هاآرتس: واشنطن سوف تضطر لقبول حكم إسرائيلي كامل لغزة في تلك الحالة
تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT
سلط محلل شؤون الشرق الأوسط الإسرائيلي زيفي بارئيل، الضوء على التعارض الواضح في وجهات النظر بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيلي حول من سيتولى الحكم في اليوم التالي للحرب في غزة.
وأوضح بارئيل في تحليل نشره بصحيفة هاآرتس العبرية، أن الولايات المتحدة تؤيد تولي السلطة الفلسطينية مسؤولية إدارة غزة، وهو الأمر الذي ترفضه إسرائيل جملة وتفصيلا.
ولفت إلى أن السلطة الفلسطينية بدورها تشترط أن يكون توليه مسؤولية إدارة غزة مصحوبة بتحول سياسي كبير.
واستشهد المحلل الإسرائيلي بتصريحات رئيس الحكومة الفلسطينية محمد أشتية التي قال فيها الإثنين إن "القيادة الفلسطينية ليست على مقاس أحد، وشرعيتها من شعبها، وصوت الشعب في صندوق الاقتراع"، وأن إسرائيل من السلطة الفلسطينية أن تكون "سلطة أمنية إدارية".
وقال المحلل الإسرائيلي إن تصريحات أشتية الغاضبة جاءت بعد نشر تفاصيل لقاء مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض، جيك سوليفان، على الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وخلال اللقاء أكد المسؤول الأمريكي على ضرورة "ضخ دماء جديدة" في السلطة الفلسطينية و"إحضار أشخاص أصغر سناً وذوي قدرات عالية ويتمتعون بمصداقية بين الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة إلى مناصب صنع القرار".
وبحسب تقرير منفصل لوكالة رويترز، اقترح سوليفان أن يقوم عباس بتعيين نائب له ونقل بعض صلاحياته إليه.
لكن الموضوع الرئيس للمحادثات بين سوليفان وعباس كان إعادة تنشيط أفراد قواتها الأمنية في غزة لإعداد قوة أمن وشرطة محلية للقطاع بعد انتهاء الحرب هناك.
وأوضح المحلل أن عدة ألاف من ضباط الشرطة والأمن الفلسطينيين المتمركزين في غزة فروا إلى الضفة الغربية في عام 2007 عندما استولت حماس على السلطة في انقلاب وما زالوا يتلقون رواتبهم من السلطة الفلسطينية.
اقرأ أيضاً
خليفة عباس المحتمل: السلطة الفلسطينية مستعدة لإدارة غزة بعد الحرب
وتابع أشتية أن "السلطة المتجددة التي تريدها إسرائيل وحلفاؤها ليست سلطتنا، إسرائيل تريد سلطة أمنية إدارية، نحن سلطة وطنية نناضل من أجل تجسيد الدولة على الأرض وصولا إلى الاستقلال وإنهاء الاحتلال".
وقال إن إسرائيل تريد سلطة بمنهاج مدرسي متعايش مع الاحتلال، مضيفا "نحن منهاجنا الوطني يقول عن القدس عاصمتنا، ويتحدث عن حق العودة، وهو منسجم مع المعايير الدولية ومبني على العلم والتعلم، ويعكس تاريخنا وحضارتنا وثقافتنا".
وأوضح المحلل أن الغرض من هذه المحادثات الأمريكية الفلسطينية الأخيرة ليس سرا، فبعد مشاورات مع مصر والأردن وعدد من دول الخليج، توصلت واشنطن إلى اتفاق على عدم وجود مرشح آخر لإدارة قطاع غزة بعد انتهاء الحرب سوى السلطة الفلسطينية.
والأسبوع الماضي، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري إن السلطة الفلسطينية يجب أن تدير شؤون قطاع غزة والضفة الغربية، لكنه أشار إلى أنه من السابق لأوانه مناقشة ذلك.
وذكر بارئيل، وفقا لتقارير إعلامية فإن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قدم المزيد من الأفكار الملموسة، في هذا الصدد.
وبحسب المصدر ذاته، فقد طلب السيسي من الرئيس الأمريكي جو بايدن الضغط على إسرائيل لإطلاق سراح مروان البرغوثي حتى يتمكن من إنشاء سلطة فلسطينية تحظى بدعم شعبي واسع، على أن يصبح محمود عباس رئيسا فخريا.
ولكن السيسي يدرك أيضاً ــ بل وقد أوضح ذلك للأمريكيين ــ أنه لن يكون هناك خيار سوى دمج حماس في هذه السلطة الفلسطينية الجديدة.
وبحسب الكاتب فإن الولايات المتحدة غارقة في الوقت الحالي في التخطيط لنموذج غزة في اليوم التالي للحرب بين إسرائيل وحماس، ومع ذلك، فمن دون شريك إسرائيلي، فإن هذه تخطيط واشنطن سوف يرسم مسارا تصادميا مع تل أبيب.
فلا تزال إسرائيل تسعى إلى معارضة أي احتمال، ولو حتى في التلميح، لحصول السلطة الفلسطينية على أي مسؤولية لإدارة قطاع غزة.
ولفت بارئيل إلى أن الولايات المتحدة تواجه بالفعل صعوبات في إملاء كيفية إدارة غزة بعد الحرب على إسرائيل.
وأرجع تلك الصعوبة في المقام الأول عدم قدرة واشنطن على إيجاد بديل فلسطيني أو أي بديل آخر للسيطرة المدنية الإسرائيلية على القطاع.
وبدون تعاون وشراكة السلطة الفلسطينية، فمن المحتمل أن تجد الولايات المتحدة، نفسها في موقف يضطر فيها إلى الموافقة على الاحتلال الإسرائيلي الكامل والمباشر لقطاع غزة لفترة طويلة، وحينئذ سيكون عليها الاكتفاء بمراقبة سلوك إسرائيل الإنساني والعمل كوسيط في توفير الكميات المطلوبة من الغذاء والدواء.
اقرأ أيضاً
واشنطن تحث عباس على إجراء إصلاحات في السلطة لإدارة غزة بعد الحرب
المصدر | زيفي بارئيل/ هاآرتس- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: قطاع غزة إسرائيل حرب غزة إدارة قطاع غزة السلطة الفلسطینیة الولایات المتحدة غزة بعد
إقرأ أيضاً:
لا تركعوا لجيش وضع الدواعش فوق رؤوسكم
رشا عوض
إن المتابع بأمانة لمقالاتي يعلم أنني منذ بداية الحرب نزعت عنها المشروعية الوطنية والسياسية والأخلاقية، ووصفتها بأنها صراع سلطة أرعن وقذر بين طرفين عسكريين القاسم المشترك بينهما الاستخفاف بحياة السودانيين والافتقار للحدود الدنيا من المسؤولية تجاههم والرغبة الجامحة في قمعهم بالقوة، وقلت بالحرف الواحد إن انتصار أي طرف منهما انتصارا حاسم معناه تدشين استبداد أرعن، ولذلك لم أتمن شيئا منذ اندلاع الحرب سوى توقفها واستيعاب طرفيها أو بالأحرى أطرافها لحقيقة أن طريق السلطة في السودان يجب أن لا يمر بفوهات البنادق؛ لأن ذلك سيشعل الحروب المدمرة نظرا لتعدد الجيوش. ولخصت الحرب بأنها آخر تجليات “المرض المناعي” الذي أصاب النظام الإسلاموي، فجعل المنظومة الأمنية والعسكرية لهذا النظام تقاتل بعضها البعض بدلا من أن تحمي النظام.
قمة الغباء والعبط أن تأتي جحافل “بني عالم” و”بني معلوف” وتتحدث معي حديث الشماتة الساذجة عن ما يسمى “انتصارات الجيش” وكأنني قائد عسكري في الد. عم السريع!! أو كأنني أراهن على بندقية الدعم السريع، وانتظر منها خلاصا!
يصنعون الكذبة، ويصدقونها ويتعاملون معها كحقيقة مطلقة!
إن كل من يتحدث عن انتصارات بشكل قاطع ونهائي قبل أن تضع الحرب أوزارها، وتتوقف تماما فهو أحمق!
خمسة عشر شهرا والدعم السريع متقدم والجيش ينسحب، وفي الخمسة أشهر الأخيرة ظل الجيش يتقدم والدعم السريع ينسحب، وفي هذه المطاردة اللعينة المستمرة حتى هذه اللحظة قتل عشرات الآلاف، وتشرد الملايين وتجرعوا ألوانا وأشكالا من المذلة والهوان وتدمرت البلاد، نتمنى أن يدفع تقدم الجيش ميدانيا نحو المفاوضات لإنهاء الحرب لا أن يدفعه للارتهان للدواعش، وتمكينهم من ذبح الثورة والثوار.
عندما كان ألد. عم السريع يدخل إلى أي ولاية جديدة منذ بداية الحرب كنت أقول إن الخبر اليقين من وجهة نظري هو استمرار القتل والتشريد والدمار للبلد، ولم يسبق مطلقا أن احتفلت بشيء اسمه “انتصارات الد. عم السريع” لأن الانتصار من وجهة نظري هو تحقيق السلام، وهو انعتاق مصيرنا من سيطرة كل الفصائل العسكرية. وهو استيعابنا لا هم الدروس والعبر من هذه الحرب والعزم على بناء المستقبل على ضوء هذه الدروس.
المواطن العادي الذي أفقدته هذه الحرب كل شيء، وذاق بسببها مرارة فقدان الأحبة وفقدان الكرامة له دين مستحق في رقبة كل أطراف الحرب سواء من انتصر، أو من انهزم؛ لأنه دفع ثمنا باهظا من دمه وماله وعرضه وأمانة وطمأنينته، وكل تفاصيل حياته في حرب قذرة محورها صراع السلطة بين الكيزان المسيطرين على الجيش والد. عم السريع الذي تمرد على وضعية الشريك الأصغر، وأصبح طامعا في السلطة، وهذا الصراع يعكس الفساد الكبير والخلل الهيكلي في كامل المنظومة العسكرية والأمنية، ذلك الخلل الذي جعلها تنحرف عن أداء واجبها وهو توفير الأمن والحماية للمواطن، وتنخرط في الصراع على السلطة بالسلاح الثقيل وسط الأحياء السكنية ضاربة عرض الحائط بأرواح المواطنين. وهذا الخلل هو السبب في أن الجيش والد. عم السريع في هذه الحرب تشاركا ذات الجرائم والانتهاكات ضد المدنيين ابتداء من السرقة و”الشفشفة” وصولا إلى المجازر الجماعية للعزل، وتفوق الجيش على ألد. عم السريع بالممارسات الداعشية من جز الرؤوس وبقر البطون.
ولكن الآلة الإعلامية التضليلية تعكس الآية تماما، وتدخل في روع المواطن أنه مدين للجيش ومطالب بالركوع له؛ لأن الجيش طرد ألد. عم السريع من مدينة أو قرية أو حي سكني!
مع العلم أن المنطق القويم يقول إن المواطن العائد إلى بيته المسروق أو المدمر، وإلى مدينته المحطمة التي تكسو شوارعها الأنقاض والألغام والشظايا والجثث المتحللة، من حق هذا المواطن أن يسأل ويلح في السؤال: لماذا حدث لي كل ذلك؟ لماذا يقتلني السلاح الذي دفعت الدولة ثمنه خصما على لقمة عيشي وميزانية صحتي وتعليم أبنائي ونوعية الخدمات التي أتلقاها؟ من حقه أن يسأل ويلح في السؤال لماذا سلبتني المؤسسة العسكرية الأمن والأمان باقتتالها على السلطة داخل منزلي ومدرستي ومشفاي وصيدليتي؟ لماذا انسحب الجيش، ولم يحمني، بل استبسل فقط في حماية ثكناته؛ لأنها رأس ماله الذي يفاوض به على السلطة؟ لماذا يستفزني الجيش بأن يأتيني بعد كل هذا الدمار، وهذه المعاناة حاملا على ظهره كتائب الإسلاميين الإرهابية، ويطلق العنان للسفهاء يهددون ويتوعدون كل من قال لا للحرب بالسجن والتعذيب والقتل بعد أن نفذوا ذلك بالفعل في كل المناطق التي دخلوها؟ لماذا يؤكد لنا الجيش أنه ما زال حصان طروادة الذي سيخرج لنا منه نظام الحركة الاسلامية اسما الإجرامية فعلا التي صنعت الجنجويد، وشاركتهم إجرامهم ومكنتهم عسكريا واقتصاديا لحراسة حكمها، وعندما تمردوا على هذا الدور أشعلت هذه الحرب على أجسادنا، وفرضت علينا أن ندفع ثمن جرائمها في حق الدولة السودانية؟ وبعد هذا الحريق تريد هذه العصابة المأفونة بكل بجاحة وصفاقة أن تعتلي هي محاكم التفتيش الوطني والأخلاقي، وتصدر أحكام الإعدام المادي والمعنوي، وتنفذها على كل معارض لمشروع عودة الاستبداد والفساد الكيزاني مجددا!! على كل من عارض هذه الحرب القذرة واعتزل فتنتها!
آلة التضليل وتزييف الوعي التي تزدري العقل والمنطق ستجيب بأن السبب هو الجنجويد، حسنا، هل الجنجويد هبطوا من السماء يوم 15 أبريل 2023.
ألم يكن نظام الكيزان الذي يقاتل من أجل العودة إلى السلطة الآن هو من أنشأ قوات الد. عم السريع وقنن وجودها كجيش مواز، وفي برلمانهم اجتهدوا في أن لا يتضمن قانون الد. عم السريع مادة تمنح وزير الدفاع الحق في تعيين قيادته!
ألم يكن السبب في الحاجة لقد. عم السريع هو الخلل الفني في الجيش الذي جعله في حاجة دائما لمليشيات تقاتل نيابة عنه، وبالفعل خاض الد. عم السريع حرب الكيزان ضد الحركات المسلحة في دارفور التي كانت مهددا لسلطتهم، وفشل الجيش في حسمها؟
والجيش الذي اعتمد على الجنجويد في محاربة الحركات المسلحة في دارفور هو ذات الجيش الذي يعتمد الآن في حربه مع قوات الد. عم السريع على مليشيات الحركة الاسلامية اسما الإجرامية فعلا البراء بن مالك والبرق الخاطف والبنيان المرصوص، وعلى حركتي مناوي وجبريل، وحركة مالك عقار، أي على الحركات التي كانت بالأمس القريب متمردة وعميلة ومرتزقة وقادتها خونة محكوم عليهم بالإعدام!
إلى متى يستمر هذا العبث بالوطن والمواطن؟
لقد جعل نظام الكيزان القوة العسكرية هي أساس الشرعية السياسية، وفي ذات الوقت نسف وحدة المؤسسة العسكرية بصناعة المليشيات، وهذه وصفة نموذجية للحروب الأهلية! والجيش حتى خلال هذه الحرب ما زال يصنع في عشرات المليشيات شمالا وجنوبا وشرقا وغربا، الأمر الذي يؤكد أن هذه الحرب بكل ما شهدناه من قسوتها ووحشيتها لو توقفت اليوم يمكن أن تتكرر بكل بساطة وقريبا جدا!! ولن يمنع تكرارها انتصار هذا الطرف أو ذاك، الذي يمنع تكرارها هو معالجة أسبابها الجذرية بحكمة وعدالة ومصداقية، وعلى رأس هذه الأسباب فساد واختلال كامل المنظومة العسكرية والأمنية في البلاد وتعدد الجيوش والمظالم التنموية، وقد كان للنظام الإسلاموي المدحور نصيب الأسد في المسؤولية عن هذه الكوارث.
الوسومرشا عوض