كيف يمكن لجهاز المناعة أن يغير سلوكنا
تاريخ النشر: 14th, July 2023 GMT
عرف العلماء منذ فترة طويلة أن الجهاز المناعي، المسؤول عن الدفاع عن أجسامنا ضد الغزاة الضارين، له دوره في الحفاظ على صحتنا الجسدية.
ومع ذلك، سلط بحث جديد الضوء على جانب مثير للاهتمام، وغالبا ما يتم تجاهله في الجهاز المناعي، وهو قدرته على التأثير على سلوكنا.
إقرأ المزيد اليتم يؤثر على المناعة في الكبرويمكن أن تؤثر استجابة الجهاز المناعي للعدوى والالتهابات بشكل عميق على مزاجنا وإدراكنا وتفاعلاتنا الاجتماعية.
وكشفت الأبحاث الحديثة التي أجرتها جامعة ييل، والتي نُشرت في مجلة Nature، أن الجهاز المناعي يلعب دورا حيويا في تشكيل سلوكياتنا. وفهم العلماء دور الجهاز المناعي في ردود أفعالنا تجاه مسببات الحساسية ومسببات الأمراض، إلا أنه لم يكن واضحا ما إذا لعب أي دور في تحفيز هذه الأنواع من السلوكيات تجاه مسببات الحساسية.
ويوضح هذا البحث أن الجهاز المناعي يحفز سلوكيات التجنب تجاه مسببات الحساسية والتسمم الغذائي. على سبيل المثال، يمكن أن يعاني المصابون بالحساسية من المأكولات البحرية من مرض شديد بسبب رائحة المأكولات البحرية فقط، ما يؤدي بهم إلى تجنبها.
ويسلط البحث الضوء على العلاقة المهمة بين نظام المناعة لدينا والتغيرات السلوكية استجابة لمحفزات معينة.
وقال رسلان ميدجيتوف، أستاذ علم الأحياء المناعي في كلية الطب بجامعة ييل، والباحث في معهد هوارد هيوز الطبي، وكبير مؤلفي الورقة البحثية: "لقد وجدنا سلوكا يتحكم في التعرف على المناعة، وتحديدا السلوكيات الدفاعية ضد السموم التي يتم توصيلها أولا من خلال الأجسام المضادة ثم إلى أدمغتنا".
إقرأ المزيد أدلة جديدة تكشف سبب قدرة بعض المرضى على قمع فيروس نقص المناعة البشرية المكتسب دون أدويةوأظهر البحث أنه من دون الاتصال داخل الجهاز المناعي، لا يحذر الدماغ الجسم من الأخطار المحتملة في البيئة ولا يحاول بدء الاستجابة لتجنب تلك التهديدات.
وفحص فريق في مختبر ميدجيتوف، بقيادة إستر فلورشيم، باحثة ما بعد الدكتوراه في جامعة ييل وأستاذة مساعدة في جامعة ولاية أريزونا، إلى جانب ناثانيال باشتيل، طالب دراسات عليا في كلية الطب، مجموعة فئران لديها ردود فعل تحسسية تجاه بروتين موجود في بيض الدجاج يسمى زُلال البيض (ألبومين البيض أو آح البيض).
وكما هو متوقع، أظهرت هذه الفئران نفورا قويا من زلال البيض المحتوي على الماء، بينما كانت مجموعة الفئران الضابطة تميل إلى تفضيل مصادر المياه التي تغلب عليها الزلال. ووجدوا أن النفور من مصادر المياه المليئة بالزلال في الفئران الحساسة استمر لأشهر.
ثم قام الفريق بفحص ما إذا كان بإمكانهم تغيير سلوك الفئران الحساسة من خلال التلاعب بمتغيرات الجهاز المناعي. ووجدوا، على سبيل المثال، أن الفئران التي تعاني من حساسية تجاه زلال البيض فقدت سلوك النفور من البروتين الموجود في مياهها إذا تم حظر الأجسام المضادة للغلوبيولين المناعي E (IgE)، التي ينتجها الجهاز المناعي.
إقرأ المزيد طبيبة تكشف عن أفضل 10 أغذية لتعزيز المناعةوتؤدي الأجسام المضادة IgE إلى إطلاق الخلايا البدينة، وهي نوع من خلايا الدم البيضاء التي تلعب، جنبا إلى جنب مع بروتينات الجهاز المناعي الأخرى، دورا مهما في التواصل مع مناطق الدماغ التي تتحكم في سلوك النفور.
ومن خلال قطع مسار الاتصال هذا، لم تعد الفئران تتجنب مسببات الحساسية.
وقال ميدجيتوف إن النتائج توضح كيف تطور جهاز المناعة لمساعدة الحيوانات على تجنب المنافذ البيئية الخطرة. وأضاف أن فهم كيفية حفظ الجهاز المناعي للمخاطر المحتملة يمكن أن يساعد يوما ما في قمع ردود الفعل المفرطة للعديد من مسببات الحساسية ومسببات الأمراض الأخرى.
المصدر: ميديكال إكسبريس
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: كورونا المناعة بحوث تجارب
إقرأ أيضاً:
هل يوجد رابط بين الزهايمر والسرطان.. دراسة تجيب!
وجدت دراسة جديدة أجريت على القوارض السبب الكامن وراء كون المصابين بمرض ألزهايمر أقل عرضة للإصابة بأنواع معيّنة من السرطان.
ولاحظ الباحثون في الصين انخفاض معدل الإصابة بسرطان القولون والمستقيم في الفئران التي تعاني من أعراض ألزهايمر مقارنة بالفئران النموذجية. ومع ذلك، عندما تمّ زرع براز لهذه الفئران من فأر سليم، عاد معدل الإصابة بالسرطان في القولون والمستقيم إلى طبيعته.
وتشير النتائج، بحسب الدراسة، إلى أنّ أعراض ألزهايمر مرتبطة بشكل وثيق بتكوين الأمعاء. وتوضح الأدلّة الجديدة أنّ بعض الميكروبات المعوية يمكن أن تشكّل الجهاز المناعي بطرق تؤثّر على الدماغ.
وربطت العديد من الدراسات السابقة التي أجريت على القوارض ميكروبيوم الأمعاء بأعراض مرض ألزهايمر.
وفي التجارب الرائدة الأخيرة، وجدت أنّ عمليات زرع البراز تنقل مشكلات ضعف الذاكرة من قارض إلى آخر.
وتبحث الدراسة الجديدة بشكل أكبر في الارتباط الوثيق بين مرض ألزهايمر وميكروبيوم الأمعاء والسرطان.
وكانت بعض الدراسات الحديثة وجدت أنّ خطر الإصابة بالسرطان لدى مرضى ألزهايمر من البشر انخفض إلى النصف. وفي الوقت نفسه، انخفض خطر الإصابة بمرض ألزهايمر لدى مرضى السرطان بنسبة 35%. ولكن لا أحد يعرف حقاً سبب ذلك، ويُظهر سرطان القولون والمستقيم أقوى الارتباطات بمرض ألزهايمر.
وفي سلسلة من التجارب في المستشفى الأول لجامعة خبي الطبية في الصين، وجد الباحثون أن الفئران التي تعاني من أعراض تشبه أعراض ألزهايمر أظهرت مقاومة لسرطان القولون عندما تمّ إحداث المرض بشكل مصطنع.
وبدا أن الالتهاب المعوي بين هذه الفئران قد تم قمعه. وعندما تم نقل عملية زرع براز من فأر سليم أصغر سناً إلى فأر يعاني من أعراض تشبه أعراض ألزهايمر، تم رفع هذا القمع.
ولمعرفة الميكروبات الموجودة في الأمعاء، أخذ الباحثون عيّنات من ميكروبات نماذجهم الحيوانية ووجدوا العديد من المرشحين، بما في ذلك بكتيريا سلبية الغرام تسمى بريفوتيلا (Prevotella).
وعندما عولجت الفئران ببكتيريا “بريفوتيلا”، أنتجت الأمعاء عدداً أقل من الخلايا المناعية المؤيدة للالتهابات، حتى عند تعرّض الفأر لمسببات الأمراض الخطيرة.
ويوضح الباحثون أنّ الاستجابة الالتهابية المنخفضة ربما حدثت جزئياً، لأنّ الأمعاء كانت “أكثر تسرّباً” من المعتاد، ما يسمح لبعض المنتجات الثانوية الميكروبية بالدخول إلى الدورة الدموية بسهولة أكبر.
وعندما عولجت الفئران بمركبات مشتقة من “بريفوتيلا”، أظهرت الحيوانات خللاً إدراكياً ومقاومة لتطور الورم في المستقيم والقولون،بحسب الباحثون، الذين أوضحوا أنّ العديد من الدراسات أظهرت أنّ عديد السكاريد الشحمي (LPS) المشتق من جنس “بريفوتيلا” يشارك في الاستجابات الالتهابية للحاجز المخاطي.
على سبيل المثال، تنتج بريفوتيلا بيفيا تركيزات عالية من الليبوبوليساكاريد. قد تخلق هذه بيئة سامة تلحق الضرر بخلايا الدوبامين، والتي تؤدي دوراً في الوظيفة الإدراكية والوظيفة الحركية.
وقد توصلت تجربة سريرية أجريت على البشر مؤخراً إلى أدلّة على أنّ عمليات زرع البراز، على سبيل المثال، يمكن أن تخفّف من الأعراض الحركية لمرض باركنسون، وهو مرض يرتبط بشكل وثيق بتدهور الخلايا العصبية التي تطلق الدوبامين.
وكتب مؤلفو الدراسة: “بما أنّ الالتهاب هو أحد المكوّنات الرئيسية لعملية تكوين الورم، فمن المحتمل أن تكون الخصائص المضادة للسرطان في نماذج الفئران المصابة بمرض ألزهايمر ناجمة عن الالتهاب المعوي الناجم عن العديد من الأجناس البكتيرية المحددة في ميكروبات الأمعاء”.
وخلص الفريق في الدراسة إلى أنّ “هذا دليل بيولوجي/تجريبي يدعم وجود علاقة عكسية بين الإصابة بمرض ألزهايمر وسرطان القولون والمستقيم”.