لماذا حذر النبي من وضع المرآة في غرفة النوم؟ الإفتاء تكشف حقيقة الجن العاشق
تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT
لماذا حذر النبي من وضع المرآة في غرفة النوم؟ النظر في المرآة مباح، بل قد يكون مستحبًا، ليتجنب الإنسان ما يَشينه ويصلح ما ينبغي إصلاحه، ولتتزين المرأة لزوجها، وثبت حديث النظر إلى المرآة ، روي عن عائشة أم المؤمنين - رضي الله تعالى عنها- في الدعوات الكبير بالبيهقي، أنه كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إذا نظرَ إلى وجهِهِ في المرآةِ قالَ الحمدُ للَّهِ اللَّهمَّ كما أحسنتَ خَلْقي فأحسن خُلُقي، و روي عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً دون هذه الزيادة (يعني النظر في المرآة).
ما حكم النظر للمرآة في غرفة النوم؟
قال الشيخ محمد عبدالسميع، أمين الفتوى بدار الإفتاء، إنه "لا مانع من وجود المرايا فى غرفة النوم أثناء العلاقة الزوجية، فلا يجب أن نغطيها".
وأوضح: "المستحب فى هذه الحالة أن يكون نوعا من الستر، وهو عدم وجود تعرى كامل، أثناء العلاقة الزوجية، فهذا من آداب العلاقة الزوجية".
حقيقة الجن العاشق
أفاد الدكتور محمد عبد السميع، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، بأننا لا ندعو الناس إلى التفكير في حقيقة الجن العاشق وما شابه مثل هذه الأمور التي توضع في أذهان بعض الناس.
وأضاف « عبد السميع» في إجابته عن سؤال: « هل يوجد ما يسمي بالجن العاشق؟»، عبر فيديو البث المباشر لدار الإفتاء المصرية، أن هذه الأشياء لا تؤثر على الإنسان.
ونصح أمين الفتوى السائلة بأن تداوم على قراءة القرآن الكريم والوضوء والذكر والصلاة على وقتها والصيام إن استطاعت؛ فهذا يصرف الشياطين والأفكار المغلوطة.
حديث النظر إلى المرآة ، جاء في الحديث الصحيح عن عائشة أم المؤمنين - رضي الله تعالى عنها- في إرواء الغليل ، للألباني ، أنه كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقول اللهم أَحسَنْتَ خَلْقي فأَحْسِنْ خُلُقي، حيث إن حُسنُ الخُلقِ مِن تَمامِ الإيمانِ، وقد أرشَدَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى طَلبِ التَّحلِّي بمَكارمِ الأخلاقِ، وكان قُدوةً في ذلك.
حديث النظر إلى المرآة ، في هذا الحَديثِ تقولُ عائشةُ أُمُّ المؤمنينَ رضِيَ اللهُ عنها: "كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: اللَّهُمَّ أحسَنْتَ خَلْقي"، أي: أكمَلْتَ خَلقَ الجسَدِ في أحسَنِ صُورةٍ، "فأحْسِنْ خُلقي"، أي: حَسِّنْ أخلاقي وكَمِّلْها بالتَّحلِّي بأحْسَنِها، وهذا دُعاءٌ وطلَبٌ لكَمالِ وإتمامِ النِّعمةِ عليه بإكمالِ دِينِه. وهذا تَعليمٌ نَبويٌّ بأنْ يَطلُبَ المؤمِنُ معاليَ الأخلاقِ في دُعائِه للهِ؛ فاللهُ سُبحانه وتَعالى هو الموفِّقُ إلى كلِّ خيرٍ، والنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مع كَمالِ خُلقِه، يَطلُبُ مِن اللهِ أنْ يُحسِّنَ أخلاقَه، وما فعَلَ ذلك إلَّا ليكونَ القُدْوةَ لنا في ذلك، ولِيَعلَمَ كلُّ مُؤمنٍ أنَّ أصلَ الأخلاقِ غَريزيَّةٌ في العبْدِ، ولكنَّه يُصقِلُها بفِعلِ الطاعاتِ والتَّحلِّي بمَكارِمِها .
هل يجوز الصلاة في البيت خلف إمام المسجد ؟ دار الإفتاء تجيب وصفة النبي في علاج السحر .. دار الإفتاء: تشفي المريض نهائياً كيفية التخلص من السحر نهائيا.. 16 كلمة لا يقدر عليها ساحر ولا جان كيفية حفظ النعم من الحسد والعين.. اتبع هذه التحصينات النبوية للوقاية من الحاقدين كيفية الرقية الشرعية على الماء .. النية والوضوء وقراءة هذه الآيات
هل النظر إلى المرآة ليلا يسبب مس الجن ؟، أجاب الدكتور أحمد ممدوح أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية ، موضحًا حقيقة ما يُثار حول النوم أمام المرآة ليلاً وأنه يسبب مس الجن، قائلاً: أن هذا الأمر ليس له أصل في الشرع، وما يعتقده البعض بأنه يجب تغطية المرآة ليلا تجنبًا لمس الجن وما شابه، هو خرافات لا يجب الالتفات إليها.
وفي إجابة سؤال: هل النظر إلى المرآة ليلا أو النظر لها يسبب مس الجن؟، قال الشيخ أحمد صبري الداعية الإسلامي، إنه لم يرد دليل على أن من ينظر إلى المرآة كثيرًا أو في الليل يصاب بمس الجن.
هل النظر في المرآة حرامهل النظر في المرآة حرام ؟ ، ورد أنه لم نقف على نص يمنعه أو يكرهه فيما اطلعنا عليه، ولكن كرهه بعض الأطباء، قال ابن القيم في كتابه القيم زاد المعاد في باب الطب: ورأيت لابن ماسويه فصلا في كتاب المحاذير نقلته بلفظه قال : من أكل البصل أربعين يوما وكلف ، فلا يلومن إلا نفسه ... ومن نظر في المرآة ليلا ، فأصابه لقوة ، أو أصابه داء فلا يلومن إلا نفسه .... ولم يذكر علة لذلك ، وما دام الأمر طبيا محضا فأهل الشأن فيه هم أهل الطب فينبغي مراجعتهم في ذلك .
حقيقة وجود الجن العاشق
وفي سياق متصل، أرسلت سائلة لدار الإفتاء المصرية سائلة لدار الإفتاء المصرية، تقول فيه: «إن ابنتها مخطوبة وتعاني من وجود ما يسمى بـ«جني عاشق» يسيطر عليها، ويمنعها من الزواج، ويتحدث هذا الجن على لسانها بصوت رجل، ويقول «لن يتزوجها أحد غيري وجسمها ملكٌ لديّ»، وابنتي مُلتزمة بالصلاة والطاعات والعبادات، فماذا نفعل؟».
وطالب الشيخ أحمد ممدوح، مدير إدارة الأبحاث الشرعية وأمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء، بعرض هذه الفتاة على طبيب نفسي ثقة، مؤكدًا أن ما تعاني منه لا علاقة له بالجن، خاصة أنها تؤدي العبادات.
وأكد الشيخ أحمد ممدوح أن القرآن الكريم أخبر عن الجن وأن له مواصفات وقوانين خاصة به، ومن هنا وجب الإيمان بوجودهم حسب القدر الذي بيَّنه القرآن وأوضحته السنة النبوية الصحيحة، منوهًا بأن عقل الجن ضعيف مثل الأطفال، وإذا شعر بخوف الإنسان زاد في إخفاته.
وتساءل الشيخ أحمد ممدوح «هل الجن ليس وراءه شيء إلا التلبس ببني آدم؟!»، مطالبًا بعدم جعل الجن شماعة لتعليق عليها أوهامنا وفشلنا في الحياة، مؤكدًا أن الله تعالى جعل لنا تحصينًا من هذا المخلوقات بـ«المعوذتين» -الفلق والناس-، وكذلك أداء الصلوات والإكثار من ذكر الله تعالى، والاستغفار.
وذَكر الشيخ أحمد ممدوح أن الشيخ محمود خطاب السبكي حينما كان يقول له أحد الأشخاص أنه ملبوس من جني كان يضرب على فخذه ويقول: «اخرج احنا مش ورانا غيرك، فيخرج»، منوهًا بأن أحد المعالجين بالقرآن الكريم أكد له أن أكثر من 90% من الحالات التي تعامل معها كانت عبارة عن أوهام لا أصل لها ولا أساس بتلبسها بالجن.
ونصح الشيخ أحمد ممدوح بأنه على الإنسان يحصن نفسه ويقوي عزمه وهمه، ويحسن ظنه بالله تعالى، أن الله -عز وجل - لم يجعل لأحد من خلقه عليه سبيلًا ليضر به.
علاج مس الجن
(أعوذُ باللَّهِ السَّميعِ العَليمِ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ مِن هَمزِهِ، ونَفخِهِ ونَفثِهِ).
(أَعوذُ بكلِماتِ اللهِ التامَّاتِ، الَّتي لا يُجاوِزُهُنَّ بَرٌّ ولا فاجرٌ، مِن شرِّ ما خلقَ، وذرأَ، وبرأَ، ومِن شرِّ ما ينزِلُ مِن السَّماءِ، ومِن شرِّ ما يعرُجُ فيها، ومِن شرِّ ما ذرأَ في الأرضِ وبرأَ، ومِن شرِّ ما يَخرجُ مِنها، ومِن شرِّ فِتَنِ اللَّيلِ والنَّهارِ، ومِن شرِّ كلِّ طارقٍ يطرُقُ، إلَّا طارقًا يطرقُ بِخَيرٍ، يا رَحمنُ).
(أَعُوذُ بكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ، مِن كُلِّ شيطَانٍ وهَامَّةٍ، ومِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ).
(بسمِ اللَّهِ الَّذي لا يضرُّ معَ اسمِهِ شيءٌ في الأرضِ ولَا في السَّماءِ، وَهوَ السَّميعُ العليمُ ثلاثَ مرَّاتٍ).
(بسمِ اللَّهِ أرقيكَ، مِن كلِّ شيءٍ يؤذيكَ، مِن شرِّ كلِّ نفسٍ أو عَينٍ، أو حاسِدٍ اللَّهُ يَشفيكَ، بِسمِ اللَّهِ أَرقيكَ).
(أذْهِبِ البَاسَ رَبَّ النَّاسِ، اشْفِ وأَنْتَ الشَّافِي، لا شِفَاءَ إلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا).
(اللهمَّ عافِني في بدني، اللهمَّ عافِني في سمعي، اللهمَّ عافِني في بصري).
الإكثار من قول: (لا حَوْلَ ولَا قُوَّةَ إلَّا باللَّهِ).
(مَن قالَ إذا خرجَ من بيتِهِ: بِسمِ اللَّهِ، توَكَّلتُ علَى اللَّهِ ولا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللَّهِ، يقالُ لهُ هُديتَ، وكُفيتَ، ووُقيتَ فيتنَحَّى عنهُ الشَّيطانُ).
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الفتوى بدار الإفتاء الإفتاء المصریة غرفة النوم الله تعالى علیه وسل هل النظر وم ن شر ى الله
إقرأ أيضاً:
6 مواقف بكى فيها النبي محمد .. وسبب بكائه على أُمَّتِهِ
سجلت السُنة النبوية والسيرة الشريفة، مواقف بكى فيها النبي -صلى الله عليه وسلم-، فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحزن ويفرح ويبكي، وبكى -صلى الله عليه وسلم- في حياته في أكثر من مناسبة، فقد بكى رحمة لأمته، روى مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص: «أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا قول الله عز وجل في إبراهيم: رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ. وقول عيسى عليه السلام: إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ».
فرفع يديه وقال: اللهم أمتي أمتي وبكى، فقال الله عز وجل يا جبريل اذهب إلى محمد وربك أعلم فسله ما يبكيك، فأتاه جبريل عليه السلام فسأله فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال وهو أعلم، فقال الله يا جبريل: اذهب إلى محمد فقل إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك.
بكى النبي - صلى الله عليه وسلم - عند موت عثمان بن مظعون، فعن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يُقَبِّل عثمان بن مظعون وهو ميِّتٌ حتى رأيت الدموع تسيل. ولفظ الترمذي: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَبّل عثمانَ بن مظعون، وهو ميِّتٌ وهو يبكي، أو قال: عيناه تذرفان»
مواقف بكى فيها النبيبكاؤه في الصلاة: عن عبدالله بن الشخير قال: «رأيت رسول الله يصلي وفي صدره أزيز كأزيز الرحى من البكاء»، وفي رواية: «وفي صدره أزيز كأزيز المرجل»، وعن علي -رضي الله عنه- قال: «ما كان فينا فارس يوم بدر غير المقداد، ولقد رأيتُنا وما فينا إلا نائم، إلا رسول الله تحت شجرة يصلي ويبكي حتى أصبح».
عن عطاء بن أبي رباح رحمه الله قال: «دخلت أنا وعبيد بن عمير على عائشة، فقالت لعبيد بن عمير: قد آن لك أن تزور، فقال: أقول يا أمَّه كما قال الأول: زُرْ غِبًّا تزددْ حبًّا، قال: فقالت: دعونا من رطانتكم هذه، قال ابن عمير: أخبرينا بأعجب شيء رأيتِه من رسول الله، قال: فسكتت، ثم قالت: لما كان ليلة من الليالي، قال: «يا عائشة، ذريني أتعبد الليلة لربي»، قلت: والله إني لأحب قربك، وأحب ما يسرُّك، قالت: فقام فتطهر، ثم قام يصلي، قالت: فلم يزل يبكي حتى بلَّ حجره، قالت: وكان جالسًا، فلم يزل يبكي حتى بل لحيته، ثم بكى حتى بل الأرض، فجاء بلال يؤذِنُه بالصلاة، فلما رآه يبكي، قال: يا رسول الله، تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: «أفلا أكون عبدًا شكورًا؟ لقد نزلت عليَّ الليلة آية، ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها: «إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ» (آل عمران: 190).
دعاء المطر والرعد المستجاب.. «اللهم صيبا نافعا»أمين الفتوى: دعاء المظلوم لا يرد والأفضل يدعو للظالم بالهداية
بكاء النبي عند سماع القرآن:عن عبدالله بن مسعود قال: «قال لي رسول الله: اقرأ عليَّ القرآن، قال: فقلت: يا رسول الله، أقرأ عليك، وعليك أُنزل؟ قال: إني أشتهي أن أسمعه من غيري، فقرأت النساء، حتى إذا بلغت: «فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا» [النساء: 41]، رفعتُ رأسي - أو غمزني رجل إلى جنبي فرفعت رأسي - فرأيتُ دموعه تسيل»، وفي رواية البخاري: حتى أتيتُ إلى هذه الآية: «فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا» [النساء: 41]، قال: حسبك الآن، فالتفتُّ إليه، فإذا عيناه تذرفان».
وعن عمرو بن حريث قال: «قال النبي لعبدالله بن مسعود: اقرأ، قال: أقرأ وعليك أُنزل؟ قال: إني أحب أن أسمعه من غيري، قال: فافتتح سورة النساء حتى بلغ: ﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 41]، فاستعبر رسول الله، وكفَّ عبدالله، فقال له رسول الله: تكلم، فحمِد الله في أول كلامه، وأثنى على الله وصلى على النبي، وشهد شهادة الحق، وقال: رضينا بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، ورضيت لكم ما رضي الله ورسوله، فقال رسول الله: رضيتُ لكم ما رضي لكم ابن أم عبد».
قال ابن بطال: "وإنما بكى عند هذا؛ لأنه مثل لنفسه أهوال يوم القيامة، وشدة الحال الداعية له إلى شهادته لأمته بتصديقه والإيمان به، وسؤاله الشفاعة لهم ليريحهم من طول الموقف وأهواله، وهذا أمر يحق له طول البكاء والحزن».
بكاؤ النبي على القبر:عن أبي هريرة قال: زار النبي قبر أمه، فبكى وأبكى من حوله، فقال: «استأذنتُ ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذِن لي، فزوروا القبور؛ فإنها تذكر الموت»، وعن البراء بن عازب قال: كنا مع رسول الله في جنازة، فجلس على شفير القبر، فبكى حتى بل الثرى، ثم قال: «يا إخواني، لمثل هذا فأعدوا» هذا لفظ ابن ماجة.
وفي رواية أحمد: «بينما نحن مع رسول الله إذ بصر بجماعة، فقال: علام اجتمع عليه هؤلاء؟ قيل: على قبر يحفرونه، قال: ففزع رسول الله، فبدر بين يدي أصحابه مسرعًا حتى انتهى إلى القبر، فجثا عليه، قال: فاستقبلته من بين يديه لأنظر ما يصنع، فبكى حتى بل الثرى من دموعه، ثم أقبل علينا، قال: أي إخواني، لمثل اليوم فأعدوا».
بكاء النبي لأجل أمته:عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما «أن النبي تلا قول الله عز وجل في إبراهيم: «رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» [إبراهيم: 36] الآية، وقال عيسى عليه السلام: «إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» [المائدة: 118]، فرفع يديه، وقال: اللهم أُمتي أمتي، وبكى، فقال الله عز وجل: يا جبريل، اذهب إلى محمد - وربك أعلم - فسلْهُ: ما يبكيك؟ فأتاه جبريل عليه الصلاة والسلام، فسأله، فأخبره رسول الله بما قال، وهو أعلم، فقال الله: يا جبريل، اذهب إلى محمد، فقل: إنا سنُرضيك في أمتك ولا نسوؤك».
عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: «ترد عليَّ أمتي الحوضَ، وأنا أذود الناس عنه، كما يذود الرجلُ إبلَ الرجلِ عن إبله، قالوا: يا نبي الله، أتعرفنا؟ قال: نعم، لكم سيما ليست لأحد غيركم، تردون عليَّ غُرًّا محجلين من آثار الوضوء، وليصدن عني طائفة منكم فلا يصلون، فأقول: يا رب، هؤلاء من أصحابي، فيجيبني ملك، فيقول: وهل تدري ما أحدثوا بعدك؟ وفي رواية: فيقال: إنهم قد بدلوا بعدك، فأقول: سحقًا سحقًا».
بكاء النبي رقة وحمة:عن أنس بن مالك قال: دخلنا مع رسول الله على أبي سيف القين، وكان ظِئرًا لإبراهيم عليه السلام، فأخذ رسول الله إبراهيم، فقبَّله وشمَّه، ثم دخلنا عليه بعد ذلك وإبراهيم يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول الله تذرفان، فقال له عبدالرحمن بن عوف: وأنت يا رسول الله؟ فقال: «يا ابن عوف، إنها رحمة»، ثم أتبعها بأخرى، فقال: «إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون».
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أخذ النبي بنتًا له تقضي، فاحتضنها، فوضعها بين ثدييه، فماتت وهي بين ثدييه، فصاحت أم أيمن، فقيل: أتبكي عند رسول الله؟ قالت: ألستُ أراك تبكي يا رسول الله؟ قال: «لستُ أبكي، إنما هي رحمة، إن المؤمن بكل خير على كل حال، إن نفسه تخرج من بين جنبيه وهو يحمد الله عز وجل».
وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: كان ابن لبعض بنات النبي يقضي، فأرسلت إليه أن يأتيها، فأرسل: «إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل إلى أجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب»، فأرسلت إليه فأقسمت عليه، فقام رسول الله، وقمت معه، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وعبادة بن الصامت، فلما دخلنا ناولوا رسول الله الصبي، ونفسه تقعقع، فبكى رسول الله، فقال سعد بن عبادة: أتبكي؟ فقال: «إنما يرحم الله من عباده الرحماء».
وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: «اشتكى سعد بن عبادة شكوى له، فأتى رسول الله يعوده مع عبدالرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وعبدالله بن مسعود، فلما دخل عليه وجده في غشية، فقال: أقد قضى؟ قالوا: لا، يا رسول الله، فبكى رسول الله، فلما رأى القوم بكاء رسول الله، بكوا، فقال: ألا تسمعون؟ إن الله لا يعذب بدمع العين، ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا - وأشار إلى لسانه - أو يرحم».
وعن أنس بن مالك قال: خطب النبي فقال: «أخذ الراية زيد فأُصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب، ثم أخذها عبدالله بن رواحة فأصيب، ثم أخذها خالد بن الوليد عن غير إمرة ففُتح له، وقال: ما يسرنا أنهم عندنا - أو قال: ما يسرهم أنهم عندنا - وعيناه تذرفان».
مواقف أخرى بكى فيها النبي:عن ابن عباس رضي الله عنه عن عمر بن الخطاب: «.. فلما أسروا الأسارى - يعني في غزوة بدر - قال رسول الله لأبي بكر وعمر: ما ترون في هؤلاء الأسارى؟ فقال أبو بكر: يا نبي الله، هم بنو العم والعشيرة، أرى أن تأخذ منهم فدية فتكون لنا قوة على الكفار، فعسى الله أن يهديهم للإسلام، فقال رسول الله: ما ترى يا ابن الخطاب؟ قلت: لا والله يا رسول الله، ما أرى الذي رأى أبو بكر، ولكني أرى أن تمكِّنَّا فنضرب أعناقهم، فتمكن عليًّا من عقيل فيضرب عنقه، وتمكني من فلان - نسيبًا لعمر - فأضرب عنقه؛ فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها، فهَوِيَ رسول الله ما قال أبو بكر، ولم يهوَ ما قلت، فلما كان من الغد جئت، فإذا رسول الله وأبو بكر قاعدين يبكيان، قلت: يا رسول الله، أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك؟ فإن وجدتُ بكاء بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما، فقال رسول الله: أبكي للذي عرض عليَّ أصحابك من أخذهم الفداء، لقد عُرِض عليَّ عذابهم أدنى من هذه الشجرة - شجرة قريبة من نبي الله - وأنزل الله عز وجل: ﴿ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ ﴾ [الأنفال: 67] إلى قوله: «فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا» [الأنفال: 69]، فأحل الله الغنيمة لهم».