تحليل: هل تنجح واشنطن في قيادة تحالف دولي لحماية التجارة العالمية على البحر الأحمر؟
تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT
(عدن الغد)خاص:
أمريكا تقود تحالفا دوليا باسم "عملية حارس الازدهار" في البحر الأحمر ردا على هجمات الحوثيين
ما الموقف المصري الرسمي من العملية العسكرية التي أطلقتها أمريكا؟
ما مدى تؤثر قناة السويس بهجمات الحوثيين على البحر الأحمر؟
ما أثر هجمات الحوثيين على ارتفاع أسعار النفط وتكاليف التأمين؟
هل هناك علاقة بين خفض روسيا لصادراتها من النفط الذي يتزامن مع استمرار هجمات الحوثيين على سفن النفط في البحر الأحمر؟
(عدن الغد) القسم السياسي:
أعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، أمس الأول الإثنين، عن إطلاق عملية متعددة الجنسيات لحماية التجارة في البحر الأحمر في أعقاب سلسلة من الهجمات الصاروخية وبطائرات مسيرة شنها الحوثيون المتحالفون مع إيران في اليمن.
وقال أوستن، الذي يقوم بزيارة إلى البحرين، التي تستضيف الأسطول الأمريكي في الشرق الأوسط، إن الدول المشاركة تشمل بريطانيا والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشيل وإسبانيا، هل وأضاف أنهم سيقومون بدوريات مشتركة في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن.
وأضاف: "هذا تحد دولي يتطلب عملا جماعيا، ولذلك أعلن اليوم عن إطلاق "عملية حارس الازدهار"، وهي مبادرة أمنية مهمة جديدة متعددة الجنسيات".
> مصر لن تنخرط في أي تحالف
من جهة آخرى، كشفت مصادر مصرية مطلعة للعربي الجديد، أن القاهرة "لا تنوي الانخراط في أي تحالف أمني أو عسكري لمواجهة الحوثيين"، مشددة على أن الإدارة المصرية "تتمسك بنهجها في عدم الانخراط في تحالفات، وأن تتبنى رؤية لحل النزاعات والأزمات عبر التواصل مع أطرافها المختلفة"، مؤكدا أن القاهرة "تكتفي في هذا الإطار بدورها في القوة المشتركة 153 المعنية بمهام أمنية في البحر الأحمر، التي تولت قيادتها في ديسمبر/ كانون الأول 2022، قبل أن تنتقل القيادة إلى الولايات المتحدة في يونيو/ حزيران الماضي".
وكشف عن التوجهات الرئيسية لمصر بشأن التعامل مع المخاوف المتعلقة بعمل قناة السويس، مشيراً إلى أن هناك اتصالات متواصلة بين مصر وإيران من جهة، وبين مصر وجماعة الحوثي من جهة أخرى. ولفت إلى أن الاتصالات تتم عبر قنوات أمنية بين مصر وجماعة الحوثي منذ فترة ليست بالقصيرة، وأن تلك القنوات قد نشأت بالأساس بهدف ضمان أمن الملاحة في البحر الأحمر بشكل عام، حتى لا تتأثر حركة الملاحة في قناة السويس.
> مصر وجماعة الحوثي
وأوضح المصدر المصري (للعربي الجديد) أن "اتصالات جرت بين مسؤولين في جهاز المخابرات العامة الذي يتولى ملف التواصل، وجماعة الحوثي، جرى خلالها التأكيد على مساعي مصر لتخفيف حدة الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، والعمل على إدخال أكبر قدر ممكن من المساعدات، من خلال إدارة الاتصالات مع الجانب الإسرائيلي، وهو ما يخدم الأهداف الحوثية التي أعلنت من أجلها استهداف السفن في المنطقة".
وأكد المصدر أنه "حتى الآن، لم تتضرر حركة الملاحة في القناة بشكل يتسبّب بالقلق لمصر"، مضيفاً أن القاهرة "تلقت إفادات من أطراف محسوبة على محور المقاومة، تؤكد دقة المعلومات التي تتحرك على أساسها قوات الحوثي لاستهداف السفن العابرة قبالة السواحل اليمنية، والتأكد تماماً من كونها متوجهة إلى ميناء إيلات في إسرائيل"، مشيراً إلى أن "المسار الذي تعد قناة السويس الجزء الرئيسي فيه، غير مستهدف نسبياً من قبل الحوثيين".
وتتمثل مهام القوة المشتركة 153 في مكافحة أعمال التهريب، والتصدي للأنشطة غير المشروعة في مناطق البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن.
وتعد جزءاً من القوة البحرية المشتركة، التي تأسست في العام 2002 لمواجهة تهديد "الإرهاب الدولي" بتعاون بين 12 دولة، قبل أن تتوسع لاحقاً لتؤسس فرقة العمل المشتركة "153" في 17 إبريل/ نيسان 2022، التي تختص بالأمن البحري في البحر الأحمر وخليج عدن، وتضم في عضويتها 39 عضواً وتتخذ من البحرين مقراً لها.
وقلل أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، عصام عبد الشافي، من "تأثير الأحداث في البحر الأحمر على العلاقة بين مصر والحوثيين". وقال في حديث لـ "العربي الجديد": "بالنسبة للعلاقة ما بين مصر والحوثيين في ظل التوتر في البحر الأحمر، لا أعتقد أن مثل هذا الأحداث تؤثر على العلاقة بين الطرفين، إذا كانت هناك علاقة رسمية من الأساس".
> ورقة مصرية في البحر الأحمر
وأضاف عبد الشافي أن "هذه الأحداث يمكن أيضاً أن تكون ورقة تراهن عليها مصر في تعزيز علاقاتها الإقليمية والدولية، كما أن هذه العمليات من ناحية ثانية يمكن أن تعزز من فرص وحظوظ النظام المصري في علاقاته مع دول الخليج، خصوصاً الإمارات والسعودية، في ظل أن مثل هذه الهجمات واستمرارها، هي نوع من أنواع تعزيز القوة العسكرية للحوثي.
وهذا ما يدفع هذه الدول إلى تعزيز علاقاتها مع النظام في مصر، على اعتبار أنها حتى هذه اللحظة تراهن على أن مصر يمكن أن تكون ورقة من أوراق حفظ السلم والأمن في المنطقة وتعزيز قدرات هذه الدول".
وتابع عبد الشافي: "من ناحية ثانية، مصر لم تظهر حرصاً شديداً على علاقاتها مع إيران والقوى والأطراف المرتبطة بها إقليمياً، ولذلك لا أعتقد أنه يعنيها بأي حال من الأحوال أن تصدر في وسائل الإعلام الرسمية أو عبر متحدثين رسميين أو عبر الوسائل الدبلوماسية، بيانات منددة بما يقوم به الحوثي، وكون ذلك يؤثر على حركة الملاحة الدولية، لأنه يمكن أن يصب في صالح باقي الأطراف بما فيها إيران".
ويأتي هذا في وقت كشف فيه المتحدث باسم جماعة الحوثي، محمد عبد السلام، عن وساطة عمانية بشأن عمليات الحوثيين في البحرين الأحمر والعربي.
وقال عبدالسلام في منشور على حساباته بمواقع التواصل الاجتماعي: "برعاية الأشقاء في سلطنة عمان يستمر التواصل والنقاش مع عدد من الأطراف الدولية بشأن عمليات البحر الأحمر والبحر العربي".
وأضاف: "أكدنا للجميع أن عمليات اليمن هي لمساندة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وأنه لا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي إزاء ما يتعرض له القطاع من عدوان وحصار حيث لا غذاء ولا دواء وحتى المياه الصالحة للشرب أقدم كيان العدو على قطعها".
وتابع: "في مختلف اللقاءات جرى التأكيد أن موقف اليمن مع غزة غير خاضع للمساومة، وأن سفن العدو أو تلك المتوجهة إلى موانئه ستبقى عرضةً للاستهداف حتى وقف العدوان ورفع الحصار عن غزة، وتدفق المساعدات الإنسانية بشكل مستمر إلى القطاع".
> ارتفاع أسعار النفط
وفي نفس السياق، ارتفعت أسعار النفط 1 % تقريبا في التعاملات الآسيوية المبكرة أمس الأول الاثنين مدعومة بانخفاض الصادرات من روسيا وزيادة المخاوف من انقطاع الإمدادات جراء هجمات الحوثيين على سفن في البحر الأحمر.
وقال توني سيكامور محلل السوق لدى آي جي ماركتس "ساهم الطقس السيئ في روسيا في الافتتاح الأقوى (ارتفاع الأسعار)، وكذلك هجوم الحوثيين على السفن القريبة من اليمن".
وقالت روسيا الأحد الماضي إنها ستزيد من خفض الصادرات في ديسمبر كانون الأول بمقدار 50 ألف برميل يوميا أو أكثر، قبل الموعد الذي كانت قد تعهدت به، وذلك في الوقت الذي يحاول فيه أكبر مصدرين للنفط في العالم دعم الأسعار العالمية.
> توقيف خطوط ملاحية جديدة
قال رئيس مجلس إدارة اتحاد غرف الملاحة العربية، ورئيس غرفة ملاحة الإسكندرية، محمد مصيلحي، إن مجموعة الشحن الفرنسية "سي إم إيه - سي جي إم"، والخط الملاحي الصيني "يانغ مينغ" أعلنا السبت الماضي عن وقف جميع شحنات الحاويات الخاصة بهما عبر البحر الأحمر في أعقاب الهجمات الأخيرة على سفن تجارية في المنطقة.
أوضح مصيلحي لـ "العربية Business"، أن وقف الشحن عبر الخطين الفرنسي والصيني، بالإضافة إلى وقف عملاق الشحن الألماني "ميرسك" و"الألماني "هاباغ لويد"، يوم الجمعة الماضي سيشكل صعوبة شديدة على حركة الملاحة التجارية.
وتابع مصيلحي: "استهداف السفن في البحر الأحمر، يؤثر على حركة التجارة العالمية، والأمر له بعد سياسي وأتوقع أن ينتهي الأمر سريعًا"، موضحا أن الوضع سيؤثر بالتأكيد على تكاليف الشحن من خلال عامل مخاطر الحروب، وهو ما سيؤثر على حركة التجارة العالمية التي ستتأثر تكاليفها بالتأكيد، واستمراره يعني أن كل خط ملاحي سيضع تكاليف إضافية على نولون الشحن الخاص به، مضيفا أن تصرفات الحوثيين سترفع من توقعات التوتر في العام المقبل، على خلفية الحروب في المناطق المختلفة من العالم مثل "غرة وإسرائيل" و "روسيا وأوكرانيا".
من جانبه، قال وكيل الخط الملاحي "ماهوني"، أحمد العقاد، لـ "العربية Business"، إن ما يحدث بالتأكيد له تأثير سلبي على حركة التجارة واقتصاديات النقل وسلاسل الإمداد والتوريد بشكل مباشر، خاصة إذا طال الوضع لما بعد يوم 18 من ديسمبر الجاري وفق ما أعلنته "هاباغ لويد"، موضحا أنه إذا طالت فترة الامتناع عن الإبحار عبر البحر الأحمر وعدم خلق حلول بديلة، سيتأثر وضع الشحن بالكامل، وستتأثر سلبًا حركة إمداد الدول بالواردات على كافة المستويات من المنتجات النهائية والمواد الخام للقطاعات الصناعية لمصر ولكافة الدول المحيطة.
وأضاف: "لا يمكن تحديد نسبة معينة لزيادة نوالين الشحن حاليًا، لكنها ستختلف من شركة لأخرى، خاصة وأن "ميرسك" و "هاباغ لويد" و "سي إم إيه" تستحوذ على قرابة 20 % من حجم المنقولات في السوق العالمية".
وقال مصدر في شركة "ميرسك" لـ "العربية Business"، إن الأمر يتعلق بأمن السفن وطواقمها، بالإضافة إلى البضائع بالتأكيد، وطالما استمرت حالة عدم السلامة لا يمكن الإبحار عبر البحر الأحمر ما يدفع السفن للسير عبر طريق أبعد هو "رأس الرجاء الصالح".
وأوضح المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه أن فترة السفر للسفن القادمة من الشرق الأقصى إلى البحر المتوسط ستزيد من 10 إلى 17 يوما، مضيفا أنه لا يمكن الحكم على نسبة التكاليف التي سترتفع على عمليات الشحن في الأيام المقبلة، خاصة وأن أسعار الوقود تختلف من يوم لآخر، بالإضافة إلى أنه لا يمكن الحكم أيضًا على موعد العودة للمرور عبر البحر الأحمر قبل التأكد من السلامة الأمنية.
تابع المصدر: "زيادة التكاليف لا يمكن تحديدها بنسبة معينة حاليًا لأنها ستختلف من دولة إلى أخرى".
من جانبه شدد الخبير السعودي في التجارة الدولية فواز العلمي، في مقابلة مع "العربية Business"، على عدم وجود خيارات أمام أزمة تجنب شركات الشحن العالمية لمضيق باب المندب لأن الالتفاف حول القرن الأفريقي يعني زيادة التكلفة والتأمين على الحاويات المتجهة إلى أوروبا.
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: هجمات الحوثیین على عبر البحر الأحمر فی البحر الأحمر وجماعة الحوثی حرکة الملاحة قناة السویس على حرکة لا یمکن یمکن أن بین مصر إلى أن
إقرأ أيضاً:
بعد خلاف أمريكي-سعودي جديد بشأن اليمن.. الرياض تقدم شرطاً لدخولها بشكل مباشر في معركة الحديدة
الجديد برس|
عاد التوتر الإعلامي بين الولايات المتحدة والسعودية إلى الواجهة، الاثنين، مع تصاعد الخلافات حول من يتولى قيادة المعركة في اليمن، وسط تحشيدات تُنبئ بتصعيد جديد.
جاءت هذه التطورات عقب تقارير أمريكية تفيد باتصالات بين واشنطن وعدة دول عربية حول قضايا البحر الأحمر، بينما كشفت الرياض عن خلافات جوهرية، حيث أشار الخبير العسكري السعودي أحمد الفيفي في تغريدة غامضة إلى أن السعودية تمارس ضغوطاً على الإدارة الأمريكية بورقة “الحديدة”.
وتزامن ذلك مع تقرير نشرته “واشنطن بوست” عن تصريحات المبعوث الأمريكي إلى اليمن، تيم ليندركينغ، حول مقاومة السعودية للضغوط الأمريكية في البحر الأحمر، في إشارة إلى التحالف الأمريكي لحماية المصالح الإسرائيلية.
ويبدو أن السعودية تشترط تدخلاً أمريكياً مباشراً لحسم معركة الحديدة في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة لإبقاء الضغط مقتصراً على الفصائل المحلية للحد من عمليات صنعاء في البحر الأحمر.
وقد رفضت واشنطن سابقاً خطة سعودية قُدّمت عبر رئيس أركان التحالف، صغير بن عزيز، مشيرة إلى عدم استعدادها لدعم التصعيد في ظل الانقسامات الداخلية وغياب استراتيجية واضحة للسيطرة على الحديدة، وسط مخاوف من رد فعل صنعاء الذي قد يهدد آخر معاقل التحالف جنوب اليمن.