شفق نيوز:
2024-11-23@19:24:05 GMT

ليفياثان* الحروب

تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT

ليفياثان* الحروب

لقد أدت ظلال الحرب المظلمة بين حماس وإسرائيل، خارج حدود منطقة الحرب المعلنة، بشكل سلبي إلى عدد من الأحداث وردود الافعال المناهضة للأمن، ليس فقط للإسرائيليين والفلسطينيين، ولكن أيضا للشعوب والأمم والمناطق الجغرافية الأخرى التي لحقها الضرر والخسائر ولم تسلم من آلام ومآسي هذه الحرب.

وإحداها هي الحرب الأوكرانية الروسية، والتي كانت حتى شهرين مضت تعد أكبر تهديد وأزمة في القرن الحادي والعشرين.

وكانت حديث الساعة في الأخبار الساخنة واهتمام العالم الإنساني كله واولى  اولويات الحالات المطروحة على الساحة السياسية العالمية؛ واصبحت الآن مختفية تحت ركام وحرارة وغبار وآثار حرب لا تدور إلا في مساحة ضيقة تبلغ 40 كيلومترا مربعا في الشرق الأوسط. 

وفي الأسابيع الأخيرة، صرح الرئيس الأوكراني فلاديمير زلينسكي في مؤتمر صحفي جمعه ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين للمراسلين والصحفيين في كييف: ان عدم اهتمام العالم بالحرب في بلاده وفقدان الحساسية العالمية تجاهها، في ظل آثار حرب غزة، أمر طبيعي.

إنها قضية مثيرة للاهتمام والتفكير واتخاذ المواقف، بعد توقعات البشرية من النتاج والإنجازات القيمة في التسعينيات وما بعدها، عندما كان العالم يدخل بتفاؤل عصر صانعي السلام والحكم التعددي للسياسيين الديمقراطيين العولميين ويتذوق الحياة الحرة، بعد ثلاثين عاما من التراجع الصادم والتخلف بالنسبة للإنسانية وعالم الديمقراطية، لهي تجربة مريرة ومدمرة ومأساوية. 

إن ما يحدث في غزة يمثل تهديدا خطيرا وقلقا ملحوظا وجديا للشعوب والدول التي لديها قضايا ارض وحقوق وحريات وتتمتع بالحماية السياسية والادارة الذاتية من خلال العمليات الإنسانية للقوى الديمقراطية في العالم.

أولا: فقدان اهتمام العالم وتركيزه على القضايا الإنسانية بسبب انشغال وحساسية الحرب بين حماس وإسرائيل، التي وزعت العالم في حد ذاته الى جبهتين متواجهتين.

ثانيا تحول الامور الى ان تصبح امرا تقليديا وعرفا عاديا بان يتم اعادة احتلال الأراضي وإعادة حل كيانات الحكم الذاتي التي لاتمثل دولة مستقلة والتي حظيت بالحماية من خلال الأمم المتحدة من خلال دعم القوى الديمقراطية العالمية. 

ومن هنا ينبع القلق الكبير من أن توفر هذه الحرب فرصة للأنظمة المركزية والديكتاتورية لإعادة النظر في حرية وحقوق ووضع هذه الشعوب والقوميات التي لا دولة لها وشبه الحرة التي تتمتع بالحكم الذاتي وحرمانها من المكتسبات والحقوق التي تحصلت عليها.

ان قرار المحكمة العليا في الهند بحل منطقة جامو وكشمير المتمتعة بالحكم الذاتي، يعد دق ناقوس الخطر الأول بان تصبح عرفا لممارسة سياسة احتلال الأراضي وإخضاع الشعوب التي لا دولة لها، وعلاوة على ذلك بدأت بممارسة اعمال معادية للإنسان تتعلق بانتهاك حقوق الأقليات والطرد القسري العنصري.

وخلال الفترة نفسها، أعادت باكستان قسراً ما يقرب من مليون أفغاني إلى بلادهم، في وقت عاش بعضهم في البلاد لأكثر من ثلاثة عقود وكان لديهم وظائفهم وحياتهم الخاصة، حتى دون النظر في المخاطر السياسية المتصورة التي قد يواجهونها في ظل نظام طالبان الديني المتطرف.

تم تنفيذ هذه السيناريوهات في السودان وناجورنو كاراباخ خلال نفس الفترة بحجم مختلف ومبررات مختلفة. ويأتي هذا في ظل اوضاع حسبما تنقل الاخبار تشير الى إن شعب تايوان يشعر بالقلق المستمر إزاء هجوم مفاجئ من قبل الصين لاحتلال هذه الجزيرة.

في العراق ورغم أن كوردستان اقليم يدير نفسه ذاتيا ومستقر دستوريا ضمن إطار الدولة الاتحادية العراقية، إلا أن الحكومة المركزية فرضت حصاراً مالياً على الشعب الكوردي وحرمته من كافة سبل العيش، وحركت المحكمة الاتحادية ضد  هذا الكيان الدستوري.

لقد كانت حرب غزة خطأً خطيراً وغير مدروس، ارتكبه اقليم (لا دولة له) وتحميه عواطف العالم الحر، مما عرض مصير شعب غزة   وإقليمها  وارضها للخطر. وقد يعزز أيضاً فكرة أن نتائج هذه الصراعات ستخلق استراتيجية عالمية جديدة وحكماً جديداً إلى الساحة السياسية يمنح قوى الاحتلال، في المناطق التي لديها مشاكل تحرر قومي ووطني في بلدانها، فرصة مرة أخرى بعد ثلاثة عقود، من التفكير في إعادة الاحتلال  وحرمان الشعوب من إنجازاتها والتراجع في مجال الحرية والديمقراطية.

*ليفياثان:  مخلوق بحري أسطوري، له رأس تنين وجسد أفعى، ورد ذكره في التوراة في أكثر من موضع، وقد استخدمه توماس هوبز عنوانا لكتابه الذائع الصيت في الفلسفة السياسية، والصادر عام 1651 في إنجلترا (المترجم).  

ترجمة: ماجد سوره ميري

المصدر: شفق نيوز

كلمات دلالية: العراق هاكان فيدان تركيا محمد شياع السوداني انتخابات مجالس المحافظات بغداد ديالى نينوى ذي قار ميسان اقليم كوردستان السليمانية اربيل نيجيرفان بارزاني إقليم كوردستان العراق بغداد اربيل تركيا اسعار الدولار روسيا ايران يفغيني بريغوجين اوكرانيا امريكا كرة اليد كرة القدم المنتخب الاولمبي العراقي المنتخب العراقي بطولة الجمهورية الكورد الفيليون الكورد الفيليون خانقين البطاقة الوطنية مطالبات العراق بغداد ذي قار ديالى حادث سير الكورد الفيليون مجلة فيلي عاشوراء شهر تموز مندلي

إقرأ أيضاً:

موجز تاريخ الحرب كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير

"هل علينا أن نتحمل خطيئة قابيل؟! وهل مكتوبٌ في أقدارنا أن نستمر في شن الحرب حتى نُهلِكَ أو نَهلَك؟!

إنها الحرب، امتداد الخطيئة الأولى، لما طوعت لابن آدم نفسه قتل أخيه فقتله، فأصبح من الخاسرين! فهل أصبحت الحرب فعلا تُورّث بين أبناء آدم؟!"

بهذه الكلمات عبرت أراكة عبد العزيز مشوح عن صدور ترجمتها لكتاب "موجز تاريخ الحرب" للمؤرخ العسكري غوين داير، الذي صدر قبل أيام يسيرة عن الشبكة العربية للأبحاث والنشر.

مايكل غوين داير، المولود يوم 17 أبريل/نيسان 1943، مؤرخ عسكري بريطاني كندي ومؤلف وأستاذ وصحفي ومذيع وضابط بحري متقاعد، وقد كان أول ظهور واشتهار له في ثمانينيات القرن الماضي مع إصدار مسلسله التلفزيوني "الحرب" الذي عرض عام 1983، ليردفه بنشر كتاب مصاحب له بالاسم نفسه عام 1985.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2محاكمة "الاستغراب".. قراءات نقدية متعددة لمشروع حسن حنفي الفكريlist 2 of 2المفكر الصادق الفقيه: على العرب استكشاف إستراتيجيات للتغلب على التبعية والتخلفend of list

عاش داير الحروب واقعا وممارسة كما عاشها ودراسة أكاديمية فجمع في فهم الحروب بين المعايشة والتخصص الأكاديمي، فهو الذي ولد في أثناء الحرب العالمية الثانية في سانت جونز لعائلة كاثوليكية أيرلندية، وفي وقت ولادته، كانت المقاطعة دومينيون نيوفاوندلاند، مستعمرة تابعة للتاج البريطاني، ولكن عندما انضمت نيوفاوندلاند إلى كندا يوم 31 مارس/آذار 1949، أصبح مواطنا كنديا بحكم القانون، وحينها انضم داير إلى الاحتياطي البحري الملكي الكندي وهو في سن الـ16، وفي مسارٍ موازٍ حصل على درجة البكالوريوس في التاريخ من جامعة ميموريال في نيوفاوندلاند عام 1963، ودرجة الماجستير في التاريخ العسكري من جامعة رايس في هيوستن، في تكساس عام 1966 ودكتوراه في التاريخ العسكري وتاريخ الشرق الأوسط في كينغز كوليدج لندن عام 1973.

كما أنه خدم في الاحتياطيات البحرية الكندية والأميركية والبريطانية، وتم تعيينه محاضرا أولا في دراسات الحرب في الأكاديمية العسكرية الملكية ساندهيرست ما بين عامي 1973-1977، وكان قد بدأ في عام 1973 كتابة مقالات لصحف لندن الرائدة حول الصراع العربي الإسرائيلي، وسرعان ما قرر التخلي عن الحياة الأكاديمية من أجل مهنة بدوام كامل في الصحافة.

أما كتابه "موجز تاريخ الحرب" الذي أصدره سنة 2021، وصدرت ترجمته للعربية قبل أيام، فإنه يتناول آلية الحرب وكيف تعمل، ويتساءل فيه المؤلف "لماذا نخوضها؟ بل حتى كيف يمكننا إيقافها؟" وعلى الرغم من أن الرأي العام في بعض البلدان كان قد انقلب في النهاية على الحرب، باعتبارها نوعا من أنواع المتاجرة، فإن الدول كلها تقريبا لا تزال تحتفظ بجيش عسكري حتى وإن كانت احتمالات خوضها حربا أمرا مستبعدا بالنسبة إلى غالبيتها.

المؤرخ العسكري "غوين داير" عايش الحروب واقعا وممارسة ودراسة أكاديمية فجمع في فهم الحروب بين المعايشة والتخصص الأكاديمي (غيتي)

على الرغم من أن المؤلف قد أمضى النصف الأول من شبابه وهو يطوف بين جنبات الجيش، فإن كتابه هذا ليس تأريخا عسكريا خالصا بالمعنى المتداول، بل هو دراسة للحرب بصفتها عُرفا وتقليدا متوارثا سائدا بين الناس، ومعضلة وإشكالية أيضا يجب علينا التعامل معها بموضوعية.

يأتي هذا الكتاب في مرحلة حاسمة يعيشها العالم من حرب روسيا وأوكرانيا وثورات الربيع العربي ومؤخرا الحرب الجارية على غزة لبنان، ويقف العالم على فوهة بركانية ويعايش فترة زمنية ربما تكون من أصعب المراحل التي مرت عليه.

وفي الوقت الذي يسرد فيه غوين داير نبذة متسلسلة تبعا للتاريخ عن كيفية نشوء الحرب بين بني البشر غير أنه يعود في بعض الفقرات خطوة إلى الوراء لينظر في شكل الحرب بين الرئيسيات "وهم ثلة من الثدييات تضم القردة والشمبانزي والسعادين والقرود أشباه البشر"، ليقارن بعد ذلك بينهم وبين الإنسان البدائي، على الأخص في أستراليا وغابات الأمازون، من ناحية شكل الحرب والهجوم والدفاع، ومن منهم يستخدم سلاحا في حربه ضد عدوه ومن الذي لا يمتلك إلا يديه سلاحا!

تاريخ النزاعات والحروب

ويمضي المؤلف قدما ليصف شكل المعركة الأولى وكيف تغيرت وكيف تسلحت وكيف كانت حال المقاتلين وعدد القتلى، ويقدم شرحا وافيا لسؤال كيف نشأت المعركة؟ ثم يقسم الحرب إلى تصنيفات مختلفة بحسب التاريخ، كلاسيكية وجماهيرية وشاملة. من بعدها، يبدأ في سرد نبذة عن الحرب النووية والحرب التقليدية وأخيرا الحرب على الإرهاب.

وهذا الكتاب الذي يقدم تحليلا شاملا وعميقا لتاريخ النزاعات، ويساعد القارئ على فهم الأسباب الكامنة وراء نشوب الحروب، وتطوراتها عبر التاريخ، وتأثيراتها المدمرة على المجتمعات، يتوزع على 10 فصول، يدور بعضها حول قضايا نظرية تتناول جذور الحروب ونشوء المعارك والأسباب التي تدفع البشر إلى شنها والأساليب التي نقاتل بها، وتعرض فصول أخرى تاريخ الحروب في تسلسل زمني، بدءا بالحروب الكلاسيكية، وصولا إلى الحروب النووية والشاملة.

داير يتناول في الكتاب بالاستعراض التفصيلي التطور الذي طرأ على التكتيكات والأسلحة المستخدمة في الحروب عبر الزمن (غيتي)

ويوضح داير أن الحروب لم تكن دائما جزءا من التجربة الإنسانية، بل إنها تطورت بوصفها للتنافس والسيطرة، وذلك من خلال تفصيل القول في كيفية بداية النزاعات العسكرية وأسبابها الرئيسية، مثل الصراع على الموارد والأراضي، ثم يناقش المؤلف كيف تغيرت أسباب الحرب مع تطور المجتمعات.

كما يتناول المؤلف بالاستعراض التفصيلي التطور الذي طرأ على التكتيكات والأسلحة المستخدمة في الحروب عبر الزمن، فيبدأ الحديث عن الأسلحة البسيطة في العصور القديمة وصولا إلى التطورات التكنولوجية الحديثة، مثل الأسلحة النووية والطائرات بدون طيار، ويقدم الكاتب تحليلا لتأثيرات هذه التغييرات على طريقة خوض الحروب وأعداد الضحايا وأساليب القتال.

ومما يتوقف عنده المؤلف في كتابه ويتناوله بالاستعراض والنقاش تأثيرات السياسة والدبلوماسية على مسار الحروب، وكيف تُستخدم الحروب أداة لتحقيق الأهداف والغايات السياسية، فالحرب إنما تشتعل لخدمة السياسة، ويبرز داير مسألة الوصول إلى التفاوض والمحادثات الدبلوماسية وأهمية ذلك في إنهاء الصراعات، مستعرضا بعض الاتفاقيات البارزة التي أسهمت في إنهاء بعض الحروب الكبرى.

داير تناول في الكتاب بالنقد والتحليل والتقييم دور القوى العظمى في الحروب وتوجيه النزاعات والتحكم في مساراتها وقطف ثمارها (غيتي) الحروب والمجتمعات

كما يتناول المؤلف بالحديث التحليلي قضية تأثير الحروب على المجتمعات، بما في ذلك الآثار الاقتصادية والسياسية والنفسية، مسلطا الضوء على الكوارث الإنسانية التي خلفتها الحروب، بدءا من الخسائر البشرية وصولا إلى الدمار الاقتصادي والاجتماعي.

ومما يتميز به الكتاب أيضا أن المؤلف تناول بين طياته تأثير الثورة التكنولوجية على طبيعة الحروب الحديثة، مع الأخذ في الاعتبار الحروب القائمة والنزاعات الحالية المتصاعدة والتحديات الجديدة التي يواجهها العالم، مثل الحروب السيبرانية والإرهاب وغيرها.

كما أن داير تناول في الكتاب بالنقد والتحليل والتقييم دور القوى العظمى في صاعة الحروب وتوجيه النزاعات والتحكم في مساراتها وقطف ثمارها.

وفي النهاية، يبقى الموضوع الرئيس للكتاب هو محاولة الإجابة بلغة سلسة وطريقة واضحة وأسلوب سهل عن سؤال: لماذا نخوض الحروب، وكيف نوقفها؟ لأن هذا فعلا ما تحتاج إليه البشرية اليوم لكبح جماح جنونها المتصاعد.

مقالات مشابهة

  • معاناة الشعوب العربية بسبب ويلات الحروب تتصدر مسابقة آفاق بـ«القاهرة السينمائي»
  • مدير «أطفال العالم»: مشاركة 38 دولة في النسخة الحالية من المهرجان
  • الشباب والرياضة تطلق ملتقي أطفال العالم تحت شعار "الفن حياة".. غداً
  • انطلاق أعمال المنتدى الخامس للسلام والأمن في دهوك
  • دراسة: الحروب تلحق أضراراً بالحمض النووي للأطفال
  • الرئيس العراقي: حان الوقت لتعيش شعوب المنطقة بعيدا عن الحروب
  • موجز تاريخ الحرب كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
  • "حُرُوب اليوم".. ليْسَت عَالميَّة
  • ذاكرة الحروب والفيتو
  • حماس تطالب العالم بالتدخل بعد الفيتو الأمريكي ضد قرار وقف النار في غزة