لجريدة عمان:
2024-09-18@23:51:24 GMT

نشأة المسرحية في فلسطين «1»

تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT

«كانت تسمى فلسطين

صارت تسمى فلسطين» الشاعر محمود درويش

(1)

لماذا المسرح في فلسطين؟ لأنهم يريدون لنا أن ننساها.

كم من المؤلفات المسرحية نحتاجها كي لا تنسى الذاكرة فلسطين؟

كشأن كُّل البدايات النثرية المتعثرة، يأتي التأريخ لنشأة المسرحية في فلسطين محفوفًا بآراء متباينة وأسئلة حيوية: هل عرفت فلسطين الكتابة المسرحية منذ عهد قديم؟ هل هناك كتّاب مسرحيون يُشار إليهم؟ هل هناك إصدارات مسرحية ومراجعات نقدية للحركة المسرحية في فلسطين؟ كم عدد الفرق المسرحية فيها؟ كيف تنشط الحركة الفلسطينية في ظل الاحتلال والتهجير القسري؟ وإذا كان ثمة مؤلفات فلماذا لا تصلنا؟ ولماذا لا تُشاهد عروضها الفنية المسرحية؟

يُّعد كتاب (نشأة الرواية والمسرحية في فلسطين حتى عام 1948م، للدكتور إبراهيم السعافين، (170) صفحة، الذي صدرت طبعته الأولى في الأردن عن دار الفكر للنشر والتوزيع في عام 1985م أحد الكتب التأريخية المهمة في هذا الجانب.

في محاولة لتماس الكتابة سواء الإبداعية (الشعر والسرد)، أو النقدية (المقاربات والمراجعات)، مع اليومي المعيش (غزة - فلسطين) منذ السابع من أكتوبر وحتى كتابة هذه المقالة، كشكل من أشكال التذكير، أو المقاومة، سأتناول كتاب (نشأة الرواية والمسرحية في فلسطين حتى عام 1948م) للتعريف به، لا لنقده، والوقوف عند أهم ما جاء فيه، وأراه يتصل اتصالا وثيقا بصعوبات المسرح في فلسطين في المرحلة التاريخية الحالية التي نمر بها.

يتكون الكتاب من مقدمة ومدخل وفصلين، يتناول الفصل الأول: نشأة الرواية والروايات المؤلفَة وأهم التيارات البارزة عليها، وتلك التيارات هي: أولا التيار المتأثر بالذوق الشعبي، ثانيا: اتجاه السيرة الذاتية، ثالثا: الاتجاه الرمزي، رابعا: الاتجاه ذو الرؤية الواقعية. أما الفصل الثاني للكتاب، فخصصه مؤلفه لنشأة المسرحية، ويتضمن الفصل: تمهيد، والموضوعات، والبناء الفني، فالحبكة والصراع، والشخصيات، واللغة والحوار. وجد المؤلف أن أهم اتجاهات الكتّاب المسرحيين الفلسطينيين حتى عام 1948م قد تبلورت في ثلاثة اتجاهات هي: في المسرحيات التاريخية، وفي المسرحيات الاجتماعية، وأخيرًا في المسرحيات الشعرية، وانتهت المحتويات بثبت لأهم المصادر والمراجع.

(2)

الناظر إلى الفصل الأول، فإن مؤلفه يهتم برصد مقومات الرواية والمسرحية ونشأتهما في فلسطين في العصر الحديث، إذ لم تكن فلسطين بمعزل من أقطار الأمة العربية، وسيأتي تركيزي في هذه المقالة على نشأة المسرحية.

إن المسرح في فلسطين جدير بالعناية والاهتمام تأليفا عنه، وتأليفا فيه، إضافة إلى تتبع مساراته واتجاهاته، والوعي بوجوده الثقافي، وهذا يوازي مرحلة ثانية تتمثل في مرحلة التوثيق له بمنهجية وإحاطة بكل المعطيات اللازمة ضمن سياقات متعددة؛ كالسوسيولوجيا، والسوسيوثقافية، والسياسية.

وتعدُّ العودة إلى تتبع بدايات المسرح في فلسطين ومعرفة خصائصه وأساليب التأليف والمضامين التي تناولها المسرحيون، مسألة مُهمة ولازمة على كل باحث ينتمي إلى أرضها، ولكن المهمة البحثية شاقة وغير يسيرة، نظرًا لوجود احتلال وكيان صهيوني غاصب، وانطلاقا من المسؤولية العلمية والأخلاقية يتجشَّم الدكتور السعافين عناء البحث التأريخي والإبداعي لنشأة المسرحية في فلسطين، إضافة إلى البحث النقدي حول ظاهرة يخالها بعضهم أن لا أساس لها، أي تلبسها بمسرح بلاد الشام.

إن أهم ما يعرّفنا به السعافين حول المسرح في فلسطين بدأ في تتبعه جهود الباحثين والنقاد السابقين. فيشير إلى جهود بعض الدراسات الراصدة كـ: مؤلفات (د. علي الراعي)، ودراسة (سعد الدين حسن دغمان)، ودراسة (د. فائق مصطفى)، ورسالة ماجستير بعنوان «مسرح الاحتلال في فلسطين) للطالب (ياسر إبراهيم الملاح) وغيرها الكثير الذي سأعود إليه حسب السياق.

إن ما يلفت الانتباه في التمهيد التفاتة الباحث السعافين إلى محاولة الدراسات التي تصدت لنشأة الدراما في الوطن العربي في العصر الحديث، هي محاولتها «أن تتحدث عن الأصول التراثية التي استقى منها المؤلفون أعمالهم التمثيلية والمسرحية-ص87»، وهي إشارة تشير إلى أن البحث في الأصول التراثية للمسرح ليس في فلسطين وحدها، بل في الوطن العربي كله المدخل التأسيسي لتأريخ ظاهرة المسرح، وهذا ما نجده في العديد من الدراسات المؤرخة لظهور المسرح فيها.

لقد ازدهرت الدراما ازدهارا ملحوظا في بلاد الشام ومصر، في القرن التاسع عشر، لذلك تركزت الدراسات عليها، ولا شك في أن انفتاح تلك الأقطار العربية على بعضها يمكن أن يُشكل عنصر تلاق لا افتراق، لكن ما لاحظه السعافين أن دراسة تلك الفترة الزمنية كانت شائكة، وتتبع حال نشأة الدراما لم يكن سهلا لدى بعض الباحثين، معللا ذلك بالقول: «إن نشأة المسرح في فلسطين لم تجذب اهتمام مؤرخي المسرح العربي، لضعف الحركة المسرحية في هذا القطر، ولعدم انتظام التأليف، ولتعثر التجارب، ولعدم وجود خطة مسرحية وطنية تشرف عليها أجهزة حكومية رسمية-ص88»، فظلت محاولات الباحثين فردية ومزاجية لظروف قسرية منها: ما أحاط بفلسطين من أحداث وثورات، ثم احتلال وتهجير، صعب معه العثور على نصوص مسرحية، أو تدوين الجهود المسرحية والتمثيلية وتوثيقها كظاهرة ثقافية في المجتمع.

(3)

عندما نتكلم عن المسرح، فإننا نقصد بذلك عدة مستويات: نص المؤلف، والممثلون، والمخرج، والعناصر الفنية اللازمة، والمخرج، فالجمهور. يصعب العثور على نصوص مسرحية محلية فلسطينية في تلك الفترة، فالنصّ المادة الخامّ للناقد في المستوى الأول من التحليل. إن عدم وجود نصوص محلية يقلل من فرص الباحثين ليؤسسوا دراسات مَهمتها رصد نشأة الدراما، وإذا كان هناك بعض إشارات تتحدث عن ظهور أعمال درامية في فترة مبكرة كما يقول السعافين يرجع بعضها إلى النصف الأول من القرن التاسع عشر، فإنها نصوص لا تستطيع تقديم تصور مكتملا للتأليف المسرحي.

لقد تأسست فرق تمثيلية وأندية على مدى ما يقرب من ثلاثين عاما، ما يعني ذلك، وجود نصوص مسرحية ذات نسبة كبيرة، لكن ضياعها بسبب الاحتلال أكثر تماسكا من ادعاء القول إنها موجودة بكثرة.

يلتفت إبراهيم السعافين حول هذه الجزئية في حاشية مهمة رصدها الباحث (جميل الجوزي) في عنوان له (نهضة التمثيل في فلسطين) إلى فضل فرق التمثيل القادمة من مصر على حركة التمثيل في فلسطين إذ يقول: «... جاءت فرقة أبيض وحجازي إلى القدس عام 1914، وأخذت تخرج روايات مترجمة مثل «لويس الحادي عشر، وتاجر البندقية، وأوديب، وغيرها مما بعث الحماسة في قلوب لفيف من شبابنا المثقف، فألفوا أول ناد للتمثيل أسموه نادي الإخاء الأرثوذكسي... «...» وبين السنوات 1925- 1932، أخذت حركة التمثيل تنمو وتزدهر في مصر، فأخذت فرق عميد المسرح يوسف وهبي... تزور مدن فلسطين والأردن، لتنشر ثقافة فنية، فازداد بذلك تأليف الفرق المحلية... -ص90»

(4)

الترجمة... التأثير والتأثر

بالعودة إلى الموروث الثقافي للأقطار العربية، الذي يعدُّ مكونا أساسيًا لثقافة المؤلف المسرحي، يرى السعافين أن تأثر بعض الكتّاب بترجمة الآثار الفنية الأجنبية، لم تختفي خلف الترجمة شخصية المؤلف، وتتوارى للحفاظ على هوية النص المترجم في سياقه الذي كتبه مؤلفه الأصل، بل إن شخصية المؤلف المترجم كانت تتدخل لا سيما الشخصية التي تستند إلى الموروث التراثي والشعبي. يقول حول هذه الجزئية: «وإذا كان الكتاب أفادوا من المسرحيات الأجنبية المترجمة، فإنهم حاولوا في ترجمتهم أن يضفوا على أعمالهم روح الواقع المحلي، وأن يستلهموا البناء القصصي في التراث وخاصة التراث الشعبي... -ص92».

يرى الباحث أن انفتاح المسرحيين الفلسطينيين والحركة الثقافية على الحركة المسرحية في لبنان وسورية ومصر، يعزز من فرص اللقاء والحوار، ويجد في سهولة تحرك وانتقال الأجواق المسرحية بين هذه الأقطار إلى جانب اشتراك الممثلين في مسرحيات تنفذ في فلسطين وحركة تبادل المطبوعات متيسرة تصل إلى أيدي المؤلفين والقراء بسهولة، مما يمكن أن يشير إلى وجود نصوص كثيرة، لكنها لم تصل لظروف فلسطين كحالة خاصة، ولا يطمئن السعافين إلى الرأي القائل حول أسماء المسرحيات التي ظهرت في فلسطين هي الحصاد كله. ويضرب لنا مثلا بيعقوب صنوع، ليكشف حجم المفارقة، فهذا المؤلف أشهر كتّاب المسرح في مصر إبان النشأة لم تصل من أعماله كاملة إلا مسرحية واحدة-ص93، فكيف بمسرحيات فلسطينية وتمثيليات!.

لكنه يطمئن إلى أن الأعمال على قلتها استطاعت أن ترسم صورة قريبة من الدقة لطبيعة التأليف المسرحي في فلسطين، ويمكن للصورة عن ذلك النتاج الذي لم يصلنا أن يعطينا سمات خاصة إذا ألممنا بأسماء المسرحيات من خلال عنواناتها أو بعض الإشارات التي وردت عن موضوعاتها والقضايا الأساسية التي تعالجها.

بعد هذا التمهيد، يتناول إبراهيم السعافين الموضوعات التي تناولها المؤلفون المسرحيون المحليون، وقد استمدوها من مصادر مختلفة؛ منهم من استلهم من التاريخ البعيد أو القريب، أو من التاريخ المحلي أو القومي، ومنها ما اتصل بالقضايا الاجتماعية.

وللمقال بقية...

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المسرحیة فی فلسطین

إقرأ أيضاً:

شاكيرا تغضب وتغادر المسرح بعد محاولة جمهور التصوير تحت فستانها

خاص

شعرت الفنان الكولومبية شاكيرا باستياء شديد دفعها إلى التوقف عن الغناء، ومغادرة المسرح في أحد نوادي ميامي الأمريكية.

وكانت شكايرا منسجمة في الرقص عند أداء أغنيتها المنفردة الجديدة “Soltera”، لكنها لاحظت أن معجبين وجهوا كاميرات هواتفهم أسفل فستانها لتصويرها ما تحت جسدها.

وحذرت المعجبين من هذا الأمر لكن البعض استمر في ملامسة جسدها وتصوير ما تحت فستانها لذا غادرت المسرح وتركتهم.

وتوجهت شاكيرا إلى منطقة كبار الشخصيات حيث كان في استقبالها أصدقاؤها وعدد من رجال الأمن، فيما أكد رواد مواقع التواصل الاجتماعي أنه كان يجب عل الفنانة أن تستدعي رجال الأمن لضبط من قام بتصويرها بطريقة غير لائقة.

مقالات مشابهة

  • (الرياض).. بعد أربعة عقود!
  • نوتا بيني البريطانية تكشف قائمتها القصيرة
  • فوز العرض الكويتي غصة عبور بجائزة مهرجان المسرح الخليجي
  • الرئيس الألماني يكرم المؤلف الموسيقي المصري باسم درويش بحضور الرئيس السيسي
  • مهرجان المسرح الخليجي والعالمية
  • المؤلف محمد حسني: منفتحون على الموسيقى العالمية.. المسئوول عن مركز تنمية المواهب بأوبرا الإسكندرية: ندرب الأطفال على الغناء التراثي القديم بالإضافة للحديث.. ونستهدف تنمية قدراتهم الصوتية
  • «مكبث المصنع» يفرض نفسه على الساحة المسرحية
  • التعليم العالي: غلق المُنشأة المسماة الأكاديمية البريطانية المصرية للتدريب
  • لوحة مسرحية
  • شاكيرا تغضب وتغادر المسرح بعد محاولة جمهور التصوير تحت فستانها