البوابة نيوز:
2024-12-22@03:01:51 GMT

وسائل التواصل الاجتماعي وتزييف الوعي

تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT

تكمن القوة الحقيقية للمنصات الرقمية في القدرة على تحقيق التواصل المباشر بين البشر دون حواجز مكانية أو زمنية أو قيود على الحرية؛ إذ تطمس الخط الفاصل بين وسائل الإعلام والجمهور، على الرغم من أن وسائل التواصل الاجتماعي هى نوافذ للتغيير الثقافي ووسائل لتحقيق الوعي السياسي – أو هكذا ينبغي أن تكون – كما كان ينبغي أن تكون وسائل التواصل الاجتماعي الشعلة التي تنير طريق الحرية والديمقراطية.

إلا أن هذه المنصات أسهمت بقدر كبير في تزييف الوعي وتغييبه، والتلاعب بمشاعر الناس.
وقد بات هذا التلاعب - الذي يخرج عن كل سيطرة - يؤثر بشكل فعَّال في توجهات الرأي العام، باستخدام فقاعة التصفية، التي لا تحاول خلق سياقات جديدة من المعلومات للجمهور المتلقي، بل تحاول استعمال مخزونهم المعرفي والتحكم بهم بواسطته. وتركيز انتباه مستخدمي الإنترنت على المحتويات التي تتوافق مع اهتماماتهم فحسب، وتعزلهم عن كل فكر مخالف، وتقلل من أهمية تنوع الثقافات. بل تحارب كل فكر حر أو مختلف بوصفه غزوًا ثقافيًا. ويمكن أن تستخدم ديناميكية التصفية حسب المصلحة، وتعمل على استقطاب الرأي العام بسبب الطريقة التي تقيد بها انتباه المستخدمين على المحتوى، الذي يتوافق مع وجهات نظرهم الأيديولوجية الحالية مع عزلهم عن وجهات النظر البديلة. إن التداعيات السياسية المنهجية لاتجاه فقاعة التصفية يمكن أن يكون لها تأثيرًا تعبويًا، تستهدف استقطاب المجموعات المتشابهة في التفكير من الأشخاص الذين لديهم وجهات نظر متشابهة. 
من الواضح أن البروباجندا الرقمية تؤدي دورًا مهمًا في نشر الأخبار الكاذبة والأفكار الزائفة، وهذا لا يعفي مسئولية المستخدمين – بطبيعة الحال - عن انتشار المعلومات المضللة عبر الإنترنت. إن عملية نشر الأفكار المضللة والأخبار الكاذبة والشائعات المغرضة، تتأكد إذ أن وسائل التواصل الحديثة قد عززت من قدراتها على الانتشار على نطاق واسع وبسرعة رهيبة. وقد جعلت هذه الوسائلُ التلاعب في المحتوى وتصنيعه أمرًا يسيرًا، وتحرص الشبكات الاجتماعية على تضخيم الأكاذيب والترويج لها على نطاق واسع؛ بحيث يتناقلها جمهور لا يميز الغثّ من السمين. وقد عملت وسائل التواصل الاجتماعي على تغذية أنواعٍ كثيرة من المحتوى، تتراوح من الشخصية إلى السياسية. وهناك كثير من المحتويات التي تنتجها علانية أو سرًا الحكومات أو شركات العلاقات العامة بموجب عقد مع الجهات الفاعلة في دوائر السياسة أو الأعمال. ونتيجة لذلك يحرص عدد لا يحصى من المدونين أصحاب التأثير الواسع على الترويج لمنتجات فاسدة وسياسات ضارة وأفكار مضللة.
تقدم الخوارزميات الرقمية للأفراد المعلومات التي تدعم وجهات نظرهم القائمة ويتجنبون وجهات النظر المعارضة؛ مما يسفر عن تدعيم المعتقدات الحالية للأفراد والجماعات، وتتمثل النتيجة في تَجْزِيئِ المجال العام؛ إذ ينقسم إلى مجموعات كل منها تتحصن داخل إطار أفكار ومعتقدات معينة، وكل فرد يدعم وجهة نظر الآخر، أو يمثل صدى للآخر في العالم الافتراضي؛ مما يسمى بـ«غرف الصدى» Echo Chamber. ويزيد الأمر اشتعالًا في وسائل التواصل الاجتماعي تفاقم مشكلة «غرف الصدى» حيث تنقسم المجموعات المتشابهة إلى مجتمعات فرعية يثير خلالها الأفراد المتشابهون في التفكير بعضهم بعضًا في اتجاه الآراء الأكثر تطرفًا بدون أن يواجهوا بالآراء المضادة، ومن ثم فإن الآراء التي تتشكل في «غرف الصدى» تكون مستقطبة ومتطرفة، قد يخلق مناخًا جيدًا لتعزيز «حرب الخنادق» Warfare Trench إذ يتفاعل الناس ويشاركون في النقاش مع آخرين يتبنون وجهات نظر متعارضة، ولكن هذا لن يؤدي إلا إلى دعم معتقداتهم الأولية وتعزيزها. 
د. دعاء حسن:  دكتوراه في الفلسفة السياسية

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: وسائل التواصل الاجتماعي الوعى السياسي وسائل التواصل الاجتماعی

إقرأ أيضاً:

كيف نحافظ على جيشنا الوطنى ونلتف حول القيادة السياسية: قراءة فى دور الإعلام الدولى

فى ظل التحديات الإقليمية والدولية التى تواجه منطقتنا، باتت أهمية الجيش الوطنى والقيادة السياسية فى الحفاظ على استقرار الدول ووحدتها أمرًا لا يحتاج إلى تأكيد، ومع ذلك نرى محاولات مستمرة من بعض الوسائل الإعلامية الدولية، مثل وول ستريت جورنال وغيرها، لتوجيه الرأى العام فى منطقتنا نحو زعزعة الثقة فى مؤسساتنا الوطنية.
هذه الوسائل الإعلامية، التى يروج لها البعض كمصادر “موضوعية ومستقلة”، غالبًا ما تعمل كامتداد لأجهزة استخبارات دولية، تهدف إلى تحقيق أهداف سياسية واقتصادية تخدم مصالح الدول التى تمثلها. لذلك، من المهم أن ندرك كأفراد ومجتمع كيف نحافظ على جيشنا الوطنى، ونلتف حول قيادتنا السياسية فى مواجهة هذه المخططات.
الإعلام الدولى: الأجندة الخفية وراء المصداقية الظاهرة
لطالما قدمت وسائل الإعلام الدولية، مثل وول ستريت جورنال، نفسها كمنابر للصحافة الاستقصائية الحرة، ولكن عند التدقيق، نجد أن تغطياتها غالبًا ما تكون موجهة، تنتقى الحقائق التى تخدم سرديات معينة، وتتجاهل ما يخالفها.
فى الكثير من الأحيان، ترتبط هذه الوسائل بأجندات دولية تهدف إلى تشويه صورة الجيوش الوطنية عبر اتهامات مبطنة أو مباشرة تتعلق بحقوق الإنسان أو الفساد، لخلق فجوة بين الجيوش وشعوبها، بالإضافة إلى سعيها لإضعاف القيادة السياسية من خلال نشر تقارير مغلوطة أو مبالغ فيها عن الأوضاع الاقتصادية أو السياسية، وأيضاً إثارة الفتن الداخلية عبر تسليط الضوء على نقاط الخلاف وتضخيمها بدلاً من التركيز على الحلول.
إذن كيف نحمى جيشنا الوطنى؟
أولاً تعزيز الثقة بين الشعب والجيش: من خلال نشر الوعى بحجم التضحيات التى يقدمها الجيش الوطنى للحفاظ على الأمن والاستقرار.
ثانياً التصدى للشائعات: عدم الانسياق وراء التقارير الموجهة التى تنشرها وسائل الإعلام الدولية دون تحقق، والاعتماد على المصادر الوطنية الموثوقة.
ثالثاً دعم الجيش إعلاميًا: عبر تسليط الضوء على إنجازاته ومساهماته فى التنمية ومكافحة الإرهاب.
الالتفاف حول القيادة السياسية
القيادة السياسية هى العمود الفقرى لأى دولة مستقرة. لذلك، تعمل بعض الجهات الإعلامية الدولية على تشويه صورتها بهدف إضعاف هيبة الدولة. الالتفاف حول القيادة لا يعنى عدم النقد، بل يعنى تقديم النقد البناء الذى يهدف إلى الإصلاح، وليس الهدم.
تذكير لمن يستشهد بالإعلام الدولى
عندما نستشهد بتقارير صادرة عن وسائل إعلام دولية مثل وول ستريت جورنال، علينا أن نتذكر أن هذه المؤسسات لا تعمل بمعزل عن دولها، وكثيرًا ما تكون تقاريرها جزءًا من استراتيجية أكبر تهدف إلى خدمة مصالح القوى الكبرى، وليس نقل الحقيقة كاملة.
وختاماً أوكد أن جيشنا الوطنى هو درع الأمة وحصنها المنيع، والقيادة السياسية هى القائد الذى يقود السفينة فى بحر متلاطم الأمواج. حماية هذه الركائز واجب وطنى، والإعلام هو السلاح الذى يجب أن نحسن استخدامه للحفاظ على استقرار الوطن، وعلينا أن نكون واعين لما يُحاك ضدنا، وأن نتعامل مع الإعلام الدولى بحذر، متسلحين بالوعى والمعرفة.

مقالات مشابهة

  • الرئيس السيسي: أطراف تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي لتزييف الوعي ونشر الأكاذيب
  • السيسي: البعض يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي في تزييف الوعي ونشر الأكاذيب والشائعات
  • برلمانية تؤكد أهمية نشر الثقافة الرقمية ورفع الوعي بأهمية التكنولوجيا
  • رئيس جامعة كفر الشيخ يشهد فعاليات مبادرات «أجيال مصر الرقمية» | صور
  • عبر الوسائط الرقمية طبيب غزي يعزز الوعي بالقضية الفلسطينية في الصين
  • رئيس جامعة كفر الشيخ يشهد فعاليات مبادرات "أجيال مصر الرقمية"
  • صورة مسربة من زفاف رونالدو وجورجينا تشعل مواقع التواصل الاجتماعي .. مالقصة؟
  • مساعد وزير الداخلية: تجار الأعضاء البشرية يستغلون موقع التواصل الاجتماعي
  • كيف نحافظ على جيشنا الوطنى ونلتف حول القيادة السياسية: قراءة فى دور الإعلام الدولى
  • برلماني: القيادة السياسية حريصة على نشر الوعي ودعم حقوق الإنسان