فى زمن الحرب، من يخالف أوامر القيادة ويشذ عن خطط أو هدف مواجهة العدو والتصدى له وضربه بكل قوة، من يخالف هذا يُعاقب بأشد العقوبات، ويمكن أن يصنف خائنًا، وفى بعض الحالات يتم تصفية المخالف جسديًا، حتى لا تسود روح العصيان العسكرى داخل هذا الجيش المحارب فى دولة أو أخرى ولا تنتشر روح الانهزامية والخذلان، وأبسط العقوبات إقصاؤه عن مهامه وسجنه سجنًا مشددًا.
فى زمن الحرب لا وقت للخلافات بين أبناء الوطن الواحد، لا وقت لتصفية الحسابات، أو كشف المستور من هذه الخلافات وتعريتها أمام العدو، فى زمن الحرب يجب أن تتوحد قوى كل أبناء الوطن لدحر الأعداء وتحقيق الانتصار سواء بتحرير الأرض وتحقيق الاستقلال، أو صد العدو المعتدى وإيقافه عند حدوده.
وللأسف نطالع جميعًا ما يحدث الآن فى فلسطين بكل أنفس جريحة وقلوب نازفة على أبناء غزة وباقى مدن فلسطين المستهدفة من تساقط الشهداء والجرحى ضحايا الوحشية العسكرية الإسرائيلية، وضحايا خطط استلاب كل الأرض الفلسطينية وتهجير أهلها منها استكمالًا لتاريخ بدأه اليهود بمساعدة عصابات «الهاغاناه» والتى تعنى «فرقة الدفاع والعمل» منذ عام 1920، تلك العصابات التى نجحت فى تشكيل منظمة عسكرية إسرائيلية كان لها دورها الكبير فى تأسيس إسرائيل عام 1948، وارتكبت فى سبيل ذلك أعمالا إرهابية وجرائم حرب فى حق الفلسطينيين وقد انتظم فى صفوفها عدد كبير من المهاجرين اليهود الذين أصبحوا لاحقا قادة لهذا الكيان الإسرائيلى السرطانى، وشكلت هذه العصابات بحكم متانة تدريبها وتسليحها النواة الأولى للجيش الإسرائيلى الرسمى.
أذكر لأؤكد أن عصابات وجماعات يهودية متفرقة من شتى بقاع العالم وحدتها مصلحة الاستعمار والاستيلاء على أراضى الغير، وحدتها الأطماع فى تكوين دولة لهم من لا دولة على أرض ليست أرضهم، وصاروا بهذه السطوة والجبروت بمرور العقود، فيما أصحاب الأرض، الأخوة الفلسطينيون يتفرقون شيعًا وفصائل، لا تجمعهم قوة واحدة ولا كلمة موحدة، أقول هذا وأنا وغيرى نطالع التراشق وتبادل الاتهامات بين السلطة الفلسطينية، وبين فصائل المقاومة، خاصة حركة حماس، يتم تبادل الاتهامات وإلقاء تبعات ما تعانى منه غزة بين الجانبين بصورة معلنة إعلاميًا، وعلى صفحات التواصل الاجتماعى، وبل على الجروبات الخاصة التى شكلتها مجموعات متنافرة من الفريقين.
ينشر المنتمون للسلطة الفلسطينية من حركة فتح لقطات صور وفيديوهات بها صرخات استغاثة من فلسطينيين خاصة من النساء يتهمن فيها حماس بالتسبب فى إحراق أرض غزة بما فعلوه يوم 7 أكتوبر، وتسببهم فى قتل أهلها على هذا النحو، بل ولقطات وفيديوهات أخرى يتهمون فيها فصائل المقاومة بالاستيلاء على المعونات الإنسانية التى تصل إلى القطاع لأنفسهم دون المواطنين، وبيع بعضها بأسعار مبالغ بها للمنكوبين فى المخيمات ومناطق الملاذ التى فروا إليها من جحيم القصف الإسرائيلى، رغم كونها معونات ترسلها الدول عبر معبر رفح للأهالى المنكوبين فى غزة.
وفيديوهات واستغاثات أخرى تتهم حركات المقاومة بالتقاعس والاختباء فى الأنفاق، وترك الأهالى فى العراء تحت قصف الآليات العسكرية الإسرائيلية المتوحشة، وأنهم ليسوا سوى أذرع لإيران، وأنهم يتقاضون أموالًا طائلة فيما شعب غزة يموت من الجوع، وفى المقابل تخرج إلينا فيديوهات وصور من قادة وعناصر المقاومة تتهم فتح بالتعاون الأمنى والسياسى مع إسرائيل، وبعمل مواءمات خاصة وأن رواتبهم تأتى من السلطة الإسرائيلية من استقطاعات الضرائب بموجب اتفاقات السلام، حيث تجمع وزارة المالية الإسرائيلية الضرائب نيابة عن الفلسطينيين، وتقوم بتحويلات شهرية إلى السلطة الفلسطينية فيما يعرف بأموال المقاصة، وهو ما يثير خلافات مستمرة بين فتح وفصائل المقاومة.
فأي مشهد فلسطينى هذا فى زمن هذه الحرب الوحشية الصهيونية على قطاع غزة وعلى مدن السلطة الفلسطينية!، وأى تفرق هذا وأى تشرذم!، ما يتم تبادله الآن من تراشق واتهامات بين الإخوة الفلسطينيين ليس وقته أبدًا، إنه توقيت خاطئ للصيد وتحقيق المكاسب، فالماء عكر، بل احمر بدماء إخوتكم وأبنائكم الفلسطينيين، وللحديث بقية.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: فكرية أحمد شعب غزة فى زمن
إقرأ أيضاً:
WP: السلطة الفلسطينية تسعى لدور في غزة وتواجه مسلحين في الضفة الغربية
تواصل الأجهزة الأمنية الفلسطينية منذ أسبوعين عملية بمخيم جنين للاجئين تحت اسم "حماية وطن"، حيث تؤكد السلطة الفلسطينية أنها تستهدف "الخارجين عن القانون".
وقالت صحيفة "واشنطن بوست" في تقرير لها إن السلطة الفلسطينية التي يدعمها الغرب، أطلقت أكبر عملية مسلحة لها وأكثرها تسليحًا في ثلاثة عقود من عمرها لإحباط "التمرد المتنامي في الضفة الغربية ضد القيادة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي.
وأضافت الصحيفة أن السلطة تحاول إثبات قدرتها على إدارة الأمن في المناطق المحدودة من الضفة الغربية التي تسيطر عليها بينما تسعى أيضًا إلى حكم قطاع غزة بعد الحرب.
وأوضحت أن "رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استبعد عودة السلطة إلى غزة، وقد دفعت شخصيات رئيسية في ائتلافه اليميني المتطرف إلى ضم جزء أو كل الأراضي الفلسطينية، ولكن في الجولة الأخيرة من مفاوضات وقف إطلاق النار، وافقت إسرائيل على السماح للسلطة بتولي إدارة معبر رفح بين غزة ومصر لفترة قصيرة، وفقًا لمسؤول مصري سابق تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته لمناقشة هذه المسألة الحساسة".
وأشارت إلى أن "السلطة أطلقت العملية لاستعادة السيطرة على مخيم جنين من خلال استهداف الخارجين عن القانون وأولئك الذين ينشرون الفوضى والاضطراب ويضرون بالسلم الأهلي"، قال المتحدث باسم قوات الأمن أنور رجب للصحيفة.
وقال رجب "كل هذه الإجراءات والسياسات تقوض عمل السلطة الفلسطينية، وتعطي هذه الجماعات إسرائيل ذريعة لتنفيذ خططها في الضفة الغربية"، معتبرا أن "إنجازات" العملية شملت اعتقال أكثر من عشرين مسلحًا مطلوبًا، وإصابة آخرين، وتفكيك العشرات من المتفجرات و"التقدم على محاور مهمة" داخل مخيم اللاجئين.
وبينت الصحيفة أن "قوات الأمن قتلت ثلاثة أشخاص: مقاتل، وأحد المارة يبلغ من العمر 19 عامًا على دراجة نارية، وصبي يبلغ من العمر 14 عامًا، بينما وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية أن أول قتيل من قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية هو ساهر فاروق جمعة من جهاز حرس الرئيس".
وأوضحت "يبدو أن الجانبين يتحليان بقدر نسبي من ضبط النفس، فقد أسفرت الغارة الإسرائيلية التي استمرت أياما في جنين في أيلول/ سبتمبر عن مقتل 21 شخصاً على الأقل، وفقاً لوزارة الصحة التابعة للسلطة الفلسطينية، والتي لا تميز بين المقاتلين والمدنيين، أما قوات الدفاع الإسرائيلية فقد قالت إنها قتلت 14 مسلحا".
واعتبرت أن "السلطة تصطدم بشكل دوري مع المسلحين؛ حيث قتلت قوات الأمن 13 فلسطينيًا، من بينهم ثمانية في جنين، منذ هاجمت حماس إسرائيل في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023".
وقال صبري صيدم، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، الحزب الذي يسيطر على السلطة الفلسطينية، لصحيفة واشنطن بوست: "لا نريد أن نرى قطرة دم واحدة تُراق. ما نود تحقيقه هو حالة من الهدوء، والجلوس مع الفصائل المختلفة والاتفاق على الطريق إلى الأمام".
وقرر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أن السلطة الفلسطينية "ستفرض سلطتها ولا عودة إلى الوراء"، كما قال مسؤول فلسطيني مقرب من الرئيس تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته للكشف عن المناقشات الخاصة.
وأكدت الصحيفة أنه "بعد أسبوعين من الحملة، لا يزال المسلحون يتجولون بحرية في مخيم جنين، وتدوي أصوات إطلاق النار ليلًا ونهارًا، وقد علقت وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين الدراسة في المدارس، وأغلقت الشركات، وفي حيي دماج وحواشين، اللذان تضررا بشدة في الغارة الإسرائيلية في سبتمبر، ظلت بعض العائلات بدون كهرباء وماء لأيام".
وقال مسؤول في المستشفى تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لمناقشة هذه المسألة الحساسة إن قوات الأمن التابعة للسلطة المقنعة "تقوم بدوريات حول مستشفى جنين الحكومي على حافة المخيم، كما يتمركز القناصة على السطح لمنع المسلحين من الدخول للاختباء".
وأكدت الصحيفة أن "الغضب على قوات الأمن في الضفة الغربية مرتفع بالفعل، فهي تعمل في مساحة متقلصة باستمرار بسبب الاحتلال الإسرائيلي، وبموجب الاتفاقيات الأمنية، قد لا تتدخل لوقف عنف المستوطنين الإسرائيليين أو الغارات العسكرية القاتلة، ويرى العديد من الفلسطينيين أن هذه القوات هي مقاولون من الباطن لإسرائيل وأداة عباس للفساد وقمع المعارضة الداخلية".
وقال أرواد، 35 عاماً، الذي تحدث شريطة حجب اسمه الأخير خوفاً من الانتقام من السلطات الفلسطينية والإسرائيلية: "الناس يريدون القانون والنظام، ولكن إذا طبقوا القانون بشكل صحيح، فسوف يقف الناس إلى جانبكم. عندما يأتي الجنود والجيبات الإسرائيلية إلى هنا، أين القانون؟".
وذكرت الصحيفة أن "قوات الأمن هي من بين الخيوط الأخيرة التي تربط اتفاقات أوسلو، التي تم توقيعها في تسعينيات القرن العشرين لإنشاء دولة فلسطينية من الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة وشرق القدس، وفي العقود التي تلت ذلك، وسعت إسرائيل ورسخت سيطرتها على الضفة الغربية، مما أدى إلى تآكل اختصاص السلطة".
وأشارت إلى أن آخر مرة واجهت فيها الفصائل الفلسطينية بعضها البعض في الشوارع كانت في عام 2007، عندما أطاحت حماس، المنافس الإسلامي لفتح، بالسلطة في غزة وأقامت حكومتها الخاصة، ومنذ ذلك الحين، استثمرت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بشكل كبير في إصلاح وتدريب قوات الأمن الفلسطينية، وعُرضت على المتشددين السابقين مناصب في قوات الأمن إذا سلموا أسلحتهم".
ومع ذلك، تظل قوات الأمن تعاني من نقص التمويل المزمن وغير مجهزة لتحمل المسؤوليات التي تتصورها واشنطن للضفة الغربية وقطاع غزة بعد الحرب.
واعتبرت الصحيفة أنه بينما يتزايد الغضب العام ضد حماس في قطاع غزة بسبب الحرب، فإن شعبيتها في الضفة الغربية تتزايد بعدما سئم الناس من عباس والاحتلال".
واعتبر رجب أن "عملية جنين كانت تستهدف المشتبه بهم المطلوبين بتهم جنائية، بما في ذلك إطلاق النار على المستشفيات وإعداد العبوات الناسفة، لكن العملية تصاعدت بعد أن استولت السلطة الفلسطينية على بعض أموال المسلحين، واستولى المسلحون على سيارتين لقوات الأمن وطافوا بهما في المخيم، وفي وقت لاحق، انفجرت سيارة مفخخة بالقرب من مركز للشرطة".
ووفقا لفراس أبو الوفا، الأمين العام لحركة فتح في جنين، حاول زعماء المجتمع المحلي، بما في ذلك "آباء مقاتلي جنين الذين قتلوا على يد القوات الإسرائيلية، التوسط في هدنة بين المقاتلين وقوات الأمن، لكن السلطة رفضت التنازل".
ويأتي ذلك بينما أكد صبري صيدم أن المحادثات مستمرة و"الأجهزة الأمنية مصرة على فرض القانون والنظام".
والثلاثاء الماضي، لمدة بضع ساعات توقف صوت إطلاق النار، قبل الساعة الثانية ظهراً بقليل، وافقت السلطة الفلسطينية ونشطاء لواء جنين على وقف القتال، وأفرجت السلطات عن جثتي قيادي في كتيبة يزيد جعايصة التذي قتلته السلطة الفلسطينية، والطفل محمد عامر البالغ من العمر 14 عاماً، وكلاهما قُتلا في 14 كانون الأول/ ديسمبر".
ومع غروب الشمس، خرج المسلحون من الأزقة للعودة إلى مواقعهم.
ودعت حركة حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين السلطة إلى "وقف الحملة الأمنية في جنين على الفور، والتي لا تخدم سوى العدو الإسرائيلي".
وقالت تهاني مصطفى، المحللة المختصة بشؤون الأراضي الفلسطينية في مجموعة الأزمات الدولية ومقرها بروكسل، إن العملية "ستنزع الشرعية عن السلطة الفلسطينية وقاعدتها الشعبية من حركة فتح"، لكن وجود السلطة ليس مهددًا، لأنها تعتمد على الغرب، وليس شعبها، في التمويل.
وقالت إن جنين فريدة من نوعها، لأنه لا توجد مستوطنات يهودية غير قانونية في المناطق المجاورة مباشرة، مضيفة أنه في أماكن أخرى، "توجد جيوب من السكان الفلسطينيين ولكن لا يوجد مكان لتعبئة [قوات الأمن] جسديًا في مجموعات كبيرة، ومن غير المرجح أن تسمح إسرائيل بتصعيد هذا الأمر".