مجاعة أم تجويع.. من يتحمل مسؤولية الكارثة في قطاع غزة؟
تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT
انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لأطفال ينتظرون دورهم للحصول على الغذاء، في مشهد يثير التساؤلات عن حجم تأثر الأمن الغذائي في قطاع غزة بالحرب المستمرة بين إسرائيل وحركة حماس منذ السابع من أكتوبر الماضي، ومعايير إعلان حالة المجاعة وتداعياتها القانونية.
ويعتبر المحلل السياسي الإسرائيلي، يوآب شتِيرن، في تصريحات لموقع "الحرة" أن المواجهات العسكرية بين إسرائيل وحماس أدت لوجود "حالات جوع بين المدنيين العزل في قطاع غزة".
وكذلك، يقول وزير شؤون الأسرى الفلسطينيين السابق، أشرف العجرمي، لموقع "الحرة"، إنه في قطاع غزة "لا يوجد غذاء ولا مياه ووقود والمستشفيات والخدمات الطبية معطلة تماما".
ويشدد شتِيرن على أن حماس تركت سكان غزة "يعانون وحدهم"، لكن يجب وقف هذه المعاناة".
وحماس منذ البداية تقول إنها "غير مسؤولة عن الشعب في غزة"، وترى أنها "مسؤولية الأمم المتحدة والمنظمات الدولية"، وبالتالي فهم يتركون شعبهم يعاني وحده، وفق المحلل السياسي الإسرائيلي.
وتستغل حماس "الجوع في غزة"، وتعمل على استغلال التقارير حول ذلك لـ" لتسريع استعداد إسرائيل لوقف إطلاق النار بشروط محسنة، بينما الشعب يعاني"، حسبما يشير شتِيرن.
في المقابل، يرى العجرمي أن "حماس تستفيد من الضغط الإسرائيلي على المدنيين، من أجل الضغط لوقف الحرب"، معتبرا أن الحركة "لا يمكنها تلبية تلك المتطلبات الغذائية".
وترى حماس أن غالبية سكان غزة من اللاجئين وعلى الأمم المتحدة الاهتمام بهم، وبالتالي فهي "تعتبر ذلك مسؤولية دولية وليس مسؤولية الحركة"، حسبما يشدد العجرمي.
ووفق "برنامج الأغذية العالمية"، يتم إعلان حالة المجاعة عندما يكون 20 بالمئة من الأُسر في منطقة جغرافية معينة في مرحلة كارثية، وتحدث عندما لا يتوفر أدنى احترام للكرامة والحياة البشرية.
والصراع هو المحرك الأكبر لـ"المجاعة"، وتزداد مستويات الجوع سوءا عندما يدفع الصراع أعدادا كبيرة من الناس للفرار من ديارهم وأراضيهم وترك وظائفهم، بحسب البرنامج.
وتحدث المجاعات عادة في المناطق التي يكون فيها قيود على سبل الوصول والتحرك، وهو عامل مشترك في مناطق الصراع، وفق
والمجاعة هي أحد أعراض الحروب الممتدة، ونادرا ما تظهر لوحدها، بل يصاحبها تدهور في المنظومة الصحية والبنية التحتية والأوضاع الاقتصادية، وفق "لجنة الصليب الأحمر".
والشهر الماضي، حذر برنامج الاغذية العالمي التابع للأمم المتحدة من أن سكان غزة وخصوصا النساء والأطفال، معرضون لخطر المجاعة إذا توقفت امدادات الغذاء.
ويقول برنامج الأغذية العالمي إن نصف سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة يعانون من الجوع مع توسع الهجوم العسكري الإسرائيلي إلى الجزء الجنوبي من قطاع غزة، وأدت الهجمات إلى حرمان السكان من الغذاء والدواء والوقود، وفق وكالة "رويترز".
وارتفعت نسبة الأسر التي عانت من مستويات "جوع حادة" من 38 إلى 56 بالمئة، وفق "تقييم الأمن الغذائي" الذي أجراه برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في غزة، والمنشور بتاريخ 14 ديسمبر.
وهناك 9 من كل 10 أسر في شمال غزة و2 من كل 3 أسر في جنوب غزة أمضوا يوما كاملا وليلة واحدة على الأقل بدون طعام، وفق "تقييم الأمن الغذائي" المنشور في 6 ديسمبر.
وفقا لتصنيف مراحل الأمن الغذائي، المنشور في موقع منظمة "أطباء بلا حدود"، يتطلب الأمر لإعلان المجاعة وجود أدلة بثلاثة جوانب: (1) نسبة 20 في المائة من الأسر المعيشية على الأقل تواجه حالة نقص شديد في الأغذية مع قدرة محدودة على مواجهة الحالة، (2) تجاوز انتشار سوء التغذية الحاد الشامل نسبة 30 في المائة، (3) تجاوز معدلات الوفيات الأولية وقوع حالتين اثنتين لكل 000 10 نسمة من السكان يوميا.
ومن أجل تصنيف حالة المجاعة، يستخدم النهج أو التصنيف عدة جوانب مرتبطة باللأمن الغذائي أبرزها: معدل الوفيات الأولية، سوء التغذية الحاد، التقزم، الحصول على الأغذية وتوافرها، التنوع الغذائي، الحصول على الماء وتوافره، آليات مواجهة الموقف، وسائل كسب الرزق، الأمن المدني والمخاطر.
ومن ثم يتم تصنيف المنطقة أو الإقليم أو البلد، وفق 5 مستويات أو مراحل: آمنة غذائيا بوجه عام، غير آمنة غذائيا متوسط/عند الحافة؛ أزمة غذائية شديدة وأزمة في سبل الرزق؛ حالة طوارئ إنسانية؛ مجاعة.
وقد استخدم هذا النهج في وصف الحالة في الصومال عام 2011 بمثابة مجاعة، علما أن بعض المنتقدين لهذه الأداة يقولون إن منهجية ومصداقية المعلومات التي تم تجميعها كثيرا ما تكون موضع شك، ولا سيما في السياقات المتشابكة والحساسة سياسيّا، حيث تحدث المجاعة.
اتهامات باستخدام "سلاح التجويع"الاثنين، اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" القوات الإسرائيلية بتعمد منع توصيل المياه والغذاء والوقود وتدمير المناطق الزراعية وحرمان سكان غزة من المواد اللازمة للبقاء على قيد الحياة.
وقالت المنظمة، ومقرها نيويورك، في تقرير "الحكومة الإسرائيلية تستخدم تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب في قطاع غزة".
بيد أن إسرائيل نفت مسؤوليتها عن "أي نقص بالمواد الغذائية أو المساعدات الإنسانية في قطاع غزة"، ووجهت الاتهام لحماس التي تسيطر على القطاع منذ عام ٢٠٠٧.
وقال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، إيلون ليفي، إن حماس هي المسؤولة عن أي نقص في غزة.
وكتب في منشور عبر حسابه بمنصة "أكس": "هذه كذبة، إسرائيل لديها القدرة الزائدة على تفتيش أكثر من ضعف عدد شاحنات المساعدات التي تدخل غزة، مازلنا نضخ المياه إلى غزة من خلال خطي أنابيب، ولم نضع أي قيود على دخول الغذاء والماء".
This is a lie. Israel has excess capacity to inspect more than twice as many aid trucks as are entering Gaza. We’re still pumping water into Gaza through two pipelines and have placed no restrictions on entry of food and water. Direct your anger to Hamas, which hijacks aid. https://t.co/ZIaLQowPMM
— Eylon Levy (@EylonALevy) December 18, 2023وأضاف ليفي: "وجهوا غضبكم إلى حماس التي تختطف المساعدات".
وقال التقرير إن "الجيش الإسرائيلي يتعمد منع إيصال المياه، والغذاء، والوقود، بينما يعرقل عمدا المساعدات الإنسانية، ويبدو أنه يجرف المناطق الزراعية، ويحرم السكان المدنيين من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم".
وفي منشور آخر، الثلاثاء، قال ليفي "يعرف سكان غزة أن حماس تختطف مساعداتهم، لأنها تعطي الأولوية لإطعام مقاتليها على حساب المدنيين".
Gazans know Hamas hijacks their aid, because it prioritizes feeding its fighters over civilians. And they know @unrwa and other aid agencies will never condemn Hamas for doing that. They’ve been abandoned by their leaders and international agencies that are meant to help them. pic.twitter.com/UkLgHZWG23
— Eylon Levy (@EylonALevy) December 18, 2023وفي سياق متصل، أكدت المتحدثة باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي، تال هاينريش، أن "201 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية دخلت إلى قطاع غزة"، الأحد.
وقالت هاينريش، في مؤتمر صحفي الاثنين، إنه "لا توجد أي قيود على كمية الطعام والمياه المسموح بدخولها إلى غزة".
وأشارت إلى أن فتح معبر كرم أبو سالم الحدودي بشكل موقت جعل من الممكن "تفتيش عدد أكبر من الشاحنات مما تستطيع وكالات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الإنسانية توفيره فعليا".
والأحد، تم فتح معبر كرم أبو سالم بين إسرائيل وقطاع غزة أمام شاحنات المساعدات للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب، في خطوة تهدف إلى زيادة شحنات الغذاء والأدوية التي تصل إلى القطاع للمثلين، وفق وكالة "رويترز".
وكان المعبر قد أغلق بعد هجوم حماس، ولم يكن يسمح بتسليم المساعدات سوى عبر معبر رفح على الحدود مع مصر والذي تقول إسرائيل إنه لا يمكنه إدخال سوى 100 شاحنة يوميا.
ومعبر كرم أبو سالم الذي يقع على الحدود بين مصر وإسرائيل وغزة يمثل إحدى نقاط العبور الرئيسية للبضائع المتجهة إلى قطاع غزة والمغادرة منه، إذ يسمح بعبور الشاحنات بصورة أسرع بكثير من معبر رفح المخصص للمسافرين بالأساس والذي يبعد بضعة كيلومترات.
ويرى شتِيرن أن هناك خلاف حول "تشخيص المسؤول عن الجوع"، لكن يجب على طرفي الحرب " العمل على منع تدهور الوضع الحالي وزيادة معاناة المدنيين وتوفير الغذاء والدواء والمياه والوقود والغاز"، وفق حديثه لموقع "الحرة".
ويشير إلى أن الولايات المتحدة ضغطت على إسرائيل لـ"إدخال المعونات إلى غزة، لمنع حالات الجوع، ورغم الرفض الإسرائيلي لذلك، لكن الحكومة الإسرائيلية وافقت في نهاية الأمر وسمحت بدخولها من الطرف الإسرائيلي (رغم المعارضة الداخلية الشديدة لذلك).
ويرى شتِيرن أن الاتهامات المتبدلة بين إسرائيل وحماس حول المسؤول عن حالات الجوع "خلاف سوف يستمر للأبد"، في ظل روايتين مختلفتين تماما حول "أسباب اندلاع الحرب وما أدي لنشوبها".
وبعض التقارير الحقوقية تتهم إسرائيل كـ"قوة مسؤولة يجب التوقع أن تعمل حسب القوانين والمواثيق الدولية"، بينما تتجاهل "حماس المنظمة الإرهابية" وتخفض التوقعات منها رغم كونها تدير قطاع غزة، حسبما يقول المحلل السياسي الإسرائيلي.
ويتحدث شتِيرن عن "انحياز بعض المنظمات الدولية المبدئي" لصالح حماس، في عدة مناسبات دولية.
بينما يقول العجرمي إن إسرائيل قررت "تجويع غزة" منذ بداية الحرب، وجميع المساعدات التي دخلت القطاع "لا تسد رمق السكان الذي يعانون من حالة جوع شديدة".
ويشير الوزير الفلسطيني السابق إلى أن "إسرائيل تعتقد أن تجويع المدنيين جزء من وسائل الضغط على حماس، لكن ذلك لا يمثل أي ضغوط على الحركة".
وأضاف: "إسرائيل تمنع دخول المساعدات والمواد الإنسانية وتستخدم "التجويع" كعقاب جماعي للسكان باعتبارهم يدعمون حماس".
ماذا يقول القانون الدولي؟تمنع "الأمم المتحدة" استخدام التجويع كسلاح في النزاعات، بعد قرار من مجلس الأمن صادر عام 2018، وتعتبر ذلك "جريمة حرب".
ويشير خبير القانون الدولي، أيمن سلامة، إلى أن " تجويع المدنيين أثناء النزاعات المسلحة يعد جريمة حرب وفق القانون الدولي الإنساني".
وتحضر القوانين الدولية "التجويع المتعمد للمدنيين سواء من خلال فرض الحصار أو تدمير المحاصيل أو منع وصول المساعدات الإنسانية"، وفق ما يوضحه سلامة لموقع "الحرة".
والمادة الثامنة من نظام المحكمة الجنائية الدولية تنص كذلك على أن "تجويع المدنيين عمدا بحرمانهم من المواد الضرورية التي لا غنى عنها لبقائهم بما في ذلك تعمد عرقلة الإمدادات الإغاثية الإنسانية" يعد جريمة حرب، حسبما يوضح سلامة لموقع "الحرة".
ويؤكد سلامة أن تجويع المدنيين " وليس المحاربين المقاتلين" يشكل انتهاكا للقوانين الإنسانية الدولية، التي تهدف لحماية "الغزل غير المنخرطين في النزاع المسلح".
وحسب سلامة، يتم "ارتكاب تجويع المدنيين" إثناء النزاعات المسلحة عن طريق عدة وسائل منها، "فرض حصار على إقليم أو قطاع أو محافظة أو مدنية، ومنع دخول الغذاء والمواد الضرورية، والمساعدات الإنسانية".
ويتم أيضا "تجويع المدنيين" عن طريق تدمير المحاصيل الزراعية والماشية الحيوانية، ما يفضي لحرمانهم من مصادر الغذاء والحياة.
هل يمكن وقف معاناة سكان غزة؟ويؤكد شتِيرن أنه يجب وقف معاناة سكان قطاع غزة في أسرع وقت ممكن، ويمكن أن يتم ذلك "على المدى القصير" بالوصول لصيغة لـ"وقف إطلاق النار والاتفاق على هدنة"، لتحسين الأوضاع الإنسانية في القطاع.
وبموجب الهدنة المؤقتة السابقة التي توسطت فيها قطر ومصر والولايات المتحدة، في أواخر نوفمبر، واستمرت أسبوعا أطلقت حماس على مدار نحو أسبوع، 105 مدنيين من بين حوالي 240 رهينة، مقابل وقف القتال وزيادة المساعدات الإنسانية لغزة، وإطلاق سراح سجناء فلسطينيين.
وأغلبية الرهائن الذين أُفرج عنهم، كانوا من النساء والأطفال الإسرائيليين، في مجموعات تتراوح بين 10 و12 فردا يوميا، قبل انهيار المفاوضات واستئناف الحرب في الأول من ديسمبر.
وبعد واقعة مقتل 3 رهائن إسرائيليين بنيران صديقة عن طريق الخطأ، تتعرض الحكومة الإسرائيلية لمزيد من الضغوط لضمان إطلاق سراح الأشخاص المتبقين الذين تحتجزهم حماس وحلفاؤها في غزة، وفق تقرير لموقع "أكسيوس".
وتضع الحادثة مزيدا من الضغوط على إسرائيل للتوصل إلى اتفاق مع حماس لإطلاق سراح أكثر من 130 رهينة ما زالوا محتجزين في غزة.
وتزيد الولايات المتحدة أيضا ضغوطها على إسرائيل لتقليص عملياتها القتالية الرئيسية في غزة والانتقال إلى مرحلة جديدة في الحرب، حسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز".
ومن جانبهم، يقول المسؤولون الإسرائيليون إنهم يتوقعون أن يكون الاتفاق على شروط صفقة جديدة محتملة هذه المرة "أكثر صعوبة" هذه المرة.
وتتركز العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة الآن على الضغط على زعيم حماس في غزة، يحيى السنوار، بينما تسعى حماس إلى وقف إطلاق النار، مما لا يترك "مجالا كبيرا للمفاوضات".
والأحد، كشف تقرير لوكالة "رويترز" إن "حماس تصر على اتخاذ قرار أحادي الجانب بشأن الرهائن الذين ستطلق سراحهم، وتريد انسحاب القوات الإسرائيلية إلى خطوط محددة مسبقا".
وحسب التقرير فإن إسرائيل "رفضت المصطلح الأخير، وطالبت بالاطلاع على قائمة الرهائن الذين ستختارهم حماس، قبل تحديد وقت ومدة وقف إطلاق النار".
وذكر تقرير "رويترز" أن "مصر وقطر طالبتا بتسريع شحنات المساعدات إلى غزة، وأن تقوم إسرائيل بإعادة فتح معبر كرم أبو سالم مع القطاع، كشرط لاستئناف المفاوضات".
ولذلك يؤكد شتِيرن أن إسرائيل تسعى لإبرام صفقة ووقف إطلاق النار، لكن حماس "تمتنع وتعتقد أن الوقت يخدمها" باستخدام مثل هذه التقارير لزيادة الضغط الدولي على الحكومة الإسرائيلية، حسبما يوضح المحلل السياسي الإسرائيلي.
ومن جانبه، يؤكد العجرمي ضرورة فتح جميع المعابر لإدخال كافة المساعدات الإنسانية بصورة مكثفة، وتوفير كافة المستلزمات والخدمات اللازمة من غذاء وماء وقوود وكهرباء، وإعادة المواطنين الفلسطينيين لأماكن سكنهم، وتوفير مناطق آمنة لهم".
ويشدد الوزير الفلسطيني السابق على أن "هذه مسؤولية المجتمع الدولي وعليه أن يجبر إسرائيل على إدخال كل ما يحتاجه المجتمع الغزي، من خلال المعابر والطرق".
واندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس بعد هجوم مباغت شنته الحركة على مواقع عسكرية ومناطق سكنية محاذية لقطاع غزة، أدى إلى مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، وتم اختطاف 239 شخصا، وفق السلطات الإسرائيلية.
وردت إسرائيل بقصف جوي وبحري وبري مكثف على القطاع المحاصر، أتبعته بعملية برية، وقتل في غزة منذ بدء الحرب 19667 شخصا على الأقل، نحو 70 في المئة منهم من النساء والأطفال، وأصيب أكثر من 52 ألف فلسطيني، بحسب ما أعلنته وزارة الصحة التابعة لحماس، الثلاثاء.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: المحلل السیاسی الإسرائیلی المساعدات الإنسانیة الحکومة الإسرائیلیة معبر کرم أبو سالم وقف إطلاق النار تجویع المدنیین الأمن الغذائی الأمم المتحدة بین إسرائیل فی قطاع غزة سکان غزة إلى غزة إلى أن فی غزة غزة من
إقرأ أيضاً:
العدو الصهيوني يواصل سياسة تجويع ممنهجة بحق الفلسطينيين في غزة
يمانيون ـ تقرير ـ مرزاح العسل
يتعرض الفلسطينيون في قطاع غزة منذ 15 شهراً لحرب إبادة صهيونية وسياسة تجويع ممنهجة، بسبب عرقلة العدو الصهيوني إدخال المساعدات الإنسانية، بحسب مؤسسات أممية ودولية عديدة.
ولم تقتصر حرب الإبادة الصهيوني على القصف بالطائرات الحربية والمدفعية والقذائف التي أودت بحياة عشرات الآلاف، بل هناك حرب من نوع آخر تحدثت عنها الأمم المتحدة واليونيسف وحذرتا منها، وهي حرب التجويع الممنهجة بحظر المواد الغذائية التي يحتاجها الإنسان بشكل أساسي.
فمنذ السابع من أكتوبر 2023م، حرمت حرب الإبادة المتواصلة التي يشنها العدو الصهيوني على قطاع غزة، المواطنين بشكل عام، وأهالي خانيونس، جنوبه، بشكل خاص، من عادتهم التجمع لتناول وجبة غداء دسمة عامرة باللحوم والحلويات يوم الجمعة، لأن الحصول عليها أصبح مستحيلا أو ضربا من الخيال.
ومنذ بداية الحرب والقطاع يتعرض لسياسة تجويع ممنهجة، إذ يتم منع المواد الغذائية الأساسية التي تساعد على بناء الجسم، خاصة للأطفال والشباب، والسماح بإدخال المواد المعلبة والمصنعة التي تحذر وزارة الصحة من كثرة تناولها لما تحويه من مواد حافظة تضر الصحة.
وعند النظر لما يُسمح بإدخاله للقطاع، فهو معلبات بأنواعها المختلفة، إضافة إلى كميات قليلة من المواد الغذائية الأساسية مثل الطحين والخضروات والفاكهة واللحوم، الأمر الذي يجعل أسعارها مرتفعة جدا نظرا لقلة المتوفر منها.
وفي هذا السياق يؤكد مكتب الإعلام الحكومي في قطاع غزة، أن القطاع وصل إلى مرحلة كارثية بسبب انتهاج العدو سياسة التجويع، وأن العدو يواصل إغلاق جميع المعابر، ويمنع إدخال المساعدات والمواد الغذائية إلى القطاع.
ودان المكتب الإعلامي جرائم العدو الصهيوني المركبة بحق الشعب الفلسطيني، ومنها سياسة التجويع الممنهجة، كما طالب الدول العربية والإسلامية باتخاذ موقف واضح تجاه ما يتعرض له الشعب الفلسطيني.
وقال المكتب: “ندق ناقوس الخطر لجميع دول العالم، ونطالبها بوضع حد لما يعيشه القطاع”.
ودعت السلطات في غزة مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، لإدارة أزمة الغذاء الخطيرة في القطاع، كما طالبت الدول العربية والإسلامية باتخاذ موقف واضح تجاه الأزمة.
واستفحلت المجاعة في جُل مناطق قطاع غزة لا سيما في الشمال إثر الإمعان في الإبادة والتجويع، تزامنا مع حلول فصل الشتاء للعام الثاني على التوالي على نحو مليوني نازح فلسطيني، معظمهم يعيشون في الخيام.
ويُشار إلى أن الحرب على غزة تسببت في تدمير المزارع كافة، التي كانت تنتشر في المناطق الزراعية التي يقع معظمها شرق وشمال القطاع، تلك المناطق التي سيطرت عليها قوات العدو الصهيوني وحولتها لمنطقة عازلة لا يوجد بها أي مظهر للحياة.
وبحسب تقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، فإن أزمة الغذاء في قطاع غزة لا تزال الأكثر حدة في تاريخ التقرير العالمي عن الأزمات الغذائية، مع وجود ما يقرب من 2.2 مليون شخص من السكان ما زالوا في حاجة ماسة إلى الغذاء والمساعدة.
ويحظر القانون الدولي الإنساني تجويع السكان المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب.. كما تمنع “الأمم المتحدة” استخدام التجويع كسلاح في النزاعات، بعد قرار من مجلس الأمن صادر عام 2018، وتعتبر ذلك “جريمة حرب”.
فيما تنص المادة الثامنة من نظام المحكمة الجنائية الدولية على أن “تجويع المدنيين عمدًا بحرمانهم من المواد الضرورية التي لا غنى عنها لبقائهم، بما في ذلك تعمد عرقلة الإمدادات الإغاثية الإنسانية” يعد جريمة حرب.
ويعتبر ذلك نوعاً آخر من أنواع العقاب الجماعي، وهو مرفوض وفقا للقانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف خاصة المواد “33” و”55″ و”59″، وتُوجب المادة 27 على قوات الاحتلال بألا تجعل من المواد الغذائية والمياه والمواد الطبية بأي حال من الأحوال نوعا من العقاب الجماعي ضد المدنيين بالمناطق المحتلة.
ويقول مدير شبكة المنظمات الأهلية في غزة أمجد الشوا: إن العدو الصهيوني يستخدم التجويع كسلاح منذ بداية عدوانه على غزة، وكان أول قرار اتخذه هو وقف إمدادات الغذاء والدواء والماء، وما دخل كان استثناءات بسيطة بعد ممارسة ضغط دولي.
ويضيف الشوا خلال مداخلة لقناة القاهرة الإخبارية: إن التجويع أحد الأسلحة التي مورست ضد الشعب الفلسطيني، وما دخل من الطحين خلال الفترة الأخيرة هو ثلث الاحتياجات فقط، والتي تتزايد.. لافتًا إلى أن هناك شواهد على الأرض أن هناك حالات سوء تغذية شديدة بين الأطفال، وما يدخل القطاع لا يلبي سبعة في المائة من الاحتياجات الإنسانية للسكان.
ويُردف بالقول: إنه في ظل البرد القارس في خيام غزة، لا توجد مساعدات كافية وهذا واقع إنساني خطير يعيشه السكان.. مشدداً على أن العدو الصهيوني مُستمر في سياسة التجويع.
وأظهر مقطع فيديو تم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي ردة فعل طفل في قطاع غزة لحظة تذوقه الموز لأول مرة في حياته، ظنها قطعة من الدجاج.
ويأتي تداول هذا الفيديو، في وقت لا تكف منظمات أممية وإغاثية عن التنبيه إلى المستوى المثير للقلق من الانعدام الحاد للأمن الغذائي في قطاع غزة.. فالعدو الصهيوني فرض ولا يزال قيودًا صارمة على إيصال المساعدات للفلسطينيين في غزة ضمن سياسة التجويع الممنهجة واضحة المعالم.
ولاقى مقطع الفيديو تفاعلًا كبيرًا على منصات التواصل الاجتماعي، إذا علق مدونون بالقول: “إسرائيل كيان شر واستبداد”.
وفي الوقت الذي تتفشى فيه المجاعة وغلاء أسعار السلع الغذائية في قطاع غزة، يقف الغزيون في الطوابير لا لتناول الدجاج المفقود ولا الخضار والفواكه، بل للحصول على رغيف من الخبز أو أي نوع من الطعام يسد رمق الحياة، وفي بعض الأحيان تنفد كميات الوجبات الغذائية المتوفرة، لتنتهي محاولات البعض بالحصول على طعام بالفشل بعد طول انتظار.
وألقى النقص الغذائي وسياسة التجويع الممنهجة بتأثيره على الرضع أيضًا، إذ حذرت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” من نقص إمدادات حليب الأطفال في غزة وقرب نفادها مما يعرض حياة آلاف الرضع للخطر.. فستة صناديق فقط هو ما تبقى من حليب الأطفال في القطاع، وفقًا للوكالة، في وقت يفترض أن يعتمد عليها ما يقرب من 8500 رضيع في القطاع للحصول على الحليب.
وعلى إثر ذلك، تفاعلت منصات التواصل الاجتماعي مع سياسة التجويع الصهيونية في قطاع غزة، إذا قال مدونون: “يوم بعد آخر موت تلو موت، جوع وجوع، لا مأوى لا أمان.. هكذا هي أيام أهل غزة منذ أكثر من عام”.. متسائلين: “نستيقظ كل صباح ونحن نحمل معنا أسئلة حول ما سيأتي به اليوم، مثل هل سنجد طعاما نأكله؟ وإذا وجدناه فما هو الصراع أو المعركة التي سنواجهها للحصول عليه؟ هل سنكون جميعًا بأمان اليوم دون أن يتأذى أحد؟.
وبدعم أمريكي لامحدود يرتكب العدو الصهيوني منذ السابع من أكتوبر 2023 إبادة جماعية في غزة، خلفت أكثر من 149 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.
المصدر : وكالة سبأ