فإنهم يألمون كما تألمون.. أسباب تفشي ظاهرة البطالة والإصابة بالاكتئاب في إسرائيل منذ بداية الحرب على غزة
تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT
"فإنهم يألمون كما تألمون" .. نعم رغم مرارة آلاف الشعب الفلسطيني داخل قطاع غزة مع استمرار جرائم إسرائيل، وقتل آلاف الأطفال والنساء، إلا أن الداخل الإسرائيلي يعاني أيضا من آلام كبيرة مع استمرار تلك الحرب، وبعيدا عن الألم المباشر الناتج عن سقوط القتلى من جنود الجيش على يد المقاومة الفلسطينية، أو حالة الرعب التي تسببها الصواريخ الفلسطينية التي لم تتوقف يوما منذ بدء الحرب، فإن هناك أسباب كثيرة جعلت هذا المجتمع يعاني من اكتئاب كبير، وانتشار واسع للبطالة بين شبابها الذي فلت من الخدمة بالجيش، أو لم يهرب إلى أوروبا كما فعل الآلاف من الإسرائيليين منذ بداية طوفان الأقصى.
وتحت عنوان "بلد يعانني من الاكتئاب"، نشرت صحيفة كالكاليست تقريرا عن الأوضاع المزرية داخل المجتمع الإسرائيلي، حيث فندت الكثير من ملامح تلك الحالة، خصوصا بين الشباب، وكذلك ربطت بين هذا التفشي بتلك الحالة النفسية، مع تفاقم كارثة البطالة التي تجتاح إسرائيل، خصوصا مع تردى الأوضاع الاقتصادية، وزيادة الأمور سوءا مع هجمات الحوثيين على السفن القادمة لإسرائيل من البحر الأحمر، وقد أصابت البطالة المطاعم وأماكن الترفيه والتسلية والسعادة.
بلد يعانى من الاكتئاب
وبحسب الصحيفة العبرية، فإن إسرائيل بلد يعاني من الاكتئاب، أو بلد بدون شباب، أو كليهما - فهذه هي الصورة التي تظهر من البيانات المتعلقة بتوزيع البطالة من خلال الفروع التي قدمها الضمان الاجتماعي لـ "كالكاليست"، وتمثل صناعة الضيافة والخدمات الغذائية، والتي تشمل، من بين أمور أخرى، المقاهي والمطاعم، 15% من المطالبين بإعانات البطالة ولكن 6% فقط من العائدين إلى العمل.
والنسبة المئوية للعائدين إلى العمل في صناعات المطاعم والخروج والترفيه منخفضة بشكل خاص، ولكن أيضًا في صناعات النقل والبريد السريع، ومن ناحية أخرى، فهي مرتفعة بشكل خاص في مجال التكنولوجيا الفائقة، وتجاوز عدد العاطلين عن العمل الجدد، باستثناء العائدين إلى العمل، 150 ألف شخص، ويعادل معدل العاطلين عن العمل العائدين للعمل في مجال الضيافة والخدمات الغذائية من بداية أكتوبر إلى 5 ديسمبر 7% من العاطلين الجدد في الصناعة، وهو أدنى معدل بين جميع الصناعات. ويستمر انخفاض الطلب على العمال رغم كل العمال الذين تم تجنيدهم في الاحتياط، والعرب الذين يخشون قدومهم.
عطالة الفن والترفيه دليل على تفشي الاكتئاب
وبحسب الصحيفة العبرية، فإن أحد ملامح تفشى الاكتئاب داخل المجتمع الإسرائيلي، هو معدلات البطالة بمجالات الفن والترفيه والتسلية، والذي يشكل 4% من العاطلين الجدد ولكن 2% فقط من جميع العائدين إلى العمل، وتوجد نسبة مماثلة أيضًا في خدمات النقل والعمل: 4% من إجمالي العاطلين عن العمل الجدد و2% فقط من العائدين إلى العمل، ويبدو أنه لا توجد رغبة في الخروج لقضاء بعض الوقت فحسب، بل أن عدد الأشخاص الذين يخرجون أقل بكثير، كما لا توجد رغبة في السفر أو طلب الأشياء.
وتبدو الصورة أكثر تفاؤلاً في صناعة المعلومات والاتصالات المرتبطة بالتكنولوجيا المتقدمة، وكما هو الحال في أزمة كورونا، فهي تظهر استقراراً، ربما لأن جزءاً كبيراً من مبيعاتها يستهدف التصدير، ومنذ بداية الحرب، أصبح يشكل 3% فقط من العاطلين الجدد، و6% من العائدين إلى العمل، ويعادل عدد العائدين إلى العمل 42٪ من العاطلين عن العمل الجدد في الصناعة.
2000 عاطل جديد عن العمل يوما بإسرائيل
وصورة البطالة بعيدة كل البعد عن أن تكون مشجعة، فقد توقف انخفاض معدل نمو البطالة في 6 ديسمبر، واستقرت إضافة العاطلين الجدد عن العمل بمعدل حوالي 2000 تسجيل جديد يوميا، وهذا أقل بكثير من الرقم القياسي البالغ 6000 عاطل جديد عن العمل يوميًا في أوائل نوفمبر، ولكنه في ذات الوقت، لا يزال ضعف متوسط المعدل اليومي في الأيام العادية والذي يبلغ حوالي ألف عاطل جديد عن العمل يوميًا، فكل ما تبقى هو معرفة ما إذا كان الانخفاض في تسجيل العاطلين عن العمل الجدد سيستأنف الأسبوع المقبل.
وبلغ عدد العاطلين الجدد منذ بداية الحرب 181.2 ألفاً ومنذ بداية أكتوبر 182.9 ألفاً. وباستثناء حوالي 30 ألف عائد إلى العمل، فإن إضافة العاطلين عن العمل منذ بداية الحرب تزيد عن 150 ألف شخص، لذلك يمكن تقدير أنه إلى جانب العاطلين عن العمل لفترة طويلة، هناك أكثر من 300 ألف عاطل عن العمل في الاقتصاد و7-8٪ بطالة، مقارنة بمستوى ثابت قدره 3.5٪، فجزء كبير من هذه البطالة مصطنع وينتج من تمديد الإعانات التي بدأها وزير المالية بتسلئيل سموتريتس حتى نهاية ديسمبر ، وسوف تتوقف عند نفادها.
وعلى الرغم من إعلان الوزير، فإن تمديد الامتيازات المطبقة لم تتم الموافقة عليه من قبل الكنيست بعد، وهذا يضع الضمان الاجتماعي والعديد من العاطلين عن العمل الجدد في وضع صعب للغاية، فعلى الرغم من حصولهم على وعود بإعانات البطالة، لا يستطيع الضمان الاجتماعي تأكيد أهليتهم، وقد خلق هذا ضغطًا كبيرًا على العاطلين عن العمل وعبئًا بيروقراطيًا غير ضروري على التأمين الوطني، الذي يعاني بالفعل من عبء كبير في الحرب.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: منذ بدایة الحرب من العاطلین فقط من
إقرأ أيضاً:
حقوق المرأة محك امتحان الحكام الجدد
فرح الرجال في سوريا بتحررهم من نظام بشار الأسد، بينما فرحة النساء كانت مشوبة بالخوف والقلق؛ لأن السائد في الجماعات الإسلامية أنها تعتبر الحرية حقاً للرجال فقط، بينما النساء يتم حرمانهن من أبسط الحقوق والحريات الأساسية، مثل حق التعليم، والعمل والخروج من البيت بدون محرم، واختيار اللباس، مع العلم أنه في كل حركات التحرر والثورات والحروب النساء يدفعن الأثمان الأعلى ليس فقط بفقدان الأحبة إنما بتعرضهن للاعتقال والتعذيب والاغتصاب الجماعي.
وفي سوريا لم يتم اجتياح منطقة من قبل قوات الأسد والميليشيات الداعمة لها إلا وتم اغتصاب نسائها وإجبارهن على المشي عاريات في الشوارع، ولم تدخل أنثى مهما كان عمرها حتى الطفلات للمعتقلات إلا وتعرضن للاغتصاب الجماعي وكثيرات تم اغتصابهن حتى الموت وغالباً كان سبب اعتقالهن هو أخذهن كرهائن لإجبار أقاربهن الذكور على تسليم أنفسهم وإجبارهن على الاعتراف بمكانهم، لذا من حقهن أن يتمتعن بالحرية التي دفعن ثمنها غالياً ولا يتم حرمانهن منها كما حصل في أفغانستان بعد انسحاب القوات الأمريكية وسقوط السلطة المدعومة أمريكياً، حيث حرمت حكومة طالبان الإناث من كل الحريات والحقوق الأساسية، وهذا أدى إلى انتشار وبائي لانتحار الإناث بسبب شدة تعاسة حياتهن بدون الحريات والحقوق الأساسية، فالنساء يتخوفن من التيار الإسلامي ويعارضنه ليس كراهية في الدين إنما لأن السائد فيه اضطهاد النساء وحرمانهن من الحقوق والحريات الأساسية التي بدونها تصبح الحياة جحيماً لا يطاق، لذا المحك الأساسي لماهية المنظومة التي ستحكم سوريا هو تعاملها مع ملف حقوق المرأة وإن فشلت بهذا الامتحان ستفقد أي تأييد لها من بقية العالم كما حصل لأفغانستان، حيث أوقفت غالب المنظمات الخيرية عملها احتجاجاً على قوانين طالبان الظالمة للنساء، مع العلم أن سوريا بلد متعدد الطوائف ولا يمكن على سبيل المثال فرض الحجاب على النساء وهناك مسيحيات، والمرأة في سوريا كانت تتمتع بحقوق مساوية للرجل والتي لا توجد في كثير من الدول الإسلامية مثل العمل قاضية وسفيرة ووزيرة، ولذا يجب على الحكام الجدد أن لا يجعلوا النساء يشعرن بالحنين لنظام بشار بحرمانهن من تلك الحقوق والمكتسبات، ويجب أن يحصل تطور في الفكر الإسلامي في قضية حقوق المرأة، فلا يمكن لوم النساء على تفضيلهن للنموذج العلماني والغربي الذي يمنح المرأة حقوقها مساوية للرجل، بينما النموذج الذي تطرحه الجماعات الإسلامية يجرّد النساء من كل الحقوق والحريات، مع العلم أنه سواء في أفغانستان أو سوريا فبسبب الحرب كثير من العوائل فقدت رجالها وعائلها ولم يبق إلا النساء يعلن أطفالهن، لذا منعهن من العمل وحرية الحركة بدون محرم يعني جعلهن يتسولن لإطعام عوائلهن بدل أن يكسبن دخلهن بعزة وكرامة ويساهمن بخدمة المجتمع وتنميته، وفي أفغانستان أدى منع النساء من التعليم والعمل والخروج من البيت بدون محرم مع عدم وجود عائل إلى اضطرار النساء لخيارات سلبية مثل العمل بالدعارة، وكثير من الأسر الفقيرة تحلق شعور بناتها وتلبسهن ملابس الذكور ليمكنهن العمل كذكور، فعمل النساء ليس رفاهية إنما ضرورة معيشية خاصة في المجتمعات الفقيرة والخارجة من حروب، وهناك أفلام عالمية عن هذه الظاهرة بأفغانستان، وإجبارهن على الهوية الذكورية يؤدي لإصابتهن باضطراب بالهوية الجنسية، بالإضافة لكثرة المتسولات، وبشكل عام تمتع النساء بالمساواة والحريات والحقوق الكاملة هو دليل تحضر المنظومة القائمة وحرمانهن منها هو من أبرز علامات المنظومات البدائية الرجعية الهمجية غير المتحضرة.