وائل بدران (أبوظبي)
أكدت الأميرة لمياء بنت ماجد آل سعود، سفيرة النوايا الحسنة لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية «موئل الأمم المتحدة» في الدول العربية، أن مؤتمر الأطراف COP28 شهد تحولاً جوهرياً في الجهود العالمية لمواجهة تداعيات التغير المناخي. 
وأوضحت الأميرة لمياء، التي تشغل منصب الأمين العام لمؤسسة الوليد الإنسانية، في حوار خاص مع «الاتحاد»، أن الاستدامة لا يمكن أن تتحقق ببساطة من دون مشاركة الجميع، وهذا ما تحقق بوضوح في COP28، حيث تشارك القادة والخبراء والمدافعون عن البيئة خبراتهم، تحت مظلة هدف طموح مشترك ألا وهو إحداث تغيير كبير.

وقالت صاحبة السمو الملكي إن انعقاد المؤتمر في دبي كان فرصة لوضع الحلول الضرورية، وبدء العمل على تسريع التحول المناخي من أجل البشر والكوكب، مضيفة: «في COP28، تمكنا من مشاهدة تحول جوهري في الجهود العالمية الرامية إلى التصدي إلى تأثيرات التغير المناخي، وبينما اجتمع قادة العالم لمناقشة سياسات التخفيف وتمويل المناخ، كانت هذه هي المرة الأولى التي نشهد فيها موضوعات، مثل الارتباط بين الصحة والمناخ أو المهارات الصديقة للبيئة تصبح محور الاهتمام بهذه الطريقة». 
وتابعت: إننا أمام مفترق طرق محوري، عندما يتعلق الأمر باستجابتنا لأزمة المناخ العالمية المتدهورة، لافتة إلى أنه خلال COP28، جرى التأكيد على أنه عندما يتعلق الأمر بالتنمية المستدامة، فإن التعاون ليس اختياراً، وإنما الطريقة الوحيدة للتعامل مع أكثر التحديات العالمية إلحاحاً. 
وذكرت الأميرة لمياء أن هذا العام وحده، أظهرت تأثيرات تغير المناخ المدمرة كيف أن هذه الأزمة تؤثر سلباً على الأشخاص والكوكب على حد سواء، كما رأينا أن التغير المناخي مرتبط ارتباطاً وثيقاً بصحة الإنسان والمساواة بين الجنسين والازدهار. 
وشددت على أن COP28 أتاح فرصة لقادة الدول للتفاعل بشكل كبير مع هذه التداخلات، وكشف كيف أن التغير المناخي ليس مجرد مسألة بيئية، لافتة إلى أنه مع تفاقم هذه الأزمات، من المهم أكثر من أي وقت مضى أن نتخذ إجراءات جماعية لمكافحة التغير المناخي والعواقب الاجتماعية والاقتصادية الأوسع التي ترافقه.
وقالت: بصفتي سفيرة للنوايا الحسنة لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، دوري هو بناء جسور التواصل بين الجهات المعنية لقيادة التغيير المستدام، وهذا يعني تجميع الحكومات والمنظمات غير الحكومية والمجتمعات تحت هدف مشترك نحو تحقيق نمو عمراني صديق للبيئة، وأكثر شمولاً. 
وأضافت: «الأدلة تشير إلى أن التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة قد تباطأ، وأننا نخرج عن المسار المطلوب بشكل كبير، ومن أجل تسريع التقدم نحو الأهداف العالمية للمناخ، تلعب منصات مثل COP28 دوراً حيوياً في طرح أفكار وابتكارات وخبرات جديدة، عبر جميع قطاعات التنمية، التي يمكن أن تساعد في نهاية المطاف في استغلال هذه الإمكانات».
وتابعت: بصفتي كذلك أميناً عاماً لمؤسسة الوليد الإنسانية، شاركت في مناقشات متنوعة، من المساواة بين الجنسين إلى بناء المهارات الصديقة للبيئة، ومسؤوليتنا في الأساس هي أن نلهم الأجيال المقبلة، ونمكنها ونفعّل دورها لاتخاذ إجراءات جريئة ضد تغير المناخ، في سبيل مستقبل أكثر شمولية واستدامة.
ونوّهت الأميرة لمياء بنت ماجد آل سعود، إلى أنه في جوهر مهمة مؤسسة «الوليد الإنسانية»، يكمن هدف تمكين العالم من تحقيق فرص متساوية، موضحة أنه عند النظر في الشراكات والتعاون «غالباً ما نسأل أنفسنا: هل يسهم ذلك في تحقيق عالم من الفرص المتساوية؟». 
وأشارت إلى ضرورة وجود ثقة في الشركاء، فالمنظمات غير الحكومية المحلية تمتلك فهماً للسياق المحلي، و«سواء كنت مستثمراً في التأثير، أو رائد أعمال، أو منظمة غير ربحية، أو مؤسسة إنسانية، يجب أن تستفيد من خبرة شركائك».
وتابعت: «نؤمن بالعمل جنباً إلى جنب مع شركائنا، ونستمع إلى تجارب المستفيدين، وهذا هو بالتأكيد النهج الذي اعتمدناه مع شراكتنا في مشروع (القبو النوبي)، لافتة إلى أنه من خلال هذه الشراكة، اتخذنا نظرة طويلة الأمد، عبر دعم البرنامج ككل، بدلاً من مشروع واحد فقط، وعملنا بشكل وثيق مع سيلفيا ميغت المسؤولة عن المشروع وفريقها لمدة تقارب عشر سنوات». 

أخبار ذات صلة الإمارات: الوضع الحالي في غزة لا يمكن أن يستمر تركيا تزيل 50 ألف لغم من حدودها الشرقية مؤتمر الأطراف «COP28» تابع التغطية كاملة

وقالت: «يمكنك فقط أن تلقي نظرة على نتائج هذه الشراكة لرؤية نجاحها، مع أكثر من 1300 مزارع يستخدمون حالياً البنية النوبية في البناء، وأكثر من 20.000 فرد يعيشون ويعملون في مبانٍ نوبية مستدامة، وتدريب أكثر من 1200 مزارع شاب في مجال البناء النوبي، وتحقيق عائد بقيمة أكثر من نصف مليون دولار كإيرادات إضافية، كل ذلك بينما تم منع ما يعادل أكثر من 58.000 طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون».
وسلطت الضوء على شراكة أخرى مع مشروع «كيكستارت»، حيث قدمت المؤسسة الدعم للمزارعين في نيجيريا وملاوي وموزمبيق، عبر توفير مضخات الري لزيادة القدرات الزراعية بعد انخفاض حاد في الدخل. ولفتت إلى أنه من خلال العمل مع المستفيدين، اتضحت ضرورة التدريب، لمساعدتهم في استخدام الأدوات واستخدام أساليب زراعية مستدامة، ونتيجة لذلك، في ملاوي وحدها، تمكنا من مساعدة آلاف الأشخاص في نيجيريا وموزمبيق وملاوي على الخروج من الفقر. وأوضحت أنه من خلال التعاون، مكّن مشروع «كيكستارت»، زهاء 45 ألف شخص في جميع أنحاء أفريقيا من الخروج من حالة الفقر، من خلال الزراعة المستدامة والإنتاجية.
وقالت الأميرة لمياء، في حوارها مع «الاتحاد»: «نعتقد بقوة أنه لا يوجد نهج عام واحد يناسب جميع الأمور في التنمية»، موضحة أن التغير المناخي هو تذكير صادم بأن الأزمات لا تعرف حدوداً، وترابط العالم يعني أن الطريقة التي يؤثر بها تغير المناخ في زاوية ما من العالم يمكن أن تشكل تهديداً في نهاية المطاف للجميع. 
وأضافت: «بينما من المهم الالتزام بالمسؤولية المشتركة نحو بناء مستقبل مستدام، فإنه من الضروري بشكل حاسم أن نطور حلولاً خاصة تتناسب حقاً مع السياقات المحلية، وهذا النهج لا غنى عنه لتطوير مشاريع تعزز التكيف مع التغير المناخي والمرونة». 
وألمحت إلى أنه مع الالتزام بزيادة التمويل والموارد المخصصة لمكافحة تغير المناخ، لا يمكننا أن نكون اعتياديين في استجابتنا لأزمة مناخية عالمية متعددة الجوانب، ولابد من أن التأكد من الاستجابة لاحتياجات المجتمعات المحلية وجعلها قابلة للتكيف، وهذا يعني التعرف باستمرار على التحديات وتطوير استراتيجيات التخفيف.
وشددت على ضرورة عدم التهرب من المسؤولية في ضمان تمكين الأجيال الحالية والمقبلة من تحقيق مستقبل أكثر استدامة، مضيفة: «رأينا كيف يمكن أن تؤدي قضايا مثل تغير المناخ إلى تشكك الناس في قدرتهم على تحقيق التغيير، وهذا أبعد ما يكون عن الحقيقة».
واعتبرت أن الشمولية تعني الذهاب بعيداً عن المبادرات والسياسات على المستويات الحكومية والاستماع إلى الأجيال القادمة، لفهم تحدياتهم وتقديم حلول خاصة للتغلب عليها، وهذا يعني التركيز على المهارات اللازمة لتسريع الحلول المستدامة، وهو ما ناقشناه في جلسات شاركت فيها في COP28. وقالت: «مسؤوليتنا هي توفير التنسيق والمعلومات والتعليم والمهارات والتمويل والاندماج الاجتماعي، ومن خلال ذلك، يمكننا بعد ذلك تمكين الشباب لاستغلال إمكاناتهم وتطوير الابتكارات والحلول التي يمكن أن تقدم تأثيراً مستداماً ودائماً».
الابتكارات
وأفادت الأميرة لمياء بنت ماجد آل سعود بأن التنمية المستدامة تتعلق بإطلاق إمكانات المجتمعات حول العالم، ومع التحولات الشاملة في منطقة الشرق الأوسط، يجب أن نحتضن هذه التغييرات من خلال المشاركة في الفرص للمساهمة في تقدمها، مضيفة: «من الواضح أن العديد من الابتكارات التي يمكن أن تساعدنا في التصدي للتحديات العالمية، مثل أزمة المناخ، تم تطويرها من قبل الشباب». 
وتابعت: مشروع «الكشافة من أجل أهداف التنمية المستدامة»، على سبيل المثال، ساعد الكشافة الشباب على فهم التهديدات القائمة عندما يتعلق الأمر بالاستدامة، نتيجة لذلك، تمكن الشباب من المشاركة بشكل هادف في قضايا المناخ، وتدشين حملات توعية عامة. 
وقالت، في ختام حوارها مع «الاتحاد»: على الرجال والنساء والأولاد والبنات أن يشعروا جميعاً بالقدرة على تحمل المسؤولية، ويجب أن تبدأ هذه المسؤولية بأن يكونوا مشاركين، وهذه ليست سوى البداية، حيث إن الجيل القادم سيضطر إلى التعامل مع أزمة المناخ.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: كوب 28 الإمارات الاستدامة مؤتمر الأطراف مؤتمر المناخ التغير المناخي الأمم المتحدة التنمیة المستدامة التغیر المناخی تغیر المناخ من خلال إلى أنه أکثر من یمکن أن آل سعود إلى أن

إقرأ أيضاً:

بريطانيا تلجأ للصين لمواجهة سياسات ترامب المعادية للمناخ

تسعى المملكة المتحدة لتشكيل محور عالمي جديد لصالح العمل المناخي إلى جانب الصين ومجموعة من البلدان النامية، للتعويض عن تأثير تخلي دونالد ترامب عن السياسات الخضراء، وخروجه من اتفاق باريس حول المناخ.

وزار إد ميليباند، وزير الطاقة وسياسة الانبعاثات الصفرية في المملكة المتحدة، العاصمة الصينية بكين يوم الجمعة لإجراء محادثات لمدة 3 أيام مع كبار المسؤولين الصينيين، شملت مناقشات حول سلاسل توريد التكنولوجيا الخضراء، والفحم، والمعادن الأساسية اللازمة للطاقة النظيفة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2القلب النابض للنظام المناخي.. ماذا يحدث في المحيطات؟list 2 of 2الحيتان.. عمالقة المحيط وسلاحه ضد تغير المناخend of list

وقال ميليباند: "لا يمكننا حماية الأجيال القادمة من تغير المناخ إلا إذا تحركت جميع الجهات الرئيسية المسببة للانبعاثات. إن عدم إشراك الصين في كيفية أداء دورها في اتخاذ إجراءات بشأن المناخ يُعدّ إهمالا لأجيال اليوم والأجيال القادمة".

وتعد زيارة ميليباند لبكين هي الأولى لوزير طاقة بريطاني منذ 8 سنوات. وكان قد زار الهند الشهر الماضي في مهمة مماثلة، كما سافر إلى البرازيل العام الماضي، وعقد اجتماعات مع عديد من وزراء الدول النامية خلال قمة المناخ (كوب 29) في نوفمبر/تشرين الثاني 2024.

وأضاف ميليباند -في مقالٍ له بصحيفة غارديان- أن "العمل المناخي على الصعيد المحلي دون حثّ الدول الأخرى الأكبر على القيام بدورها العادل لن يحمي الأجيال الحالية والمستقبلية. لن نحمي مزارعينا ومتقاعدينا وأطفالنا إلا إذا دفعنا دول العالم الأخرى إلى القيام بدورها".

إعلان

وتواجه الصين سلسلة من الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على صادراتها إلى الولايات المتحدة، كما تواجه احتمالا بأن يبدأ الاتحاد الأوروبي في فرض رسوم جمركية خضراء على واردات السلع الصينية عالية الكربون، مثل الصلب.

وتستفيد أكبر دولة مُصدرة للغازات الدفيئة في العالم من صادراتها القياسية من المركبات الكهربائية والألواح الشمسية وغيرها من السلع منخفضة الكربون، لكنها لا تزال تعتمد اعتمادًا كبيرًا على الفحم، ورغم أن وتيرة انبعاثاتها التصاعدية قد توقفت على ما يبدو، فإن قرار الصين بخفض إنتاجها الكربوني أو العودة إلى الوقود الأحفوري قد يعتمد إلى حد كبير على رد الحكومة على حرب ترامب التجارية.

يعتقد عديد من الخبراء أن الاحتمال الوحيد لتجنب انهيار المناخ هو أن تقوم الصين والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وغيرها من الاقتصادات الكبرى بتشكيل كتلة مؤيدة للمناخ إلى جانب البلدان النامية المعرضة للخطر، لمواجهة ثقل الولايات المتحدة وروسيا والمملكة العربية السعودية والدول النفطية التي تدفع في اتجاه التوسع المستمر في الوقود الأحفوري.

من جهتها، قالت مديرة المركز الدولي لسياسات المناخ كاثرين أبرو إنه "من المهم للغاية أن نرى هذا يحدث، فلا سبيل للوفاء باتفاقية باريس من دون الصين. وقد أوضحت الصين استعدادها للتحدث بشفافية أكبر بشأن هذه القضايا، وتعزيز العمل المناخي. ونرى انفتاحًا في الصين للتعاون مع أوروبا وكندا والمملكة المتحدة بشأن قضايا المناخ".

وستستضيف البرازيل قمة الأمم المتحدة للمناخ لهذا العام، "كوب 30″، في منطقة الأمازون في نوفمبر/تشرين الثاني، وسط أسوأ توترات جيوسياسية منذ عقود، وفي الوقت الذي تستعد فيه حكومات عديدة لضخ الأموال لإعادة التسلح.

لم تُقدّم حتى الآن سوى بعض الدول، بما فيها المملكة المتحدة، خططها الوطنية لخفض الانبعاثات للعقد القادم، وفقًا لما تقتضيه اتفاقية باريس لعام 2015 رغم انقضاء الموعد النهائي الشهر الماضي.

إعلان

ومن غير المرجح أن تُقدّم الصين خطتها إلا مع اقتراب موعد مؤتمر الأطراف الـ30، وستُراقَب باهتمام بالغ، إذ إن أهدافها الحالية المتعلقة بالكربون أضعف بكثير من أن تبقى ضمن حدّ 1.5 درجة مئوية.

مقالات مشابهة

  • طالبان تحصل 10 ملايين دولار لمكافحة تغير المناخ
  • بريطانيا تلجأ للصين لمواجهة سياسات ترامب المعادية للمناخ
  • الحيتان.. عمالقة المحيط وسلاحه ضد تغير المناخ
  • حكام الإمارات يعزون خادم الحرمين بوفاة الأميرة نورة بنت بندر بن محمد
  • حكام الإمارات يعزون خادم الحرمين في وفاة الأميرة نورة بنت بندر بن محمد
  • حكام الإمارات يعزون خادم الحرمين بوفاة الأميرة نورة بنت بندر
  • رئيس الدولة ونائباه يعزون خادم الحرمين في وفاة الأميرة نورة بنت بندر
  • رئيس الدولة ونائباه يعزون خادم الحرمين بوفاة الأميرة نورة بنت بندر بن محمد
  • الذكاء الاصطناعي يعزز الاستدامة ويسرع مكافحة التغير المناخي
  • يسرا تنعى الأميرة نورة بنت بندر آل سعود بهذه الكلمات