انفراد: صفقة غريبة في إقليم النواصر لتحويل مقبرة الرحمة إلى "مقبرة ذكية" بكلفة تناهز ثلاثة مليارات (+وثائق
تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT
في واحدة من أغرب صفقات الجماعات الترابية بجهة البيضاء – سطات، تفاجأ مستشارو مجموعة الجماعات الترابية التشارك المسيرة بمقبرة الرحمة، بجدول أعمال الدورة الاستثنائية نهاية نونبر الماضي، يحمل بين ثناياه اتفاقية تمويل مشروع أول مقبرة آمنة وذكية ورقمية على مستوى مقبرة الرحمة بجماعة دار بوعزة بإقليم النواصر، بقيمة فاقت 3 مليارات سنتيم!! .
مبررات هذا المشروع حسب القائمين عليه، لها أهداف ترغب في تحسين إمكانية الوصول إلى المقابر واستخدامها كأماكن عامة، من خلال اقتراح حلول فعالة وموثوقة لتحسين تجربة الزائر من حيث الأمن والإضاءة والتنقل والخدمات، لخلق بيئة آمنة ومريحة.
حسب اتفاقية تمويل مشروع أول مقبرة آمنة وذكية ورقمية على مستوى مقبرة الرحمة بجماعة دار بوعزة، التي حصل “اليوم 24” على نسخة منها حصريا، فإن كلفة المشروع وعمولة التدخل الإجمالية تقدر بمبلغ 37.301.227,20 درهما، وهي تخص المكونات الفرعية للمشروع، ومنها ترکیب وتشغيل نظام مراقبة بكاميرات IP وكذا إنارة ذكية ولوحات التشوير، بالإضافة إلى اقتناء 6 سيارات كهربائية مع ملحقاتها لمساعدة الزوار على التحرك بسهولة أكثر داخل المقبرة.
المشروع الرقمي الذي سيزود مقبرة الرحمة بالبيضاء بالكاميرات سيتم الإشراف عليه وفق تدبیر مفوض مدته 3 سنوات (ابتداء من الاستلام المؤقت للأشغال) لمقبرة الرحمة يشمل الاستقبال والمراقبة بالكاميرات وإدارة وقيادة أسطول السيارات الكهربائية.
وفقا لديباجة الاتفاقية التي اطلع عليها الموقع، تستخلص شركة النواصر للتنمية مقابل القيام بالمهام الموكولة لها بصفتها صاحبة المشروع المنتدب له أتعاب محددة في نسبة سبعة في المائة (7%) من المبلغ المالي الإجمالي للمشروع دون احتساب الضرائب.
لتمرير هذا القرار بهذه الكلفة المالية الباهضة كان ضروريا أن يوجه رئيس مجموعة الجماعات الترابية التشارك، استدعاءات لمستشاري المجموعة الترابية المكلفة بتسيير مرافق مقبرة الرحمة بالبيضاء، ويدعوهم عبرها للحضور بتاريخ 27 نونبر الماضي، على الساعة 11 صباحا في اجتماع لجنة الميزانية والشؤون المالية والبرمجة، وذلك بإدارة المجموعة الكائنة بالمقبرة الجماعية الرحمة.
كان الهدف بالنسبة للرئيس هو أن ينتزع موافقة بعد دراسة جدول أعمال الدورة الاستثنائية المتضمن للنقطتين التاليتين :
أولا: الدراسة والموافقة على انتداب شركـة التنمية المحلية ” النواصر للتنمية ” قصد الإنجـاز.
ثانيا: الدراسة والموافقة على اتفاقية تمويل مشروع أول مقبرة آمنة ذكية ورقمية على مستوى مقبرة الرحمة بجماعة دار بوعزة.
حسب فصول الاتفاقية المكونة من عشر صفحات، تبرم الصفقات وجميع سندات الطلب في إطار هذه الاتفاقية من طرف شركة التنمية المحلية “النواصر للتنمية” وفقا لأحكام النظام الخاص بالشركة، والمتعلق بشروط وأشكال إبرام الصفقات وكذا بعض القواعد المتعلقة بتسييرها ومراقبتها.
ويتوقع أن يتم الاستلام المؤقت والنهائي لأشغال صفقة تزويد مقبرة الرحمة بالكاميرات، من طرف شركة التنمية المحلية “النواصر للتنمية”.
تنص بنوذ الاتفاقية، على أنه لا يمكن إجراء أي تعديل على هذه الاتفاقية إلا بالموافقة بين جميع الأطراف، وفي حالة الإنهاء، فإن بنود أحكام هذه الاتفاقية تتوقف تلقائيا عن إحداث أي آثار.
وينتظر أن تدخل هذه الاتفاقية حيز التنفيذ بعد التوقيع عليها من طرف الأطراف المتعاقدة.
والتأشير عليها من طرف السلطات المختصة، وتبقى سارية المفعول طيلة مدة الإنجاز والتدبير المفوض للمشروع.
وتشير الوثائق التي حصل عليها الموقع، إلى تفاصيل التكلفة الإجمالية لإنجاز المشروع موضحة وهي على التالي:
-التزام المديرية العامة للجماعات.
-التزام مجموعة الجماعات الترابية “التشارك”، بضخ مبالغ16.900.00,00 درهما و.20.401.227,20 درهما.
والتكلفة النهائية لإنجاز المشروع ستحدد حسب تقدم الأشغال عند تاريخ تسلم تقرير انتهاء آخر ورش وحصر الوضعية المالية النهائية.
وكل تجاوز للمبلغ المالي الإجمالي للمشروع تتحمله مجموعة الجماعات الترابية “التشارك”.
وتكشف الوثائق طرق إيداع المساهمات المالية، التي تدفع الإيداعات بشأنها بعد توقيع هذه الاتفاقية والتأشير عليها وفقا للالتزامات الواردة في إطار هذه الاتفاقية في الحساب البنكي لشركة النواصر للتنمية والمفتوح لدى بنك القرض العقاري والسياحي – وكالة بوسكورة المدينة الخضراء.
وتتحدث الوثائق التي حصل عليها الموقع عن مهام المتدخلين، في مقدمتهم المديرية العامة للجماعات الترابية، وتتمثل مهام هذه الأخيرة في المساهمة في تمويل المشروع، ومواكبة لجنة التتبع المحلية.
وتشير الوثائق ذاتها، إلى أن عمالة إقليم النواصر ستضطلع بمهام في هذه الصفقة، حيث تنص الاتفاقية على أن عمالة إقليم النواصر تضع جميع الوسائل المتاحة وتقدم المساعدات اللازمة من أجل ضمان إنجاز المشروع في أفضل الظروف، حيث تقوم بمهام التنسيق بين مختلف المتدخلين في المشروع، ومواكبة المشرف المنتدب على المشروع.
كما تتتبع صرف المساهمات المالية لمختلف الأطراف الموقعة على الاتفاقية.
فيما تتحدد مهام مجموعة الجماعات الترابية “التشارك”، المساهمة في تمويل المشروع في النقط التالية:
– الإشراف على تنفيذ المشروع.
– إبرام الصفقات وعقود الطلب المتعلقة بالدراسات والأشغال اللازمة وفقا للقوانين والإجراءات المعمول بها.
– الإشراف على عملية فتح الأظرفة المتعلقة بمختلف الصفقات.
الالتزام بدفع النفقات والتكاليف المتعلقة بالمشروع (السداد المؤقت والنهائي).
التتبع الإداري والتقني لتنفيذ الأشغال.
إنجاز وعرض التقارير الشهرية المتعلقة بالتقدم المادي والمالي للمشروع.
تجتمع لجنة التتبع برئاسة عامل إقليم النواصر مرة كل ثلاثة أشهر أو أكثر إذا طلب أحد الأطراف المعنيين ذلك، حيث يتم اتخاذ جميع التدابير اللازمة من أجل ضمان سلاسة سير العملية، كما يتم تقييم التقدم المنجز على المستوى العملي والمالي.
وتؤكد الوثائق، أن هذا المشروع يندرج في إطار جهود وزارة الداخلية لدعم الابتكار والرقمنة لتحسين خدمة المرتفقين عبر:
الحفاظ على سلامة الأشخاص والمعدات والبنية التحتية، وتحسين تجربة المواطنين ومستخدمي الخدمات العامة، وحماية البيئة والمساهمة في التنمية المستدامة.
يشار إلى أن النظام المالي لمجموعة الجماعات الترابية المسيرة للمقابر، يستند على مساهمات الجماعات المكونة للمجموعة الترابية في ميزانيتها والمحددة في نسبة مئوية من الميزانية، وحتى من الإمدادات التي تقدمها الدولة والجماعات الترابية الأخرى، ومن المداخيل المرتبطة بتدبير مرفق الوقاية وحفظ الصحة وتدبير الآليات، ومن الأتاوى والأجور عن الخدمات المقدمة، ومن حصيلة الاقتراضات المرخص بها ومن الهبات والوصايا ومداخيل أخرى.
كما تعتبر مساهمات الجماعات الترابية الواجب تحويلها لفائدة مجموعة الجماعات الترابية نفقة إجبارية بالنسبة لكل جماعة ترابية.
وتضطلع المجموعات الترابية المسيرة للمقابر، بإحداث وتدبير مرفق الوقاية وحفظ الصحة، وإحداث وتدبير مرفق نقل المرضى والجرحى، وإحداث وتدبير مرفق نقل الموتى، واقتناء وتدبير آليات الأشغال وصيانتها.
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: مجموعة الجماعات الترابیة هذه الاتفاقیة مقبرة الرحمة من طرف
إقرأ أيضاً:
مهنة غريبة أوجدتها الأوراق المالية التالفة بغزة
على بسطة صغيرة في سوق مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، يجلس الشاب عبده أبو علوان يوميا، لترميم وإصلاح الأوراق النقدية الممزقة، في محاولة لإبقائها قيد التداول بين المواطنين، مقابل رسوم رمزية.
ولم يتخيل الشاب عبده طوال حياته أن يؤول به الحال إلى هذه المهنة الغريبة، لولا أنه مرَّ بعدة مواقف شخصية قاسية، جعلته يشعر باليأس، بعدما رفض التجار قبول أوراق نقدية "قالوا إنها تالفة" منه، مقابل احتياجات أطفاله وأسرته.
ومع استمرار الحرب الإسرائيلية منذ ما يقارب 18 شهرا، ومنع الاحتلال تدفق العملة الجديدة إلى القطاع، إضافة إلى الإغلاق المطول لفروع البنوك، اضطر السكان لاستخدام نفس الأوراق النقدية البالية، وهذا زاد من تعقيد النشاط التجاري الهش أصلا، وأسهم في انتشار العملات المزيفة.
مهنة اضطرارية لسد الحاجةيقول الشاب عبده أبو علوان في حديثه للجزيرة نت:"هذه مش شغلتي، بس اضطريت لها عشان أمشي أموري الحياتية، بعدما رأيت كل المواطنين في غزة يحملون أوراقا نقدية مهترئة وممزقة، والتجار يرفضون التعامل بها".
يوضّح أبو علوان أن جميع التجار وأصحاب البسطات، عند الشراء منهم، يطلبون عملة جديدة بدل القديمة، الأمر الذي دفع إلى التوجه لإصلاح العملة، حتى تبقى قابلة للتداول، لأنه لا يوجد بديل لها في غزة.
إعلانوأشار إلى أن أكثر فئتين نقديتين يُطلب إصلاحهما هما ورقة الـ20 شيكلا، وورقة الـ100 شيكل القديمة، بسبب تهالك حالتهما.
وأضاف أن التجار باتوا يرفضون التعامل بورقة الـ20 شيكلا بشكل خاص، نتيجة اهترائها الشديد، على غرار عملة الـ10 شواكل المعدنية التي اختفت من السوق قبل نحو 5 أشهر، بعدما رفض التجار التعامل بها.
ويروي أبو علوان في حديثة للجزيرة نت أن عمله يعتمد على استخدام مادتين: الأولى: مادة سريعة الجفاف، تُشترى بالسنتيمتر من أحد الأشخاص في مدينة غزة، وتتيح للمواطنين استخدام العملة بعد 5 دقائق فقط من إصلاحها.
الثانية: مادة تشكل طبقة زجاجية على الورقة النقدية، بحيث يغطي اللون على التلف، مع ضرورة إعادة التلوين على الجروح في الورقة لإخفاء نحو 70% من العيوب، وهذا يسهل إعادة تداولها.
يقول عبده: "آخذ الحد الأدنى من الأجر مقابل تصليح الأوراق النقدية: شيكلان لإصلاح ورقة الـ20 شيكلا، وإذا كانت الورقة تحتاج إلى إصلاح أكبر مثل أوراق الـ100 شيكل أو الدينار أو الدولار، قد يصل الأجر إلى 5 شواكل".
بداية فكرة تصليح العملاتبدوره، يوضح المواطن أبو الجود، الذي لا يبعد كثيرا عن بسطة زميله عبده، أن فكرة تصليح العملة بدأت تتبلور منذ نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، حينما تفاقمت أزمة العملات الورقية بين المواطنين والتجار.
ويشرح أبو الجود في حديثة للجزيرة نت: "العملة كانت في السابق تعاني من تلف بسيط جدا، لكن مع الحرب واستخدامها المكثف في الأسواق من دون استبدال أو تجديد، تفاقم الوضع كثيرا مع استمرار إغلاق البنوك".
ويضيف أن السوق اليوم يعجّ بجميع أنواع الأوراق: "الجيدة، والمتوسطة، وحتى السيئة"، أما التالفة جدا، فيتم ركنها جانبا، ويعمد المواطنون إلى استثنائها من التداول إلا للضرورة.
وعن أدوات العمل، يوضح أبو الجود أنه يعتمد على" مقص، وغراء، ومادة مثبتة، بالإضافة إلى خبرته الشخصية ونظرته الدقيقة في تقييم حالة الورقة النقدية وطريقة إصلاحها.
وأشار إلى أن أكثر الأوراق التي يتم إصلاحها بشكل متكرر هي ورقة 20 شيكلا، نظرا لكثرة تداولها، متوقعا أن يتم التوقف عن استخدامها قريبا نتيجة اهترائها الشديد ورفض التجار التعامل بها، تماما كما حصل مع عملة 10 شواكل المعدنية.
إعلان تدهور العملة الورقيةمن بين من يعانون من أزمة تهالك العملة الورقية في غزة، المواطن هاني أبو نحل، الذي وصف الواقع المالي في القطاع بأنه "معاناة حقيقية يومية" بسبب تدهور جودة الأوراق النقدية المتداولة منذ أكثر من 18 شهرا، من دون أي عملية تجديد.
يقول أبو نحل في حديثه لـ"الجزيرة نت": "بدك تشتري أي شي، بتتفاجأ إنو كل المصاري تالفة، هالمصاري إلها سنة ونص بتلف بالسوق بين الناس والتجار، وما في بديل".
ويُوضح أن المشكلة تبدأ منذ لحظة استلامه للراتب: "لما بدي أروح أسحب راتبي من تجار العمولة، بيعطيني 80% من الراتب بورق تالف، و20% بس بحالة كويسة"، متسائلا: "طيب الـ20% بدها تغطيلي كل متطلبات حياتي؟!".
ويُضيف بنبرة استياء: "هو مش بس بيشاركك براتبك بأخذ نسبة، كمان بيشاركك بالمصاري التالفة اللي هو أصلا استفاد منها قبلك، وبيرجعلك إياها عشان ترجع تصلحها وتدورها بالسوق من جديد".
تكلفة الإصلاح عبء إضافييتحدث أبو نحل عن تفاصيل تصليح الأوراق النقدية قائلا: "كل ورقة إلها تسعيرة… مثلا ورقة الـ20 شيكلا ممكن تصلحها بـ1 شيكل، وفي أوراق توصل لـ4 شواكل، وفي أوراق أصلا ما بتنفع تتصلح".
ويشير إلى أن إصلاح العملة بحد ذاته قد لا يكون حلا مثاليا: "أني أصلّح ورق وأنزل فيه للسوق، هاي معاناة ثانية، لأنه ممكن تاجر ثاني يمسكها ويرفضها، رغم إنك دافع على إصلاحها".
ويختم بالإشارة إلى أصحاب البسطات الذين يصلحون العملة قائلا: "نيّتهم طيبة وبيحاولوا يساعدوا، بس الواقع أكبر من هيك، الأزمة بدها حل جذري، مش ترقيع".
يرى عدد من المغردين أن التداول الرقمي البنكي في غزة يمكن أن يساهم بشكل كبير في حل عدة أزمات في ظل الحرب الإسرائيلية، خاصة مع شح السيولة وصعوبة التعامل النقدي، ولكنهم أشاروا أيضا إلى أن جشع بعض التجار، الذين يستغلون الحاجة للسيولة عبر بيعها في السوق السوداء، يعيق هذا الحل ويزيد من تعقيد الأوضاع.
إعلانواقترح بعض المغردين أن الحل الأنسب يتمثل في اعتماد المحفظة الإلكترونية في جميع التعاملات، بدون عمولة تُذكر، مع ضرورة أن يتم ذلك بشكل إجباري ومن دون تمييز؛ حيث يمكن لكل مواطن إنشاء محفظته الإلكترونية بسهولة ومن دون مشقة.
وأشار آخرون إلى أن اعتماد التداول الرقمي يمكن أن يُساهم في حل عدة أزمات متراكمة في قطاع غزة.
وأكدوا أن تعزيز ثقافة التداول الرقمي، واستخدامه في جميع عمليات البيع والشراء، سيُمكن المجتمع من تجاوز كل هذه المشكلات بسهولة.