هيومن رايتس ووتش: الكيان الصهيوني يستخدم التجويع «سلاح حرب» في غزة
تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT
الثورة / إسكندر المريسي
يشهد قطاع غزة في الظرف الراهن لأكبر كارثة إنسانية عرفها التأريخ جراء القصف الممنهج والغارات اليومية التي يشنها الكيان الصهيوني على ذلك القطاع منذ أكثر من شهرين.
حيث خلفت تلك الغارات والقصف الجوي آثارها الكارثية والمدمرة على حياة المدنيين وصفها الكثير بالعقاب الجماعي وما نتج عنه من استشهاد الكثير جوعا أو من تفشي الأوبئة والأمراض المنتشرة جراء عدم دخول المساعدات الطبية والإنسانية بسبب الحصار المطبق الذي يفرضه العدو على قطاع غزة.
حيث قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، إن الحكومة الإسرائيلية تستخدم تجويع المدنيين أسلوبا للحرب في قطاع غزة المحتل، ما يشكل «جريمة حرب».
وأشارت المنظمة في بيان صدر عنها، أمس الإثنين، إلى أن الجيش الإسرائيلي يتعمد منع إيصال المياه، والغذاء، والوقود، بينما يعرقل عمدا المساعدات الإنسانية، ويبدو أنه يجرّف المناطق الزراعية، ويحرم السكان المدنيين من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم.
وقال مدير شؤون إسرائيل وفلسطين في هيومن رايتس ووتش عمر شاكر: «لأكثر من شهرين، تحرم إسرائيل سكان غزة من الغذاء والمياه، وهي سياسة حث عليها مسؤولون إسرائيليون كبار أو أيّدوها، وتعكس نية تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب»، مطالبا زعماء العالم برفع أصواتهم ضد جريمة الحرب البغيضة هذه، ذات الآثار المدمرة على سكان غزة.
وأضاف شاكر: «تضاعف الحكومة الإسرائيلية عقابها الجماعي للمدنيين الفلسطينيين ومنع المساعدات الإنسانية باستخدامها القاسي للتجويع كسلاح حرب»، مؤكدا أن الكارثة الإنسانية المتفاقمة في غزة تتطلب استجابة عاجلة وفعالة من المجتمع الدولي.
ورأت المنظمة في بيانها، أن على الحكومة الإسرائيلية أن تتوقف فورا عن استخدام تجويع المدنيين أسلوبا للحرب، مطالبة حكومة الاحتلال بإعادة توفير المياه والكهرباء، وتسمح بدخول الغذاء والمساعدات الطبية والوقود التي تمس الحاجة إليها إلى غزة عبر المعابر، بما فيها كرم أبو سالم.
وطالبت الولايات المتحدة، وبريطانيا، وكندا، وألمانيا، وغيرها بتعليق المساعدات العسكرية ومبيعات الأسلحة لإسرائيل، طالما يستمر جيشها في ارتكاب انتهاكات خطيرة وواسعة ترقى إلى جرائم حرب ضد المدنيين مع الإفلات من العقاب.
وقابلت «هيومن رايتس ووتش» 11 مواطنا نازحا في غزة بين 24 نوفمبر و4 ديسمبر، إذ وصفوا الصعوبات الشديدة التي يواجهونها في تأمين الضروريات الأساسية، وقال رجل غادر شمال غزة: «لم يكن لدينا طعام، ولا كهرباء، ولا إنترنت، لا شيء على الإطلاق، لا نعرف كيف نجونا».
وفي جنوب غزة، وصف الأشخاص الذين أجريت معهم مقابلات ندرة المياه الصالحة للشرب، ونقص الغذاء الذي أدى إلى خلو المتاجر والطوابير الطويلة، والأسعار الباهظة.
قال أب لطفلين: «تبحث باستمرار عن الأشياء اللازمة لتعيش».
وبحسب برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة، في 6 ديسمبر، فإن 9 من كل 10 أسر في شمال غزة، وأسرتين من كل ثلاث في جنوب غزة، أمضت يوما كاملا وليلة كاملة على الأقل دون طعام.
ويحظر القانون الإنساني الدولي، أو قوانين الحرب، تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب. وينص «نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية» على أن تجويع المدنيين عمدا «بحرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم، بما في ذلك تعمد عرقلة الإمدادات الغوثية» هو جريمة حرب.
حيث واصلت حكومة الاحتلال منع دخول الوقود حتى 15 نوفمبر، رغم التحذيرات من العواقب الوخيمة لذلك، ما تسبب بإغلاق المخابز، والمستشفيات، ومحطات ضخ الصرف الصحي، ومحطات تحلية المياه، والآبار، وهذه المرافق لم تعد صالحة للاستعمال، ورغم السماح بدخول كميات محدودة من الوقود لاحقا، إلا أن منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة لين هاستينغز وصفتها في 4 ديسمبر بأنها «ليست كافية على الإطلاق».
وأكد خبراء أمميون في 16نوفمبر إن الأضرار الجسيمة «تهدّد باستحالة استمرار الحياة للشعب الفلسطيني في غزة». وكان جيش الاحتلال قد قصف آخر مطحنة قمح عاملة في غزة في 15 نوفمبر.
وقال «مكتب الأمم المتحدة لخدمة المشروعات» إن تدمير شبكات الطرق صعّب على المنظمات الإنسانية إيصال المساعدات إلى من يحتاجون إليها.
وكان للعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة أيضا تأثير مدمر في قطاعها الزراعي، وبحسب «أوكسفام» فإنه: «بسبب القصف المستمر، إلى جانب نقص الوقود والمياه، ونزوح أكثر من 1.6 مليون شخص إلى جنوب غزة، أصبحت الزراعة شبه مستحيلة.
وفي سياق متصل رجّح وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيث، أن يكون عدد الضحايا في قطاع غزة أعلى بكثير من البيانات التي يتم نشرها في الوقت الراهن.
وقال المسؤول الأممي، خلال مقابلة مع صحيفة غربية، إنه لا يزال مجهولا عدد القتلى تحت الأنقاض في قطاع غزة، مضيفا أن المرض والجوع أصبحا السبب الرئيسي للموت والحرمان في القطاع الفلسطيني، الذي يشهد حاليا كارثة إنسانية.
وتابع غريفيث بالقول: «عدد الوفيات بسبب الأمراض قد يكون أعلى بعدة مرات من عدد القتلى الناجمين بسبب العمليات العسكرية والغارات الجوية، لكن الإحصائيات يمكن أن تتغير بشكل جذري بمجرد إزالة الأنقاض»، مشيرًا إلى أن عدد الضحايا في زلزال فبراير في تركيا، تضاعف بعد انتهاء العمل في مجال إزالة الأنقاض.
إلى ذلك وجهت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير، نداء عاجلا للعالم والمؤسسات الحقوقية الدولية، للضغط على الاحتلال للكشف عن مصير معتقلي غزة، ووقف جريمة «الإخفاء القسري» بحقهم.
وأوضحت هيئة الأسرى، ونادي الأسير في بيان مشترك، صدر امس الإثنين، أن هذا النداء جاء في ضوء تصاعد المعطيات حول جرائم مروعة تنفذ بحق معتقلي غزة، التي كان آخرها، معطيات نشرتها صحفية «هآرتس» العبرية، تفيد باستشهاد عدد من معتقلي غزة في معسكر «سديه تيمان» في «بئر السبع»، بعد السابع من أكتوبر، دون معرفة عددهم بشكل دقيق، وظروف استشهادهم.
وبينت الهيئة والنادي، أن سلطات الاحتلال تواصل بعد 73 يومًا على بداية العدوان، والإبادة الجماعية في غزة، تنفيذ جريمة «الإخفاء القسري» بحقهم، التي تشكل مخالفة صارخة للقانون الدولي، ويرفض الاحتلال الإفصاح عن أي معطيات بشأن مصيرهم، في حين حذرت مؤسسات الأسرى مرارًا من استمرار تكتم الاحتلال على مصيرهم، بهدف تنفيذ إعدامات بحقهم.
وقال البيان: إن إصرار الاحتلال على عدم الإفصاح عن مصيرهم وإخفائهم قسرًا، يحمل تفسيرًا واحدًا، وهو أن هناك قرارًا بالاستفراد بهم، لتنفيذ مزيد من الجرائم في الخفاء، على الرغم من أن قوات الاحتلال قد أقدمت على نشر صور ومشاهد مروعة، حول عمليات اعتقال المئات من غزة وهم عراة، خلال الاجتياح البري، واحتجازهم في ظروف لا تمت للكرامة والإنسانية بصلة، وتكفي لأن تكون مؤشرًا على ما هو أخطر وأكبر على صعيد مستوى الجرائم التي تنفذ بحقهم.
وتابع البيان، أنه بعد 73 يومًا من العدوان، وعلى الرغم من كل المطالبات التي تقدمنا بها إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وإلى عدة جهات حقوقية دولية للضغط على الاحتلال للإفصاح عن مصير معتقلي غزة، إلا أن هذه المطالبات لم تلقَ آذانا صاغية، وحّى اليوم فإن الاحتلال لم يفصح رسميًا عن هوية أحد شهداء غزة الذي ارتقى في معسكر «عناتوت» في شهر نوفمبر الماضي، إلى جانب الشهيد ماجد زقول الذي ارتقى في سجن «عوفر».
وأشار إلى أن المعطيات المتوفرة لديهم حول معتقلي غزة، تتمثل في: احتجاز معتقلات من غزة في سجن «الدامون»، بينهن مسنات وطفلات، واحتجاز معتقلين في معتقلات «الجلمة، وبيتح تكفا، وعسقلان، وعوفر»، إلى جانب معسكرات مثل م»عناتوت»، و»سديه تيمان»، إضافة إلى ما أعلن عنه الوزير الفاشي «بن غفير»، بناءً على أمر تقدم به إلى مسؤولة إدارة السجون بنقل معتقلين من غزة إلى قسم «ركيفت» المقام تحت سجن «نيتسان – الرملة».
وبحسب معطيات من إدارة سجون الاحتلال نشرتها في نهاية شهر نوفمبر، فإن «260» من معتقلي غزة صُنفوا «كمقاتلين غير شرعيين»، وجرى اعتقالهم بعد السابع من أكتوبر .
وحصل نادي الأسير والهيئة على عدة شهادات من معتقلين جرى الإفراج عنهم، تحديدًا من سجن «عوفر» وأشارت إلى نّ عمليات تعذيب مروعة ينفذها الاحتلال بحق معتقلي غزة، علمًا أن الاحتلال اعتقل قبل يومين مواطنة من سكان بلدة «حوارة» لمجرد أنها تحمل بطاقة تشير إلى أنها من غزة، وهي مريضة بالسرطان ومقيمة في الضفة، وجرى نقلها إلى معسكر «عناتوت».
وتقوم حكومة الاحتلال منذ بداية العدوان بإجراء تعديلات على تعليمات التنفيذ لقانون المقاتل غير الشرعي، وكان آخرها في شهر ديسمبر الجاري، إذ يتيح هذا التعديل احتجاز المعتقل فترة 42 يومًا قبل إصدار أمر الاعتقال، وتُجري عملية المراجعة القضائية للأمر بعد 45 يومًا من توقيعه، كما يُمنع المعتقل من لقاء محاميه حتى 80 يومًا.
وأكد البيان أن استمرار تكتم الاحتلال على مصير معتقلي غزة هو بمثابة غطاء على الجرائم التي تنفذ بحقهم، مجددًا مطالبته للجنة الدولية للصليب الأحمر، ولهيئة الأمم المتحدة، وكل المؤسسات الدولية، بمراجعة دورها اللازم في ضوء كثافة الجرائم التي يصعد الاحتلال تنفيذها بحق المعتقلين، ومنهم معتقلو غزة، في سبيل الضغط على الاحتلال لوقف جرائمه المستمرة والمتصاعدة بحقهم.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
إغلاق المعابر يفضح نوايا الاحتلال .. وسلاح التجويع مرة أخرى
في غزة، المدينة المحاصرة منذ سنوات، يعود الجوع ليطرق الأبواب من جديد، لكن هذه المرة أشد ضراوةً وأكثر قسوة. في الوقت الذي تصوم فيه العائلات شهر رمضان المبارك، لا يجد كثيرون ما يسد رمقهم على طعام الإفطار، بينما تُغلق في وجوههم الأبواب التي كانت تحمل إليهم القليل من الإغاثة. ليس القصف وحده ما يهدد أرواح الفلسطينيين، بل سياسة التجويع الممنهجة التي يتبعها الاحتلال بإحكام قبضته على المعابر، ومنع دخول المساعدات الغذائية والطبية، في ظل أزمة إنسانية غير مسبوقة.
ليس القصف وحده هو السلاح الفتاك، بل التجويع أيضًا، والتلاعب بأوتار الحياة الأساسية للناس. في غزة، حيث تتشابك الحياة والموت، لا يجد الناس أمامهم سوى الصبر وانتظار معجزة تأتي من رحم الظلم. الأزمات تتفاقم، والأسواق تئن من قلة البضائع وارتفاع الأسعار الجنوني، فيما يواصل الاحتلال فرض قبضته على عنق الاقتصاد الغزي، ليبقى الفلسطيني يدفع الثمن من لقمة عيشه ومن عمره المهدور تحت وطأة الحصار.
اليوم، وبعد أن رفضت إسرائيل الشروع في المرحلة الثانية من الاتفاق، وقررت إغلاق المعابر في وجه البضائع والمساعدات، تمامًا مثلما كانت تفعل في وقت إطلاق النار، تقف آلاف العائلات أمام مصير مجهول، بين أمل تلاشى بوصول المساعدات، وخشيةٍ من مجاعة تقترب شيئًا فشيئًا. لقد تجاوزت الأوضاع الإنسانية في غزة حدود التحذيرات الدولية، ليبقى السؤال الذي يلوح في الأفق: «إلى متى سيبقى الفلسطيني يدفع الثمن وحده؟»
غذاؤنا اختفى
علاء زكريا، مواطن من خان يونس، يتحدث بمرارة عن الواقع الذي يعيشه: «نحن تقريبًا جميع مناحي الحياة وقفت؛ بسبب إغلاق المعابر. كان عندنا دجاج، بيض، لحمة، كل شيء كان موجودًا، اليوم ما فيش. الأسواق فارغة، والأسعار باتت خارج حدود المعقول».
يتنهد علاء وهو يواصل حديثه عن المعاناة اليومية التي يواجهها، قائلاً: «الناس هنا تعيش على القليل، بعض العائلات بالكاد تجد ما تطعمه لأطفالها. اليوم ، رأيت جارة لي تبكي لأنها لم تجد حليبًا لطفلها الرضيع. كيف يُعقل أن يكون العالم متفرجًا ونحن نعيش مجاعة جديدة؟».
يردف بنبرة يملؤها الحزن والغضب خلال حديثه لـ«عُمان»: «إحنا في شهر رمضان، شهر الخير والبركة، لكنه جاء علينا هذه المرة قاسيًا. العائلات كانت تنتظر رمضان كي تعوض ما فات من فقر وجوع خلال الحرب، لكن بدلاً من ذلك، وجدنا أنفسنا في وضع أسوأ».
أولادي حُرموا من مائدة الإفطار
تشعر نور الهدى، 35 عامًا، من دير البلح، بمرارة المجاعة، التي عاشتها خلال حرب السابع من أكتوبر، مجددًا في حلقها، فبعد أن وصلت إلى السوق، لم تجد من السلع ما تطعم به أطفالها الخمس على الإفطار.
تقول لـ«عُمان»: «اللحوم، الأسماك، هذه فُقدت تمامًا، ونحن نشتهيها. نعاني الجوع طوال العام الماضي، عام الحرب، لم نكن نأكل سوى الخبز الجاف، حتى الخضروات لم تكن متاحة. كنا نعيش على الزعتر والزيتون».
تشكو نور ما خلفه إغلاق من ارتفاع في الأسعار بشكل مبالغ فيه، خلال الشهر الكريم: «كنت أمني نفسي بأن يأتي رمضان فأتمكن من إعداد مائدة تليق بأطفالي الذين لم يذوقوا طعم الفرح منذ زمن، لكن حتى ذلك لم يتحقق. لا خضروات، لا لحوم، ولا أي شيء. كل شيء خف وزنه وارتفع سعره بشكل جنوني».
انتكاسة جديدة للأوضاع الإنسانية
أمجد الشوا، رئيس شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، أكد أن إغلاق المعابر يعني كارثة إنسانية حقيقية، قائلاً: «الأوضاع الإنسانية الكارثية تزداد سوءًا، سواء فيما يتعلق بالمساعدات التي يجب أن تدخل من المعابر، أو المواد الأساسية التي باتت شحيحة».
وأوضح أن إسرائيل لم تلتزم بإدخال العدد المتفق عليه من المساعدات «الخيام، والكرفانات، والسولار»، ثم فجأة قررت إغلاق معبر كرم أبو سالم في وجه البضائع، بما فيها من طعام وشراب ومستلزمات طبية.
وأشار لـ«عُمان» إلى أن المساعدات الإنسانية التي تدخل عبر معبر رفح غير كافية: «ما يدخل من المساعدات لا يكفي ليوم واحد».
يحذر الشوا من التداعيات الكارثية لهذا الإغلاق، مشددًا على أن القرار الإسرائيلي بإغلاق المعابر هو «انتكاسة جديدة للوضع الإنساني المتدهور في غزة، لا سيما في ظل الاحتياجات المتزايدة للسكان».
ارتفاع الأسعار 100 ضعف
في مؤتمر صحفي، قال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، إن إغلاق إسرائيل للمعابر أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بأكثر من 100 ضعف. وأضاف: «يخبرنا شركاؤنا الإنسانيون أنه بعد إغلاق المعابر، ارتفعت أسعار الدقيق والخضروات بشكل غير مسبوق».
وأشار دوجاريك إلى أن هذه الإجراءات الإسرائيلية تزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، خاصة مع تهديدات الاحتلال بقطع المياه والكهرباء عن القطاع.
التجويع أداة ضغط سياسية
يرى المحلل السياسي الفلسطيني مصطفى إبراهيم أن الإغلاق الإسرائيلي للمعابر ليس سوى خطوة إضافية ضمن سياسة العقاب الجماعي التي تنتهجها إسرائيل ضد الفلسطينيين.
ويقول: «من الواضح أن قرار الإغلاق هو بمثابة تجديد للحصار وإحكام الخناق على غزة، بحجة أن حركة حماس تعرقل الاتفاق، في حين أن إسرائيل هي التي انتهكته مرارًا وتكرارًا».
ويضيف إبراهيم لـ«عُمان»: «نتنياهو يستخدم التجويع كأداة ضغط سياسي، متجاهلًا الأوضاع الكارثية التي يعيشها المدنيون في غزة. كلما اقترب الوضع من الانفجار، تلجأ إسرائيل إلى مزيد من التصعيد بدلًا من البحث عن حلول حقيقية، والهدف واضح إنهاء الوجود الغزي».
ويؤكد أن «المجتمع الدولي مطالب الآن أكثر من أي وقت مضى بالتدخل الفوري لإعادة فتح المعابر وإنهاء سياسة العقاب الجماعي، لأن استمرار هذا الوضع سيؤدي إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة».
هل يتحرك الوسطاء لإنقاذ شريان حياة غزة؟
يُعد معبر كرم أبو سالم الشريان الحيوي لغزة، إذ تعتمد عليه القطاع لإدخال معظم احتياجاتها من الغذاء والوقود والمواد الطبية. ويمثل إغلاقه ضربة قاسية لاقتصاد القطاع، حيث ترتفع الأسعار بشكل فوري مع أي قرار بإغلاقه، مما يضاعف من معاناة السكان.
وعندما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقف دخول البضائع والمساعدات إلى غزة، كان ذلك بمثابة حكم بالإعدام على آلاف العائلات التي تعيش تحت خط الفقر.
في ظل هذه المعاناة المتفاقمة، يبقى السؤال المطروح: هل سينجح الوسطاء الدوليون في إعادة فتح المعابر وإنقاذ سكان غزة من الجوع، أم أن التجويع سيبقى السلاح المفضل بيد الاحتلال لتحقيق أهدافه السياسية؟
يبدو أن الفلسطينيين في غزة عالقون في معركة حياة أو موت، حيث يقاتلون يوميًا للبقاء على قيد الحياة وسط الحصار والقهر. فهل يتحرك العالم قبل فوات الأوان؟