ماذا لو لم تكن التنمية الشاملة التي حققتها الدولة خلال السنوات الماضية؟
تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT
أجابت نسرين الشرقاوي، الباحثة بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، على التساؤل الخاص بـ «ماذا لو لم تكن التنمية الشاملة التي حققتها الدولة خلال السنوات الماضية؟»، موضحة أن صانعي السياسات في الدولة المصرية أدركوا في بنائهم لأعمدة الجمهورية الجديدة الأسباب التي تعوق تحقيق جودة الحياة، منها عدم الوصول إلى الخدمات الأساسية، وانتشار العشوائيات والمناطق غير الآمنة، وجود مخاطر غير محمية مثل السكك الحديدية وخطوط الكهرباء.
وقالت «الشرقاوي»، لـ«الوطن»، إن هذه الأمور جعلت الدولة تعكف خلال العشر سنوات الماضية على وضع رؤية للتنمية المستدامة 2030، والتي نص أول أهدافها على الارتقاء بجودة حياة المواطن المصري وتحسين مستوى معيشته، فعملت خلال العقد الماضي على إقامة المشروع القومي لتطوير قرى الريف المصري «حياة كريمة» الذي يعد حلم الجمهورية الجديدة والذي أحدث نقلة نوعية بالارتقاء بالريف المصري الذي طالما عانى من انعدام المقومات الأساسية.
أنهت «حياة كريمة» عصور التهميش، بحسب وصف نسرين الشرقاوي، في كافة قرى مصر التي ظلت على مدى عقود طي النسيان والإهمال، ولكن في الجمهورية الجديدة بعد ثورة 30 يونيو، حظي الريف المصري باهتمام بالغ، فكان على أجندة اهتمام الدولة المصرية، موضحة أن المبادرة أسهمت ولا تزال في تغيير حياة أكثر من 58 مليون مواطن في الريف المصري إلى الأفضل؛ وتغطي في مرحلتها الأولى أكثر من 4500 قرية، بإجمالي 175 مركزًا في 20 محافظة، من إحداث طفرة شاملة للبنية التحتية، والخدمات الأساسية، والارتقاء بجودة حياة المواطنين.
كما قامت الدولة بتطوير جميع العشوائيات، ووضحت الباحثة بالمركز المصري، أن العيش في العشوائيات أو في القرى الفقيرة والمحرومة ارتبط بخطر أكبر للإصابة بسوء الصحة النفسية، وقد ثبت علميًا أن العشوائيات والأحياء غير المنظمة اجتماعيًا يشعر فيها الناس بعدم الأمان ويتعرضون للعنف بشكل متكرر، لذا سارعت الإدارة المصرية في تطوير المناطق العشوائية والتي بلغت 357 منطقة على مستوى الجمهورية، على مساحة 160.8 ألف فدان، وتم الانتهاء من 95% منها، بتكلفة تخطت الـ 40 مليار جنيه.
وأيضًا تم بناء سكن كريم ملائم لجميع فئات الشعب المصري من اسكان اجتماعي ومتوسط لتحسين جودة حياة المصريين لكي يحييوا حياة كريمة، حيث عانى المصريون لعقود طويلة من صعوبة الحصول على وحدة سكنية، وفق «الشرقاوي»، ومن أجل هذا سارعت الإدارة المصرية إلى عمل مشروع الإسكان الاجتماعي، فتم بناء 453.6 ألف وحدة من إجمالي مليون وحدة مستهدف بناؤها، وكذا مشروع الإسكان المتوسط؛ فبلغ عدد الوحدات المنفذة بمشروع إسكان دار مصر 37.7 ألف وحدة.
بالإضافة إلى كل ذلك المشاريع القومية العملاقة في كل ربوع مصر، والتي منها مشروعات قومية زراعية، وسمكية وداجنة، ومشروعات صناعية، ومدن جديدة، ومحطات معالجة المياة، وإقامة الصوامع، ومشروعات الطرق والكباري والقطارات السريعة وإنشاء وتطوير الموانئ، وقالت نسرين الشرقاوي: «لولا هذه المشروعات العملاقة ما استطاعت مصر العبور من الأزمات العالمية المتلاحقة نتيجة تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية والتي أثرت بالسلب على كل اقتصاديات العالم وعلى حركة الصادرات والواردات لكافة السلع بين كافة دول العالم المتضرر بالأساس بسبب جائحة كورونا وتداعياتها».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: المشروعات القومية حياة كريمة الإسكان الموانئ حیاة کریمة
إقرأ أيضاً:
ماذا يعني غياب الإنترنت عن حياة أهل غزة؟
غزة – بعد عودته لشمال قطاع غزة، بعد رحلة نزوح استمرت قرابة العام عقب التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، قرر أحمد شقّورة الرجوع إلى منطقة "وسط القطاع" مجددا حفاظا على وظيفته.
يعمل شقورة عن بُعد في مجال المونتاج مع مؤسسة إعلامية عربية، ويحتاج بشكل دائم إلى الإنترنت، وهو أمر غير متاح بسهولة في شمالي القطاع، وقد تمكن من الحصول على خدمة الإنترنت مجانا في حاضنة أنشأها المكتب الإعلامي الحكومي داخل مستشفى شهداء الأقصى.
يقول شقورة للجزيرة نت "مشكلة الإنترنت عذبتني كثيرا منذ بداية الحرب، وتسببت لي في خسائر كبيرة، والآن أنا بعيد عن أهلي في الشمال، حفاظا على عملي حاولتُ العمل من خلال إحدى الحاضنات بمدينة غزة، لكن الإنترنت هناك سيئ والتكلفة عالية، وتصل إلى 5 أو 7 شواكل للساعة الواحدة (الدولار= 3.6 شواكل)".
وحتى في وسط القطاع، يعاني شقورة كثيرا في الوصول إلى الحاضنة، حيث يضطر للمشي مسافات طويلة وفي أوقات خطرة من الليل، وذكر أنه نجا من الموت ذات ليلة بعدما كان عائدا من عمله حينما اعترضته طائرة إسرائيلية مُسيّرة من نوع كواد كابتر وسط الشارع.
يمتلك أحمد العوضي حاضنة أعمال "خاصة" بمدينة غزة، تتسع لنحو مئة شخص. لكن بعد عودة النازحين من جنوبي القطاع عقب التوصل لوقف إطلاق النار، أصبح يستقبل يوميا قرابة 500 شخص من الباحثين عن استئناف أعمالهم المتعطلة أو استكمال دراستهم.
إعلانوفي بعض الأحيان، يضطر العوضي إلى استقبال قرابة 200 شخص والاعتذار للباقي، مما يتسبب في ازدحام شديد في الحاضنة.
ويقول للجزيرة نت "غالبية الزبائن من فئة العاملين عن بعد ويحاولون العودة إلى وظائفهم، سوءا كانوا مبرمجين أو مصممين أو كتاب محتوى أو صحفيين، كما أن هناك طلاب جامعات وثانوية عامة يحاولون استدراك ما فاتهم".
ويضيف "الكل يعاني، أنا والزبائن، تشغيل مولد الكهرباء لساعة واحدة يكلفني 400 شيكل، وهذا يتحمله الزبون الذي يدفع 7 شواكل مقابل الساعة الواحدة، وكذلك لا يتوفر في القطاع كراس ولا مكاتب بعد استخدامها كحطب لطهي الطعام".
ويضيف "الزبون يضطر للمشي مسافات طويلة كي يصل إلينا بسبب ضعف وغلاء المواصلات، ويفاجأ بأن خدمة الإنترنت في بعض الأحيان رديئة (من المصدر) أو أن الكهرباء مقطوعة لعطل المولد، ويدفع مبلغا كبيرا. هي سلسلة من المعاناة التي لا تنتهي".
ويحصل العوضي على الإنترنت من شركة الاتصالات الفلسطينية عبر لاقط هوائي بسبب عدم توفر الأسلاك جراء التدمير الذي لحق بمدينة غزة ورفض الاحتلال إدخالها، مما يجعل الخدمة متذبذبة ورديئة في بعض الأحيان.
تأثير اقتصاديوبسبب عمليات التدمير الهائلة التي نفذها جيش الاحتلال في غالبية مناطق قطاع غزة، وبخاصة في شماله، لا تزال خدمة الإنترنت مقطوعة عن مناطق واسعة هناك، وتجد شركة الاتصالات الفلسطينية -المزود الرئيسي لخدمة الإنترنت في القطاع- صعوبات كبيرة في إعادة تقديم الخدمة كالسابق جراء قيود الاحتلال ومنعه إدخال قطع الغيار والأسلاك اللازمة.
وعمدت إسرائيل مرارا إلى قطع شبكة الاتصالات والإنترنت عن مناطق بالقطاع لعزلها عن العالم الخارجي، في خطوة عدّتها فصائل فلسطينية "جريمة تستهدف عزل الفلسطينيين بالقطاع وتهجيرهم".
إعلانيشير المدير العام لغرفة تجارة وصناعة محافظة غزة ماهر الطبّاع إلى الخسائر الكبيرة التي يتكبدها الاقتصاد جراء انقطاع أو ضعف الإنترنت، ويقول للجزيرة نت "الإنترنت اليوم محرك رئيسي لأي اقتصاد، وكافة المعاملات والإجراءات تتم من خلالها، وشبكة الاتصالات شبه مدمرة كباقي مناحي الحياة".
وأشار إلى أن الاحتلال يمنع إصلاح شبكات الاتصالات والإنترنت وإدخال ما يلزم من أسلاك وقطع غيار، في وقت يعاني فيه المواطنون بشدة بسبب هذه المشكلة، ويضطرون للمشي مسافات طويلة بحثا عن الإنترنت ولدفع مبالغ كبيرة تفوق قدرتهم المالية من أجل الحصول على خدمة رديئة، مشيرا إلى أن الكثيرين فقدوا أعمالهم بسبب ذلك.
ودفعت الأزمة إلى نشوء ظاهرة "إنترنت الشارع" حيث تضع شركات صغيرة "راوترات" على أعمدة الكهرباء في الشوارع لتقديم خدمة محدودة للسكان مقابل مبالغ مالية وفق نظام الساعة.
تقول يارا عبده، الطالبة في كلية الصيدلة من خان يونس، إن عدم توفر الإنترنت أثر بشكل كبير على المستوى الدراسي لكافة الطلاب، وتضيف للجزيرة نت "دراستي تعتمد على البحث عبر الإنترنت كوني أدرس في مجال طبي يتطلب العديد من المستلزمات البحثية غير المتوفرة حاليا".
تضطر يارا إلى المشي مسافات طويلة للوصول إلى بعض نقاط الإنترنت التي تقدم خدمات ضعيفة، وتبقى طوال اليوم هناك بهدف البحث عن المعلومات التي تحتاج إليها، وتضيف "قبيل العدوان كنت أعتمد بشكل أساسي على الإنترنت للتواصل مع أساتذة الجامعة وتبادل الخبرات مع زملائي، حاليا فاتتني الكثير من المعلومات والخبرات بسبب انقطاع الإنترنت".
بدوره، يؤكد المدير العام للعلاقات العامة بوزارة التربية والتعليم العالي بغزة أحمد النجار أن انقطاع أو ضعف الإنترنت يؤثر بشكل كبير على العملية التعليمية، خاصة في ظل الاعتماد المتزايد على التعليم الإلكتروني والمنصات الرقمية مصدرا رئيسيا للدروس والمراجع.
إعلانويضيف للجزيرة نت "الطلبة الذين يعتمدون على الإنترنت للوصول إلى المواد التعليمية، وحضور الحصص الافتراضية، والتواصل مع معلميهم، يواجهون صعوبات جمة لعدم توفر الخدمة أو انقطاعها، مما يؤدي إلى تراجع التحصيل العلمي وتأخير إنجاز المهام الدراسية واستعدادهم للامتحانات، حيث إن كافة الامتحانات تعتمد على تطبيقات محسوبة مثل تطبيق تيمز (Teams) وتطبيق وايز سكول (Wise School)".
أما فيما يتعلق بطلبة الثانوية العامة (التوجيهي)، فيقول النجار إن غياب الإنترنت يصبح أكثر خطورة، حيث يعتمد التلاميذ على المصادر الإلكترونية في مراجعة الدروس، وحل الاختبارات التجريبية، والاستفادة من الشروحات المصورة التي تساعدهم في الفهم العميق للمناهج الدراسية.