شهدت الدورة الثامنة والعشرون من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «كوب 28»، في 13 ديسمبر، التوصّل إلى «اتفاق الإمارات» وهو اتفاق على إجراءات حاسمة وفعّالة للاستجابة لنتائج الحصيلة العالمية لتقييم التقدم في تنفيذ أهداف اتفاق باريس، يؤكد ضمن بنوده الدور الحاسم للطبيعة والنظم البيئية في الاستراتيجية العالمية لمواجهة تغير المناخ.

وتمثّل الإجراءات المتعلقة بالطبيعة والتنوع البيولوجي المتضمنة في هذا الاتفاق التاريخي، والتي نادت بها وأيدتها رزان خليفة المبارك، رائدة الأمم المتحدة لتغيُر المناخ ل«كوب 28»، نقطة تحول مهمة في تبني قضايا التنوع البيولوجي والمساحات الطبيعية ووضعها في صميم مناقشات العمل المناخي.

ويعد الاتفاق محطة حاسمة ومهمة في التوصّل إلى توافق عالمي بشأن الدور الحيوي للطبيعة في العمل المناخي، وتسخير قدرات النُظم البيئية، مثل الغابات والمحيطات والجبال والغلاف الجليدي، في التخفيف من تداعيات تغير المناخ وتعزيز القدرة على التكيف معها، ويتوافق هذا النهج مع مفهوم «العيش في وئام مع الطبيعة»، وهو مبدأ مترسخ في ممارسات ومعتقدات الشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية في جميع أنحاء العالم.

وفي هذا السياق، أكدت رزان المبارك أن «كوب 28» كان له دور فعّال في وضع الطبيعة في صميم العمل المناخي، من خلال إدراجها في قرار الاستجابة للحصيلة العالمية، ما يعكس التوافق العالمي على كونها أحد الحلول المهمة لأزمة تغير المناخ، ونجح «كوب 28» أيضاً في تعزيز مبدأ تبني الحلول القائمة على الطبيعة والعمل بها وتنفيذها، فمن خلال حماية أنظمتنا البيئية الطبيعية والحفاظ عليها واستعادتها، نخطو خطوة مهمة وحاسمة نحو تحقيق مستقبل مستدام ومرن مناخياً.

وقالت جريثيل أغيلار المدير العام للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة: يرحب الاتحاد بتسليط الضوء والاعتراف بدور الطبيعة في مواجهة تغير المناخ، ونؤمن أنه من الضروري الاستثمار في النُظم البيئية والحلول القائمة على الطبيعة إلى جانب تحقيق انتقال منظم ومسؤول وعادل ومنطقي في قطاع الطاقة، للحفاظ على إمكانية تحقيق هدف تجاوز الارتفاع في درجة حرارة كوكب الأرض 1.5 درجة مئوية، كما تساعد النظم البيئية والطبيعة في تحقيق الهدف العالمي للتكيف مع تغير المناخ، وهدف التخفيف من تداعياته، عندما نتخذ إجراءات طموحة نحو خفض الانبعاثات على المستويين الاقتصادي والمجتمعي.

وأشار قرار الاستجابة إلى الحصيلة العالمية أيضاً إلى إطار كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي، الذي يشدد على أهمية الحفاظ على التنوع البيولوجي وضمان توفير التدابير الوقائية الاجتماعية والبيئية، ويُبرز هذا القرار الحاجة إلى تعزيز الدعم والاستثمار في وقف أعمال إزالة الغابات ووضع حد لتدهورها بحلول عام 2030، بما يتماشى مع اتفاق باريس وأهداف إطار كونمينغ-مونتريال.

من جانبه، أكد مانويل بولجار فيدال، رئيس مؤتمر «كوب 28» والمناصر لخطة العمل من أجل الطبيعة ضمن اتفاقية التنوع البيولوجي، أن تبني قرار الاستجابة لنتائج الحصيلة العالمية وإدماجه لإطار كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي يشكّل خطوة حاسمة في الاعتراف بالعلاقة القوية بين التنوع البيولوجي وتغير المناخ، وقال: بصفتي الرئيس السابق لمؤتمر الأطراف ومناصراً لخطة العمل من أجل الطبيعة، فإنني أرى أن هذه الخطوة بمثابة توافق محوري في جهودنا العالمية لمعالجة الأزمتين المتمثلتين في تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي، مما يدعو إلى تبني أجندة عمل تحتوي الجميع وتشمل كافة عناصر المجتمع وتحترم الطبيعة وتسخر قوتها في استراتيجياتنا للعمل المناخي.

ويؤكد قرار الاستجابة للحصيلة العالمية الحاجة الملحة إلى معالجة أزمتي تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي بشكل متزامن، بما يساهم في مواءمة هذه الجهود مع أهداف التنمية المستدامة. كما يسلط القرار الضوء على الأهمية الشديدة للطبيعة والنظم البيئية في العمل المناخي الفعال والمستدام.

ويتوافق قرار الاستجابة للحصيلة العالمية بشكل كبير مع البيان المشترك لمؤتمر الأطراف «كوب 28» بشأن الطبيعة والمناخ والإنسان، وهو إعلان مشترك تاريخي صادر عن دولة الإمارات، بصفتها الدولة المستضيفة للمؤتمر، بالتعاون مع جمهورية الصين الشعبية، بصفتها رئيس مؤتمر الأمم المتحدة للأطراف في اتفاقية التنوُّع البيولوجي «كوب 15». ويركز هذا البيان المشترك، الذي صدّقت عليه 18 دولة، على الحاجة الملحة لمعالجة التحديات المتداخلة المتمثلة في تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، وتدهور الأراضي، ويسلّط الضوء على المخاطر الكبيرة التي تشكّلها هذه القضايا على النظم البيئية وسُبل العيش في مختلف أنحاء العالم، ما يؤكد من جديد أهمية الالتزام بنهج متكامل في كافة الأطر الدولية الرئيسية.

ويؤكد البيان من خلال تركيزه على الاستخدام المستدام للأراضي والمحيطات أهمية هذه العوامل الحاسمة في بناء القدرة على التكيف مع تغير المناخ وتعزيز التنمية المستدامة، وتجسد هذه الشراكة جبهة موحدة تعزز الإصرار والعزم العالمي على تعزيز العمل المناخي من خلال بناء شراكات وتحالفات قوية.

ويؤكد القرار أهمية الحفاظ على الطبيعة والنظم البيئية وحمايتها واستعادة كفاءتها، من خلال الجهود المبذولة لوقف أعمال إزالة الغابات ووضع حد لتدهور الأراضي بحلول عام 2030. كما يؤكد القرار الدور المهم للنظم البيئية البرية والبحرية التي تعد مخازن طبيعية للكربون وضرورة الحفاظ على التنوع البيولوجي.

بالإضافة إلى ذلك، يدعو القرار الأطراف إلى الحفاظ على المحيطات والنظم البيئية الساحلية واستعادتها وتوسيع نطاق إجراءات التخفيف القائمة على المحيطات إن أمكن، وهو ما يعكس الوعي المتزايد بدور المحيطات في العمل المناخي والحاجة إلى حماية التنوع البيولوجي البحري.

ويمثل هذا القرار، الذي دعمته رزان المبارك ومؤسسات مثل الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة وقادة مثل مانويل بولجار فيدال، خطوة مهمة في إدماج الحلول القائمة على الطبيعة في العمل المناخي العالمي، مما يعكس الفهم المتزايد للترابط بين الصحة البيئية واستقرار المناخ.

وفي هذا السياق، أعلنت رزان المبارك في بداية القمة العالمية للعمل المناخي خلال «كوب 28» في 2 ديسمبر عن مخصص مالي بقيمة 2.5 مليار دولار لتمويل أنشطة الحفاظ على الطبيعة، ما يؤكد التزام المجتمع العالمي بدمج أنشطة الحفاظ على الطبيعة مع استراتيجيات العمل المناخي، مع الاهتمام بالحفاظ على الغابات وأشجار القرم والأراضي والنظم البيئية للمحيطات واستعادتها.

وفي هذا الإطار، تعهدت دولة الإمارات بتقديم تمويل جديد بقيمة 100 مليون دولار لمشروعات حماية الطبيعة ومواجهة تداعيات تغير المناخ، منها استثمار أوّلي بقيمة 30 مليون دولار في «خطة تعزيز المرونة المناخية في غانا» الصادرة عن الحكومة الغانية، ما يبرز التزام دولة الإمارات بدعم الحلول القائمة على الطبيعة من أجل التكيف مع المناخ والحفاظ على التنوع البيولوجي.

(وام)

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات كوب 28 الأمم المتحدة الحلول القائمة على الطبیعة التنوع البیولوجی فی العمل المناخی والنظم البیئیة قرار الاستجابة رزان المبارک تغیر المناخ الطبیعة فی الحفاظ على من خلال فی هذا

إقرأ أيضاً:

جناح الأديان بـ”COP29″ يناقش دور المرأة في العمل المناخي

نظم جناح الأديان في “COP29″، عددًا من الجلسات الحواريَّة التي تناولت قضايا جوهرية شملت دور المرأة في العمل المناخي العالمي والعلاقة الوثيقة بين القيم الدينية والعمل المناخي.

وأوضحت مورين غودمان، مديرة منظمة براهما كوماريس في المملكة المتحدة، في كلمتها خلال الجلسة الافتتاحية اليومية للجناح، أنَّ العالم يقف عند نقطة حاسمة في مفاوضات تغير المناخ، وأن دور المجتمعات الدينية أصبح ضروريًّا ومؤثرًا ويجب الاستماع إليه بشكلٍ أكبر، مؤكدة ضرورة توحيد جهود مؤتمرات المناخ المختلفة لمعالجة الأزمة البيئية بما في ذلك تقديم استجابة فعالة للمجتمعات الأكثر عرضة لتداعيات تغير المناخ.

وجاءت الجلسة الأول تحت عنوان: “حماية النظام المناخي المشترك.. حوكمة الأرض من أجل مستقبل مستدام” لتتناول قضايا جوهريَّة تتعلق بالأزمة المناخية وكيفية معالجتها من خلال تحسين الحوكمة العالمية.

وركزت الجلسة الثانية التي جاءت بعنوان: “التحول العادل نحو منظومة غذائية مستدامة في المجتمعات”، على تأثيرات تغير المناخ على المزارعين الصغار، والخسائر الكبيرة التي يواجهونها بسبب الأزمة المناخية، كما تطرَّق المشاركون فيها إلى الدور الحيوي الذي تؤديه النساء لتحقيق الأمن الغذائي، خاصَّة في المناطق الريفيَّة، وأهمية تمكينهن عبر توفير الموارد والإمكانات اللازمة.

ودعا المشاركون في الجلسة الثالثة بعنوان: “صندوق التكيف القائم على النظام البيئي العالمي.. منح صغيرة محفزة» إلى تعزيز التكيف مع التغيرات المناخية، موضحين أهمية الدور الذي يؤديه صندوق التكيف القائم على النظام البيئي كآلية تمويلية تركز على المشاريع المبتكرة والشاملة التي تسعى لخلق بيئة مواتية لتطبيق الحلول المناخية.

وناقشت الجلسة الرابعة تحت عنوان “تجسيد العمل المناخي من منظور ديني”، العلاقة الوثيقة بين الأديان والعمل المناخي، وكيف يمكن أن تسهم المبادئ والقيم الدينية في معالجة الأزمة المناخية، في حين عقدت الجلسة الحوارية الخامسة تحت عنوان “الإيمان في العمل: التعاون متعدد الأديان، ومتعدد القطاعات، وعبر الأجيال من أجل بناء مستقبل أفضل”، وتناولت أهمية التعاون بين الأديان والأجيال لتحقيق مستقبل مستدام في مواجهة تغير المناخ.

واستعرضت الجلسة السادسة تجربة القرية البيئيَّة التابعة لمشروع المساعدة الإسلامية في تنزانيا، التي أُنشئت على مساحة 38 فدانًا لتوفير الرعاية الشاملة للأطفال الأيتام في بيئة عائلية تتيح لهم تعلم المهارات الحياتية الضرورية.وام


مقالات مشابهة

  • سالم القاسمي: الثقافة أداة للتصدي للتغير المناخي
  • جناح الإمارات في COP29 يبحث تمكين المرأة بالعمل المناخي ودمج الثقافة في سياساته
  • خالد القاسمي: حان الوقت للاعتراف بدور الثقافة أساساً للتصدّي للتغير المناخي
  • مجموعة أصدقاء العمل المناخي الثقافي تعقد حوارها الثاني
  • COP29.. مجموعة أصدقاء العمل المناخي الثقافي تعقد حوارها الثاني
  • جناح الأديان بـ «COP29» يناقش دور المرأة في العمل المناخي
  • «COP29».. رزان المبارك تؤكد أهمية العمل الجماعي لتحقيق الأهداف العالمية
  • جناح الأديان بـ«COP29» يناقش دور المرأة في العمل المناخي
  • جناح الأديان بـCOP29 يناقش دور المرأة في العمل المناخي
  • جناح الأديان بـ”COP29″ يناقش دور المرأة في العمل المناخي