في ضوء الحرب في غزة، تلاشت دراما أخرى تتعلق بالبحر الأبيض المتوسط ​​في خلفية الاهتمام العالمي، وهي دراما المهاجرين الذين يحاولون الانتقال من أفريقيا إلى أوروبا على متن قوارب صغيرة، والكارثة أصحب عنوانها تونس، فمن بين يناير ونوفمبر 2023 – كان هناك زيادة قدرها 65 بالمئة مقارنة إلى أكثر من 88 ألف شخص في نفس الفترة من العام الماضي، ونصفهم جاء من تونس إلى إيطاليا، وذلك وفقًا لبيان صدر مؤخرًا عن وزارة الداخلية الإيطالية، حيث وصل حوالي 146000 شخص إلى شواطئها.

وفي الوقت نفسه، منع خفر السواحل التونسي أيضًا ما يقرب من 70 ألف شخص من العبور إلى المياه الإيطالية خلال الفترة نفسها - أي أكثر من ضعف العدد في عام 2022، وقد تم اعتراض معظم المهاجرين من بؤرة واحدة داخل تونس، وهي بالقرب من مدينة صفاقس الساحلية التونسية، حيث هناك يبعد الطريق البحري إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية حوالي 130 كيلومترًا.

 

 

اللاجئون في تونس: سوء المعاملة والترحيل

 

 

وبحسب تقرير نشرته صحيفة فوكس، فتشير الإحصاءات الصادرة مؤخرا عن خفر السواحل إلى زيادة حادة في عدد المهاجرين غير التونسيين حصتهم 78 بالمئة، وفي العام الماضي كانت النسبة 59 بالمئة، وأحد هؤلاء اللاجئين هو إنوسو من بوركينا فاسو - طلب عدم نشر اسمه الأخير - وقال الشاب البالغ من العمر 30 عاما "لقد جئت إلى تونس قبل ثلاثة أشهر وحاولت الوصول إلى إيطاليا مرتين منذ ذلك الحين، وكلفتني كل محاولة حوالي 1000 يورو، ولكن الرحلة الأولى انتهت بعد سبعة كيلومترات فقط، والثانية بعد اثني عشر كيلومترا، حيث لم يكن خفر السواحل التونسي عنيفاً، ولكنها منعتنا من العبور وأعادتنا إلى صفاقس"، 

وليس الجميع محظوظين بما يكفي ليتمكنوا من العودة إلى تونس سالمين، كما تقول لورين سيبرت، المسؤولة عن حقوق اللاجئين والمهاجرين في منظمة هيومن رايتس ووتش، ففي هذا العام، وثقت هيومن رايتس ووتش عدة حالات قام فيها أفراد من الشرطة والجيش والحرس الوطني وخفر السواحل التونسيين بإساءة معاملة اللاجئين وطردهم بشكل جماعي بشكل غير قانوني، وتابعت سيبرت: "إذا زادت عمليات الاعتراض دون رقابة ومساءلة جادة، فهناك خطر وقوع المزيد من الهجمات على المهاجرين"، وعلى الرغم من هذه المخاطر، فإن محمد أول صالح من جمهورية بنين ينتظر أيضًا فرصته للقدوم إلى إيطاليا، وقد اعتقلته الشرطة التونسية قبل بضعة أسابيع وألقت به في بستان زيتون خارج صفاقس، ويقول صالح : "الآن السماء تمطر ولا نعرف أين يمكننا اللجوء".

 

 

اتفاق الهجرة المثير للجدل مع الاتحاد الأوروبي

 

 

وفي يونيو، عرضت المفوضية الأوروبية على الرئيس التونسي قيس سعيد "ميثاق الهجرة" الممول بسخاء، برنامج الشراكة المعين الذي يهدف إلى الحد من الهجرة إلى أوروبا، وفي ذلك الوقت، قدمت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين لتونس المتعثرة اقتصاديًا ما يصل إلى 900 مليون يورو و105 مليون يورو أخرى للعام الحالي 2023 في المستقبل، وفي المقابل، يجب على الدولة الواقعة في شمال إفريقيا منع الهجرة غير الشرعية قدر الإمكان، وقد كان العرض يعادل ثلاثة أضعاف المبلغ الذي تلقته تونس في العامين الماضيين، ولكن سعيد أعلن بعد ذلك أن بلاده لن تصبح حارسا للمهاجرين.

 

وتقول هايكه لوشمان، رئيسة مكتب مؤسسة هاينريش بول في تونس، تعليقا على وضع المفاوضات: "حتى الآن لم يكن هناك سوى إعلان نوايا غير ملزم، وينص هذا على خمسة مجالات للتعاون، بما في ذلك تحول الطاقة وتوسيع التعليم، وهناك ركيزة واحدة فقط من ركائز الاتفاقية تؤثر بشكل مباشر على الهجرة".

 

 

يدفع العنف والاضطهاد المزيد من الناس إلى أوروبا

 

 

الهجرة تراجعت منذ أكتوبر، كما يقول رمضان بن عمر من المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية للصحيفة الألمانية، ولا يرجع هذا فقط إلى طقس البحر القاسي في الخريف والشتاء، ويوضح هذا التراجع قائلاً: "لقد شددت السلطات التونسية الرقابة على الحدود واتخذت إجراءات ضد المهربين وورش بناء القوارب"، ومن المحتمل جدًا أن حركات اللاجئين "ليس لها علاقة كبيرة بميثاق الهجرة"، كما يقول عالم السياسة هاجر علي من المعهد الألماني للدراسات العالمية ودراسات المناطق (GIGA) في هامبورغ، فقبل كل شيء، يعكس العدد المتزايد من غير التونسيين الذين تم القبض عليهم الوضع السياسي في دول مثل بوركينا فاسو، ومالي، وغينيا، وساحل العاج، والسودان، إريتريا وليبيا، حيث شهدت هذه البلدان انقلابات عسكرية وعدم استقرار سياسي واقتصادي وعنف شديد واضطهاد ونزوح داخلي في العامين الماضيين، وقد أدى ذلك إلى فرار العديد من الأشخاص. 

وتقول سابين لوشمان إن هذا التطور يمكن أن يفسر سبب ظهور إحصائيات خفر السواحل أن نسبة المهاجرين التونسيين المتجهين إلى الاتحاد الأوروبي انخفضت من 41 بالمائة في عام 2022 إلى 22 بالمائة في عام 2023 إلى النصف تقريبًا، ولا تزال رغبة الشباب التونسي في مغادرة بلادهم مستمرة - لكن عدد اللاجئين من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى زاد بشكل كبير، وبالإضافة إلى ذلك، تدهورت الظروف المعيشية لهؤلاء المهاجرين في تونس بشكل كبير خلال العام الماضي. وفي فبراير أثار الرئيس سعيد موجة من العنف ضد اللاجئين الأفارقة عندما اتهمهم بأنهم يريدون أن تصبح تونس دولة "عربية مسلمة"، إلى "إفريقي" تحويل البلد، وكلف ترحيل اللاجئين إلى الصحراء الليبية حياة أكثر من 100 شخص.

 

 

الجفاف يفاقم الأزمة الاقتصادية في تونس

 

 

ويقيم المهاجرون في بلد يتعرض هو نفسه لضغوط اقتصادية كبيرة، وبحسب مكتب الإحصاء التونسي، بلغ معدل التضخم 8.3 بالمئة في نوفمبر، وبلغت نسبة البطالة 15 بالمئة، وبالإضافة إلى ذلك، أدى الجفاف المستمر إلى الضغط على القطاع الزراعي - الذي يوفر العمل للعديد من المهاجرين، وأدى ذلك إلى انخفاض الناتج الاقتصادي بنسبة 16.4 في المائة، حتى شراء الطعام أصبح صعباً، ويقول محمد أول صالح من بنين: "في بعض الأحيان، لا أستطيع حتى شراء فطائر القمح البسيطة".

 

ويتوقع مراقبون أن تهيمن الهجرة والأزمة الاقتصادية أيضًا على الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في نوفمبر 2024، وتقول هاجر علي، إن سعيد، الذي تم انتخابه ديمقراطيًا في أكتوبر 2019 ولكنه أصبح يحكم بشكل متزايد استبداديًا منذ صيف 2021، فقد الآن الدعم، خاصة بين الناخبين الشباب، وقال عالم السياسة: “هناك الكثير على المحك بالنسبة لقيس سعيد، ولسوء الحظ، رأينا في السنوات الأخيرة في الانتخابات الأوروبية أن تشويه سمعة المهاجرين، وخاصة من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، يعمل بشكل جيد كاستراتيجية للحملة الانتخابية، لأنه يوجه إحباط الناخبين تجاه الأشخاص الضعفاء بأنك أنت هدف سهل".

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: خفر السواحل فی تونس

إقرأ أيضاً:

وزيرة الهجرة تبحث إطلاق مرحلة جديدة من التعاون عبر المركز المصري- الألماني للهجرة والوظائف

كتب- أحمد السعداوي:

استقبلت السفيرة سها جندي، وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج، اليوم السبت، وفدَ الوزارة الفيدرالية للتعاون الاقتصادي والتنمية الألمانية، برئاسة ماريو ساندر، رئيس إدارة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالوزارة؛ لبحث مستقبل التعاون مع مصر خلال المرحلة القادمة من التعاون المشترك، والبناء على ما تحقق من نتائج بين الجانبَين في مجالات الهجرة والتدريب؛ من أجل التوظيف، خصوصًا بالنسبة إلى المركز المصري- الألماني للهجرة والوظائف وإعادة الدمج التابع للوزارة.

حضر اللقاء السفير صلاح عبد الصادق، مساعد الوزيرة للتعاون الدولي، ودعاء قدري، رئيس الإدارة المركزية لشؤون مكتب الوزير، وسارة مأمون، معاون الوزيرة لشؤون المشروعات والتعاون الدولي، وعدد من ممثلي الوكالة الألمانية للتعاون الدولي GIZ، وعدد من ممثلي المركز المصري- الألماني.

ورحبت السفيرة سها جندي وزيرة الهجرة، بماريو ساندر، قائلةً: "إن العلاقات المصرية- الألمانية وطيدة وقوية، ووزارة الهجرة المصرية تعتز بالتعاون مع الجانب الألماني الذي نعتبره نموذجًا للتعاون الثنائي الناجح؛ خصوصًا في مجال تدريب وتأهيل العمالة المصرية من أجل التوظيف، والذي أثمر المزيد من النتائج المهمة، على رأسها إنشاء المركز المصري- الألماني للوظائف والهجرة وإعادة الدمج، مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولي GIZ، بما يقدمه من خدمات وبرامج مهمة لمساعدة الشباب المصري الراغب في الهجرة، من فرص توظيف وتدريب وتأهيل مهني ونفسي، وَفق احتياجات ومتطلبات سوق العمل الأوروبية بشكل عام والألمانية بشكل خاص، وإعادة الدمج بما يقدمه من خدمات لدمج المصريين العائدين للاستقرار في مصر بعد أعوام من العمل والإقامة في الخارج، وهو التعاون الذي نسعى لدعمه وتوسعته".

واستعرضت السفيرة سها جندي ثمار التعاون مع الجانب الألماني، من خلال ما تم في الفترة الماضية، في موضوعات التدريب من أجل التوظيف؛ حيث تم تدريب وتأهيل عدد من العمالة المصرية، وتوفير فرص عمل لهم في مصر وألمانيا للعديد من الوظائف والمهن التي تدربوا عليها، ومنحهم فرصًا وعقودًا رسمية موثقة للعمل هناك، ما يدفعنا للبناء على ذلك والعمل على استثمار هذا النجاح، لافتةً إلى غرف التدريب التابعة للمركز المصري الألماني الموجودة في الـ14 محافظة الأكثر تصديرًا للهجرة غير الشرعية، وتفقدها عددًا منها، والتي تلعب دورًا كبيرًا في تدريب شبابنا من أجل التوظيف وتقديم المشورة والنصائح لتأهيلهم للعمل في الأسواق العالمية، حيث لفتت سيادتها إلى ضرورة تطوير هذه الغرف وتوسعتها بشكل يستوعب العدد المتميز من العمالة والشباب الساعي للعمل وبناء مستقبل أفضل.

وأضافت وزيرة الهجرة أن الوزارة تتطلع لزيادة فرص العمل ورفع نسب ومعدلات التدريب والتأهيل لملائمة المهارات لتتوافق مع الاحتياجات الفعلية لسوق العمل واستثمار اللبنة التي تم وضعها لتطوير التعاون وتوسعته ليشمل أسواق العمل بدول أخرى تواصلت معنا على أعلى المستويات بحثاً عن محاكاة نموذج التعاون المصري الألماني، وإقامة نماذج مماثلة مع دول أخرى مثل إيطاليا وهولندا والسعودية، وهو ما يجعلنا نفكر في تطوير التعاون بشكل يسمح بالتكامل وتأسيس مركز موحد للتدريب من أجل التوظيف؛ ليضم كل الجهات المعنية بالتدريب وتأهيل العمالة داخل مصر والدول الساعية لاستيفاء احتياجاتها من العمالة؛ بما يخلق فرصًا بديلة لشبابنا لإثنائهم عن فكرة السفر بطريقة غير شرعية، وتحقيق تنمية مجتمعية من خلال توفير فرص تدريب وتأهيل وتشغيل للشباب بالداخل والخارج؛ خصوصًا من القرى الأكثر فقرًا والأكثر احتياجًا.

وتناولت الوزيرة أيضًا الحديثَ عن اجتماعات اللجنة العليا للهجرة التي تُعقد برئاستها، والمسؤولة عن ملف التدريب من أجل التوظيف وإنشاء مراكز الهجرة المؤهلة لتوظيف العمالة المدربة في الداخل والخارج بالدول الأجنبية ذات العلاقات مع مصر، مشيرةً إلى أهمية المواءمة بين العرض والطلب، لتلبية احتياجات الأسواق الخارجية والمحلية، وعدم التركيز فقط على توظيف المؤهلات العليا (الياقات البيضاء) أو التعليم المهني (الياقات الزرقاء)، بل لا بد أن تدرك المجتمعات أهمية تدريب وتوظيف ذوي (الياقات الرمادية) ممن ليست لديهم أية مهارات، وهم النسبة الأكثر عرضةً للهجرة غير الشرعية، مؤكدةً أننا لسنا ضد الهجرة الآمنة، لأنها تعزز نقل المعرفة والخبرات، ودعم الاقتصاد الوطني، كما أن هناك تنسيقاً لتعزيز فرص العمل للعمالة الموسمية بعدد من الدول مثل اليونان وقبرص في مجالات الزراعة والتشييد والبناء وغيرهم.

واستعرضت السفيرة سها جندي بعض قصص نجاح برنامج THAAM مع الجانب الألماني؛ حيث تم تدريب وتأهيل أعداد من العمالة المصرية، وتوفير فرص عمل لهم في ألمانيا في عدد من الوظائف والمهن التي تدربوا عليها، ومنحهم فرصًا وعقودًا رسمية موثقة للعمل هناك، مؤكدة أن هذا يدفعنا للبناء على ذلك والعمل على توسيع هذا النجاح، لتخريج شباب متدربين وفنيين متمكنين من المهارات واللغة.

وأكد ماريو ساندر، رئيس إدارة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالوزارة الفيدرالية الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية، أن العلاقات المصرية- الألمانية علاقات استراتيجية وتاريخية، ما ينعكس على التعاون الاستراتيجي بين البلدَين، مؤكدًا نجاح المشروعات المشتركة مع وزارة الهجرة المصرية.

وأبدى ساندر الاستعداد للبناء على ما تحقق من نجاح كبير للمركز المصري- الألماني للوظائف والهجرة وإعادة الدمج، وقال: "هذا يدفعنا للتطوير وتعزيز آفاق التعاون في مجالات الهجرة والمهاجرين، في سبيل العمل على تعزيز فرص للأيدي العاملة الفنية المدربة، وفقًا لمتطلبات أسواق العمل سواء المصرية أو الألمانية، لذلك فإن التعاون مع وزارة الهجرة يمثل إحدى أولوياتنا خلال الفترة المقبلة، نظرًا للوضوح والجدية والفكر المتطور، وسيكون بإمكان البلدَين مصر وألمانيا، الاستفادة من الخبرات والمعرفة المتبادلة؛ لتحقيق مستقبل أفضل للعمالة وسوق العمل".

واتفقت السفيرة سها جندي وزيرة الهجرة، وماريو ساندر، على الاستمرار في عمليات التنسيق والتباحث للخروج بصيغة عمل توافقية بين الجانبين في المرحلة القادمة، تضمن تحقيق تطوير وتوسيع عمل المركز المصري- الألماني للوظائف والهجرة وإعادة الدمج، والاستفادة المتبادلة في سبيل خدمة الأهداف المشتركة للبلدَين في ملفات الهجرة والمهاجرين والتدريب من أجل التوظيف.

مقالات مشابهة

  • ارتفاع عدد المهاجرين في ليبيا.. 725 ألف مهاجر مسجل في ليبيا
  • وزيرة الهجرة تبحث إطلاق مرحلة جديدة من التعاون عبر المركز المصري- الألماني للهجرة والوظائف
  • وزيرة الهجرة تبحث مع وفد ألماني تعزيز التعاون الثنائي
  • وزيرة الهجرة تبحث إطلاق مرحلة جديدة من التعاون المركز المصري الألماني للهجرة والوظائف
  • ترسانة أسلحة أمريكية إلى إسرائيل منذ العدوان على غزة.. أرقام صادمة
  • هل هو إعلان انقلاب في عدن؟.. تصريحات صادمة للمجلس الانتقالي ووعيد بخيارات حاسمة ومهلة للحكومة الشرعية
  • 3500 مهاجر في تونس عادوا طوعاً إلى بلدانهم
  • الشروط المطلوبة لـ الهجرة إلى كندا.. الخطوات والأوراق المطلوبة
  • بالصور.. تونس تعلن حالة طوارئ عقب ظهور وانتشار مرض معدٍ وخطير بـالجزائر
  • حكم بالسجن بحق عسكري سوداني بتهمة التخطيط لعملية إرهابية في تونس