التحالف الأمريكي في البحر الأحمر.. حارس للرخاء أم داع للخراب ..؟!
تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT
في إطار الدعم المطلق الذي تقدمه لكيان العدو الإسرائيلي ، أعلنت الولايات المتحدة تشكيل تحالف بحري يضم عشر دول يتولى تسيير دوريات بحرية جنوب البحر الأحمر وخليج عدن بهدف حماية الممر البحري والتجارة العالمية – كما جاء في الإعلان الأمريكي.
التحالف الذي أطلق عليه وزير الدفاع الأمريكي اسم “حارس الرخاء”، يهدف- في الحقيقة- إلى فك الحصار البحري المحكم الذي فرضته البحرية اليمنية على كيان العدو وأصاب ميناء أم الرشراش بالشلل التام ، حسب اعتراف إدارة الميناء .
الولايات المتحدة والدول المشاركة معها في هذا التحالف لا يعنيها سوى ازدهار الكيان الإسرائيلي ، فمتى كان استقرار دول العالم ورخاؤها هدفا تعمل أمريكا على تحقيقه !!.
لن تتمكن الولايات المتحدة- بهذا التحالف أو بسواه- من فك الحصار على كيان العدو ، بل قد تؤدي هذه الخطوة الحمقاء إلى إغلاق كامل للبحر الأحمر أمام الملاحة الدولية.
فاليمن لا يمكن له أن يتراجع عن القيام بدوره في نصرة غزة التي تتعرض لحرب إبادة لا سابق لها في تاريخ العالم، وسوف تستمر القوات اليمنية في عملياتها البحرية الموجهة حصرا لمنع السفن المتوجهة إلى موانئ العدو، والمشروطة بفك الحصار القاتل عن 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزة .
كما لن تتردد القوات المسلحة اليمنية في الرد بحسم وقوة في حال تعرضت مياهها أو أرضها لأي عدوان من قبل هذا التحالف .
تحالف اليمنيين مع إخوانهم في فلسطين المحتلة سيظل ثابتا لأنه ينطلق من مبادئ ايمانية وإنسانية ، ومن واقع العدو المشترك والمصير المشترك ، ولم يتأثر رغم المغريات التي قدمت لصنعاء ، ولن يتأثر بالغطرسة الإسرائيلية والتهديدات الأمريكية .
تدرك صنعاء أن التحالف العسكري- الذي شكلته الولايات المتحدة لعسكرة المياه قبالة السواحل اليمنية- ليس جديدا ، فهو مجرد إحياء للتحالف الذي أعلنته في الـ17 من أبريل 2022 ، أي بعد نحو أسبوعين من بدء الهدنة مع تحالف العدوان على اليمن . حينها أعلنت واشنطن تشكيل تحالف بحري من 15 دولة بينها أربع دول عربية مصر ، السعودية ، الأردن والبحرين”، وبحسب الإعلان ، يتولى التحالف مهمة « “مكافحة الإرهاب والمخدرات ، ويقوم بعمليات المراقبة والتفتيش “، وحدد نطاق “ عملياته بالبحر الأحمر وخليج عدن ، ولا يزال هذا التحالف قائما ويطلق عليه اسم CTF153 قوة المهام المشتركة 153». وبحسب تصريحات وزير الدفاع الأمريكي لويد اوستن خلال زيارته للبحرين- التي تستضيف الأسطول الأمريكي الخامس في الشرق الأوسط- فإن الدول المشاركة في التحالف الجديد تشمل : بريطانيا والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشيل وإسبانيا. وأضاف أنهم سيقومون بدوريات مشتركة في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن.
وقال اوستن : يعتبر التحالف الجديد إضافة إلى ، أو جزءاً من الـ CTF153
هذا الدمج ، يعني أن الولايات المتحدة تعمل على توريط الدول العربية المشاركة في التحالف السابق – مصر ، السعودية ، الأردن والبحرين – بمهام ومسؤوليات التحالف الجديد الذي يهدف إلى حماية مصالح العدو الإسرائيلي وفك الحصار عنه ، في الوقت الذي يمارس فيه مجازر يومية وحرب إبادة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة ، كما أنه يهدف أيضا إلى استهداف اليمن ، وسيمنح كيان العدو وقتا أطول لاستمرار حرب الإبادة في غزة والضفة . وهذا يقتضي من الدول العربية المشاركة في تحالف 2022م، توضيح مواقفها وعلاقتها بالتحالف الجديد الموجه .
صنعاء التي تواجه حربا دولية وحصارا جائرا منذ أكثر من ثماني سنوات، رفضت كل العروض والإغراءات التي قدمت لها مقابل وقف عملياتها في استهداف السفن المتوجهة إلى موانئ العدو الإسرائيلي ، فما الذي يجبر دولا عربية للاصطفاف مع بايدن ونتنياهو في هذه المعركة ؟.
الدعم الأمريكي لكيان العدو، دعم أعمى لا حدود له ، دعم ينال من المصلحة الأمريكية نفسها .. لم تكن الإدارة الأمريكية معزولة ومنبوذة سياسيا وأخلاقيا كما هي الآن بسبب دعمها الأعمى للكيان الاسرائيلي . وقفت الإدارة الأمريكية أمام العالم أجمع ورفضت وقف إطلاق نار إنساني في غزة ، وسيكون من الصعب عليها ممارسة دورها لفرض أجندتها في مختلف أنحاء العالم .
لن يكون بإمكانها ابتزاز الصين في ملف تايوان أو الإيغور ، ولن يكون بإمكانها التجييش ضد روسيا أو استخدام نفس الذرائع لمحاصرة الدول المناهضة لها في آسيا وأمريكا اللاتينية ، بل لن يكون بوسع البيت الأبيض أن يستمر في استغفال الشعب الأمريكي نفسه .
ولذلك يشعر اليمنيون أنهم على صواب في مواقفهم تجاه أمريكا وسياستها .. أمريكا التي ورطت الدول الأوربية في حرب أوكرانيا ، ثم استغلت أزمة الغاز في الدول الحليفة وقدمت لها الغاز الأمريكي بأسعار مضاعفة ، تعمل حاليا لتوريط الدول الأوروبية في البحر الأحمر وباب المندب الذي يعد بمثابة حنجرة أوروبا ، وأي تداعيات تحدث في هذا الممر الملاحي ستكون أوروبا هي الخاسر الأكبر ، ولن يجلب لها تحالف “ حارس الازدهار “ الأمريكي سوى الخراب .
لقد كان هدف اليمن واضحا ومحددا ، ولا تزال القيادات اليمنية تؤكد أنها لا تستهدف سوى السفن المتوجهة لموانئ الاحتلال الصهيوني ، وأن توقف هذه العمليات مرهون بإدخال الغذاء والماء والدواء للمحاصرين في قطاع غزة ، لكن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة كعادتهما تعملان على تحويل أزمة دولة الصهاينة إلى أزمة دولية، ودفعتا الكثير من شركات الشحن العالمية – غير المستهدفة – إلى وقف رحلاتها في البحر الأحمر واتخاذ مسارات بديلة ، ومن بين هذه الشركات “ بريتش بتروليم BP” النفطية ، وبحسب إحصاءات أوربية ، فإن الشركات التي حولت مسار سفنها تسيطر مجتمعة على نحو نصف سوق شحن الحاويات في العالم .
وكانت شركة النفط والغاز النرويجية «إكوينور» أعلنت الاثنين، أنها أعادت توجيه «بضع سفن» تحمل النفط الخام والغاز البترولي المسال بعيداً عن البحر الأحمر، ورفضت الشركة الإفصاح عن عدد هذه السفن.
كما قالت شركة ناقلات النفط البلجيكية “يوروناف” إنها تتجنب البحر الأحمر حتى إشعار آخر.
وأجبرت العديد من الشركات على إعادة التفكير في علاقاتها مع كيان العدو، إذ قالت شركة إيفرغرين التايوانية، الإثنين، إنها قررت التوقف مؤقتاً عن قبول شحنات إسرائيلية.
وفي حين يتكبد كيان العدو خسائر فادحة بسب العمليات البحرية اليمنية، لا تزال التداعيات في القارة الأوروبية والعالم ضئيلة ومحدودة ، فالارتفاع في سعر النفط لم يتجاوز عتبة 1.8 $ ليصل إلى 77.95$ للبرميل ، كما ارتفع سعر الغاز في بريطانيا نحو 8%.
ومن المرجح أن التحالف الذي شكلته الولايات المتحدة “ لحماية التجارة العالمية وحراسة الرخاء العالمي “ لن يثمر سوى الخراب .
aassayed@gmail.com
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
موقع مركز الأمن البحري الدولي: “أزمة البحر الأحمر فضحت انعدام الثقة بين واشنطن وأوروبا”
يمانيون../
خلاف عميق بين ضفتي الأطلسي، عنوانه العريض من يقود، ومن يتبع؟ تقرير أمريكي يكشف كيف وجدت واشنطن نفسها في عزلة بحرية، بعد أن أدارت أوروبا ظهرها لقيادتها العسكرية، مفضّلةً العمل تحت مظلة الاتحاد الأوروبي. انقسام يتجاوز أزمة مؤقتة، ويكشف عن صراع مكتوم يعيد رسم خرائط النفوذ داخل التحالف الغربي.
حيث نشر موقع مركز الأمن البحري الدولي (CIMSEC) الأمريكي مقالًا تحليليًا بقلم آنا ماتيلد باسولي بعنوان “تشريح أزمة البحر الأحمر: الناتو في مواجهة الاتحاد الأوروبي”، ضمن أسبوع القوة البحرية لحلف شمال الأطلسي، يكشف بقسوة عن الخلافات العميقة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ويفضح فشل واشنطن في قيادة جهود موحدة لمواجهة أزمة البحر الأحمر، التي تعطل التجارة العالمية منذ أكثر من عام”. المقال، الذي حظي بتعليق واحد، يعري انقسامات عبر الأطلسي تهدد استراتيجية الناتو البحرية وتكشف عن عجز الولايات المتحدة في فرض هيمنتها أو كسب ثقة حلفائها”.
تكشف باسولي أن “الأزمة ليست مجرد اضطراب تجاري، بل فضحت انعدام الثقة بين واشنطن وأوروبا، حيث عبر مسؤولون أمريكيون في رسائل مسربة عن إحباطهم من “اضطرار الولايات المتحدة لإنقاذ أوروبا مرة أخرى”. لكن هذه المشاعر تتجاهل السبب الحقيقي: النهج الأمريكي الهجومي المنفصل عن النهج الدفاعي الأوروبي، مما أدى إلى شلل الجهود المشتركة. صعود الاتحاد الأوروبي كفاعل أمني بحري أضعف قبضة واشنطن على الناتو، حيث يرفض الأوروبيون القيادة الأمريكية، معتمدين على “أسبيدس” بدلاً من “حارس الرخاء”، في انقسام غير مسبوق يكشف هشاشة التحالف”.
وقالت الكاتبة : “في ديسمبر 2023، أطلقت واشنطن عملية “حارس الرخاء” لمواجهة هجمات الحوثيين، داعية حلفاء الناتو، بما في ذلك المملكة المتحدة، كندا، فرنسا، إيطاليا، هولندا، النرويج، وإسبانيا، للانضمام. لكن المملكة المتحدة، كندا، والنرويج فقط التزمت، بينما انسحبت القوات الأوروبية لدعم “أسبيدس”، مهمة دفاعية بقيادة الاتحاد الأوروبي، رافضةً صراحةً القيادة الأمريكية”.
مؤكدة أن هذا “التمرد أضعف “حارس الرخاء”، حيث خصصت إيطاليا مدمرتين وفرقاطتين، وفرنسا ثلاث فرقاطات لأسبيدس، بينما قدمت مساهمات ضئيلة أو معدومة لحارس الرخاء”. ألمانيا وبلجيكا ساهمتا بفرقاطة لكل منهما، واليونان بفرقاطتين، وهولندا بفرقاطة وسفينة دعم، بينما قصّرت السويد وفنلندا بأفراد محدودين. إسبانيا، بشكل صارخ، لم تقدم شيئًا، رغم استفادة موانئها من الأزمة. في المقابل، قدمت المملكة المتحدة مدمرتين (HMS Diamond وHMS Duncan)، فرقاطتين، ودعمًا جويًا، مُظهرةً التزامًا يفضح تقاعس أوروبا. الدنمارك أرسلت فرقاطة معطلة، مما أدى لإقالة رئيس دفاعها، وأعطت فرنسا الأولوية لمصالحها الوطنية، مما يعكس أنانية أوروبية تعمق الفشل الأمريكي”.
واشار المقال إلى أن هذا الانقسام يكشف سعي أوروبا للاستقلال الاستراتيجي قبل إدارة ترامب الثانية، حيث أكدت إيطاليا، فرنسا، وألمانيا على عملية دفاعية دون ضربات برية، متجاهلةً دعوات واشنطن”…مضيفا بأن “خطاب الأوروبيين عن الوحدة عبر الأطلسي يتناقض مع مشاركتهم في مناورات المحيطين الهندي والهادئ والبحر الأبيض المتوسط كـ”تدريب” دون التزام فعلي، مما يثير تساؤلات عن موثوقيتهم”.
واشار المقال بأن “واشنطن تفشل أيضًا في الاعتراف بالاتحاد الأوروبي كفاعل أمني، حيث يركز محللون مثل مايكل سي. ديسيانا على حارس الرخاء، متجاهلين أسبيدس، بينما يبرر دوغ ليفرمور القوة من منظور أمريكي، غافلين عن أن الأوروبيين يرون أنفسهم يحمون التجارة بنجاح”.
وأن هذا “التحيز يكشف أن واشنطن ترى أوروبا عبر الناتو فقط، بينما تتجه أوروبا نحو الاتحاد الأوروبي، مدفوعةً بـ”عدوانية” أمريكية تدفعها للاستقلال. الولايات المتحدة ترى الأزمة كمنصة للهيمنة البحرية ومواجهة الصين، بينما لا تهتم أوروبا بالصين، مركزةً على التجارة بنهج دفاعي يشبه القوافل، مما يؤدي إلى عمليتين متداخلتين دون هدف مشترك”.
واختتم المقال أن الأزمة، من منظور أمريكي، “ليست لإنقاذ أوروبا، بل لتأكيد الهيمنة البحرية وإرسال رسائل للصين بأن واشنطن ليست “قوة ميتة”. لكن هذا الطموح يصطدم بإجهاد القوات الأمريكية ورفض أوروبي، مما يهدد مبادئ القوة الساحقة والسيطرة البحرية”. مشيرا الى أن “الحوثيين يحققون النصر، وميناء إيلات الإسرائيلي ينهار ماليًا كـ”الضحية الأولى”، بينما تظل واشنطن عاجزة عن فرض قيادة موحدة”.
أكد أن الفهم الأفضل للتوقعات والأهداف في البحر الأحمر قد يُمهد الطريق لإصلاح العلاقات عبر الأطلسي. وفي الوقت الحاضر، لا أحد يمتلك الوصفة المثالية لإنهاء هذه الأزمة، ومن المرجح أن النهج المنقسم قد طال أمده. فيما لم يكتفِ الحوثيون بتولي زمام المبادرة في الوصول إلى النصر، بل إن الضحية الحقيقية الأولى لهذه الأزمة – ميناء إيلات الإسرائيلي – قد وقع تحت ضغط مالي. مضيفا أن الوقت قد نفد أمام الولايات المتحدة للشكوى من أوروبا دون خطة. وبالمثل، أثبت الوقت أن الاتحاد الأوروبي لا يزال غير موثوق به كجهة أمنية فاعلة. مؤكدا أن استراتيجية حلف شمال الأطلسي المتكاملة التي تراعي المنظورين الأمريكي والأوروبي هي الخيار الوحيد لتحقيق النصر. أما الخيار البديل فهو الهزيمة.