جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-08@03:56:45 GMT

لنتعلم من الطيور

تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT

لنتعلم من الطيور

 

مدرين المكتومية

عندما خلق الله هذا الكون الفسيح، أوجد فيه العديد من الكائنات، ومن بينها الطيور، حتى إن العلماء يضعونها في تصنيف يسمى بـ"مملكة الطيور"؛ لما لها من أهمية كبيرة في حياة الإنسان على هذا الكوكب الأرضي، ولقد كان الطير المُعلم الأول لقابيل ابن آدم، عندما بعث الله غرابًا يبحث في الأرض، كي يُعلمه كيف يواري سوأة أخيه هابيل، بعدما قتله الأول حقدًا منه عليه، لأنَّ الله تقبّل من هابيل العمل الصالح بينما لم يتقبله من الآخر!

ولقد كانت جريمة قتل الأخ لأخيه الأولى في تاريخ البشرية، ولا ريب أنَّ ثمّة حكمة ربانية وراء تعليم ابن آدم لطريقة دفن الميت من طائر، ربما يظن البعض أنه لا حول له ولا قوة، غير أن الحقيقة الدامغة والتي أثبتتها المواقف والأحداث بل وعلوم الطبيعة، أن مملكة الطيور عالم آخر في هذا الملكوت الشاسع، ولقد أخبرنا الله تعالى أنهم وغيرهم من الكائنات "أمم أمثالكم"؛ أي أنَّ لديهم أفكار ومعتقدات وطقوس ولغة ومشاعر وأحساسيس، وإلّا كيف نجد هذا الطير أو ذاك يستقيظ في الصباح الباكر بحثًا عن الطعام لصغاره، أو يهُب لنجدتهم إذا ما وجد طائرًا مفترسًا يسعى للانقضاض عليهم؟!

وذات صباح قريب، عندما نهضت من فراشي ودلفت إلى نافذة غرفتي، لأتنسم عبير الصباح، وكان الوقت في حدود السادسة صباحًا، ولم يكن ضوء الصباح قد شاع في أرجاء الكون، كان الهدوء الجميل يُخيِّم على المكان، عدا أصوات زقزقة العصافير، وبعض النوارس التي تنتشر في هذا الوقت من العام وسط الأحياء، لا سيما القريبة من البحر والتي تقل فيها حركة الإنسان.

وقد لفت انتباهي مشهدًا غاية في الغرابة؛ إذ رأيت عصفورين فيما يبدو أنهما يتحدثان لبعضهما البعض، وكأنَّ حوارًا مُحتدمًا كان يدور بينهما، ثم فجأة طار أحدهما وأخذ يجوب السماء فوق العصفور الآخر في حركة دائرية، بدت أنها استعراضية أو ما شابه، ثم ما لبث أن عاد إلى هذا العصفور، لكن في صمت غريب وسلام تام دون أي حديث، وكأن الشجار الذي دار بينهما لم يحدث، وكأنَّ حالة التشنج في الحوار لم تكن موجودة أصلاً! هكذا رأيت المشهد وهكذا فسرته!

ولذلك عندما أنظر إلى العالم من حولي، وأرى مشاهد الدمار والتخريب والقتل المُتعمّد للإنسان، والدماء التي تسيل في أرجاء هذا الكون، ولا سيما في غزة الجريحة، أتساءل لماذا لا نتحلى بصفات الطيور؟ ولماذا لا نتعلم الدرس الذي تعلمه قابيل من الغراب بأن نحرص على إخفاء عيوبنا وأن نتوقف عن ارتكاب الأخطاء من الأساس؟ لماذا لا يتحلى المرء بذات الطبيعة الطيبة وتلك النظرة الشمولية التي يتحلى بها الطائر. فأكثر ما يجذبني تجاه الطيور، قدرتها على التحليق عاليًا في حالة من السمو والهيبة، خاصة عندما تفتح جناحيها في مشهد مهيب يؤكد سيطرتها وهيمنتها على الأجواء في السماء، فضلًا عن قدرتها على رؤية الأرض من أعلى، وهذه النظرة العالية تُتيح لصاحبها أن يرى الحقائق دون تزييف، فهو في تلك اللحظة يملك رؤية تفوق الرؤية البانورامية الشاملة؛ إذ يستطيع أن يرى دقائق الأمور ومن ثم يتخذ القرار الصحيح والحاسم.

وعندما أُقارن ما يحدث بين بني البشر، ومشاهد الدمار التي ينفذها المتجبرون في الأرض، وبين مملكة الطيور بما فيها من تعايش كبير وسعادة وقدرة على التحليق واللهو والقفز في الهواء والهبوط إلى الأرض ثم الطيران مرة أخرى، اكتشف مدى الفارق الكبير بيننا وبينهم، ومدى حاجتنا لكي نتعلم من الطيور ما لم نتعلمه من تراكم الحضارات على مر القرون والأزمنة!

الإنسان على الأرض يشن الحروب ويقتل الناس وينشر الأمراض، من أجل تحقيق مصالحه، بينما الطيور تحاول أن تتعايش مع بعضها البعض، نعم هناك طيور مفترسة وجارحة، لكنها لا تمثل سوى قلة قليلة من مملكة الطيور.

عندما أطالع يوميًا مشاهد القتل والإرهاب التي ينفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي بكل عنف ووحشية وبربرية بدعم أمريكي وغربي مفضوح ومُخزٍ في نفس الوقت، أتساءلُ: هل هذه نتاج ما وصلنا إليه من تحضُّر ورُقي بشري؟ ما الفارق بيننا وبين الشعوب البدائية وآكلي لحوم البشر؟ ولماذا يدعي هؤلاء القتلة أنهم أنقى الأجناس وأكثرهم تحضرًا، وفي حقيقة الأمر الحيوانات أرقى منهم وأجمل في تحضرهم وخشيتهم ونصرتهم لبعضهم البعض.

لقد آلمني بشدة مشهد الجرافات الإسرائيلية وهي تجرف خيام اللاجئين الفلسطينيين الذين فرُّوا من ويلات الحرب والقصف الهمجي، فكم كان مؤلمًا وقاسيًا أن نرى الجرافات تسحب معها كل شيء، أطفال ونساء ورجال، وكأن الإنسانية تُدهس بالأقدام الهمجية الوقحة، ولا عزاء لقوانين حقوق الإنسان ولا لأي قانون.. فمتى يصبح الإنسان إنسانًا حقيقيًا، لا حيوانًا في صورة مسخ إنسان، متى تستيقظ الضمائر لتقول لا بأعلى صوت في وجه القاتل المجرم الإسرائيلي؟!

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

وزيرة البيئة: تحقيق التوازن بين حماية الطيور المهاجرة ومشروعات الطاقة

عقدت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة اجتماعا مع لجنة المعنية بدراسة التأثيرات المحتملة علي مسارات هجرة الطيور بمنطقة خليج السويس ، وتبادل الرؤى لوضع  حلول متوازنة تحافظ على التنوع البيولوجي دون التأثير على خطط التوسع في مشروعات الطاقة المتجددة

وذلك بحضور  الدكتور علي ابو سنة الرئيس التنفيذي لجهاز شئون البيئة والأستاذة هدى عمر مساعد الوزيرة للسياحة البيئية والدكتور محمد سالم استشارى قطاع حماية الطبيعة والدكتور أيمن حمادة استشارى قطاع حماية الطبيعة والدكتور صابر رياض خبير بيئى فى مجال هجرة الطيور و الدكتورة بسمة محمد استاذ مساعد بيئة الحيوان بكلية العلوم جامعة دمياط والدكتور هيثم استشارى هجرة الطيور والعميد تامر ابو العينين استشارى قطاع حماية الطبيعة وعدد من المسؤولين والخبراء في مجالات البيئة والطاقة.

في مستهل الاجتماع، أكدت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة أن ملف طاقة الرياح يختلف عن غيره من القضايا البيئية نظرًا لارتباطه الوثيق بالتغير المناخي والتنوع البيولوجي، مؤكدةً أن الوزارة تعمل على تحقيق التوازن بين متطلبات التنمية والحفاظ على البيئة بما يحقق التزامات مصر الدولية ورؤيتها المستدامة للمشروعات القومية.

وقد تم خلال الإجتماع استعراض أهم التحديات التي تواجه مسارات هجرة الطيور فى مصر وخاصة في منطقة خليج السويس، حيث أن منطقة جنوب جبل الزيت تُعد من أكثر المناطق حساسية بيئيًا، حيث تمر بها أعداد هائلة من الطيور المهاجرة خلال فصلي الخريف والربيع، إذ يمر في الخريف نحو 850 ألف طائر، بينما يصل العدد في الربيع إلى حوالي 2 مليون طائر، مما يجعلها منطقة ذات خطورة عالية تتطلب اتخاذ تدابير وقائية ومحكمة، وكذلك إعداد دراسة استراتيجية شاملة للمنطقة، والتي من المقرر أن تنتهي بحلول فبراير 2026.

كما ناقش الاجتماع وجود بعض التحديات في آلية اتخاذ القرارات المتعلقة بإجراءات إغلاق التوربينات عند الطلب، والتي تتطلب التنسيق المستمر بين كافة الجهات المعنية لضمان عدم التأثير سلبيا على عملية مراقبة الطيور.

وفي هذا السياق، شددت د ياسمين فؤاد وزيرة البيئة على ضرورة تشكيل لجنة فنية لضمان أن تكون قرارات الغلق أكثر دقة وتستند إلى بيانات علمية موثوقة، من خلال دور وزارة البيئة في الإشراف على منظومة المراقبة والتفتيش البيئي.

أكدت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة على ضرورة اتخاذ عدد من الإجراءات التي تضمن تحقيق التوازن بين حماية الطيور و مشروعات الطاقة ومنها إنشاء وحدة متخصصة بمشروعات الحفاظ على الطيور المهاجرة تحت إشراف وزارة البيئة، لمتابعة التفتيش البيئي ورصد الطيور النافقة وضمان التزام الشركات بالإجراءات البيئية بالإضافة إلى ضرورة الإنتهاء من دراسة تقييم التأثير البيئى الاستراتيجي لهجرة الطيور التي ستحدد مدى حساسية المناطق بيئيًا ، علاوة علي دراسة إمكانية اضافة تخصص استشاري طيور مهاجرة الي سجل قيد المستشاريين البيئيين بالوزارة وتدريب واعتماد فرق متخصصة لمراقبة الطيور.

وشددت وزيرة البيئة علي أن القرارات المتخذة تعزز استدامة الموارد الطبيعية وتحافظ على التنوع البيولوجي، بما يضمن تنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة وفقًا للمعايير البيئية العالمية، مع استمرار التعاون بين مختلف الجهات المعنية لضمان تحقيق الأهداف الوطنية في مجال الطاقة النظيفة وحماية الطيور المهاجرة.

مقالات مشابهة

  • المثالية بين الوهم والواقع.. عندما يكون العدل أولى من التسامح
  • خدعة أبريل التي صدّقها الذكاء الاصطناعي
  • اللهم نصرك الذي وعدت ورحمتك التي بها اتصفت
  • ظاهرة نادرة والأرض تترقب.. ماذا يحدث للشمس في 21 سبتمبر 2025؟
  • وزيرة البيئة: إنشاء وحدة خاصة بمشروعات الحفاظ على الطيور المهاجرة
  • وزيرة البيئة: تحقيق التوازن بين حماية الطيور المهاجرة ومشروعات الطاقة
  • دواء لمرض نادر يحول دم الإنسان إلى سم للبعوض
  • في العمق
  • "الصحة المكسيكية": تسجيل أول حالة إصابة بشرية بإنفلونزا الطيور
  • الصحة المكسيكية: تسجيل أول حالة إصابة بشرية بإنفلونزا الطيور