"فإنهم يألمون كما تألمون" .. نعم رغم مرارة آلاف الشعب الفلسطيني داخل قطاع غزة مع استمرار جرائم إسرائيل، وقتل آلاف الأطفال والنساء، إلا أن الداخل الإسرائيلي يعاني أيضا من آلام كبيرة مع استمرار تلك الحرب، وبعيدا عن الألم المباشر الناتج عن سقوط القتلى من جنود الجيش على يد المقاومة الفلسطينية، أو حالة الرعب التي تسببها الصواريخ الفلسطينية التي لم تتوقف يوما منذ بدء الحرب، فإن هناك أسباب كثيرة جعلت هذا المجتمع يعاني من اكتئاب كبير، وانتشار واسع للبطالة بين شبابها الذي فلت من الخدمة بالجيش، أو لم يهرب إلى أوروبا كما فعل الآلاف من الإسرائيليين منذ بداية طوفان الأقصى.

 

وتحت عنوان "بلد يعانني من الاكتئاب"، نشرت صحيفة كالكاليست تقريرا عن الأوضاع المزرية داخل المجتمع الإسرائيلي، حيث فندت الكثير من ملامح تلك الحالة، خصوصا بين الشباب، وكذلك ربطت بين هذا التفشي بتلك الحالة النفسية، مع تفاقم كارثة البطالة التي تجتاح إسرائيل، خصوصا مع تردى الأوضاع الاقتصادية، وزيادة الأمور سوءا مع هجمات الحوثيين على السفن القادمة لإسرائيل من البحر الأحمر، وقد أصابت البطالة المطاعم وأماكن الترفيه والتسلية والسعادة.

 

بلد يعانى من الاكتئاب 

وبحسب الصحيفة العبرية، فإن إسرائيل بلد يعاني من الاكتئاب، أو بلد بدون شباب، أو كليهما - فهذه هي الصورة التي تظهر من البيانات المتعلقة بتوزيع البطالة من خلال الفروع التي قدمها الضمان الاجتماعي لـ "كالكاليست"، وتمثل صناعة الضيافة والخدمات الغذائية، والتي تشمل، من بين أمور أخرى، المقاهي والمطاعم، 15% من المطالبين بإعانات البطالة ولكن 6% فقط من العائدين إلى العمل.

والنسبة المئوية للعائدين إلى العمل في صناعات المطاعم والخروج والترفيه منخفضة بشكل خاص، ولكن أيضًا في صناعات النقل والبريد السريع، ومن ناحية أخرى، فهي مرتفعة بشكل خاص في مجال التكنولوجيا الفائقة، وتجاوز عدد العاطلين عن العمل الجدد، باستثناء العائدين إلى العمل، 150 ألف شخص، ويعادل معدل العاطلين عن العمل العائدين للعمل في مجال الضيافة والخدمات الغذائية من بداية أكتوبر إلى 5 ديسمبر 7% من العاطلين الجدد في الصناعة، وهو أدنى معدل بين جميع الصناعات. ويستمر انخفاض الطلب على العمال رغم كل العمال الذين تم تجنيدهم في الاحتياط، والعرب الذين يخشون قدومهم.

 

عطالة الفن والترفيه دليل على تفشي الاكتئاب

وبحسب الصحيفة العبرية، فإن أحد ملامح تفشى الاكتئاب داخل المجتمع الإسرائيلي، هو معدلات البطالة بمجالات الفن والترفيه والتسلية، والذي يشكل 4% من العاطلين الجدد ولكن 2% فقط من جميع العائدين إلى العمل، وتوجد نسبة مماثلة أيضًا في خدمات النقل والعمل: 4% من إجمالي العاطلين عن العمل الجدد و2% فقط من العائدين إلى العمل، ويبدو أنه لا توجد رغبة في الخروج لقضاء بعض الوقت فحسب، بل أن عدد الأشخاص الذين يخرجون أقل بكثير، كما لا توجد رغبة في السفر أو طلب الأشياء.

وتبدو الصورة أكثر تفاؤلاً في صناعة المعلومات والاتصالات المرتبطة بالتكنولوجيا المتقدمة، وكما هو الحال في أزمة كورونا، فهي تظهر استقراراً، ربما لأن جزءاً كبيراً من مبيعاتها يستهدف التصدير، ومنذ بداية الحرب، أصبح يشكل 3% فقط من العاطلين الجدد، و6% من العائدين إلى العمل، ويعادل عدد العائدين إلى العمل 42٪ من العاطلين عن العمل الجدد في الصناعة.

 

2000 عاطل جديد عن العمل يوما بإسرائيل 

وصورة البطالة بعيدة كل البعد عن أن تكون مشجعة، فقد توقف انخفاض معدل نمو البطالة في 6 ديسمبر، واستقرت إضافة العاطلين الجدد عن العمل بمعدل حوالي 2000 تسجيل جديد يوميا، وهذا أقل بكثير من الرقم القياسي البالغ 6000 عاطل جديد عن العمل يوميًا في أوائل نوفمبر، ولكنه في ذات الوقت، لا يزال ضعف متوسط ​​المعدل اليومي في الأيام العادية والذي يبلغ حوالي ألف عاطل جديد عن العمل يوميًا، فكل ما تبقى هو معرفة ما إذا كان الانخفاض في تسجيل العاطلين عن العمل الجدد سيستأنف الأسبوع المقبل.

 

وبلغ عدد العاطلين الجدد منذ بداية الحرب 181.2 ألفاً ومنذ بداية أكتوبر 182.9 ألفاً. وباستثناء حوالي 30 ألف عائد إلى العمل، فإن إضافة العاطلين عن العمل منذ بداية الحرب تزيد عن 150 ألف شخص، لذلك يمكن تقدير أنه إلى جانب العاطلين عن العمل لفترة طويلة، هناك أكثر من 300 ألف عاطل عن العمل في الاقتصاد و7-8٪ بطالة، مقارنة بمستوى ثابت قدره 3.5٪، فجزء كبير من هذه البطالة مصطنع وينتج من تمديد الإعانات التي بدأها وزير المالية بتسلئيل سموتريتس حتى نهاية ديسمبر ، وسوف تتوقف عند نفادها.

 

وعلى الرغم من إعلان الوزير، فإن تمديد الامتيازات المطبقة لم تتم الموافقة عليه من قبل الكنيست بعد، وهذا يضع الضمان الاجتماعي والعديد من العاطلين عن العمل الجدد في وضع صعب للغاية، فعلى الرغم من حصولهم على وعود بإعانات البطالة، لا يستطيع الضمان الاجتماعي تأكيد أهليتهم، وقد خلق هذا ضغطًا كبيرًا على العاطلين عن العمل وعبئًا بيروقراطيًا غير ضروري على التأمين الوطني، الذي يعاني بالفعل من عبء كبير في الحرب.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: منذ بدایة الحرب من العاطلین فقط من

إقرأ أيضاً:

تقرير: جرائم القتل والسرقة تعمّق الفوضى في قطاع غزة

يعيش أغلب سكان قطاع غزة حاليًا في خيام مزدحمة ومناطق مدمرة في وسط وجنوب القطاع، ومع استمرار الحرب للشهر التاسع على التوالي، أصبحت شرطة حماس التي كانت تفرض سيطرتها "غائبة أو بلا قوة"، وفق ما ذكر سكان لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وسلطت الصحيفة الضوء على قصة الغزي محمد أبو كرش، الذي سرق لصوص بطارية سيارته في مارس، وطاردهم إلى طريق مظلم، قبل أن يتلقى رصاصة قاتلة في رأسه.

حينها اتصل الأقارب بالشرطة، التي لم يكن بمقدورها فعل أي شيء سوى تفقد مسرح الجريمة على أطراف مدينة دير البلح، وفق الصحيفة.

وقال ابن عمه محمود فؤاد لوول ستريت جورنال: "قالوا إنه لم يعد لديهم سجنًا، ولو عثروا على الجاني، ربما تهاجمهم عائلته. نرى معارك بين العائلات بشكل يومي، ويدرك الناس أنهم لن يُعاقبوا على أي شيء يقومون به".

وأشارت الصحيفة الأميركية إلى "تزايد الجريمة والعنف بين سكان القطاع، في ظل المساعدات الإنسانية الشحيحة" التي تصل إليهم، فيما أوضحت أن هناك تحذيرات من مسؤولين أميركيين وعرب يشعرون بالقلق من أن غزة "قد تعاني من فشل كامل في الحكم لسنوات مقبلة".

وأوضحت أن إسرائيل "كسرت قبضة حماس على النظام العام، لكنها لم تملأ الفراغ بنفسها أو تسمح للسلطة الفلسطينية بالدخول لاستئناف الخدمات الأساسية، قائلة إنها تريد العمل مع الفلسطينيين دون انتماءات سياسية".

"ننام في الشارع بلا مأوى".. النزوح المتكرر يفتك بسكان غزة المنهكين كشفت تقارير أممية أن تسعة من بين كل عشرة أشخاص في قطاع غزة نزحوا لمرة واحدة على الأقل منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر، فيما وصف بأنها دائرة لا تنتهي من "الموت والتشريد".

كما قال سكان من شمالي قطاع غزة الذي فر معظم سكانه جنوبًا، إن المنازل المهجورة التي لم تتعرض للقصف، "تعرضت لنهب الأثاث والألواح الشمسية واسطوانات الغاز".

وأضافوا لوول ستريت جورنال، أن "من حاولوا تأمين منازل جيرانهم، قالوا إن اللصوص أصبحوا أكثر وقاحة، ويعتقدون أن المعاناة التي فرضتها الحرب تمنحهم رخصة سرقة ما يحتاجون إليه".

ونقلت الصحيفة عن رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة (التابع لحماس)، إسماعيل الثوابتة، أن "الشرطة حاليًا تعمل وفق خطط الطوارئ، وتفرض الأمن في المناطق التي يمكنها القيام بذلك فيها، بما في ذلك منع النهب وملاحقة اللصوص وإعادة المسروقات لأصحابها".

وقال إن إسرائيل "استهدف عشرات مراكز الشرطة وقتلت المئات من الضباط منذ بداية الحرب، مما قوّض قدرتها على العمل"، مضيفًا أن الهجمات الإسرائيلية تهدف إلى "خلق الفوضى وتعطيل الأمن في قطاع غزة، وإحداث فراغ إداري وحكومي".

وطالما تؤكد إسرائيل أن الهدف الأساسي للحرب في غزة هو "القضاء على حركة حماس" بشكل يمنع قدرتها على الحكم مجددا، ولا يسمح لها بشن أي هجوم على إسرائيل، بجانب استعادة المختطفين منذ السابع من أكتوبر وتحتجزهم حماس ومجموعات مسلحة أخرى في غزة.

ورفض مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي التعليق لصحيفة "وول ستريت جورنال" على الفوضى التي يشهدها قطاع غزة.

ومن بين الأحداث التي سلطت الصحيفة الضوء عليها، والتي تعكس حجم الفوضى في القطاع، "النزاع الذي وقع بين مراهقين من عائلتين في مخيم النصيرات وسط غزة، والذي تسبب في خلاف بين البالغين".

وقال شاهد عيان للصحيفة، إن "رجلا قتل آخر بعدما سحق رأسه بكتلة خرسانية".

نزوح الآلاف وسط قصف إسرائيلي بجنوب غزة قصفت القوات الإسرائيلية عدة مناطق في جنوب قطاع غزة، الثلاثاء، وفر آلاف الفلسطينيين من منازلهم فيما قد يكون جزءا من الفصل الأخير من العمليات العسكرية الإسرائيلية المكثفة خلال الحرب المستمرة منذ نحو 9 أشهر.

وأوضح الشاهد أن "عائلة الضحية انتقمت بإشعال النار في المبنى الذي تقطن فيه العائلة الأخرى"، مضيفًا أن رجال الإطفاء تمكنوا من إخماد الحريق وفرّقت الشرطة الحشود، لكن المشاجرات تواصلت بين العائلتين.

كما نقلت "وول ستريت جورنال" عن مسؤول أميركي مشارك في عمليات الإغاثة: "تدهورت القدرات العسكرية لحماس، وكذلك قدرتها على فرض النظام والقانون، وبالتالي لا ينبغي لأحد أن يتفاجأ مطلقًا بأن هذا هو الوضع داخل غزة حاليًا".

واندلعت الحرب في غزة إثر هجوم حركة حماس (المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى) غير المسبوق على إسرائيل في السابع من أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.

وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل بـ"القضاء على حماس"، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف أُتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر، أسفرت عن مقتل نحو 38 ألف فلسطيني، معظمهم نساء وأطفال، وفق ما أعلنته السلطات الصحية في القطاع.

مقالات مشابهة

  • تمليك مشاريع زراعية للعائدين من دولة جنوب السودان بالنيل الابيض
  • أستاذ طب نفسي: السوشيال ميديا من أسباب إصابة الأطفال بالاكتئاب
  • حماس توافق على مقترح إجراء محادثات لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين بعد بداية المرحلة الأولى
  • تفشي البطالة.. عمال فلسطين يعيشون واقعا مريرا بسبب الحرب
  • عضو الحوار الوطني: تضمين التوصيات في محددات الحكومة الجديدة مسألة إيجابية
  • تقرير: جرائم القتل والسرقة تعمّق الفوضى في قطاع غزة
  • إعلام إسرائيلي: هجوم حزب الله اليوم على شمال إسرائيل "الأكبر منذ بداية الحرب"
  • "الحياة الفطرية" يعتمد بروتكول خطة استجابة لتقييم تفشي نجم البحر ذي التاج الشوكي
  • الرئيس السيسي يجتمع بالوزراء والمحافظين الجدد.. ويوجه بإعطاء الأولوية للتخفيف على المواطنين
  • الرئيس السيسي يجمتع بـ الدكتور مصطفى مدبولي والوزراء والمحافظين الجدد ونوابهم