كتّاب عرب يناقشون «الرواية والسُّلطة» وآثارها المختلفة في «أيام بيت الزبير للسرد»
تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT
وُضع السرد على طاولة النقاش، حيث اجتمع مجموعة من كبار كتّاب السرد في الوطن العربي، لتداول عدد من الموضوعات المرتبطة بالسرد، وتسليط الضوء عليه من خلال عدد من السلطات المرتبطة به أبرزها سلطة الناقد، وسلطة المجتمع، وسلطة المترجم، وسلطة الجوائز، وسلطة الناشر، وسلطة المكان، لاكتشاف صورة المادة السردية بعد تفكيك السلطات التي تكشف السرد على حقيقته.
سلطة الناقد
كان انطلاق الاحتفاء بالسرد من خلال «أيام بيت الزبير للسرد» صباح اليوم، بعدد من الجلسات الحوارية، التي كان في مقدمتها جلسة حملت عنوان «سلطة الناقد»، أدارها الشاعر الدكتور خالد المعمري، وناقش فيها كل من الأستاذ الدكتور سعد البازعي، والأستاذ الدكتور أحمد يوسف، تفاصيل متعلقة بسلطة الناقد على الرواية، حيث تم التطرق لعدد من الجوانب المتعلقة بالنقد، ورغم اختلاف أشكال النقد، إلا أن ما يقوم به الناقد هو ذاته، وقال البازعي: إن بعض النقاد يقومون بدورين، الدور الأكاديمي، والآخر هو تكريس الوقت لمتابعة الأعمال الصادرة سنويا. فيما أكد الدكتور أحمد يوسف على أن النقد إبداع، ويقصد به النقد الذي يرتكز على أسس، وقال: إن مهمة النقد باقية ما دام هناك نص.
لماذا يحتاج الكاتب إلى جوائز؟
وفي الجلسة الثانية التي تناولت «سلطة الجوائز» حاور الكاتب والإعلامي سليمان المعمري مجموعة من الكتاب الذين فازوا بجوائز أو ترشحوا لقوائمها الطويلة أو القصيرة وهم: أميمة الخميس، حمور زيادة، سعود السنعوسي، وطارق إمام، وطرحت الجلسة أسئلة عدة منها: لماذا يحتاج الكاتب إلى جوائز؟ هل يكتب الكاتب والجائزة نصب عينيه؟ وإلى أي مدى تمنح الجوائز الكاتب سلطة على قارئه؟ ومن المستفيد من الجائزة المانح أم الممنوح؟ وهل أصبحت الجوائز توجه الكتابة إلى وجهة بعينها؟
رأى الكاتب المصري طارق إمام أن دور الكتابة هو مقاومة لسلطة سائدة، وأن الكتابة تنشأ لتقاوم سلطة قائمة وتحاول تفكيكها. مشيرا إلى أن وجود شرط السلطة ضروري لكي يمارس الأدب دوره أو لكي يكون على هامش هذه السلطة أو إلى جانبها.
فيما رأى الكاتب السوداني حمور زيادة أن الجوائز وسيلة قد يحسن الكاتب أو يسيء التعامل معها وقد تفسد في أحيان أخرى ما يفعله الكاتب، وحسب رأي زيادة نيل الجوائز قد يحقق لدى الكتاب الرغبة الطفولية في الحصول على بعض التقدير والاهتمام وأكد على أنه من الطبيعي أن يحتاج الناس في ظل الزخم إلى من يقول لهم: انظروا أو التفتوا إلى هذا العمل الذي يستحق منكم بعض التقدير.
وتعتقد الكاتبة السعودية أميمة الخميس أن الجوائز تمرر للمانح قبل أن تعطى للفائز، وأن الجائزة أمر طارئ ومؤقت للفائز وللمانح، وهي مكتنزة بالإشارات والدلالات، ورأت أن الجائزة هي لمانحها وليست لمتلقيها.
وفي سؤال المعمري: إلى أي مدى تمنح الجوائز سلطة للكاتب على قارئه وهل تمنح حصانة ضد التلقي السلبي؟ أجاب الكاتب الكويتي سعود السنعوسي أنه وفي كثير من الأحيان تكون الجوائز سلطة ضد الكاتب، لكنه يرى أيضا أنه إذا كان هناك نوع من السلطة فليست الجائزة من تمنحه بشكل مباشر. وقال: «قبل ١١ سنة مع ساق البامبو كان هناك نوع من السلطة الذاتية لدي، ولكن بعد فترة كان لدي نوع من الوعي في أن أكتب بمعزل عن الجائزة. وأضاف: «هناك تجارب تحولت الجائزة فيها إلى لعنة والفائدة الوحيدة كانت القيمة المادية، لكن لم يحظ الكاتب على صداقة القارئ بل على سخطه.
وأضاف طارق إمام أن سلطة المتلقي متغيرة، وهذا ما يميزها عن غيرها من السلطات التي تبقى ثابتة في جوهرها، وشرح إمام ذلك في أن هناك نمطا معينا من المجتمعات كمصر مثلا يتغير فيها المسؤول لكن لا يتغير جوهر الخطاب السياسي وكذا الحال في السلطة الدينية التي تبقى المسائل فيها ثابتة حتى لو تغيرت الأشكال، فيما سلطة التلقي لها سماتها المختلفة التي منها التغير.
ويضيف حمور زيادة أن الجائزة وحدها لا تمنح خلودا للفائز بها لأنها تحتاج إلى اعتراف القراء وقبولهم، وأشار إلى أن عملا لن يكون قد حاز شيئا ولو منح آلاف الجوائز إن لم يحصد على الجائزة الأهم وهي القارئ.
وأشارت أميمة الخميس أن النص الأدبي متفلت من الأطر، وهو شرط جمالي وإبداعي ولا بد من مغادرة الأطر لكن الناقد الذي استقرت مواطنه على أدوات معروفة قد يحد من التجربة الإبداعية، وأضافت: «قد يحدث تداخل في الأنواع الأدبية وهذا لا يقبل به النقاد، لكن إحداث الفوضى من خصائص الأدب، ومن هنا نقول: إن أمام لجنة التحكيم تحد، فهي تريد إخلاء مسؤوليتها لكن النص الأدبي قد يظلم لأنك لم تلاحقه إلى المساحات الجديدة التي انفتح عليها».
ويضيف طارق إمام بقوله: «كثيرون يكتبون قبل الروائي حتى صار الروائي آخر من يكتب». وأشار إلى أن ما يحدث هو أن دور النشر تضع شروطا أو مواصفات فتريد «كذا» والقراء يحبون «كذا» وهذه شروط تملى على الكاتب، وتساءل: هل نتعامل مع النشر على أنه صناعة؟ وهل هناك تصنيع للتلقي؟
وتعتقد أميمة الخميس أن هناك أجندة مضمرة تتحكم بلجنة التحكيم حتى لو ادعت الحياد والاستقلال. وقالت: «الجوائز تتدخل بها أمور لا تصب في جوهر العملية الإبداعية ومثال ذلك الجائزة التي حجبت عن عدنية حلبي».
وأضافت: «المزاج الشعبوي يلعب دورا في مرحلة معينة. كان هناك مد يساري في العالم العربي صاحبه ظهور روايات يحتفى بها وتبرز؛ لأنها تمثل هذا المد، لاسيما من الطبقة المثقفة، إذن لا نستطيع القول إن المزاج الشعبي في حياد تام بل له مقعد خفي في لجنة التحكيم. واستقلالية الجائزة هي أحد الأوهام».
وعن تداول السلطة بالنسبة لسعود السنعوسي، أشار أنه أثناء الكتابة يحتاج إلى سلطة قارئ معين، وقال: «يكون قارئ موجودا لكن ربما ليس في رواية كاملة، أحتاج إلى سلطته فتصبح المسألة مثل اللعبة بيني وبينه وأحتاج أحيانا إلى سلطة الناقد في مرحلة معينة وسلطة الرقيب ليس خوفا لكن يمنحني أدوات أخرى للقول وأن أكتشف حيلا أخرى أمرر فيها أفكاري وأقول ما أريد هذا ما أعنيه بتداول السلطة.
كيف تصنع الرواية؟
وتناولت الجلسة الثالثة التي انطلقت مساء اليوم حديثا عن «كتابة الرواية أو صناعة الرواية» التي أدارتها الكاتبة فاطمة إحسان، تناولت فيها عددا من التفاصيل المتعلقة بكتابة الرواية، تحدث فيها كل من الكاتبة الكويتية بثينة العيسى، والكاتبة هدى حمد، والكتابة بشرى خلفان، والكاتب زهران القاسمي.
وبدأت الجلسة بحديث بثينة العيسى حول الفرق بين الكتابة التلقائية والكتابة غير التلقائية، وقالت: «أنا أفصل بينهما، وكتابة الرواية هي عملية مراوحة بين القطبين، لكن حتى أختصر أقول أن الكتابة الأولى تكون ساذجة، ولابد أن أدخل إليها أدواتي، فنحن في المرحلة الأولى من الكتابة نكون سذجا، وإذا أثقلنا وعينا تحولنا للكتابة الثانية المرتبطة بالأدوات». وأضافت العيسى: «لابد أن نحمي كتابتنا الأولية الساذجة، ولكن مرحلة التحرير لابد أن تتداخل مع عمليات الكتابة في ذات الوقت، وهي مرحلة الوعي بالأدوات، وهي عملية اتساق خطاب الرواية مع أدوات الكتابة التي اخترتها».
ولكن الروائي زهران القاسمي يناقض ما تقوله العيسى، فيقول: «هل فعلا هناك كتابة ساذجة؟ فنحن قبل أن نكتب يكون لدينا مختزل فكري، والمعاناة تأتي من وعي لا من سذاجة، والكتابة صنعة ولا تدخل فيها السذاجة». وأضاف: «الكاتب يبدل في الأصوات والأدوات، فلو أنه صار فيه استدراك دون توقف نستطيع أن نسميها كتابة ساذجة».
فيما قالت الروائية هدى حمد حول الكتابة إنها مغامرة، وأَضافت: «بعدما دخلت ورشة مع نجوى بركات، وكتبت التي تعد السلالم، كنت قد بدأت ببناء الشخصية وتفاصيل كثيرة في الرواية، ولكني أستطيع في الورشة أن آخذ الأدوات». وأَضافت: «الكتابة هي أن أفكر».
أما الكاتبة بشرى خلفان فقد بدأت مداخلتها بالقول: «أنا لا أعرف، ومن يقول لا أعرف فقد أفتى»، وأَضافت: «الكتابة تسيطر عليك فهي تأخذك، ولكن نحن ككتّاب نقع في مأزق، حيث نضع عناصر للكتابة ونناقشها في الورش، ولكننا في كثير من الأحيان لا نستطيع توظيف ذلك في كتاباتنا، قد تحتاج لأن تتحدث بصوت عال عن الكتابة مع صديقك مثلا وقد تجد مخرجا معينا يصل بك لبر الأمان، والقراءة في حد ذاتها تعلمك في البداية ثم تأتي الكتابة».
وتحدث الكاتبة بثينة العيسى أيضا خلال الجلسة عن جوانب أخرى في الكتابة السردية فقالت: «الرواية تكتب بلغات متعددة، فهناك جمل سردية وجمل نصية، وجمل شعرية، وجمل تقريرية، وغيرها، وتظافر الأنواع هو ما يرفع الإيقاع، وأحيانا قراءة الفصول الأولى تعطيك أجمل «ميلودي» في العالم، ولكن هناك فصولا لابد أن تكون أسرع من فصول أخرى، ولابد أن نعرف كيف نتحكم في الإيقاع».
وتتداخل في الحديث معها هدى حمد فتقول: «الشخصيات هي عالم منفصل، والمعطيات في كل عمل مختلفة،
الكتابة هي ذاكرة من يخترعها، وبالرغم من الثيمات العامة الموجودة منذ بدء الخليقة، والشخصيات رغم ماتكتسي به من مآزقها النفسية ولكن لا يوجد كاتب يستطيع أن يخلق شخصية يمكن تصديقها»، وتضيف: «دائما نتمنى أن نخلق مثل هذه الشخصيات ولكن لا يأتي بمجرد أن نتفق في الكتابة، أو ما نراه في واقعنا يمكن أن نأخذه للكتابة الروائية، والنص الروائي الذي يمكن قراءته بسلاسة هو ما يكتبه الكاتب بترو وبكل تأن».
وحول الشخصيات في الرواية تقول بشرى خلفان: «عندما أكتب كنت أرى أنني الرب الخالق للشخصيات، وكنت أسخر ممن يقول إن الشخصيات تتمرد عليه، ولكن مع تجربة ما اكتشفت أن الشخصيات التي نخلقها عندها القدرة على التمرد، وعندما كنت أقول: إن هذا ضعف لدى الروائي في قدرته على التحكم بأدواته، ولكني أراها الآن قد تكون قوة، فالشخصيات تقول ما تريد قوله». وتضيف: «أحيانا بعض الشخصيات تتوقف معي ولا ترضَ أن تتحرك نحو الفصول الأخرى، وبعض الشخصيات مصائرها غير مقنعة، وقد يكون بعضها قد رفض أن يرضى بالقدر الذي وضعته لها، واكتشفت أنه مهما قلنا في الورش عن أسس كتابة الشخصية، وأنه لابد أن نجلس معها في حوار ونتعرف عليها، ولكن الشخصية في النص كالشخصية الحقيقية في الواقع لا يمكن أن تسلم لك أمرها».
وعن الشخصيات قال زهران القاسمي: «كم شخصية موجودة في العمل، ولابد من أن يكون الكاتب حساسا ليدخل في عمق كل شخصية مقارنة بالشخصيات الأخرى»، وأَضاف: «هناك دوافع كثيرة في العمل لا تأتي اعتباطية: فكرة العمل، الرسائل المبطنة، قيمة الشخصية في العمل، لذلك نجد الكثير من الكتاب يفرد صفحات في وصف شخصية معينة».
وتحدثت بثينة العيسى عن مقدرتها على الكتابة الوصفية التي عرفت بها في رواياتها فقالت: «على المستوى الشخصي، إذا كنت أريد أن ألاحق الحدث، وأكتب عنه أشعر أنه عندما أعود لقراءته بعد الانتهاء من الكتابة فأجده نصا زلقا، وأشعر أنها حكاية وليست رواية، أو كعمود فقري، لا يوجد به لحم، ولا يمكن أن يكون كائنا بشريا، ولكني أشعر أن قراءة الأدب لابد أن يقرأ بكل الحواس، وأنا كقارئة من فقرة واحدة أستطيع أن أعرف إن كانت هذه الرواية ستعجبني أم لا، والوصف هو الركن الأساسي في الرواية. ولا يمكن أن توجد رواية بلا وصف»، وتضيف العيسى: «نحن نعيش مغيبين بسبب ما نعيشه الآن وبحواس ضامرة، وعندما أكتب أوقض كل حواسي، وأحيانا أبحث لأصف الشي بشكل جيد، والتأمل العالي بالتفاصيل الدقيقة هو ما يمكن أن تترجمه وصفا في النص».
وينتقل الحديث إلى زهران القاسمي الذي يقول: إن بعض الأعمال السردية عندما نقرؤها نجد أن الكاتب مهموم بالركض وراء الحدث، ويدخل في الشخوص وينسى البيئة من حوله، ولكني أحب الاشتغال على تفاصيل المكان في الروايات، وهذا يأتي من ذاكرتي البصرية للمكان وإدراجها في العمل السردي لجعل القارئ يدرك ويكون صورة بصرية ذهنية للمكان، وأنا أعتقد أنها من الضرورات التي لابد أن تكون في العمل السردي، لذلك كثير من الكتاب عندما يريدون أن يكتبوا عن منطقة معينة في رواياتهم يذهبوا للمكان ويعيشون فيه لمعرفة كل تفاصيل المكان، وبعدها يكتب العمل، فمثلا القرى العمانية الجبلية متشابهة تقريبا ورغم أنه من السهولة لابن البيئة الجبلية أن يكتب عنها بتفاصيلها، ولكن لو أردت الكتابة عن البيئة البدوية لابد أن أكون في ذاك المكان».
وتقول هدى حمد: «الكتابة عموما هي القبض على جوهر الحياة كما يقول ميلان كونديرا، ولكن لكل شخص أسلوبه في الكتابة، كتقنيات عندما نقرأ سير الكتاب نرى أن كل كاتب مغاير للآخر، كل كاتب له طريقة للكتابة مختلفة عن الآخر، وأنا أحب تعدد الأصوات، والتقنيات هي مجرد أدوات، ورؤية كل كاتب للنص مختلفة عن الآخر، وحتى على مستوى الكاتب الواحد نختلف، التقنيات والوعي يختلفان، وأحيانا نكتب بتدفق شديد، ولكن لاحقا ثمة ما يتغير من خلال الرواية الأخرى».
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: زهران القاسمی من الکتاب فی العمل یمکن أن لابد أن لکن لا
إقرأ أيضاً:
بنك السودان المركزى يستيقظ ولكن بعد …
بنك السودان المركزى يستيقظ ولكن بعد…
************************************
بروفسور احمد مجذوب احمد على
10 نوفمبر 2024
*******^*******^*^^^*******^****
طالعنا السيد محافظ بنك السودان ببيان عن الغاء فئات عملات من التداول بسبب مخاطر تتهدد الوضع النقدى فى البلاد، وقد لجأ البنك المركزى لذلك لأن نهبا قد اصاب المؤسسات وتزويرا قد اعترى عملتنا الوطنية بعد مضي 18 شهرا من حدوث الكارثة الاقتصادية المالية والنقدية.
نحن نكتب هنا عن البنك المركزى المؤسسة التى تمثل ضلعا اساسياً فى النشاط الاقتصادي المالي والنقدي والمصرفي.
أين كانت طيلة هذه الفترة السابقة التى امتلأت بالمقالات والتنبيهات للمخاطر المحدقة بالاقتصاد من جراء عمليات النهب والسلب والتدمير للبنى التحتية الاقتصادية التى قام بها المتمردون، فطالت ذات البنك المركزي رئاسته وفروعه وكافة الأجهزة المصرفية، منذ اللحظات الأولى للتمرد، ما حدث لم يكن سرا مكنونا، وإنما حدث وثقته فيديوهات التمرد قبل أن توثقه كمرات الشرفاء من أبناء هذا الوطن الغالي.
وقد كتبت – وكتب غيري – منذ الأيام الأولى منبهين لأهمية المعالجة الاقتصادية واتخاذ التدابير اللازمة للإصلاح اولا بأول وتقليل الآثار السالبة وتجنب الأضرار.
ففى 3 يونيو 2023 كتبت “أن الملف الاقتصادي لا ينفصل عن الملفات الأخرى ويزيد عليها بأنه يمثل القاعدة الأساسية التى تساعد على سلامة سير الملفات (الأمنية والانسانيةوالإعلامية والخارجية) وأكدت أن معالجة التحدي الاقتصادى تمكن من تأمين مسيرة القوات المسلحة في تحرير وتأمين الوطن).
وذكرت في موضع آخر من ذات الخطة
عن أهمية تكوين مجموعة عمل للملف الاقتصادي من المختصين فى الجانب الحكومي والقطاع الخاص تتفرع عنها مجموعات عمل متخصصة مثل: القطاع المالي – القطاع النقدي والمصرفي –
الصادر (مؤسسات وسلع واجراءات)
واختصاص مجموعات العمل هذه هو (اصدار القرارات الإدارية والمالية اللازمة لتسهيل تنزيل الاجراءات الاقتصادية وحشدالموارد لمقابلة الأولويات وتقنين هذه الاجراءات، واستدعاء الكوادر المفتاحية فى وزارات القطاع الاقتصادى للعمل مع وزير المالية فى تنفيذ البرنامج الاسعافي المتناسب مع الظروف الأمنية وقيادة مجموعات العمل المتخصصة. والجهات المستهدفة : (المالية / البنك المركزى / الجمارك /الضرائب/الزراعة/المعادن /الكهرباء/ الصناعة …الخ).
كما اقترحت الآتى فى محور تمكين الجهاز المصرفي من ممارسة مهامه المصرفية:
– اصلاح نظم الدفع القومية ونظم شركة (EBS)
– اصلاح النظم التقنية الداخلية لكل مصرف والتأكد من وجود واستخدام النسخ البديلة والاحتياطية لتأمين المعلومات.
– تمكين المصارف من مقابلة السحب على الودائع بمنحها تسهيلات تمويلية لسد العجز السيولي المتوقع.
– معالجة مشكلة شبكات الاتصال لأنها روح التقنية المالية.
– دراسة العمليات التمويلية للقطاع الانتاجي والخدمي والتجاري بإعادة جدولتها.
كما كتبت فى 26 سبتمبر 2023 في مقال عن اسباب تدهور سعر صرف الجنيه، وعن دور نظم التقنية المصرفية فى تسهيل التحويل من حساب لحساب وإنشائها لسوق مواز واسع خارج رقابة البنك المركزى، وذكرت أن المشكلة ليست فى النظم التقنية المالية والمصرفية، لأن المصارف لا تملك تقييد المودع عن التصرف فى وديعته، وإنما فى البنك المركزي الذى يصدر السياسات الموجهة للمصارف لضبط وتنظيم التحويل من حساب لحساب.
وما كتب عن الاقتصاد ومؤسساته والبنك المركزى وسياساته، كان كافيا للمساعدة فى تنبيه القائمين على حجم التحديات والمخاطر لاتخاذ التدابير اللازمة لمعالجة القائم منها والمتوقع، لكن : أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا… لمن تنادي.
سؤال يخطر على بال كل عاقل: أين كانت قيادة البنك المركزي السابقة والحالية من هذه التطورات؟! هل كانوا نائمين أو منومين طيلة الفترة الماضية، ثم فجاة تذكروا أن هناك أموالاً منهوبة من البنوك ومن المواطنين؟ والكل يعلم أن ذات رئاسة وفروع البنك المركزى نهبت بما فيها مطابع العملة، وهل البنك المركزى لم يعلم بذلك طيلة الفترة الماضية، فى حين أن القاصي والداني يعلم أن أوراق البنكنوت المنهوبة تم تداولها قبل أن يتم ترقيمها ولا حتى قصها.
ولكن لئن تأتى متاخرا خير من ألا تاتي، وهذا القرار يتطلب جملة من التدابير، فتغيير واستبدال العملة إجراء متزامن يتم إعلانه و تنفيذه فى الظروف العادية عند استلام العملات الجديدة، بالسحب التدريجى للعملة الملغاة والتعامل بالجديدة، او فى الظروف الطارئة يتم الاستبدال الفورى عند إكمال اجراءات طباعة واستلام العملة البديلة، لأن التأخير عن التنفيذ قد يدفع بكثير من العملاء لاتخاذ اجراءات تحميهم من إيداع أموالهم خاصة المشكوك فيها لدى البنوك، مثل شراء العملات الأجنبية مما يؤدى لانخفاض سعر الصرف الذى يشهد تحسنا خلال الأسابيع الماضية، أو شراء سلع (محاصيل وغيرها) وهذا الاجراء يضعف أثر السياسة خاصة فى حق المستهدفين بها، وتنقل العبء لآخرين يصبحوا ضحية، ولهذا فلابد من تبني حملة إعلامية مصاحبة لهذه الاجراءات لضمان تحقيق أهداف سياسة استبدال العملة حتى تحقق أهدافها.
كما ينبغي المحافظة على ثقة الجمهور في النظام المصرفي، لأن اهتزاز هذه الثقة يؤدى إلى إحجام المودعين عن الإيداع وازدياد السحب للمبالغ المودعة. وهذا عمل يؤكد الحاجة لخطة إعلامية سابقة تخلق قدرا من الطمأنينة.
لأن المحافظ إن لم يكن قد اتخذ التدابير اللازمة قبل القرار، فإن قراره هذا سيكون بمثابة القشة التى قصمت ظهر البعير.
أشار البيان إلى أن دوافع ذلك هو: وجود عملات مجهولة المصدر ؟ وهنا فإن على البنك المركزى إعلان الجمهور بنوع وخصائص العملة مجهولة المصدر ، لأنه لا يقل اهمية عن اجراءات الالغاء والاستبدال، حتى يراجع كل مواطن ما بحوزته من عملة، وهو يعلم مصدرها الذى استلمها منه، ولا أظن أن اجهزتنا الأمنية والاستخباراتية وفنيي البنك المركزي والمصارف لا يعلمون مصدر وصفات هذه العملة.
ومما ينبغى الاهتمام به والترتيب له هو: ما هو تعامل المصارف مع حاملي هذا النوع من العملات مجهولة المصدر؟
من الحقائق المعلومة أن المطابع التى تتعامل فى العملة محدودة ومعروفة عالميا بل حتى الشركات المصنعة لماكينات الطباعة معلومة والشركات المنتجة لورق العملة معلومة، فهل تعجز مؤسساتنا عن معرفة من يشنون عليها مثل هذه الحرب؟ وما هى الضمانات إذا لم تتخذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد المزيفين أن تواصل ذات الجهات فى طباعة العملة الجديدة؟
إن التوسع فى التقنية المالية وتحقيق الشمول المالى ونشر نقاط البيع وتسهيل فتح الحسابات واصدار البطاقات الائتمانية هو المخرج من هذه الدوامة، والكل يعلم أن بعض فئات العملة تقل قيمتها عن تكلفة طباعتها، ولا سبيل غير التوسع فى التقنية المالية وسن التشريعات اللازمة التي تنظم ذلك وتلزم جمهور المتعاملين بالدفع عبر بطاقات الدفع الآلي، ولم تعد نظم التقنية المالية مكلفة كما كانت فى السابق، فهي تحتاج فقط للقرارات الحاسمة من الأجهزة المختصة.
ولنا عودة.
مع تحياتي.