جريدة الرؤية العمانية:
2024-12-26@14:03:12 GMT

مكة المكرمة والهيمنة المعمارية

تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT

مكة المكرمة والهيمنة المعمارية

لينا الموسوي

بيت الله الحرام، قبلة المسلمين من كل أنحاء العالم. هذا المكان الذي به تغسل هموم وذنوب الإنسان و فيه تغل أيادي الشيطان فيرحمنا الرحمن.

حلمت وتمنيت حج بيت الله الحرام ولم تشأ الأقدار إلا بعد نضج في عمر فأصبح لا محال، شعور ليس له وصف يقال، رهبة ورعشة تصيب الأبدان، دموع شوق وحب وامتنان لما أعطاه إيانا الرحمن.

زحام وجموع، ودنيا صغيرة من كل الأوطان، صراع وجدال وتضارب في الأبدان، تعاون وحب وكرم مكنون في الوجدان. تجربة فريدة مليئة بالإيمان، لخالق بشر من كل لون وصنف ومكان.

بيت الله الحرام، تهيمن حوله أبنية شاهقة دون إتزان، بقصد راحة ورفاهية لكل زائر فرحان، أسواق وفنادق ومقاهٍ في غير حسبان، كبيرة أحجامها عالية صروحها عميقة أنفاقها معقدة أدراجها... هندسة راقية، لاهية بتقنيتها الإنسان، غافلة عن خصوصية المكان.

مسؤولية يتحملها كل إنسان مدرك، فاهم للهندسة والبنيان، مواد بناء كثيرة مستخدمة من غير حسبان، ناسين بساطة الرحمن.

فلتنتبه أيها الإنسان إنه بيت الرحمن، كبير عظيم في الشأن بسيط خفيف البنيان، الله المستعان.

ومكة المكرمة، هي وادي غير ذي زرع وما يحيط فيها من أزقة ودروب قديمة كحال أي مدينة إسلامية تطورت بطريقة تلقائية عفوية حسب حاجات ومتطلبات المناخ والمجتمع المحيط. وتتمركز الكعبة المُشرّفة وسط المدينة وما حولها من فضاءات واسعة لأداء فريضة العبادة التي يجب أن تكون صافية نقية، ذات روحانية وقدسية عالية.

مكة المكرمة ليست مدينة كسائر المدن، هي قبلة يتوجه نحوها ملايين المسلمين، كل سنة لأداء الفرائض بصعوباتها ومشقاتها؛ حيث إنه كلما زادت المشقة ارتفع الأجر.

وبعد تطور التكنولوجيا والازدياد الكثيف في أعداد المسلمين من الحجاج والمعتمرين، أصبحت الحاجة ماسة إلى التوسع المعماري لتوفير أكثر عدد من الخدمات والتسهيلات، التي بدورها تساعد الحاج على أداء الفريضة كاملة.

وهنا فكر وفلسفة المهندس المعماري ومخطط المدينة يلعب دورا هاما في تطوير وتوسيع المكان بتحديد التوجه المناسب للتوسع وتحديد الهدف المرجو منه.

شعور متضارب انتابني وأنا أزور بيت الله الحرام لأول مرة، بين مسلمة تحلم بزيارة بيت الله الحرام وبين معمارية ناقدة متألمة لما أخذ التوسع المعماري والتكنولوجي من مسار؛ حيث تحولت الكعبة المتفردة في سيادتها وقدسيتها إلى كتلة مركزية صغيرة محاطة بأسوار من صروح عالية حابسة معها كل أنفاس الهواء والنقاء.

تحولت الكعبة إلى بلازا تُحيط بها فنادق ومطاعم وأسواق لتوفير الراحة وتحسين الاقتصاد؛ حيث كان من الممكن- باعتقادي- أن يتم التوسع بطريقة أخرى لتأخذ مسارًا مختلفًا عمّا هي عليه الآن، مع إدراكي الكامل لحجم المشاكل الوظيفية العالية التي تفرض على المهندس طرح فكرة تصميمية مناسبة تخدم الحاج لإتمام المشاعر المقدسة والحفاظ على القوة الروحانية لبيت الله الحرام؛ كأن يكون التوسع الفندقي خارج نطاق الكعبة المكرمة؛ للحفاظ على خصوصيتها وأهميتها وإيجاد حلول مختلفة للوصول إليها باستعمال وسائل التكنولوجيا الحديثة.

وأخيرًا.. الحج ليس أداء شعائر بالجسد فقط، وإنما أرواح تتواصل مع الخالق بأذهان صافية خالية من متطلبات الحياة وتقنياتها.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: بیت الله الحرام

إقرأ أيضاً:

ملهمة مصرية تعيد صياغة مفهوم الهندسة المعمارية عالميًا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في عالم يزداد احتياجه إلى حلول مبتكرة ومستدامة للتحديات البيئية، تبرز المعمارية المصرية الدكتورة هناء ضاحي كواحدة من أبرز الأسماء التي أعادت صياغة مفهوم الهندسة المعمارية عالميًا.

 بمزيج من العلم، الإبداع، والاستدامة، استطاعت “هناء” أن تحقق إنجازات استثنائية جعلتها رمزًا ملهمًا في مجالها، ولدت هناء ضاحي في القاهرة، وبدأت رحلتها العلمية في جامعة عين شمس، حيث حصلت على درجة البكالوريوس والماجستير في الهندسة المعمارية بتقدير امتياز في عامي 2003 و2006. 

شغفها بالتطوير دفعها لتأسيس مكتبها الخاص في القاهرة، حيث عملت على مشاريع معمارية متنوعة في الشرق الأوسط، لكن طموحها لم يتوقف عند حدود الوطن؛ ففي عام 2009، قررت الانتقال إلى ألمانيا لاستكمال دراسات الدكتوراه.

 هناك، التحقت بـجامعة شتوتجارت، حيث حصلت على درجة الدكتوراه بمرتبة الشرف في مجال هياكل البناء والتصميم الإنشائي عام 2014.


في عام 2016، حصلت د. هناء على الأستاذية في جامعة شتوتجارت، وبدأت في تأسيس قسم الأبحاث BioMat، المخصص لتطوير مواد البناء ذات الأساس الحيوي. من خلال هذا القسم، أطلقت مبادرات عديدة لتطوير مواد صديقة للبيئة، بينها مادة مصنوعة من ألياف القش المعاد تدويرها، والتي أصبحت نموذجًا بارزًا في العمارة المستدامة، وتم استخدام هذه المادة لبناء ثلاثة نماذج بالحجم الطبيعي، مما أثبت جدواها كحل مرن وصديق للبيئة يناسب التصميمات المعمارية المبتكرة.

تميزت مسيرة هناء ضاحي بحصدها العديد من الجوائز العالمية، من بينها “جائزة التميز العليا في التدريس الأكاديمي من ألمانيا (2016/2017)، جائزة التصميم والتكنولوجيا الدولية في ميونيخ (2015)، Materialpreis في ألمانيا (2019)، وترشيحها لجائزة Eco-Prize في الاستدامة”.

 كما تم اختيارها ضمن قائمة المرشحين النهائيين لـجائزة محمد مكية للعمارة 2020، وهي جائزة تُمنح للأفراد والمؤسسات التي ساهمت في تطوير العمارة والبيئة المبنية في الشرق الأوسط.


بصفتها عضوًا مؤسسًا في مركز شتوتجارت للأبحاث العلمية في العمارة والبناء، تواصل د. هناء تقديم مساهماتها البارزة لتعزيز الاستدامة في مجال العمارة، كما أنها عضو في أكبر مشروع للتميز العلمي في التصميم البرمجي وأساليب البناء الرقمي في ألمانيا، وتعكس قصتها ضاحي رؤية متميزة وشغفًا لا حدود له لتطوير الهندسة المعمارية بطريقة تخدم البيئة والمجتمع، وعملها لا يمثل فقط تقدمًا علميًا، بل يلهم الأجيال الجديدة من المعماريين العرب لتحقيق أحلامهم والمساهمة في بناء مستقبل أكثر استدامة، النجاح ليس مجرد هدف، بل هو رحلة تتطلب الإصرار والإبداع”، هكذا تلخص فلسفتها التي جعلت منها نموذجًا يحتذى به في عالم الهندسة والابتكار.

IMG_4291 IMG_4290 IMG_4289 IMG_4288 IMG_4287 IMG_4285 IMG_4284 IMG_4286

مقالات مشابهة

  • مصر.. أستاذ أزهري يعلق على التقاط الصور أمام الكعبة المشرفة
  • متى أفضل وقت لقيام الليل؟.. انتبه فأنت الآن في حضرة الرحمن
  • ملهمة مصرية تعيد صياغة مفهوم الهندسة المعمارية عالميًا
  • قصة مصرية ملهمة جمعت بين الهندسة المعمارية وحماية البيئة البحرية
  • حكم الدين في «فوتوسيشن الحمل» أمام الكعبة.. فتوى تحسم الجدل
  • سيشن الحمل أمام الكعبة للبلوجر جهاد البنا وزوجها يثير غضب متابعيها – صورة
  • الجريدة الرسمية تنشر قرار حذف بعض مباني القاهرة من سجل المنشآت ذات الطراز المعماري
  • أستاذ بالأزهر يحسم الجدل حول الفوتوسيشن أمام الكعبة
  • نائب أمير منطقة مكة المكرمة يفتتح الملتقى العلمي الأول “مآثر سماحة الشيخ عبد الله بن حميد -رحمه الله تعالى وجهوده في الشؤون الدينية بالمسجد الحرام”
  • عمرو مهران: البركة فى الرزق ليست بالحسابات أو العدد