زنقة 20:
2025-01-11@11:10:33 GMT

تعاون بين الرباط وأبوظبي وغضب نرجسي في الجزائر

تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT

بقلم : د. عادل بنحمزة / بإتفاق مع الكاتب – نشر في النهار اللبنانية

دخلت العلاقات الثنائية المغربية -الإماراتية منعطفاً جديداً بعد الزيارة التاريخية التي قام بها الملك محمد السادس لأبوظبي، وتُوجت بالتوقيع على جملة من الاتفاقيات، تشمل برامج عدة تتعلق بالبنية التحتية وبكثير من المشاريع الاقتصادية والاجتماعية ذات الطابع الاستراتيجي.

وتكشف الاتفاقيات عن وجه جديد للمغرب، وهو يسارع الزمن لتحقيق عدد من الأهداف التنموية في أفق الاستحقاقات الكبرى التي تنتظره، سواءً تلك المتعلقة بعدد من البرامج الوطنية أو ما يتطلّبه تنظيم فعاليات كأس العالم سنة 2030. يحدث ذلك كله في سياق ظرفية دولية صعبة ومعقّدة من الناحية السياسية والاقتصادية، وبصفة خاصة لجهة التحولات الجيواستراتيجية والتهديدات الجدّية التي تهمّ السلم والأمن الدوليين. الاتفاقيات الضخمة الموقّعة بين الرباط وأبوظبي هي نموذج ما يجب القيام به بين بلدان الجنوب، وهي اتفاقيات تقوم على منطق رابح رابح، لكنها أيضاً تتأسس على الثقة وعلى العلاقات الشخصية بين قائدي البلدين، المغرب يكسب عبرها الوصول إلى التمويل الضروري لجزء كبير من مشاريعه المستقبلية التي ستغيّر وجهه، من دون أن يكون مضطراً إلى سلوك مسلك التمويل التقليدي المعتمد على المؤسسات المالية الدولية، والتي عادةً ما تفرض شروطاً بخلفيات سياسية وايديولوجية، غالباً ما تتجّه نحو تعطيل السياسات العمومية ذات الطابع الاجتماعي، لذلك فإنّ النجاح في الحصول على تمويل إماراتي محايد، يسعى إلى الشراكة في الربح وتوسيع الأفق الاقتصادي والتجاري، من خلال الاستثمار في الفرص الواعدة التي تفتحها إفريقيا وبخاصة إفريقيا الأطلسية. والأمر يُعتبر نجاحاً كبيراً واستثنائياً للرباط. ذلك أنّ المغرب يسعى إلى بناء التوازن بين تقديم عرض اقتصادي واجتماعي مقبول يتعلق بالحاضر، من دون المساس بحقوق الأجيال المقبلة، من خلال الإستمرار في الاستثمار في البنية التحتية التي ستجيب عن حاجات المغرب في المستقبل، والأهم من ذلك، هو أنّها ستجعله جاهزاً للتموقع في المستقبل بكل ما يحيط به من تحدّيات ومخاطر، ولعلّ موضوع الطاقات المتجددة، وبخاصة الهيدروجين الأخضر أو منظومة السيارات الكهربائية وتطوير البنية الصحية والتعليمية، تشكّل لوحدها عنواناً للوعي بأهمية صيانة قدرة المغرب والأجيال المقبلة من المغاربة في الحضور على الساحة الدولية والتنافس القوي، في عصر اقتصاد المعرفة والاقتصاد ما بعد الطاقة الأحفورية. لذلك، فإنّ الاتفاقيات التاريخية التي وقّعها المغرب مع الإمارات لا علاقة لها تماماً مع ما كان سائداً في العقود السابقة، من تعامل مع أموال الخليج باعتبارها فقط أموال ريع نفطي وفوائض مالية، بل الواقع يؤكّد أنّ بلدان الخليج في مجملها، شهدت تحولات جوهرية في أداء مؤسساتها السياسية والمالية والاقتصادية، وأنّها عبرت ثورة صامتة أعادت فيها تمثلها للمستقبل، بخاصة في ظل قناعة ثابتة بقرب نهاية عصر الطاقة الأحفورية. والمتابع لاستثمارات الصناديق السيادية الخليجية حول العالم، سيلاحظ تنوعها وتوزعها على مجالات مختلفة، بما في ذلك الطاقات المتجددة، حيث نجحت الإمارات والسعودية خصوصاً، في وضع أسس بنية تحتية تجعلها في طليعة منتجي الطاقة الخضراء ومصدّريها في العالم مستقبلاً، تُضاف إلى ذلك، نجاحات دبي في مجالات السياحة والترفيه والمال، ودخول السعودية مجالات الصناعات العسكرية. كل ذلك يؤكّد أنّ الاستثمارات الخليجية بصفة عامة والإماراتية بصفة خاصة، هي استثمارات مدروسة بشكل كبير، وتتكئ على خبرة وتجربة واسعة، يظهر ذلك بوضوح في المجالات التي شملتها الاتفاقيات، من الموانئ إلى أنبوب الغاز نيجيريا- المغرب مروراً بقطار TGV الرابط بين الدار البيضاء ومراكش وصناعة السياحة والترفيه ومؤسسات الخدمات الصحية والتعليم العالي وغيرها من المجالات التي حقّقت فيها أبوظبي نجاحات يشهد لها الجميع. يظهر واضحاً وبشكل لا يتطلّب كثيراً من العناء، أنّ الأمر يتعلق بعلاقات ثنائية بين بلدين يتمتعان بكامل السيادة على قراراتهما. هذه الحقيقة يرفض حكام الجزائر ومعهم جزء من “النخبة” هناك، القبول بها والتسليم بمشروعيتها، وذلك ما يُظهر شكلاً من أشكال النرجسية و”بارانويا جماعية” تتوافر فيها كل أعراض مرض “البارانويا” التي تصيب الأفراد، والتي تتمثل عادةً في سهولة الشعور بالإهانة والشك والارتياب من أفعال الآخرين، وعدم الوثوق بهم وتأويل تصرفاتهم على غير ما يقصدون، واستبطان الشعور العدائي والدفاعي في اتجاه الآخرين، مع اعتقاد الشخص المريض أنّه على صواب دائماً، ما يجعله يرفض النقد ولا يقبل المصالحة أو أي حلول وسطى، وهذا ما يفضي به إلى العزلة. هذه الصفات تنطبق بشكل كامل على النظام الجزائري الذي لا يرى في اختيارات المغرب وعلاقاته الثنائية سوى مشروع مؤامرة مستمرة تستهدف الجزائر. هذا ما يفسّر ردود الفعل الجزائرية التي عكستها جوقة الإعلام/الدعاية التي تتحلّق حول النظام، إذ اعتبرت الاتفاقيات بين المغرب والإمارات إنما وُجدت فقط لاستهداف الجزائر، بل انّ الجوقة نفسها تحدثت عن عقوبات جزائرية تستهدف الإمارات، من خلال توقيف مشاريع مشتركة كانت أبو ظبي تعتزم تنفيذها في الجزائر. يذكّرنا ذلك بموقف تعطيل الاتفاقية التجارية مع إسبانيا واستدعاء السفير الجزائري من مدريد، عقب قرار رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز اعتبار مبادرة الحكم الذاتي في ظلّ السيادة المغربية هي الحل الوحيد الممكن للنزاع المفتعل في الصحراء المغربية، وهو ما مثّل ساعتها تغيّراً جذرياً في الموقف التقليدي للمستعمر السابق للصحراء، بل منطلقاً لبداية شراكة استراتيجية جديدة بين الرباط ومدريد، وقد انتقد الرئيس الجزائري علناً موقف رئيس الحكومة الإسبانية، بل أكثر من ذلك، اعتبره موقفاً شخصياً سيتمّ تجاوزه بعد الانتخابات البرلمانية التي كانت ستُنظّم لاحقاً، بما يعنيه ذلك من تدخّل سافر في الشؤون الداخلية لإسبانيا. النتيجة يعلمها الجميع، فقد تمّت إعادة إنتخاب سانشيز رئيساً للحكومة الإسبانية، وأعادت الجزائر سفيرها إلى مدريد بل والعلاقات التجارية أيضاً، من دون القدرة على ممارسة النقد الذاتي أو مراجعة رؤية العلاقات الخارجية لدول الجوار، وأنّها بوصفها كذلك، فهي علاقات تتسمّ بالطابع السيادي، وأنّ الآخرين ليسوا بالضرورة أعداء لجزائر عاجزة ومتخلّفة وما زالت رهينة لثقافة الحرب الباردة وعقيدة نظام العقيد بومدين… أظهر النظام الجزائري أنّه يغرّد دائماً خارج السرب وبشكل مرضي مزمن. فبعد احتضان “إعلامه” المعارك الوهمية التي تخوضها جبهة البوليساريو منذ حسم الجيش الملكي تأمين معبر الكركرات، يذكّرنا ذلك بما كانت تنشره بداية هذه الألفية، من أنّ منطقة الواد الناشف قرب مدينة وجدة شرق المغرب تتعرّض لقصف الجيش المغربي، وهو ما وثّقه الراحل الكبير أستاذ الأجيال محمد العربي المساري الوزير والسفير المغربي الأسبق، في كتاب شيّق اختار له عنوان “قصف الواد الناشف.. المغرب الافتراضي في المخيلة الجزائرية”، وهو الكتاب الذي كان لي شرف تقديم قراءة فيه في مقر وكالة المغرب العربي للأبناء في الرباط، في حضور المؤلف سنة 2001. اليوم وبعد الاتفاق التاريخي بين المغرب والإمارات العربية المتحدة، يتطوّع “الإعلام” الجزائري بتشييد مطار دولي جديد في المغرب، أطلق عليه إسم “محمد السادس”، وإخبار الجزائريين بأنّ تصنيفاً دولياً وضعه على رأس أسوأ المطارات في العالم!!!!! الشيء الوحيد الصحيح في هذا “الخبر” هو أنّ ما يصنعه النظام الجزائري، حتى لو كان مجرد خيال، فإنّه يكون بالضرورة في ذيل التصنيفات الدولية وتلك عادته…

المصدر: زنقة 20

إقرأ أيضاً:

إجراءات حاسمة لمواجهة شح السيولة في المغرب.. خبراء: الطلب المتزايد في قطاعي الإعمار والصناعة ضغط على القطاع المصرفي.. وتداول الأموال خارج النظام المصرفي يعني غياب أي سجل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في إطار جهود المغرب لمعالجة ظاهرة تداول الأموال خارج النظام المصرفي، أعلنت الحكومة المغربية عن اتخاذ سلسلة من الإجراءات الهادفة إلى تنظيم هذه الظاهرة وتعزيز الشفافية المالية، وتأتي هذه الخطوات في وقت يبلغ فيه الناتج الداخلي الخام للبلاد حوالي 1700 مليار درهم، بينما يتم تداول ما يقرب من نصف هذا الرقم نقدًا من خلال استثمارات ومعاملات تجارية متنوعة.

الإجراءات الحكومية في المغرب
قدمت الحكومة فرصة لأصحاب الأموال الكبيرة لتسوية وضعيتهم عبر أداء نسبة 5% فقط من إجمالي المبلغ، بشرط التصريح به وإيداعه في البنوك لتجنب العقوبات الصارمة.

وأعلنت الدولة عن خطط لتطبيق ضرائب تتراوح بين 30% و37% على الأموال النقدية غير المصرح بها إذا استُخدمت في معاملات تجارية مستقبلية، وتهدف هذه الإجراءات إلى تعزيز النظام المالي وتشجيع المواطنين على الاعتماد على البنوك كوسيلة لإجراء معاملاتهم، بما يضمن تحقيق الشفافية والحد من الاقتصاد الموازي.
وأبدت حكومة المغرب هذه المرة عزيمة واضحة لتفعيل آليات المراقبة بدءًا من عام 2025، وترتبط هذه الخطوات بالالتزامات الاقتصادية الثقيلة للدولة، مثل مشروع تعميم الحماية الاجتماعية، وتقديم الدعم الاجتماعي المباشر، فضلاً عن الاستعدادات لاستضافة كأس أمم إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030، مما يجعل من الضروري توسيع القاعدة الضريبية وضمان مشاركة الجميع في تمويل.

في تصريحات خاصة، تناول الدكتور حاتم مروان، أستاذ الاقتصاد بجامعة مونتريال بكندا، أن هناك عدة قضايا متعددة تتعلق بأداء القطاع المصرفي فى المغرب، وتأثير العوامل الاقتصادية المختلفة عليه.

وأوضح مروان أن القطاع البنكي يواجه العديد من التحديات الهيكلية التي تتطلب حلولًا مبتكرة ومستدامة لضمان استقراره ودوره المحوري في تحقيق النمو الاقتصادي.

قطاع البناء والصناعة وتأثيره على النظام المصرفي
أوضح مروان أن الطلب المتزايد في قطاعي البناء والإعمار والصناعة خلال السنوات الأخيرة خلق ضغطًا كبيرًا على القطاع المصرفي، وأشار إلى أن "زيادة الطلب على التمويل البنكي لهذه القطاعات أثرت بشكل مباشر على قدرة البنوك على تلبية احتياجات التمويل لقطاعات أخرى".

وأضاف أن هذا الضغط كان نتيجة طبيعية لتوسع هذه القطاعات، إلا أنه كشف عن نقاط ضعف تتعلق بإدارة السيولة داخل النظام المصرفي.

أزمة السيولة والتمويل البنكي
أكد الدكتور مروان أن أزمة نقص السيولة في البنوك ليست مجرد مشكلة تقنية، بل هي نتيجة لعدة عوامل متشابكة. وأوضح أن "الدولة كانت تعاني من عجز كبير في الميزانية، ما أدى إلى الاعتماد على أدوات الدين مثل سندات الخزانة لسد هذا العجز. هذه الخطوة، رغم أهميتها في تمويل احتياجات الحكومة، كانت على حساب السيولة المتاحة في القطاع المصرفي".

الفائدة ونمو القروض
أشار الدكتور مروان إلى تراجع معدلات الفائدة خلال العقد الأخير، حيث بلغت مستويات أقل من 3%. وعلّق قائلاً: "انخفاض الفائدة قلل من جاذبية الادخار في البنوك، مما دفع المستثمرين إلى البحث عن بدائل أكثر ربحية، مثل الاستثمار في العقارات أو الأسواق المالية." وأضاف أن هذه الظاهرة أثرت على معدلات نمو القروض التي أصبحت أقل من معدل نمو الإيرادات البنكية، ما خلق فجوة تحتاج إلى معالجة فورية.

سلوك المستثمرين وتوجهاتهم
أوضح الدكتور مروان أن أحد الأسباب الرئيسية لأزمة السيولة هو تغيير سلوك المستثمرين، الذين فضلوا الاحتفاظ بأموالهم خارج النظام المصرفي أو توجيهها إلى استثمارات بديلة. وقال: "التصرفات الاستثمارية مثل الاحتفاظ بالأموال نقدًا أو توظيفها في أصول غير مصرفية أدت إلى خروج أموال ضخمة من الدورة الاقتصادية الرسمية."


جهود البنك المركزي لاستعادة السيولة
أشاد الدكتور مروان بدور البنك المركزي في مواجهة هذه التحديات، مشيرًا إلى المبادرات التي أطلقها لاستعادة الأموال خارج النظام المصرفي. وقال: "إطلاق مبادرة السماح بإيداع الأموال مقابل رسوم رمزية لا تتجاوز 5% كان خطوة ذكية ومثمرة. هذه السياسة نجحت في إعادة ما يزيد عن 100 مليار جنيه إلى النظام المصرفي، منها 60 مليار جنيه كانت أموالًا نقدية مباشرة".

السيولة ودورها في دعم الاقتصاد
وأضاف الدكتور مروان: "عودة هذه الأموال كانت بمثابة دفعة قوية للنظام المصرفي، حيث عززت من السيولة المتاحة ودعمت قدرة البنوك على تمويل المشاريع المختلفة. هذه الخطوة ساعدت أيضًا على تحسين الاستقرار المالي وزيادة الثقة في القطاع البنكي".

فرض ضريبة على الأموال المنزلية: بين التأييد والرفض
فيما يتعلق بمقترح فرض ضريبة على الأموال المخزنة في المنازل بنسبة 30% إلى 37%، أشار الدكتور مروان إلى أن هذا الإجراء يحتاج إلى دراسة معمقة. وقال: "فرض مثل هذه الضرائب قد يكون له آثار سلبية على على النظام المصرفي. ومع ذلك، إذا تم تصميمه بطريقة تشجع الأفراد على إعادة أموالهم إلى البنوك، فقد يحقق نتائج إيجابية على المدى الطويل".


رؤية مستقبلية للقطاع المصرفي
اختتم الدكتور مروان حديثه بالتأكيد على أهمية اتخاذ خطوات استراتيجية لتعزيز كفاءة القطاع المصرفي. وأوضح: "النظام المصرفي هو العمود الفقري للاقتصاد. لذلك، يجب أن تكون هناك سياسات واضحة لدعم استقرار البنوك وزيادة جاذبيتها للمستثمرين. كما أن تحسين إدارة السيولة وتطوير الأدوات المالية سيسهم في تحقيق نمو مستدام وتعزيز الثقة في الاقتصاد الوطني".

يرى الدكتور حاتم مروان أن التحديات التي يواجهها القطاع المصرفي، رغم تعقيدها، تتيح فرصًا كبيرة لإجراء إصلاحات جذرية تعزز من دور البنوك في تحقيق التنمية الاقتصادية. وبتعاون الجهات الحكومية والبنك المركزي مع القطاع الخاص، يمكن تحقيق توازن مستدام بين متطلبات التنمية والاحتياجات المالية.

التهميش المالي في المغرب
من جانبه صرح الدكتور محمد عبد الهادي ، الخبير الاقتصادي، بأن تداول النقد خارج النظام المصرفي في المغرب أصبح يشكل تحديًا كبيرًا للنظام المالي والاقتصادي في البلاد، موضحًا أن هذه الظاهرة تتزايد بسبب مجموعة من الأسباب التي تتعلق بعدم قدرة العديد من المواطنين على الوصول إلى الخدمات المصرفية، خصوصًا في المناطق الريفية والنائية.

وقال عبدالهادي التهميش المالي هو أحد الأسباب الرئيسية التي تدفع المواطنين إلى التعامل بالنقد، حيث يعاني الكثير منهم من نقص في الخدمات البنكية والفرص الرقمية التي تمكنهم من إجراء المعاملات المالية عبر البنوك” ، وأضاف أنه في ظل هذا الوضع، يفضل الكثيرون التعامل النقدي المباشر لسهولة الوصول إليه وتفادي التعقيدات التي قد تنشأ من استخدام القنوات المصرفية.

وأشار  إلى أن الاقتصاد غير الرسمي يعد من العوامل المحورية التي تساهم في تفشي هذه الظاهرة، وقال: “الكثير من الأنشطة التجارية الصغيرة والحرفية في المغرب لا تتمتع بتوثيق رسمي، وهذا يعزز من الاعتماد على النقد كوسيلة أساسية للتداول، مما يعمق من انتشار الاقتصاد غير الرسمي.” وأكد على أن هذا النوع من الاقتصاد لا يساهم بشكل كافٍ في الإيرادات العامة للدولة، ويصعب من إمكانية تطبيق السياسات الاقتصادية بشكل فعال.

جمع الضرائب في المغرب
وتحدث  الخبير عن المخاطر التي قد تترتب على تداول الأموال خارج البنوك في المغرب، موضحًا أن هذه الظاهرة تساهم في تقليص قدرة الدولة على جمع الضرائب بشكل صحيح، وأضاف: “عندما يتم تداول الأموال بشكل غير رسمي، يصبح من الصعب مراقبة تدفقات المال، ما يتيح الفرصة لانتشار الأنشطة غير المشروعة مثل غسيل الأموال.” وأشار أيضًا إلى أن هذا الوضع قد يؤدي إلى التقلبات في الأسعار والتضخم، مما يضر بالاقتصاد الوطني بشكل عام.

وفيما يخص دور الدولة في مواجهة هذه الظاهرة، أكد الخبير على أهمية تعزيز الشمول المالي، وقال: “يجب على الدولة العمل على تحسين الوصول إلى الخدمات المصرفية، وتوسيع نطاق البنوك في المناطق التي تفتقر إليها، بالإضافة إلى تطوير الوسائل الرقمية التي تتيح للأفراد إجراء المعاملات المالية بسهولة وأمان.” كما أشار إلى ضرورة نشر التوعية المالية بين المواطنين، خاصة في المناطق التي تفتقر إلى الوعي الكافي بأهمية النظام المصرفي وضرورته في الحياة اليومية. وأضاف أن على الدولة أن تضع استراتيجيات فعّالة تشجع الناس على استخدام القنوات المصرفية الرسمية بدلًا من تداول النقد بشكل غير قانوني.

وأكد أيضًا على ضرورة تشديد الرقابة على الأنشطة الاقتصادية ومكافحة التهرب الضريبي، مشيرًا إلى أن تطبيق القوانين بشكل صارم ومراقبة العمليات المالية غير المشروعة يمكن أن يساعد في تقليص حجم تداول النقد خارج البنوك.

إصلاح النظام الضريبي
وأوضح أنه من خلال إصلاح النظام الضريبي، وتحسين آليات تحصيل الضرائب، يمكن أن تتمكن الدولة من تقليص الحوافز التي تدفع الأفراد إلى التعامل بالنقد بعيدًا عن النظام المصرفي.

وفي ختام تصريحاته، أشار إلى أن مواجهة هذه الظاهرة يتطلب تضافر جهود الدولة والمؤسسات المالية والمجتمع المدني لتحقيق الاستقرار المالي وتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، مع ضمان أن يكون جميع المواطنين قادرين على الوصول إلى الخدمات المالية الرسمية التي تقدمها البنوك والمؤسسات المصرفية.

من جهتها تقول الدكتورة مروى خضر الخبيرة الاقتصادي، في ظل التحولات الاقتصادية العالمية، يبرز تداول الأموال النقدية خارج النظام المصرفي كإحدى الظواهر التي تهدد استقرار الاقتصاد الوطني.

وأشارت إلى أن تداول النقد خارج الأطر الرسمية قد يبدو خيارًا سهلًا وسريعًا للتعاملات المالية، إلا أن هذا الخيار يحمل في طياته العديد من المخاطر الجسيمة على مستوى الأفراد والدولة على حد سواء، وأكد أن هذه الظاهرة تتطلب اهتمامًا جادًا لما لها من آثار سلبية قد تهدد استقرار الاقتصاد الوطني بشكل عام.

وأوضحت أن تداول الأموال خارج النظام المصرفي يعني غياب أي سجل واضح لهذه المعاملات، مما يجعل من الصعب تتبع الأموال أو الكشف عن مصادرها، وهذه المعضلة تفتح الباب أمام جرائم اقتصادية خطيرة مثل غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وهو ما يشكل تهديدًا مباشرًا للأمن الاقتصادي والاجتماعي للدولة، وعندما يتم تداول النقد بعيدًا عن القنوات المصرفية الرسمية، تضعف قدرة الدولة على تحصيل الضرائب والرسوم المستحقة، الأمر الذي يؤدي إلى فقدان إيرادات ضخمة كان من الممكن استخدامها في تمويل مشاريع البنية التحتية والخدمات العامة مثل التعليم والصحة، ما ينعكس سلبًا على التنمية الوطنية.

الاقتصاد الموازي في المغرب
واتفقت خصر مع رأي عبد الهادى مؤكدة أن تداول الأموال خارج النظام المصرفي يعزز من نمو الاقتصاد الموازي أو “غير الرسمي”، الذي لا يخضع لرقابة الحكومة أو التخطيط الاقتصادي، ما يعيق قدرة الدولة على وضع سياسات اقتصادية فعّالة تلبي احتياجات المجتمع وتحقق التنمية المستدامة.

ولفتت إلى أن الاحتفاظ بالأموال نقدًا يعرض الأفراد لمخاطر متعددة مثل السرقة، والضياع، وحتى الكوارث الطبيعية مثل الحرائق، وعلى النقيض، توفر الأنظمة المصرفية حماية متقدمة للأموال من خلال التأمين على الودائع والخدمات المصرفية الرقمية.

وأشارت إلى أن الدول التي تعتمد بشكل كبير على تداول النقد خارج النظام المصرفي تعاني من تذبذب في السيولة وعدم استقرار الأسعار، مما يؤثر سلبًا على ثقة المستثمرين المحليين والأجانب في الاقتصاد. كما أن هذه الظاهرة تؤدي إلى صعوبة الوصول إلى التمويل والخدمات المالية.

كما أن الأموال المتداولة خارج المصارف تفقد صلتها بالنظام المالي الرسمي، مما يعوق استفادة الأفراد والشركات من خدمات أساسية مثل القروض البنكية، التأمين، والاستثمارات. وأضاف أن هذه العزلة المالية تحد من فرص النمو الاقتصادي وتطوير المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تُعد العمود الفقري للاقتصادات الناشئة.

من ناحية أخرى، أشارت إلى أن تزايد المعاملات النقدية خارج النظام المصرفي يضطر البنوك إلى تخصيص موارد إضافية لمحاولة جذب هذه الأموال، مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف التشغيل، وهذه الزيادة في التكاليف تنعكس في النهاية على العملاء من خلال زيادة الرسوم البنكية، وهو ما يشكل عبئًا إضافيًا على المواطنين.

تداول الأموال خارج النظام المصرفي
وفيما يخص مقترحات الحد من هذه الظاهرة، أشارت الخبيرة  إلى ضرورة تطبيق سياسات متكاملة تسهم في جذب الأموال النقدية إلى النظام المصرفي في المغرب ، من بين أبرز هذه الحلول تعزيز الشمول المالي من خلال توفير خدمات مصرفية مرنة تلبي احتياجات مختلف شرائح المجتمع، لا سيما الفئات الأقل دخلًا أو التي تعيش في المناطق الريفية.

كما شدد على أهمية التوعية الاقتصادية، بحيث يتم نشر الوعي حول فوائد التعامل مع البنوك والمخاطر المرتبطة بتداول الأموال خارج النظام المصرفي، وأضاف أنه يجب تقديم حوافز مالية وتشجيعية، مثل تخفيض الرسوم البنكية أو تقديم مزايا إضافية للمدخرين، فضلًا عن تطبيق قوانين صارمة ضد الأنشطة المالية غير المشروعة، مع تشجيع الإبلاغ عن أي معاملات مشبوهة.

اختتمت الخبيرة تصريحاتها بالتأكيد على أن وجود نظام مصرفي قوي وشامل هو أساس استقرار أي اقتصاد، وأنه من خلال الحد من تداول الأموال خارج النظام المصرفي، يمكن تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، وحماية الموارد الوطنية، وضمان استفادة جميع المواطنين من الخدمات المالية الحديثة.

مقالات مشابهة

  • إجراءات حاسمة لمواجهة شح السيولة في المغرب.. خبراء: الطلب المتزايد في قطاعي الإعمار والصناعة ضغط على القطاع المصرفي.. وتداول الأموال خارج النظام المصرفي يعني غياب أي سجل
  • الجالية السورية بالمغرب تدعو الإدارة الجديدة لإعادة فتح السفارة بالرباط
  •  الجزائر تدعو إلى مشاورات مغلقة حول الأوضاع الخطيرة التي تواجهها الأونروا بفلسطين
  • الجالية السورية بالمغرب تدعوا الإدارة الجديدة لإعادة فتح السفارة بالرباط
  • فرنسا تشرع في ترحيل أزلام النظام العسكري الجزائري بالقوة من التراب الفرنسي
  • الأسرة الثورية تُعرب عن استنكارها للتحرشات العدائية الفرنسية التي تستهدف الجزائر
  • بتهمة سرقة سيارة.. اعتقال حفيد مانديلا “أجير النظام الجزائري”
  • الجالية السورية بالمغرب تراسل وزير خارجية بلادها الجديد لفتح السفارة في الرباط والتراجع عن فتح تمثيلية للبوليسارو
  • قمة طرابلس.. تحالف مغاربي جديد: هل تسعى الجزائر لتجزئة المغرب العربي؟
  • البكالوريا المصرية..تفاصيل الشهادة الجديدة التي ستحل محل الثانوية العامةوتمنح الطلاب فرصًا عالمية