العالم الأكاديمي ثار ضدنا.. مقاطعة سرية تهدد البحث العلمي الإسرائيلي
تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT
مع دخول العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة حقبة جديدة وتزايد الرفض الدولي لها، تخشى الجامعات الإسرائيلية أن تكون ضحية لعزلة دولية دخلتها إسرائيل برفضها موقف معظم بلدان العالم المطالبة بوقف إطلاق النار بشكل فوري وإنهاء القتال.
ويقول تقرير لصحيفة "ذا ماركر" الاقتصادية الإسرائيلية أن العقلية المناهضة لإسرائيل في الجامعات الأميركية تمنع دعوة الباحثين الإسرائيليين إلى المؤتمرات الأكاديمية والحصول على التمويل لأبحاثهم.
ونقل التقرير عن باحثين إسرائيليين أنهم شعروا بما أسموه "عداء عام تجاه إسرائيل" في أقسام الجامعات الأميركية، وحتى في أقسام مثل كليات الطب والعلوم الطبيعية، رغم أن مقاطعة إسرائيل كانت مقتصرة فقط سابقا على أقسام وكليات العلوم الإنسانية والاجتماعية.
ويخشى الباحثون الإسرائيليون أن تؤدي مواقف الأوساط الأكاديمية إلى الإضرار بعملهم في الخارج، ومنعهم من التقدم المهني، بل الإضرار في وقت لاحق بالبحث الأكاديمي في إسرائيل ككل، ويدرك كبار المسؤولين في عالم الأبحاث في إسرائيل بالفعل بدايات هذه الظاهرة التي أدت لنبذ الباحثين الإسرائيليين في العالم الأكاديمي.
مقاطعة سريةيقول باحث إسرائيلي له علاقات أكاديمية في الخارج، لم تورد الصحيفة الإسرائيلية اسمه، "لقد ثار العالم الأكاديمي والعلمي ضدنا"، وأردف قائلا إن هناك بالفعل حالات لباحثين إسرائيليين أبلغوا من قبل زملائهم في الخارج بإنهاء التعاون معهم، وإن آخرين رفضت نشر مقالاتهم دون تفسير، وهو ما يهدد بـ"تخلف الأبحاث في إسرائيل عن الركب"، بحسب الباحث الإسرائيلي.
وفي السياق، أورد التقرير عن البروفيسورة ريفكا كرمي، رئيسة منظمة "العلم في الخارج" التي تساعد العلماء الإسرائيليين في أنحاء العالم، أن هناك "مقاطعة سرية تشمل رفض قبول منشورات الباحثين الإسرائيليين وتحكيمها، أو رفض عروض حضور مؤتمرات في إسرائيل أو وقف دعوة الباحثين الإسرائيليين".
وبحسب الصحيفة، فإن نظام التعليم العالي في العالم برمته مبني على التعاون بين الزملاء من مختلف البلدان، وإذا كان هناك مجموعة كبيرة من الباحثين ذوي الأجندة المناهضة لإسرائيل، ومجموعة أخرى منهم يخشون التعبير عن الدعم لإسرائيل، فإن هذا قد يؤثر في الحياة الأكاديمية الإسرائيلية بمجملها، وقالت كرمي إن هذه المقاطعة السرية تعد مصدر قلق كبير لآلاف الباحثين الإسرائيليين في الخارج.
ويواجه الباحثون في إسرائيل أيضا ضررا مهنيا، بحسب الصحيفة، منها العثور على مؤسسة بحثية في الخارج تقبلهم للتدريب الداخلي ونشر مقالات مشتركة مع باحثين في الخارج والكتابة لمجلات رائدة وتقديم طلبات المنح للجامعات الكبرى وحتى تقييم الزملاء من الخارج للترقية في المراتب الأكاديمية.
وتقول البروفيسورة راشيل ألترمان، المحاضرة في مجال تخطيط المدن والقانون في مدينة التخنيون وعضو الأكاديمية الوطنية الإسرائيلية للعلوم، أن فرص قبول الباحثين الإسرائيليين للحصول على درجة الدكتوراه في الخارج انخفضت بنسبة 10%.
وتردف ألترمان أن هذا الوضع لا يضر الشباب فحسب، بل يضر كبار الباحثين الذين يعتقدون أن العلاقات التي اكتسبوها في الماضي ستساعدهم. كما يشعر الباحثون الإسرائيليون أو كبار اليهود الذين يدعمون إسرائيل، ويعملون في الخارج بالتهديد، ويخافون من التحدث والتعبير عن الدعم لإسرائيل.
وتتابع "فجأة لا يتم التعامل مع الباحثين على أساس إنجازاتهم، بل على أساس كونهم إسرائيليين أو يهود. لا أرى كيف يمكن لمجالات العلوم الإنسانية والاجتماعية أن تتغلب على الوضع الحالي، ولا نستطيع الانتظار حتى تمر هذه الموجة" بحسب تعبيرها.
وأضافت ألترمان "أواجه ظاهرة حركة المقاطعة منذ سنوات، وحتى قبل الحرب كانت هناك حالات رفض نشر مقالات لإسرائيليين في المجلات، لكن هذه الموجة الآن أكثر سوادا من السواد"
وفي إشارة لحركة مقاطعة إسرائيل على المستوى الأكاديمي قالت إنه "على مدى سنوات، تغلغلت حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات "بي دي إس" (BDS) دون عوائق وألحقت الضرر بالباحثين الإسرائيليين، ولكن كان من الصعب إثبات ذلك. واليوم، أصبح الضرر واضحا، رفضت جميع الجمعيات العلمية في مجالات بحثية نشر بيان دعم لإسرائيل، أو نشر بيانا محايدا" بحسب قولها.
وتستمر حرب إسرائيل على غزة لليوم الـ73 حيث خلف قرابة 19 ألف شهيد فلسطيني إلى جانب أكثر من 51 ألف جريح، معظمهم من النساء والأطفال، إلى جانب دمار هائل بالمباني السكنية والمرافق الحيوية والمستشفيات.
ورصد تقرير سابق نشرته الجزيرة نت بعنوان "أمل مفقود وأفق مسدود.. مثقفون إسرائيليون يروون رحلة الهجرة بلا عودة" اختيار العديد من المثقفين والأكاديميين والنشطاء مغادرة إسرائيل، وقرروا الهجرة منها ليختاروا حياة المنفى، بعد أن تعرضوا للمضايقات والإسكات، ولم يعد لديهم من خيار سوى المغادرة وإلى غير رجعة.
"عزلة متزايدة"من جانبه قال البروفيسور إيتاي هاليفي، من قسم علوم الأرض والكواكب في معهد وايزمان والرئيس الحالي لأكاديمية الشباب الإسرائيلية إن "هناك شعور بالعزلة المتزايدة، إلى جانب الانتقادات وانعدام التعاطف تجاه إسرائيل" بحسب تعبيره.
أما البروفيسور أودي سومر الأكاديمي بكلية العلوم السياسية في جامعة تل أبيب وجامعة مدينة نيويورك، والرئيس السابق لأكاديمية الشباب الإسرائيلية، التي تمثل الباحثين الشباب في إسرائيل وهي جزء من أكاديمية الشباب العالمية التي تعد منظمة دولية أعضاؤها باحثون شباب من جميع أنحاء العالم إن المنظمة تمر الآن بأزمة، في أعقاب ما أسماه "الخطاب المناهض لإسرائيل" الذي بدأ في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وروى سومر أنه "في يوم السبت الأسود/السابع من أكتوبر بدأت محادثة صادمة في مجموعة الواتساب الخاصة بالمنظمة استمرت لعدة أيام، وتضمنت اتهامات خطيرة ضد إسرائيل، دون أي إدانة للعدوان والإرهاب. ولم يستطع عضو إسرائيلي آخر كان في المجموعة أن يتحمل ذلك، وغادر، وأردف "بقيت الإسرائيلي الوحيد في المجموعة، ودخلت في جدالات لعدة أيام مع زملائي من الخارج. ورغم أنني تلقيت رسائل خاصة من باحثين من الخارج يؤيدون موقفي، فإن أحدا منهم لم يجرؤ على التعبير عن رأيه في المنتدى العام" بحسب وصفه.
وتابع سومر "في ذلك الوقت كنت في جامعة مدينة نيويورك، وكانت هناك مظاهرة مناهضة لإسرائيل، مررت بتجربة صعبة. وفي وقت لاحق، حاولت المنظمة صياغة بيان حول ضرورة الحفاظ على الحياد، لكن لم يتم نشره".
وأردف "هذه منظمة تمثل كبار العلماء الشباب في مجالهم، ولكن تبين أن لديهم نقصا كبيرا في الفهم، وأنهم يتخذون موقفا طفوليا وغير أخلاقي مدفوعا بالجهل وعدم القدرة على التمييز بين الخير والشر" بحسب تعبيره، وأضاف سومر "أساس كل هذا هو وحش معاداة السامية البالغ من العمر 1000 عام، والذي يطل برأسه مرة أخرى بكل قوته".
وتابع البروفيسور "لقد التقيت بالفعل بباحثين من الخارج قطعوا العلاقات مع إسرائيل ومع الباحثين الإسرائيليين. على المستوى العاطفي الأمر مخيب للآمال، وعلى المستوى المهني الأمر مقلق. وهذا يشكل ضررا خطيرا للباحثين الإسرائيليين. وعلى إسرائيل أن تبني استراتيجية للتعامل مع هذه الأزمة والتنبؤ بالأزمة القادمة".
ونقلت الصحيفة عن البروفيسور دانييل هيمويتز، رئيس جامعة بن غوريون الإسرائيلية، قوله إن هناك واقعا جديدا يتشكل بالنسبة للإسرائيليين "الذين لم يعتادوا شيئا من هذا القبيل" مشيرا لاستعدادهم لقبول باحثين إسرائيليين يريدون العودة من أميركا وبلدان غربية للجامعات الإسرائيلية بسبب تلك الأوضاع.
ويستدرك "لكن المؤسسات في إسرائيل ليس لديها إمكانية لقبول عدد كبير من الباحثين".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی إسرائیل فی الخارج من الخارج
إقرأ أيضاً:
هاني سويلم: البحث العلمي والابتكار هما الأساس للجيل الثاني لمنظومة الري
أكد وزير الموارد المائية والري الدكتور هاني سويلم أهمية دور المركز القومي لبحوث المياه في تقديم بحوث تطبيقية تقدم حلول قابلة للتطبيق العملي على الأرض للتعامل مع هذه التحديات الفعلية التي تواجه المنظومة المائية في مصر، خاصة في ظل ما يتمتع به المركز من كفاءات متعددة.
جاء ذلك في كلمة لوزير الري خلال مشاركته في فعاليات ورشة العمل الأولى لمناقشة الخطة البحثية للمركز القومي لبحوث المياه لخدمة جهات الوزارة، وسبل تعزيز منظومة البحث العلمي بالوزارة، والمنعقدة بحضور قيادات الوزارة والمركز القومي لبحوث المياه.
وتوجه الدكتور سويلم - في كلمته - بالتحية للمركز القومي لبحوث المياه على المجهودات المبذولة في تنفيذ الخطة البحثية، مشيرا إلى ضرورة الحوار وتبادل الرؤى والأفكار بين مصالح وهيئات وقطاعات الوزارة من جانب والمعاهد البحثية التابعة للمركز القومي لبحوث المياه من جانب آخر، لوضع رؤية واضحة للدراسات البحثية التي تتعامل مع التحديات الفعلية التي تواجه المنظومة المائية في مصر، وهو ما يتطلب طرح أفكار خلاقة مبنية على أسس علمية للتعامل مع هذه التحديات، مع الاستفادة من التطبيقات والتقنيات الحديثة الموجودة بالفعل في العديد من دول العالم، خاصة أن البحث العلمي والابتكار هما الأساس للجيل الثاني لمنظومة الري (2.0).
كما أكد الوزير حرصه على تطوير المركز القومي لبحوث المياه وتوفير كافة سبل الدعم اللازمة له وتحسين الإمكانيات البحثية والبشرية واللوجيستية به، وتوفير التدريب اللازم للكوادر البحثية بالمركز، والعمل على سد الفجوة الحادثة في أعداد شباب الباحثين بالمركز، والعمل على تطوير رؤية المركز بزيادة عدد الدراسات البحثية التطبيقية مقارنة بالدراسات الاستشارية.
وأشار سويلم إلى ضرورة التعامل مع كل تحدي من خلال دراسة بحثية متكاملة تغطي كافة الجوانب الفنية والبيئية والاجتماعية وغيرها، طبقا لبرنامج زمني مناسب، يضمن دقة نتائج هذه الدراسة ويضمن تحقيق الاستدامة للمشروعات المائية، مع التأكيد على ضرورة الاستفادة من نتائج وتوصيات كل دراسة بحثية من خلال قيام متخذي القرار بالاعتماد على هذه النتائج في اتخاذ القرارات المناسبة التي تحقق الهدف من الدراسة.
ولفت إلى ضرورة التوسع في البحث العلمي في عدة مجالات مهمة، مثل وضع خطة متكاملة مبنية على أسس علمية فيما يخص إدارة محطات معالجة مياه الصرف الزراعي (الدلتا الجديدة وبحر البقر والمحسمة) بحيث تتضمن الخطة تقييما لنوعية المياه المنتجة من المحطات والتركيب المحصولي الملائم للزراعة على المياه المنتجة من هذه المحطات وكيفية التعامل مع تحدي زيادة ملوحة التربة الزراعية عند استخدام المياه الناتجة من محطات المعالجة، ودراسات الري الحديث وتأثيرها على كميات المياه في المصارف، وأيضا مجالات التكيف مع التغيرات المناخية، ورفع كفاءة استخدام المياه، واستخدام المواد الصديقة للبيئة في مشروعات المياه، والاعتماد بشكل فعال على الذكاء الاصطناعي في إدارة المنظومة المائية.
من جهته، استعرض رئيس المركز القومي لبحوث المياه الدكتور شريف المحمدي - خلال ورشة العمل - إنجازات الخطة البحثية لعام2023 / 2024، موضحا مراحل إعداد الخطة، والتي اعتمدت على منهجية دقيقة لتحديد المشكلات على مستوى جهات الوزارة، وتصنيفها إلى دراسات بحثية أو استشارات فنية.
كما تناول الإنجازات المحققة خلال الفترة السابقة، والتي تضمنت إنتاجًا علميًا شمل نشر ٩٧ ورقة بحثية وإصدار ٣١٨ تقريرًا فنيًا، إلى جانب تنظيم برامج تدريبية متخصصة، كما تم التقدم بتسعة مقترحات بحثية للحصول على تمويل محلي ودولي، وتقديم استشارات فنية لجهات الوزارة وقطاعات حكومية وأفراد، وتوقيع المركز القومي لبحوث المياه بتوقيع ٩ بروتوكولات تعاون مع جهات دولية وجامعات مصرية وهيئات بحثية بهدف تعزيز التعاون البحثي والتطبيقي.
كما شرح مراحل إعداد الخطة البحثية للمركز لعام ٢٠٢٤ / ٢٠٢٥، مع التأكيد على التعاون بين المركز والمعاهد البحثية المختلفة وقطاعات وهيئات الوزارة من خلال تنفيذ الدراسات البحثية المشتركة.
فيما عرض مديرو المعاهد البحثية إنجازات الخطة البحثية لكل معهد لعام ٢٠٢٣ / ٢٠٢٤، ومقترحات الخطة البحثية للمعهد لعام ٢٠٢٤ / ٢٠٢٥.
اقرأ أيضاًوزير الري: التعنت الإثيوبي أدى لعدم التوصل لاتفاق قانوني عادل وملزم لملء وتشغيل سد النهضة
وزير الري: قضية المياه مسألة أمن قومي وأساس مستقبل الأجيال لتحقيق التنمية المستدامة