العدوان الإسرائيلي والحرب الإقليمية
تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT
العدوان الصهيوني الغاشم على قطاع غزة، والذي تسبب في استشهاد عشرات الآلاف من الأبرياء المدنيين من الأطفال والنساء وتدمير البنية الأساسية لقطاع غزة، أدخل المنطقة في صراع استراتيجي خطير بعد أكثر من ٧٠ يوما من القصف البربري.
ورغم الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة ودول العالم في استصدار قرار ملزم من مجلس الأمن الدولي لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، إلا أن الصلف والمكابرة والانحياز الأمريكي السافر مع إسرائيل وقف عقبة دون صدور ذلك القرار بسبب حق النقض الذي استخدمته واشنطن، وهو الأمر الذي لقي استهجانا واستنكارا كبيرين من مختلف دول العالم من السلوك السياسي الأمريكي السلبي، فقد استهتر بكل الأعراف الدبلوماسية والنواميس الدولية في ضرورة وقف إراقة دماء الشعب الفلسطيني في قطاع غزه وبقية عموم فلسطين.
ومن هنا فإن الكيان الإسرائيلي يواصل عدوانه ضد الشعب الفلسطيني في حين يتلقى جيشه هزيمة عسكرية مهينة على أيدي المقاومة الفلسطينية، رغم فارق الإمكانيات العسكرية والدعم المالي واللوجستي الأمريكي والغربي، ومع ذلك سجلت المقاومة الفلسطينية نصرا واضحا باعتراف قيادات عسكرية إسرائيلية سابقة. كما أن الرأي العام العالمي خرج في عواصم العالم منددا ومستنكرا جريمة الكيان الإسرائيلي والتي نقلها الإعلام العربي والدولي بكل تفاصيلها اليومية حيث يمثل ذلك مأساة إنسانية كبيرة.
من المتغيرات الاستراتيجية التي قد تشعل حربا إقليمية هو الملاحة في البحر الأحمر من خلال سعي الكيان الإسرائيلي إلى توريط واشنطن والدول الغربية وحتى عدد من الدول العربية في مواجهة محتملة ضد قوات أنصار الله «الحوثيين» حيث أن الاعتداء على السفن التجارية المتجهة إلى الكيان الإسرائيلي هو أمر أعلنه الحوثيون طالما أن الكيان الإسرائيلي يمنع الغذاء والدواء والوقود عن سكان قطاع غزة.
وعلى ضوء ذلك فإن ما يجري في البحر الأحمر وبالقرب من مضيق باب المندب هو أمر خطير قد ينتج عنه اشتعال حرب إقليمية كبرى تسعى إسرائيل ونتانياهو لإشعالها بهدف خلط الأوراق في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
إن أحداث السفن في البحر الأحمر هو أمر في غاية الحساسية خاصة للولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية، كما أن جماعة أنصار الله تربط توقف الهجوم على السفن التجارية بوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. ومن هنا تأتي خطورة ذلك المتغير الاستراتيجي علاوة على موضوع المحتجزين من الإسرائيليين من قبل رجال المقاومة الفلسطينية خاصة يوم السابع من أكتوبر، والذي يعد من اللحظات الذي أفقدت الكيان الصهيوني توازنه. وسقطت هيبة الجيش الإسرائيلي من خلال الهجوم الكاسح للمقاومة الفلسطينية.
إن الكيان الإسرائيلي يريد إشعال حرب إقليمية خاصة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية وتوسيعها إلى حد المواجهة الاستراتيجية بين عدد من دول المنطقة وإيران، ومن هنا فإن الحذر واجب تجاه المخطط الصهيوني والأمريكي فالولايات المتحدة الأمريكية أصبحت جزءا أصيلا ومشاركا في العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني على الصعيد الاقتصادي والعسكري والاستخباراتي في سابقة خطيرة لإدارة الرئيس الأمريكي بايدن، والذي قد يدفع ثمنا سياسيا كبيرا خلال الانتخابات على مقعد البيت الأبيض في نوفمبر من العام القادم، وهناك استقالات حدثت من مسؤولي وزارة الخارجية الأمريكية. كما أن عددا من الحكومات الغربية كإسبانيا وبلجيكا أبدت استعدادا للاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة، وتضغط المظاهرات الكبيرة في عواصم الغرب على الحكومات في ضرورة وقف العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
إن الملاحة البحرية في باب المندب وفي البحر الأحمر تعد على جانب من الخطورة ليس فقط من خلال المواجهة العسكرية بين الحوثيين والغرب ولكن من خلال تطاير شظايا الحرب إلى أبعد من ذلك وتكون جغرافية منطقة الخليج العربي هي الساحة الملتهبة لتلك الحرب. ومن هنا فإن الحذر واجب من خلال وقف الحرب في المقام الأول، أي العدوان الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني وتبادل الأسرى بشكل كامل بين الكيان الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية تمهيدا لإيجاد الحل السياسي المتمثل في قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧؛ لأن بدون قيام الدولة الفلسطينية فإن الصراعات والحروب سوف تستمر ضد الكيان الصهيوني من خلال أجيال المقاومة الفلسطينية المتعاقبة فحركات التحرر والمقاومة في التاريخ البعيد والحديث لا يمكن القضاء عليها.
ومن هنا على الكيان الإسرائيلي أن يستوعب التاريخ فإن أمن الملاحة في البحر الأحمر أصبح متغيرا استراتيجيا في إطار الصراع المسلح مع الكيان الإسرائيلي كما هو الحال مع المقاومة في لبنان والعراق وسوريا واليمن. كما أن أمام الولايات المتحدة الأمريكية مسؤولية لوقف إطلاق النار وإنهاء العدوان الإسرائيلي وحقن دماء الشعب الفلسطيني وبدون ذلك سوف تدخل المنطقة أتون حرب إقليمية شاملة سوف تكون لها انعكاسات وتداعيات خطيرة على الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: المقاومة الفلسطینیة العدوان الإسرائیلی الکیان الإسرائیلی المتحدة الأمریکیة الشعب الفلسطینی فی البحر الأحمر قطاع غزة من خلال ومن هنا کما أن
إقرأ أيضاً:
يوم الأسير الفلسطيني.. قهرٌ خلف القضبان وتعذيب بلا سقف.. 16400 اعتقال و63 شهيدا بسجون الاحتلال منذ بدء العدوان
البلاد – رام الله
ينتهج الاحتلال الإسرائيلي، الاعتقالات التي شملت كافة شرائح وفئات المجتمع، كأداة لقمع الفلسطينيين وترهيبهم والانتقام منهم، واستخدمها وسيلة للعقاب الجماعي، حتى أضحت ظاهرة وسلوكًا يوميًا، وجزءًا أساسيًا من منهجية سيطرته على الشعب الفلسطيني، والوسيلة الأكثر قمعًا وقهرًا. فمنذ بدء عدوانه على غزة في 7 أكتوبر 2023، نفّذ الاحتلال أكثر من 16400 حالة اعتقال، واستشهد 63 أسيرًا في سجونه. ومع حلول يوم الأسير الفلسطيني الذي يصادف اليوم الخميس، دعا المجلس الوطني الفلسطيني المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لوقف الجرائم المرتكبة بحق المعتقلين الفلسطينيين، وتشكيل لجان تحقيق دولية لمحاسبة الاحتلال.
وأكد المجلس في بيان صحافي أمس الأربعاء أن قضية المعتقلين ستبقى في صلب النضال الوطني الفلسطيني، مشيرًا إلى أن يوم الأسير هذا العام يأتي في ظل تصعيد غير مسبوق في أساليب القمع ومحاولات كسر إرادة المعتقلين وإسكات صوت الحرية داخل الزنازين.
وأشار المجلس الوطني إلى أن سياسات القمع والاضطهاد تصاعدت على نحو خطير في ظل الحكومة الإسرائيلية اليمنية المتطرفة، التي شرعنت التعذيب الجسدي والنفسي ووسّعته، بإشراف مباشر من ضباط إدارة السجون والوزير المتطرف إيتمار بن غفير.
وفي السياق ذاته، قالت مؤسسات الأسرى إن 63 معتقلًا على الأقل استشهدوا في سجون الاحتلال منذ بداية العدوان على غزة، بينهم 40 شهيدًا من القطاع، في وقت يواصل فيه الاحتلال إخفاء هويات عشرات الشهداء واحتجاز جثامينهم.
وأضافت المؤسسات، في بيان مشترك لمناسبة يوم الأسير الفلسطيني، أن عدد الشهداء الأسرى الموثقة أسماؤهم منذ عام 1967 بلغ 300 شهيد، كان آخرهم الطفل وليد أحمد من بلدة سلواد.
وأوضحت أن جرائم التعذيب الجسدي والنفسي، والتجويع، والإهمال الطبي، والاعتداءات الجنسية بما فيها الاغتصاب، شكّلت الأسباب الرئيسية لوفاة المعتقلين، وأن وتيرة استشهاد الأسرى فاقت كل الفترات السابقة وفقًا لما وثقته المؤسسات الحقوقية.
كما أشارت إلى أن الشهادات التي نقلتها الطواقم القانونية من داخل السجون، إلى جانب روايات من أُفرج عنهم، كشفت عن مستوى صادم من التعذيب الممنهج، خصوصًا في صفوف معتقلي غزة، الذين تعرّضوا لأساليب إذلال غير مسبوقة، وامتهان متعمّد للكرامة الإنسانية، وضرب مبرّح ومتكرر، وحرمان من الحد الأدنى من شروط الحياة.
وأضافت المؤسسات أن الاحتلال حوّل هذه الجرائم إلى سياسة ممنهجة وأدوات ثابتة، ما يستدعي تدخلًا من المنظومة الحقوقية الدولية التي باتت مطالبة بالنظر إلى هذه الانتهاكات كمرحلة جديدة تهدد القيم الإنسانية جمعاء، وليس الفلسطينيين وحدهم.
ونوّهت إلى أن حكومة الاحتلال اليمينية صعدت من التحريض ضد الأسرى قبل اندلاع العدوان الحالي، تمهيدًا لحملات قمع ممنهجة تهدف إلى سلبهم ما تبقى من حقوقهم داخل السجون.
ولفتت إلى أن الاحتلال استخدم الاعتقالات كأداة مركزية للانتقام والقهر الجماعي، فباتت جزءًا من بنيته الأمنية وسلوكه اليومي في إخضاع الشعب الفلسطيني.
يُذكر أن المجلس الوطني الفلسطيني أقرّ في عام 1974 يوم السابع عشر من أبريل من كل عام يومًا وطنيًا لنصرة الأسرى الفلسطينيين وتكريمًا لتضحياتهم، فيما اعتمدت القمة العربية في 2008 هذا اليوم تاريخًا عربيًا جامعًا لإحياء قضية الأسرى في جميع الدول العربية تضامنًا مع المعتقلين الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال الإسرائيلي.