الأميرة لمياء آل سعود لـ«الاتحاد»: «COP28» شهد تحولاً في الجهود العالمية لمواجهة تغير المناخ
تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT
وائل بدران (أبوظبي)
أكدت الأميرة لمياء بنت ماجد آل سعود، سفيرة النوايا الحسنة لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية «موئل الأمم المتحدة» في الدول العربية، أن مؤتمر الأطراف COP28 شهد تحولاً جوهرياً في الجهود العالمية لمواجهة تداعيات التغير المناخي.
وأوضحت الأميرة لمياء، التي تشغل منصب الأمين العام لمؤسسة الوليد الإنسانية، في حوار خاص مع «الاتحاد»، أن الاستدامة لا يمكن أن تتحقق ببساطة من دون مشاركة الجميع، وهذا ما تحقق بوضوح في COP28، حيث تشارك القادة والخبراء والمدافعون عن البيئة خبراتهم، تحت مظلة هدف طموح مشترك ألا وهو إحداث تغيير كبير.
وتابعت: إننا أمام مفترق طرق محوري، عندما يتعلق الأمر باستجابتنا لأزمة المناخ العالمية المتدهورة، لافتة إلى أنه خلال COP28، جرى التأكيد على أنه عندما يتعلق الأمر بالتنمية المستدامة، فإن التعاون ليس اختياراً، وإنما الطريقة الوحيدة للتعامل مع أكثر التحديات العالمية إلحاحاً.
وذكرت الأميرة لمياء أن هذا العام وحده، أظهرت تأثيرات تغير المناخ المدمرة كيف أن هذه الأزمة تؤثر سلباً على الأشخاص والكوكب على حد سواء، كما رأينا أن التغير المناخي مرتبط ارتباطاً وثيقاً بصحة الإنسان والمساواة بين الجنسين والازدهار.
وشددت على أن COP28 أتاح فرصة لقادة الدول للتفاعل بشكل كبير مع هذه التداخلات، وكشف كيف أن التغير المناخي ليس مجرد مسألة بيئية، لافتة إلى أنه مع تفاقم هذه الأزمات، من المهم أكثر من أي وقت مضى أن نتخذ إجراءات جماعية لمكافحة التغير المناخي والعواقب الاجتماعية والاقتصادية الأوسع التي ترافقه.
وقالت: بصفتي سفيرة للنوايا الحسنة لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، دوري هو بناء جسور التواصل بين الجهات المعنية لقيادة التغيير المستدام، وهذا يعني تجميع الحكومات والمنظمات غير الحكومية والمجتمعات تحت هدف مشترك نحو تحقيق نمو عمراني صديق للبيئة، وأكثر شمولاً.
وأضافت: «الأدلة تشير إلى أن التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة قد تباطأ، وأننا نخرج عن المسار المطلوب بشكل كبير، ومن أجل تسريع التقدم نحو الأهداف العالمية للمناخ، تلعب منصات مثل COP28 دوراً حيوياً في طرح أفكار وابتكارات وخبرات جديدة، عبر جميع قطاعات التنمية، التي يمكن أن تساعد في نهاية المطاف في استغلال هذه الإمكانات».
وتابعت: بصفتي كذلك أميناً عاماً لمؤسسة الوليد الإنسانية، شاركت في مناقشات متنوعة، من المساواة بين الجنسين إلى بناء المهارات الصديقة للبيئة، ومسؤوليتنا في الأساس هي أن نلهم الأجيال المقبلة، ونمكنها ونفعّل دورها لاتخاذ إجراءات جريئة ضد تغير المناخ، في سبيل مستقبل أكثر شمولية واستدامة.
ونوّهت الأميرة لمياء بنت ماجد آل سعود، إلى أنه في جوهر مهمة مؤسسة «الوليد الإنسانية»، يكمن هدف تمكين العالم من تحقيق فرص متساوية، موضحة أنه عند النظر في الشراكات والتعاون «غالباً ما نسأل أنفسنا: هل يسهم ذلك في تحقيق عالم من الفرص المتساوية؟».
وأشارت إلى ضرورة وجود ثقة في الشركاء، فالمنظمات غير الحكومية المحلية تمتلك فهماً للسياق المحلي، و«سواء كنت مستثمراً في التأثير، أو رائد أعمال، أو منظمة غير ربحية، أو مؤسسة إنسانية، يجب أن تستفيد من خبرة شركائك».
وتابعت: «نؤمن بالعمل جنباً إلى جنب مع شركائنا، ونستمع إلى تجارب المستفيدين، وهذا هو بالتأكيد النهج الذي اعتمدناه مع شراكتنا في مشروع (القبو النوبي)، لافتة إلى أنه من خلال هذه الشراكة، اتخذنا نظرة طويلة الأمد، عبر دعم البرنامج ككل، بدلاً من مشروع واحد فقط، وعملنا بشكل وثيق مع سيلفيا ميغت المسؤولة عن المشروع وفريقها لمدة تقارب عشر سنوات».
وقالت: «يمكنك فقط أن تلقي نظرة على نتائج هذه الشراكة لرؤية نجاحها، مع أكثر من 1300 مزارع يستخدمون حالياً البنية النوبية في البناء، وأكثر من 20.000 فرد يعيشون ويعملون في مبانٍ نوبية مستدامة، وتدريب أكثر من 1200 مزارع شاب في مجال البناء النوبي، وتحقيق عائد بقيمة أكثر من نصف مليون دولار كإيرادات إضافية، كل ذلك بينما تم منع ما يعادل أكثر من 58.000 طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون».
وسلطت الضوء على شراكة أخرى مع مشروع «كيكستارت»، حيث قدمت المؤسسة الدعم للمزارعين في نيجيريا وملاوي وموزمبيق، عبر توفير مضخات الري لزيادة القدرات الزراعية بعد انخفاض حاد في الدخل. ولفتت إلى أنه من خلال العمل مع المستفيدين، اتضحت ضرورة التدريب، لمساعدتهم في استخدام الأدوات واستخدام أساليب زراعية مستدامة، ونتيجة لذلك، في ملاوي وحدها، تمكنا من مساعدة آلاف الأشخاص في نيجيريا وموزمبيق وملاوي على الخروج من الفقر. وأوضحت أنه من خلال التعاون، مكّن مشروع «كيكستارت»، زهاء 45 ألف شخص في جميع أنحاء أفريقيا من الخروج من حالة الفقر، من خلال الزراعة المستدامة والإنتاجية.
وقالت الأميرة لمياء، في حوارها مع «الاتحاد»: «نعتقد بقوة أنه لا يوجد نهج عام واحد يناسب جميع الأمور في التنمية»، موضحة أن التغير المناخي هو تذكير صادم بأن الأزمات لا تعرف حدوداً، وترابط العالم يعني أن الطريقة التي يؤثر بها تغير المناخ في زاوية ما من العالم يمكن أن تشكل تهديداً في نهاية المطاف للجميع.
وأضافت: «بينما من المهم الالتزام بالمسؤولية المشتركة نحو بناء مستقبل مستدام، فإنه من الضروري بشكل حاسم أن نطور حلولاً خاصة تتناسب حقاً مع السياقات المحلية، وهذا النهج لا غنى عنه لتطوير مشاريع تعزز التكيف مع التغير المناخي والمرونة».
وألمحت إلى أنه مع الالتزام بزيادة التمويل والموارد المخصصة لمكافحة تغير المناخ، لا يمكننا أن نكون اعتياديين في استجابتنا لأزمة مناخية عالمية متعددة الجوانب، ولابد من أن التأكد من الاستجابة لاحتياجات المجتمعات المحلية وجعلها قابلة للتكيف، وهذا يعني التعرف باستمرار على التحديات وتطوير استراتيجيات التخفيف.
وشددت على ضرورة عدم التهرب من المسؤولية في ضمان تمكين الأجيال الحالية والمقبلة من تحقيق مستقبل أكثر استدامة، مضيفة: «رأينا كيف يمكن أن تؤدي قضايا مثل تغير المناخ إلى تشكك الناس في قدرتهم على تحقيق التغيير، وهذا أبعد ما يكون عن الحقيقة».
واعتبرت أن الشمولية تعني الذهاب بعيداً عن المبادرات والسياسات على المستويات الحكومية والاستماع إلى الأجيال القادمة، لفهم تحدياتهم وتقديم حلول خاصة للتغلب عليها، وهذا يعني التركيز على المهارات اللازمة لتسريع الحلول المستدامة، وهو ما ناقشناه في جلسات شاركت فيها في COP28. وقالت: «مسؤوليتنا هي توفير التنسيق والمعلومات والتعليم والمهارات والتمويل والاندماج الاجتماعي، ومن خلال ذلك، يمكننا بعد ذلك تمكين الشباب لاستغلال إمكاناتهم وتطوير الابتكارات والحلول التي يمكن أن تقدم تأثيراً مستداماً ودائماً».
الابتكارات
وأفادت الأميرة لمياء بنت ماجد آل سعود بأن التنمية المستدامة تتعلق بإطلاق إمكانات المجتمعات حول العالم، ومع التحولات الشاملة في منطقة الشرق الأوسط، يجب أن نحتضن هذه التغييرات من خلال المشاركة في الفرص للمساهمة في تقدمها، مضيفة: «من الواضح أن العديد من الابتكارات التي يمكن أن تساعدنا في التصدي للتحديات العالمية، مثل أزمة المناخ، تم تطويرها من قبل الشباب».
وتابعت: مشروع «الكشافة من أجل أهداف التنمية المستدامة»، على سبيل المثال، ساعد الكشافة الشباب على فهم التهديدات القائمة عندما يتعلق الأمر بالاستدامة، نتيجة لذلك، تمكن الشباب من المشاركة بشكل هادف في قضايا المناخ، وتدشين حملات توعية عامة.
وقالت، في ختام حوارها مع «الاتحاد»: على الرجال والنساء والأولاد والبنات أن يشعروا جميعاً بالقدرة على تحمل المسؤولية، ويجب أن تبدأ هذه المسؤولية بأن يكونوا مشاركين، وهذه ليست سوى البداية، حيث إن الجيل القادم سيضطر إلى التعامل مع أزمة المناخ.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: كوب 28 الإمارات الاستدامة مؤتمر الأطراف مؤتمر المناخ التغير المناخي الأمم المتحدة التنمیة المستدامة التغیر المناخی تغیر المناخ من خلال إلى أنه أکثر من یمکن أن آل سعود إلى أن
إقرأ أيضاً:
وزيرة البيئة تستقبل سفير نيبال لبحث التعاون في مواجهة تحدى تغير المناخ
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
استقبلت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة السفير سوشيل كومار لامسال سفير دولة نيبال لدى مصر لمناقشة سبل التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف بين البلدين في ملف البيئة والمناخ ، بحضور السفير رؤوف سعد مستشار الوزيرة للاتفاقيات متعددة الأطراف والسيدة سها طاهر رئيس الإدارة المركزية للتعاون الدولي.
وأكدت وزيرة البيئة، في بيان لها اليوم الخميس، بأهمية التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف بين الدول في مواجهة التحديات التي يعاني منها شعوب العالم، هو الطريقة الوحيدة للعمل معا للمضي قدما، مشيرة إلى اهتمام مصر بعملية التحول الاخضر، ومن محاورها التوسع في الطاقة الجديدة والمتجددة، حيث وضعت هدف طموح للوصول إلى نسبة ٤٢٪ من خليط الطاقة في مصر بحلول ٢٠٣٠، وهو هدف طموح في الدول النامية، لذا حرصت على تهيئة المناخ على مستوى السياسات، ومنها تبني قرار الوصول بنسبة ١٠٠٪ من المشروعات القومية خضراء بحلول ٢٠٣٠ كهدف طوعي طموح وخطوة مهمة نحو التحول الاخضر، والعمل على أن تكون مصر مركز إقليمي للهيدروجين الاخضر.
" ضرورة ايجاد آليات مبتكرة لتمويل المناخ"
وأوضحت وزيرة البيئة ان محدودية تمويل المناخ مقابل التحديات التي يشهدها العالم، دعت إلى ايجاد آليات مبتكرة للتمويل، لذا يعد هيكلة النظام التمويلي للمشروعات الخضراء جزء من التحول الأخضر في مصر، سواء على مستوى تهيئة البنوك الوطنية للعمل في المشروعات الخضراء وخاصة مشروعات المياه والزراعة، والتي تعد قطاعات مهمة لدول مثل مصر ونيبال حيث يعتبر التكيف اولوية حتمية لاستمرار الحياة بها.
" تشجيع إشراك القطاع الخاص في صون الموارد الطبيعية"
واضافت وزيرة البيئة انه يتم العمل مع البنوك ايضا في مجال مشروعات التنوع البيولوجي، جنبا إلى جنب مع تشجيع إشراك القطاع الخاص في صون الموارد الطبيعية مثل الشعاب المرجانية في البحر الأحمر، والتي تعد احد مقومات السياحة، والتعاون ايضا مع القطاع البنكي في إنشاء السوق الطوعي للكربون وتشجيع القطاع الخاص في هذا المجال، إلى جانب تنفيذ برنامج طموح بدأ منذ ٧ سنوات لتنفيذ منظومة جديدة لادارة المخلفات بكل أنواعها وتعزيز الفرص الاستثمارية فيها واشراك القطاع الخاص.
ولفتت إلى ان رحلة مصر الملهمة بقيادة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسى لتغير لغة الحوار حول البيئة ووضع البيئة والاستدامة في قلب عملية التنمية، من خلال ربطها بالبعد الاقتصادي وتسليط الضوء على فرص الاستثمار ومساهمتها في النمو الاخضر المستدام.
كما اشارت وزيرة البيئة إلى حرص مصر كعضو في صندوق كيمونج للتنوع البيولوجي الممول من الصين على دعم مشروع دولة النيبال المقدم ضمن اول حزمة من المشروعات التي سيمولها الصندوق، انطلاقا من ضرورة التآزر بين الدول التي تتشارك نفس التحديات، حيث تعد تحديات صون التنوع البيولوجي وتعزيز السياحة من الاهتمام المشترك بين البلدين، فمصر تتوسع حاليا في مجال السياحة البيئية وتعمل على اشراك القطاع الخاص لتنفيذ المشروعات والأنشطة الخاصة بها، وإشراك المجتمعات المحلية بالمحميات الطبيعية بالحفاظ على استدامة موروثاتهم وتراثهم وتوفير فرص عمل مستدامة.
من جانبه، اكد السفير لامسال ان مصر ونيبال تربطهما علاقات طيبة ممتدة على مختلف المستويات، ولديهما فرصا واعدة للتعاون الثنائي في ملف تغير المناخ، في ظل ما يواجهه شعوب البلدين من آثار تغير المناخ رغم مساهمتها المحدودة في انبعاثات الاحتباس الحراري، ومع الدور المهم الذي تلعبه مصر في ملف تغير المناخ والذي ظهر بوضوح خلال استضافتها لمؤتمر المناخ COP27 وأسفر عن العديد من النتائج الهامة في مجال التخفيف والتكيف، موضحا أن نيبال مهتمة بتكنولوجيات توليد الطاقة وخاصة المتجددة، حيث ان معظم الطاقة الكهربائية المولدة لديها من مصادر متجددة، كما تهتم بممارسات الزراعة ذكية مناخيا، مؤكدا ان التشابه في اهتمامات البلدين يفتح فرصا كبيرة للتعاون المشترك بينهما في مسار التحول الاخضر .
كما أشار إلى تطلعه لتعزيز التعاون بين البدين في مجال المناخ، تنفيذا لمخرجات الحوار الأخير بين رئيس وزراء نيبال وفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتبادل الخبرات والخبراء بين البلدين في مجال البيئة والمناخ، حيث دعا وزيرة البيئة للمشاركة في منصة حوار المناخ التي ستطلقها نيبال " حوار ايفرست" والتي تسلط الضوء هذا العام على مستقبل الإنسانية، متطلعا لمشاركة مصر الداعمة بالعلم والخبرات باعتبارها من اهم دول القارة الأفريقية، بإلإضافة إلى دعم مصر للحدث الجانبي الذي تستضيفه نيبال لمؤتمر المناخ، باعتبارها من الدول الرائدة في ملف المناخ.