الليرة السورية إلى قاع جديد.. هل أخفق المصرف المركزي في السيطرة على سعر الصرف؟
تاريخ النشر: 14th, July 2023 GMT
شمال سوريا- تسارع انهيار الليرة السورية بقدر كبير لتتجاوز للمرة الأولى عتبة 10 آلاف ليرة مقابل الدولار الواحد في العاصمة دمشق ومدينة حلب، وسط انفلات هائل في أسعار السلع والبضائع، ومخاوف الأهالي من الاحتكار وتداعياته.
ويأتي الانخفاض المتسارع بعد استقرار نسبي شهدته الليرة السورية خلال الأسابيع الماضية، قبل أن يكسر سعر الصرف حاجز 9 آلاف ليرة للمرة الأولى يوم 11 مايو/أيار الماضي، ومنذ ذلك الوقت سجلت الليرة صعودا وهبوطا في قيمتها.
ووفق تسلسل زمني، فإن الليرة السورية فقدت 3 آلاف من قيمتها أمام الدولار خلال 7 أشهر، على عكس التوقعات وآمال السوريين بانفراج الوضع الاقتصادي في البلاد تزامنا مع الانفتاح السياسي على دمشق.
ورغم محاولات مصرف سوريا المركزي المستمرة لضبط سعر الصرف، وتدخلاته في السوق عبر تعديلات يومية على نشرة أسعار الحوالات والصرافة، فإن هذه التدخلات لا تبدو ناجعة، وبدا عاجزا عن مجاراة سعر السوق السوداء، وفق مراقبين.
ملاحقة السوق السوداءويقوم المصرف المركزي بتحديد سعر الصرف في نشراته بأسعار تقارب سعر السوق السوداء، بهدف استقطاب الحوالات المالية القادمة من السوريين في الخارج بالعملة الصعبة وجعلها تصب في خزينته.
ويحاول البنك المركزي اللحاق بركب السوق السوداء، وفق المستشار الاقتصادي أسامة القاضي، حتى يغري التجار "لكن هناك دائما فرقا بين سعر البنك وسوق السوداء يتراوح ما بين 500 وألف ليرة، لذلك لم يستطع إقناع التجار بذلك".
ويقول القاضي -في حديث للجزيرة نت- "لا يوجد إيمان لدى التجار بأن البنك المركزي والبنوك الحكومية تسهل أمرهم، إذ يتعرض عديد من رجال الأعمال للابتزاز، عند سحب أموالهم حتى بالعملة السورية، فيضطرون في معظم الأوقات لدفع الرشاوى للحصول على المبلغ الذي يريدونه".
ويضيف القاضي أن المرسوم 3 لعام 2020 -الذي يمنع تداول العملات الأجنبية تحت طائلة السجن- أحد أهم الأسباب لعدم توفر هذه العملات في الداخل السوري.
ورأى المستشار الاقتصادي أنه من الصعب توقع حد أقصى لهبوط الليرة السورية التي انخفضت من 550 ليرة يوم دخلت روسيا إلى سوريا في سبتمبر/أيلول 2015 إلى أكثر من 10 آلاف مقابل الدولار في الوقت الحالي.
احتكار وغلاء السلعوعلى وقع انهيار قيمة الليرة، شهدت أسواق البضائع والسلع ارتفاعا كبيرا في الأسعار، لا سيما المواد الغذائية الأساسية من البيض والحليب والسمن والزيوت، في وقت فقد فيه المواطنون في مناطق سيطرة النظام مزيدا من قدرتهم الشرائية بسبب أجورهم المتدنية.
واشتكى مواطنون من الارتفاع والتفاوت الكبير في أسعار البضائع بين تاجر وآخر، وغلاء المواد الغذائية بشكل يومي، في وقت يرد فيه التجار بأنهم مجبرون على مواكبة سعر الصرف تجنبا للخسارة وشراء البضائع بقيمة أعلى من سعر البيع.
وقال أحمد الحلبي (اسم مستعار) -موظف حكومي بشركة الكهرباء في حلب- إن سعر طبق البيض ولتر الزيت النباتي زاد بنحو 3 آلاف ليرة خلال أقل من أسبوع، "وفي كل يوم هناك سعر جديد وارتفاع".
وأضاف الحلبي -في حديث للجزيرة نت- أن راتبه الشهري بات يعادل نحو 12 دولارا، مؤكدا أنه يعيش على الحوالات المالية التي يرسلها إليه شقيقه من السويد.
لكن المحلل الاقتصادي يونس الكريم حذر من أن التدهور المستمر في قيمة الليرة مقابل الدولار يعمق الاحتكار، لأن كثيرا من التجار يجدون عدم جدوى من الاستيراد، مما يدفعهم لشراء السلع من التجار الذين يديرون عمليات التهريب عبر الحدود.
وقال الكريم -في حديث للجزيرة نت- إن المصرف المركزي لم يعد يمتلك أدوات تدخل تؤثر في السوق، نتيجة نفاد الاحتياطات من العملات الأجنبية، ويرى أن التدهور الحالي هو انعكاس القرارات السياسية التي يتخذها النظام من خلال إصراره على المضي في خصخصة ما تبقى من القطاعات السيادية للدولة السورية.
وعن الحلول المقترحة لتدارك تدهور الليرة، يشير الكريم إلى أن أهمها السماح بتداول الدولار إلى جانب العملة السورية، وهو الأمر الذي يساعد في تأمين العملات الأجنبية بالسوق السورية، وإلغاء لوائح الاستيراد لكسر حلقة الاحتكار، وتأمين السلع واستقرارها مما ينعكس إيجابا على الاقتصاد.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: اللیرة السوریة السوق السوداء سعر الصرف
إقرأ أيضاً:
ما هي السوق السوداء؟.. أسباب ظهورها وتأثيرها على الاقتصاد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
السوق السوداء هي نظام غير قانوني يتم فيه تداول السلع والخدمات بعيدًا عن القنوات الرسمية والتشريعات الحكومية. تظهر هذه السوق عادة نتيجة عوامل متعددة، مثل القيود الحكومية، الضرائب المرتفعة، أو نقص السلع. تُعد السوق السوداء تحديًا خطيرًا يهدد استقرار الاقتصاد الرسمي.
السوق السوداء تُشكل تهديدًا خطيرًا للاقتصاد والمجتمع، لكن يمكن الحد منها من خلال سياسات اقتصادية فعالة ورقابة صارمة وتبرز “البوابة نيوز” كل المعلومات عنها وفقا لمجلة The Economist
أسباب ظهور السوق السوداء:
1. فرض القيود الحكومية
عندما تفرض الحكومات قوانين صارمة مثل تحديد الأسعار أو حظر استيراد بعض السلع، يلجأ الأفراد للسوق السوداء لتلبية احتياجاتهم.
2. زيادة الضرائب والرسوم الجمركية
الضرائب المرتفعة تشجع البعض على تجنب القنوات الرسمية واللجوء للسوق السوداء.
3. نقص السلع الأساسية
في أوقات الأزمات أو الكوارث، يؤدي نقص السلع الأساسية إلى زيادة الطلب على السوق السوداء.
4. التضخم وضعف العملة المحلية
في الدول التي تعاني من التضخم، يُفضل البعض التعامل بالسوق السوداء للحصول على العملات الأجنبية بسعر أفضل.
5. ضعف الرقابة والفساد الإداري
غياب الرقابة الفعّالة ووجود فساد يُسهل انتشار الأسواق غير القانونية.
6. الطلب على السلع المحظورة
انتشار السلع أو الخدمات الممنوعة، مثل المخدرات أو الأسلحة، يعزز نشاط السوق السوداء.
سبب التسمية بـ”السوق السوداء”:
• السواد يرمز إلى السرية: يعكس الطابع غير المعلن لهذه الأنشطة.
• الطابع غير القانوني: الأنشطة التي تتم في السوق السوداء غالبًا ما تخالف القوانين.
• غياب الشفافية: التعاملات تتم بعيدًا عن الرقابة ومعايير السوق العادلة.
أمثلة على السوق السوداء:
• بيع العملات الأجنبية: خاصة في الدول التي تضع قيودًا على تداول العملات.
• المواد الغذائية في الأزمات: تُباع بأسعار مرتفعة خلال الحروب والكوارث.
• تذاكر الفعاليات: تُباع بأسعار مضاعفة عند نفادها رسميًا.
آثار السوق السوداء على الاقتصاد الرسمي:
1. فقدان الإيرادات الحكومية
• التفسير: لا تخضع السلع المتداولة في السوق السوداء للضرائب.
• النتيجة: انخفاض الموارد الحكومية وضعف الخدمات العامة.
2. عدم استقرار الاقتصاد
• التفسير: يؤدي التضخم وغياب التنظيم إلى ارتفاع الأسعار بشكل غير طبيعي.
• النتيجة: زيادة العبء على المواطنين والاقتصاد الرسمي.
3. الإضرار بالشركات الرسمية
• التفسير: تواجه المؤسسات القانونية منافسة غير عادلة من السوق السوداء.
• النتيجة: قد تؤدي هذه المنافسة إلى خسائر وإغلاق العديد من الشركات.
4. ضعف الثقة في السياسات الاقتصادية
• التفسير: تفضيل السوق السوداء على القنوات الرسمية يُضعف ثقة المواطنين بالنظام.
• النتيجة: تفاقم المشكلات الاقتصادية والاجتماعية.
5. تهديد الأمن الاجتماعي
• التفسير: تشمل السوق السوداء أنشطة غير قانونية مثل تجارة الأسلحة.
• النتيجة: تعزيز الجرائم المنظمة وزيادة تهديدات الاستقرار.
6. إضعاف العملة المحلية
• التفسير: تداول العملات الأجنبية في السوق السوداء يقلل من قيمة العملة المحلية.
• النتيجة: ارتفاع التضخم وتدهور الاقتصاد.
كيفية الحد من السوق السوداء:
1. زيادة الإمداد بالسلع
توفير السلع الأساسية لتلبية الطلب والحد من نقصها.
2. تخفيف القيود الحكومية
تخفيف التشريعات التي تُحفز اللجوء للسوق السوداء.
3. خفض الضرائب والرسوم
تقليل الأعباء الضريبية لتشجيع التجارة الرسمية.
4. تعزيز الرقابة وتطبيق القانون
محاربة الفساد وتطبيق القوانين بصرامة.
5. تحفيز الاقتصاد الرسمي
توفير بيئة اقتصادية مناسبة لتشجيع الاستثمار.
6. توعية المجتمع
رفع وعي المواطنين حول أضرار السوق السوداء.
7. إصلاح السياسات النقدية
وضع سياسات تمنع تداول العملات الأجنبية خارج القنوات الرسمية.