ضمن فعاليات منتدى الثلاثاء واحتفالًا باليوم العالمي للغة العربية نظم بيت الشعر بدائرة الثقافة بالشارقة أمسية شعرية مساء يوم 19 ديسمبر 2023، شارك فيها الشعراء د.أحمد حبيب آل غريب - الإمارات، وعمر عناز - العراق، د.أحمد بلبولة - مصر، وهيفاء الجبري - السعودية، بحضور الشاعر محمد عبدالله البريكي مدير البيت.

 

بيت الشعر


قدم الأمسية الإعلامي السوداني عبداللطيف محجوب، الذي بين أن اللغة الغربية بآفاقها الرحبة وتكويناتها الجمالية لا يتجاوزها الزمن، لتظل اللغة الأكثر تداولًا، فهي تتمتع بخائص الفصاحة والبلاغة وتستوعب في الوقت نفسه كل جديد، فهي الدر الكامن في عمر الزمن بما تمتلكه من طاقة هائلة تبعث على التخيل، إذ تزداد فعالياتها بآفاقها الواسعة في التصوير واستخدام أدوات المجاز، فالضاد لغة القرآن الكريم، وتتجلى معالمها الرحيبة في الشعر العربي القديم والحديت، فنبتت الحكمة في حدائقها الغناء، وأضحت أقوالها المأثورة صياغات محكمة ضمن هياكلها التعبيرية، مثمنًا دور الشارقة في الحفاظ على دورها الفارق في الاحتفاء بها، ومشيدًا بمبادرات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، التي تبرز جمالياتها وقيمتها على مدى الأزمان. 


وقد جرت وقائع الأمسية في أجواء لغة الضاد بمراياها المضيئة، فكانت اللغة العربية النابضة هي محور النصوص الشعرية التي أبرزت مكانتها الرفيعة كونها أصل ثابت من أصول الهوية في الحياة العربية، فشكل الشعراء لوحات ناطقة بالخيال بما نهلوه من ثرواتها العامرة بالجمال، فعبروا ببلاغة عن مقامها الرفيع وسط جميع اللغات الحية في العالم، فتفاعل معهم الجمهور ومع صيغهم اللافتة وتراكيبهم الدالة على عظمتها، فهي دائمًا قادرة على استصفاء المبدعين بآفاقها الواسعة التي تدعو الشعراء للابتكار واختيار المعاني البلاغية الملتحمة بالحواس بما يجعل كلماتها تضئ على بساط الحكمة.

بيت الشعر


ابتدأ الشاعر د.أحمد حبيب آل غريب الأمسية الشعرية بقراءة  قصيدة حملت عنوان "الإمارات" التي يذكر فيها مآثرها، ويسكب فيها عن حب المعاني البراقة، وهو يرتاد آفاق الخيال، ويبلور المعنى بجمال وعذوبة فيقول:
بُـــشــــــــــــرى ربابـــــــتِــــكَ التـــي غَــــيّــبـْـــــــــتَها 
عَـــــرَضَــــتْ، وأوْدقَــــــها الحنينُ فُـــــراتَـــهـا

وســــمِعــتَ أخلَصَ جــــيــنَةٍ خُـلقـتْ بكم
تــــتـــــلـــو لـــهــــــــــا أورادَهـــــا وصـــــــلاتَـــــــها

في بَــوْحِـــها الإنْـــعامُ ســــــــــاكبُ ذاتِــــــهِ
وشــــــرِبْــتَ منـــهُ مَــــدائـــحــًـــــا أدمَـــــنـتَـــهــــا

وقرأ نصًا آخر حمل عنوان " سجالي والقصيد" المشبع بجمال الأمنيات، والذي يفيض تفاؤلًا وبشرًا، حيث توهجت فيه كلمات الشاعر لتجسد هذا البوح الصافي، فيقول:

أمضـــــــي وأكْــتُــبُ لِلأمـاني صــــانِـــــــعًـا 
للنّــــاسِ حَــبْـــلَ تفــــــاؤلٍ كَـيْ يَرْتَـــــقــــــوا

ونَسَـجْـتُ أسْــتارَ العَواطِفِ وَشْـــــــــيُــهـــــا 
نَـبْــضُ القُــلـــــــــوبِ بأنْمُـلٍ لا تُخْـــــــــفِــقُ

ناداك صوتي ريثمــا أصْـــغـى الْهَــــوى 
لِحَـــــــــــــديـــثِــيَ الْمُـنْســـاب وَهْـــوَ مُتَـوَّقُ

وافتتح الشاعر د.أحمد بلبولة قراءاته الشعرية بنص حمل عنوان " رسائل غيلان" الذي يحمل رؤية مستحدثة يستفيض من خلاله الشاعر في استعراض بوحه الجمالي على صفحة الحياة برصانة أسلوبية، ومن ثم المحافظة أيضًا على بدائع اللغة العربية عبر أسوار الصورة الشعرية الفائقة، فيقول:
بلَغتَ من عمرك الخمسين تزجرها
في الشعر والشعر أم برة وأب
ليت الأناشيد إذ للحرب تكتبها
مثلُ الأناشيد إذ للحب تُكتَتَبُ
بخ بخ أيها المصري أعمدة
التاريخ تشهد والأهرام والقُبُبُ

للقاسمي صلاة لا يؤجلها
في كل بيت بنى للشعر تُحْتَسب

ثم قرأ نصًا آخر بعنوان " منازل" الذي تترامى اتجاهاته، وتشتبك بمواجده الوجدانية، مجسدًا لحظات مشحونة بالإيقاع ‘فيقول:   
نعودُ كأنَّا لم نَغِبْ يا منازلُ
ونمضي كما أَنْ لَنْ تَعُودَ القوافلُ

لنا لهَفٌ للمستحيل يشدنا
إليكِ؛ فلا ننساكِ مهما نحاولُ

نزلناكِ لم نُنْكِرْ صداكِ وإنما
رَمَتْنا بوسواساتِهِنَّ الْخلاخِلُ

أَنَهْذي؟ سألنا الصَّبْرَ لم يَلْتَفِتْ لنا
بِوَجْهٍ كَأَنَّ الصَّبْرَ لِصٌّ مُخَاتِلُ

وألقت الشاعرة هيفاء الجبري نصًا بعنوان "عشق على حافة الكون" الذي يفيض بالبلاغة، ويستغرق في الوصف ويعبر عن الحكمة، فتقول: 
الأرضُ منزلنا لكنّنا قَدرًا 
في عالمين لكلٍّ منهُ مثواهُ

لكُلِّ عمرٍ بنوهُ الوارثونَ كما 
لكلّ موتٍ حياةٌ في وصاياهُ

وما تأخرَ بي عمري سوى لأرى 
قلبًا يوزعُ للموتى مراياه ُ

وفي نصها الشعري الثاني الذي حمل عنوان "الزاوية" دلالات خاصة، ورؤية فلسفية مشهدية عالية التصوير، عميقة الدلالة، فتقول:  
الزاوية


جارنا يتفقّدُ نخلتهُ عندنا 
كل يومٍ تميلُ لزوايةٍ في فناء أبي 
ولكيما تعودَ إلى دارهِ
كان يلزمهُ أن يجئَ إلى بيتنا كلَّ يومٍ 
ليصعدَ نخلتهُ المجتباة من الجهة الذاويهْ

مرضَ الجارُ يوما فقام أبي بالصعودْ

ورأى بيتنا من علٍ 
فرأى كل شئ يذوب على الزاويهْ

وألقى الشاعر عمر عناز آخر ضيوف الأمسية قصيدة بعنوان "عَروسُ الضَّاد" التي تعكس جماليات اللغة العربية، وتحتفي بها  بأسلوب رصين يمس المشاعر، ويدعو للتأمل، فيقول:
لِعُرسِكِ طافحًا بالأُغنياتِ
 أتيتُ بِكُلِّ ما بيْ من حَياةِ

بِقَلبٍ نَبضُهُ أطيافُ رؤيا
مُخَضَّبَةٍ بِماءِ تَجَلِّياتِ

بِما رَسَمَتْ على الشُّطآنِ يومًا
أكُفٌّ مِن مَلامحِ أُمنياتِ

وواصل القراءة بقصيدة أخرى حملت عنوان" كاف لنون القلب"  التي تفيض بالمشاعر الجياشة، إذ يسترجع من خلالها ذكريات عالقة بالقلب في بوح حميم، فيقول:
عبثًا أحاولُ أن أكونكْ
أنا وجهُ من لا يشبهونكْ

أنا دمعةٌ عثرتْ بجفن الغيم
فاختصرتْ شجونكْ

وأنا ارتعاشةُ عاشِقِينَ
على الضّفاف يسطّرونكْ


وفي الختام كرّم الشاعر محمد البريكي، شعراء الأمسية ومقدمها.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: بيت الشعر الشارقة مهرجان الفنون بالشارقة اللغة العربية د أحمد

إقرأ أيضاً:

تحديات تواجه اللغة العربية في عصر الذكاء الاصطناعي.. قراءة

نظمت لجنة المكتبات بالنقابة العامة للمهندسين، برئاسة الدكتور المهندس أحمد فؤاد، احتفالا بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، استضافت فيه الدكتور نسيم عبد العظيم، أستاذ اللغة والنقد بكلية الآداب جامعة المنوفية، والدكتور المهندس أشرف كحلة، أستاذ تكنولوجيا الغزل والنسيج والخطوط العربية بالجامعة الأمريكية سابقًا، والدكتور المهندس عبد العاطي موسى، ولفيف من الأدباء والشعراء المهندسين.

حضر الاحتفالية وأدارها الدكتور المهندس مجدي محمد عبد الله، مقرر لجنة المكتبات، والمهندس ناصر الجزار، عضو اللجنة ومنسق الاحتفالية، وأعضاء اللجنة، وأعضاء اللجنة الثقافية والفنية بالنقابة.

وأعرب المهندس محمود عرفات عن سعادته لوجود زخم في الحضور المتنوع بين الشباب وكبار السن من المهندسين، ما يعكس مدى اهتمامهم باللغة العربية، مؤكدًا أن المهندسين متفوقون في جميع العلوم، معقبا: "لا شك أن اللغة العربية أثَّرت فينا جميعًا".

كما أشار "عرفات" إلى التحديات التي تواجهها اللغة العربية بسبب تزايد اعتماد الأجيال الجديدة على اللغات الأجنبية في أحاديثهم اليومية، ما قد يلقي بأثر سلبي ويؤدي إلى طمس الهوية الثقافية، لا سيما أن اللغة العربية حملت بين طياتها إرثًا ثقافيًا ودينيًا وحضاريًا يُثري الإنسانية عبر العصور،  داعياً لاستغلال التقنيات والتكنولوجيا الحديثة لتطويرها وتعزيز سبل تعلمها عبر تحديث المناهج وتطوير أساليب التدريس الذي يمكن أن يجعل تعلم اللغة أكثر جذبًا خصوصا أن "العربية" تعرف بجمالها البلاغي وتنوع أساليبها الأدبية.

من جانبه، قال الدكتور المهندس أحمد فؤاد، إن اللغة العربية حفظها القرآن كتراث، معبرًا عن سعادته بحضور الاحتفالية كوكبة من الشعراء والأدباء والفنانين من المهندسين، موضحًا أن اختيار يوم الثامن عشر من ديسمبر بالتحديد للاحتفاء باللغة العربية، يأتي كونه اليوم الذي اتخذت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1973، قرارها التاريخي بأن تكون اللغة العربية لغة رسمية سادسة في المنظمة.

فيما وجه الدكتور المهندس مجدي محمد عبد الله، الشكر للمهندس محمود عرفات، لدعمه المستمر للجنة المكتبات، والذي كان له الدور الأعظم في تنظيم العديد من فعاليات وأنشطة اللجنة، خاصة في جولاتها الخارجية.

واستعرض "عبد الله"، خلال محاضرته التي حملت عنوان "آفاق اللغة العربية في عصر الذكاء الاصطناعي"، الفرص والتحديات التي تواجه اللغة العربية في عصر الذكاء الاصطناعي، مطالبًا بإطلاق مبادرات وطنية لدعم اللغة العربية رقميًّا، وإدخال مناهج الذكاء الاصطناعي في التعليم.

بدوره، أكد الدكتور المهندس أشرف كحلة، أن اللغة العربية اللغة الشاملة والجامعة، وكانت صعبة، إلا أن نزول القرآن جعلها سهلة، مشيرًا إلى أن اللغة العربية ليست 28 حرفًا فقط، بل 364، لأن القرآن جعل لكل حرف 13 حركة من فتح وضم وكسر وشد وسكون... إلخ، فكل حركة تعطي معنى مختلفًا، موضحًا أن ما ساهم في سهولة اللغة العربية بشكل أكبر التشابه في الشكل بين الحروف، مثل (ب – ت – ث) و ( ج – ح – خ).

وقال "كحلة" إن هناك بعض القضايا التي أضرت باللغة العربية، منها الاستعمار الأجنبي للدول العربية، وما خلفه من التعليم الخاطئ لنطق بعض الحروف، مثل تبديل نطق حرف (ق) إلى (ج) وحرف (ض) إلى (ظ)، مختتمًا كلمته بالتأكيد على سهولة اللغة العربية، رغم تراثها وعظمتها.

فيما أوضح الدكتور نسيم عبد العظيم، أن “اللغة العربية لغة دينية لحوالي 2 مليار نسمة، ولا يليق بنا أن نحتفل باللغة العربية يومًا واحدًا في العام، ثم نهملها باقي العام”، قائلًا: "كل أمة تعتز بلغتها وتكتب بها العلوم من هندسة وطب وفلك وغيرها إلا نحن، على الرغم من أن لغتنا كانت لغة العلم لفترة من الفترات عندما استوعبت العلوم المختلفة في عصر الترجمة في العصر العباسي، واستوعبت جميع العلوم الموجودة في الحضارات المختلفة وترجمتها ونقلتها".

وأضاف “عبد العظيم”: “إننا لا ينقصنا معاجم، لكن ينقصنا ممارسة اللغة العربية، ويتأتى ذلك من خلال حفظ القرآن الكريم”، مستنكرًا الحديث باللهجة العامية في جميع أنشطتنا، وهو ما لا يليق، فلن نبدع إلا إذا كانت لغتنا هي اللغة العربية الفصحى.

وتضمنت فعاليات الاحتفالية إقامة معرض الخط العربي لفناني النقابة تحت إشراف المهندس عبد الرحمن لاشين.

وجرى خلال الاحتفالية حوار ونقاش فكري حول سبل تعزيز المحافظة على اللغة العربية، وتبارى الحضور في إلقاء القصائد الشعرية، كانت البداية مع الدكتور المهندس عبد العاطي موسى، والذي ألقى قصيدة شعرية في حب اللغة العربية.

على هامش الاحتفال، افتتح أمين عام النقابة، معرض اللوحات الفنية والمخطوطات العربية التي تناولت عددًا من ألوان فنون الخط المختلفة.

مقالات مشابهة

  • حكم صلاة الجمعة بخطبة واحدة بغير العربية .. الإفتاء تجيب
  • مغربي ولبنانية يتأهلان في الحلقة الرابعة من "أمير الشعراء"
  • أمين هيئة كبار العلماء: أراد الله لجميع البشر أن ينطقوا بالعربية
  • "أثر اللغة العربية في فهم القرآن الكريم" أمسية علمية بأوقاف الفيوم
  • ” الهُدهُد ” .. قصيدة من الشاعر محمد المجالي مُهداة لِلسجين الحُرّ الكاتب أحمد حسن الزّعبي
  • تحديات تواجه اللغة العربية في عصر الذكاء الاصطناعي.. قراءة
  • افتتاحية.. لحظة اللغة العربية الفاصلة
  • سفارتنا بالقاهرة تحتفل باليوم العالمي للغة العربية
  • صخر الشارخ.. قصة العربي الذي جعل الحواسيب تتحدث بالعربية
  • احتفالية بالقاهرة تبرز إسهام العمانيين في خدمة اللغة العربية