بشعارات تمجد السبب reason والعقل.
مع أن الواقع يقول أن القيم الدينية وكل القيم الإنسانية هي ضالة المجتمعات الإنسانية التي تسعى إلي الإستقرار والاحساس بالأمان والسعادة.
غريزة ( نحن) و( هم) هي المتحكمة بقوة الآن في الشهد السوداني، فهناك من يميل وجدانه إلى تأييد مليشيات الجيش لانه ينتمى إلي مجموعات وسط وشمال السودان المهدد ب ( الآخر) او حتي وهم إفتراض قومية الجيش رغم ان كل الدلائل تشير وبقوة الي غير ذلك. هناك من يقف مع قوات الدعم السريع ايضا بحكم الانتماء الجغرافي لغرب السودان وهناك من ينطلق من الانتماء إلي( قبيلته الايديولوجية ) في انحيازه إلي هذا الفريق أو ذاك .
ولذلك علينا أن نساعد عقلنا علي التحكم في ( فيل المعرفة الفطرية ) وتوجيهها إلي الطريق الصحيح ، طريق التفاوض من اجل السلام والامن والتفاهم والاستقرار.
talaat1706@gmail.com