لجريدة عمان:
2025-04-28@21:23:04 GMT

نساء غزة في فوهة البركان

تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT

تغير مجري حياة السيدة ليلى منذ الساعات الأولي للحرب علي غزة، تحول دورها من مديرة مدرسة تذهب للدوام الصباحي الساعه السادسه والربع صباحًا، تستقبل معلماتها بإبتسامة لطيفه وهى خلف مكتبها تراقب دخول الطالبات للمدرسة وكأنهن خلية نحل، تتناول فنجان قهوتها مع حبات من التمر على عجل، تقرع الجرس تم تنتقل بإتجاه منصه الإذاعة المدرسية تستمتع بفخر للطالبات وهن يرفعن العلم الفلسطيني عاليًا يرددن السلام الوطني الفلسطيني بشموخ وعز وفخر.

يأتى دورها المعتاد في نهاية جدول الإذاعة المدرسية لتلقي التحية على المعلمات والطالبات تم تُعطي بعض العبر و الرسائل الوطنية والتربوية التى تعزز قيمة حب الوطن واهمية دور العلم في تشكيل شخصية المرأة الفلسطينية التى امتدت ادوارها منذ الثورة الكبري في عام 1936 م حتي يومنا هذا، لتعود وتترك بعض النصائح من أجل الاجتهاد والمثابرة في طلب العلم الذي يُعد سلاح للشعب الفلسطيني المحتل منذ عام 1948 م.

تراقب دخول الطالبات للفصول الدراسيه بإنتظام لتعود بعدها لإنجاز مهامها الإدارية داخل مكتبها الذي تستقبل فيه الوفود المختلفه من إدارة مديرية التربيه والتعليم مرورًا بأولياء الأمور انتهاءً بأعضاء من المجتمع المحلي كل هذا من أجل الحصول على أفضل النتائج الإدارية فكان هذا.

ينتهى الدوام ليبدأ يومًا جديدًا يلية اسبوعًا وشهرًا حتى ينتهى العام الدراسي بانجازات يفخر بها الجميع.

اليوم اختلفت الحياة كثيرًا مع دخول الحرب لقرابة السبعين يومًا، أصبحت الفصول الدراسيه اماكن للنازحين قسرًا من بيوتهم حتي باتت دون مساحة فارغه تحولت من استيعاب ثلاثمائة طالب بالحد الأعلي الى استيعاب اكثر من 7000 نازح ينتشرون في كل مكان في الفصول والممرات والساحات من الأطفال والنساء والشيوخ والرجال، تشتعل فيها النيران في كل زاوية لتُستخدم لإعداد الطعام وتجهيز الخبز بسبب اغلاق جميع المخابز في غزة بسبب قصفها وتدميرها المتعمد من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، ومن بقي منها دون تدمير لا يعمل بسبب نفاذ الوقود وغاز الطهى.

رأيت السيدة ليلي في ذات المدرسة لكنها اليوم نازحه وليست مديرة، تُصارع من اجل البقاء تعد الطعام لابناءها تفشل كثيرًا في إشعال النار بسبب عدم توافر الحطب لكنها تنجح بعد عدة محاولات وما ان تنتهي حتي تبدأ مهمه اخري تتمثل في اعداد الخبز الذي يحتاج إلى خطوات ومراحل مختلفه تبدأ بالعجن الذي يستمر لدقائق معدودة بعد اضافة الماء والملح وبعض الخميرة اللازمة، تقوم بتقسيم العجين الى قطع دائرية متساوية الشكل لتنتهى هذه المرحلة بفرد العجين وتركة لمدة لا تقل عن نصف ساعة ليرتاح ويصبح جاهزًا للخبز في فرن بدائي الصنع مصنوع من الحديد ومكون من طبقتين سفلية وعلوية، يتم اشعال الحطب في الجزء السفلى ويوضع العجين في الجزء العلوي مع تحريكه بشكل متواصل حتى ينضج ويتحول لونه من الابيض الي الذهبي الجاهز للأكل.

تكمن صعوبة الأمر في الحصول على الحطب الذي لا يتوافر بسهولة خصوصًا ان قطاع غزة الذي تبلغ مساحته 360 كم مربع تشكل المباني الجزء الأكبر من مساحته الجغرافية اما المساحة الخضراء فهى تمثل جزء بسيط منه.

أمام فيما يتعلق بتوفير الدقيق فهو أمر يعتبر في غاية الصعوبه بسبب نفاذه من القطاع نتيجة إستمرار اغلاق المعابر التجارية منذ اليوم الاول للحرب وقيام جيش الاحتلال الإسرائيلي بقصف وتدمير المصانع الخاصه بطحن وتعبئة الدقيق حتى أصبح كيس الدقيق ذو 25 كيلو يُباع بسعر لا يقل عن 100 دولار وأكثر في ظل قلة عدد شاحنات المساعدات الإنسانية التى تبرعت بها بعض الدول العربية للقطاع المنكوب الذي يعاني من إبادة جماعيه منذ اكثر من 73 يومًا مع انعدام الرقابة بسبب عدم قدرة حكومة غزة متابعة الحياة اليومية للمواطنين.

وقد قدرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأونروا عدد النازحين الى مراكز الإيواء لنحو 1.9 مليون شخص ما يمثل أكثر من 80 % من السكان في أنحاء غزة منذ 7 أكتوبر.

لا شك أن الحرب تؤثر على النساء والرجال بشكل مختلف، ولكن النساء والأطفال يعانون بشكل غير متناسب أثناء الحرب وبعدها، فغالبًا ما يكون النساء والأطفال أكثر الفئات ضعفًا وأكثر عرضة للإصابة بالامراض المنتشرة بسبب الازدحام وانعدام النظافة وغياب مقومات الحياه الأساسية حتى ان هناك بيانات صدرت عن وزارة الصحة الفلسطينية تفيذ بأن أكثر من 320 الف شخص مصابون بأمراض تنفسية وجلدية ومعوية، إضافة إلى ملاحظة انتشار امراض الوباء الكبدي، اما فيما يتعلق بمؤشرات الحرب فقد قدرت وزارة الصحة الفلسطينية بأن عدد الشهداء من النساء والاطفال قُدر بأكثر من 60 % من إجمالي عدد الشهداء الذين قُدروا بأكثر من 21000 شهيد.

تواجه النساء في اماكن النزوح مهمات شاقة تتمثل في الحفاظ على تماسك العائلات بعد النزوح، وتوفير الطعام والملبس والمأوى والاكل الصحي في البنية التحتية المدمرة لأطفالهن وعائلاتهن، وهو ما يحدث بشكل كامل قطاع غزة منذ بداية الحرب، وهذا ليس بجديد على المرأة الفلسطينية حيث ما زالت معاناتها مستمره من ويلات الحروب التى عصفت بالقضية الفلسطينية ابتدءً من النكبة عام 1948 إلى الآن، سواء كانت معاناة مباشرة تجاه المرأة أو غير مباشرة من خلال الآثار السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي خلّفها الاحتلال وأدت إلى تدهور الوضع الإنساني والاجتماعي والاقتصادي والأمني والصحي والتعليمي داخل الأراضي الفلسطينية، مما ساهم بشكل كبير في سوء أوضاع النساء الفلسطينيات من حيث السلامة والأمن والحصول على أبسط حقوقهن من الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة، إلى جانب الأعباء المضافة التي تتحملها النساء عند استشهاد أو اعتقال أحد أفراد الأسرة، وتتحول في معظم الحالات إلى المعيلة الوحيدة للأسرة وهذا الامر يشكل عبء إضافي كبير عليها.

لذا يجب على كافة المنظمات والمؤسسات الحقوقية والنسوية مراعاة و والمطالبة بتطبيق اتفاقية جنيف الخاصة بالمدنيين في أوقات الصراعات المسلحة، وحيث أنّ الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية قضى بانطباق مفهوم النزاع المسلح على الأرض الفلسطينية، وبالتالي يعتبر النقل القسري الذي تمارسه سلطات الاحتلال الإسرائيلي مخالفة لاتفاقيات جنيف.

لا أساس قانوني لقيام سلطات الاحتلال الإسرائيلي بخنق ما يزيد عن مليوني و300 الف فلسطيني في قطاع غزة داخل سجن كبير، ومنع المياه والكهرباء والإمدادات الطبية والغذائية والإنسانية عنه كعقاب جماعي له، وكجريمة إنسانية تخالف كل المواثيق والاتفاقيات الدولية لاسيما قواعد القانون الدولي الإنساني واتفاقيات حقوق الانسان، وعليه أن ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي يشكل انتهاكات جسيمة لاتفاقية جنيف الرابعة واتفاقيات لاهاي وميثاق روما المؤسس لمحكمة الجنايات الدولية ويعد جرائم حرب وجرائم إبادة وضد الانسانية كاملة الاركان.

ان التصعيد الخطير الذي يحدث في قطاع غزة سببه الرئيس غياب الحقوق وتجاهلها، ويجب على المجتمع الدولي والمنظمات الدولية وخاصة مجلس الأمن الدولي أن لا يقف متفرجا على ما تقوم به دولة الاحتلال من إبادة جماعيه ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزه وعدم السماح لقادة الاحتلال الإفلات من العقاب، وعليهم البحث عن حل جذري يضمن إنهاء الاحتلال وتواجده العسكري على ارض دولة فلسطين وإحقاق حقوق الشعب الفلسطيني هو الطريق الوحيد للحفاظ على الاستقرار والأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

د. حكمت المصري كاتبة فلسطينية من غزة

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائیلی قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

حماس: الاحتلال يُحاول يائسا كسر المقاومة الفلسطينية

الجديد برس| شددت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” على أن الحرب الشاملة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس المحتلة، “محاولة يائسة” لتقويض مقاومة الشعب الفلسطيني وكسر إرادة حاضنتها الشعبية. واعتبر القيادي في “حماس”، عبد الرحمن شديد، في بيان صحفي له اليوم الإثنين، أن هدم المنازل في الضفة الغربية، وخاصة في جنين وطولكرم، “جزء من سياسة الاحتلال الرامية لتهجير الفلسطينيين وتهديد استقرارهم وتعجيل مخطط الضم والتهجير”. وأكد “شديد” أن الاحتلال “لن يفلح في تهجير شعبنا الفلسطيني، أو القضاء على إرادته”، وأن جرائم الاحتلال لن تثني الفلسطينيين عن مواصلة مقاومتهم حتّى تحرير الأرض كافة من الغزاة. ودعا القيادي في حركة “حماس”، الشعب الفلسطيني ومقاومته لتصعيد المواجهة والمقاومة والانتفاض في وجه الاحتلال ومستوطنيه في كافة الميادين بالضفة الغربية.

مقالات مشابهة

  • ماذا تعرف عن صاروخ بار الذي استخدمه الاحتلال لأول مرة بغزة؟
  • الشاب الذي اغتالته إسرائيل.. لكنه فضحهم إلى الأبد
  • 65 % من شهداء العدوان الصهيوني على قطاع غزة من النساء والأطفال
  • مندوب مصر أمام العدل الدولية: ضحايا العدوان على غزة من النساء والأطفال
  • حماس: الاحتلال يُحاول يائسا كسر المقاومة الفلسطينية
  • نساء حرب فيتنام في السينما.. حضور خجول في هوليود وأدوار رئيسية بالرواية المحلية
  • معلومات... هذا الهدف الذي سيقصفه العدوّ الإسرائيليّ في الضاحية
  • تفاصيل كمين حي الشجاعية برواية الجيش الإسرائيلي.. ما الذي حصل؟
  • ‏"معاريف" الإسرائيلية نقلًا عن مسؤولين عسكريين: لا علاقة للجيش الإسرائيلي بالانفجار الذي وقع في إيران
  • وكالات دولية: أكثر من مليون إنسان معظمهم نساء وأطفال يعاقبون جماعيا في غزة