استجلاب العمالة الأجنبية بين منخفضة الأجر ومرتفعة الأجر في الدول النفطية
تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT
مسقط-أثير
إعداد: د. حسين أحمد الكامل، أستاذ الاقتصاد المساعد بكلية الحقوق، جامعة السلطان قابوس
تسعى الدول النفطية إلى استجلاب القوة العاملة الأجنبية مستندةً في ذلك إلى النقص في القوة العاملة الوطنية وإلى توفر قوة شرائية عالية قادرة على تمويل مدفوعات العمالة الأجنبية بصورة مستمرة. وعادة ما تستحوذ فكرة استجلاب العمالة ذات الأجر المنخفض، وما ينتج عنها من انخفاض تكاليف إنتاج السلع والخدمات، الاهتمام الأكبر عند النظر في موضوع استجلاب العمالة الأجنبية، ويتضمن استجلاب العمالة الرخيصة مكاسب للدولة المستضيفة حيث تقل تكاليف الإنتاج وتزداد الرفاهية للمواطنين.
إن مقدار الفن الإنتاجي الذي تتبعه العمالة في دولة ما يتأثر بمقدار رأسمال المتوفر؛ ففي الدول وفيرة رأس المال تكون العمالة مهيئة للاستخدام الكثيف لرأس المال والتكنولوجيا وذات أجر مرتفع وعلى العكس من ذلك كلما كان رأس المال شحيحا في الدولة كانت العمالة تتبع أنماط عمل أقل توظيفاًلرأس المال وتكون عمالة ذات أجر منخفض؛ لذلك، عندما تستجلب الدول النفطية العمالة الأجنبية ذات الأجر المنخفض عادة ما تكون هذه العمالة غير متجانسة مع مخرجاتها التعليمية مما يؤدي إلى انقسام سوق العمل إلى قسمين؛ قسم تديره عمالة أجنبية ذات أجر منخفض بنمط إنتاجي كثيف العمل وقسم آخر تديره العمالة الوطنية كثيفة رأس المال وذات أجر مرتفع.
فعلى سبيل المثال، قطاع الإنشاءات عادة ما تستحوذ عليه العمالة الأجنبية ذات الاستعمال الكثيف لعنصر العمل والضئيل بالنسبة لعنصر التقنية ورأس المال المادي والذي عادة ما يرجع لسبب التكوين المهني لهذه العمالة في دولتهم الأم ذات الندرة في رأس المال. إن هذه العمالة كونت معارفها ومهاراتها على نمط الاستخدام المنخفض لرأس المال وعوضته بنمط الاستخدام الكثيف للجهد البشري، إلا أن هذا النمط يخالف مخرجات التعليم في الدول النفطية والتي عادة ما تكون مخرجاتها ذات نمط كثيف في استخدام رأس المال المادي؛ لذا كلما زاد استجلاب العمالة ذات الأجر المنخفض وذات الفن الإنتاجي الرأسمالي المنخفض زادت تجزئة سوق العمل، وانفصلت هذه العمالة بأسواقها بعيدا عن منافسة مخرجات التعليم الوطنية.
لذا؛ سيكون الخيار الأغلب للعمالة الوطنية الابتعاد عن القطاعات التي تستحوذ عليها العمالة الأجنبية ذات الأجر المنخفض، وذلك من شأنه أن يقود إلى تبعات سلبية تنعكس على اقتصاد الدولة المستضيفة في المدى الطويل ولعل من أهمها أن تكوِّن هذه العمالة سوق عمل منفصل عن سوق العمالة الوطنية لكونها تختلف عنها في جوهر التكوين فتمثل العمالة الأجنبية سوق عمل منخفض الأجر وقليل المهارة وقليل التوظيف لرأسمال مقابل مخرجات تعليمية وطنية تبحث عن أجر مرتفع كنتيجة لكثافة المعرفة والتعلم الذي اكتسبته، ويؤدي هذا الاختلاف الجوهري لتجزئة سوق العمل إلى جزء خاص بالعمالة الأجنبية وآخر خاص بالعمالة الوطنية.
قد يكون الحل في اتجاه استجلاب العمالة الأجنبية من دول ذات تكوين معرفي مشابه للمخرجات التعليمية في الدولة المستضيفة مما يمكن القوة العاملة الوطنية من العمل والاحتكاك والمنافسة مع العمالة الأجنبية، إلا أن هذه الأخيرة عادة ما تكون ذات أجر مرتفع. ويبقى الأمر بالنسبة للدول المستضيفة يتجاذب ما بين رغبة في الحصول على العمالة الأجنبية ذات الأجر المنخفض وتحمل للأضرار المصاحبة والتي عادة ما تكون ذات سمة متأصلة في الاقتصاد أو البحث عن عمالة أجنبية ذات مستوى معرفي متناسب ومخرجات التعليم الوطنية مع القبول بأجرها المرتفع الذي من شأنه أن يمكن مخرجات التعليم الوطنية من التعاون والتعلم والتنافس مع العمالة الأجنبية ذات الأجر المرتفع.
المصدر: صحيفة أثير
كلمات دلالية: مخرجات التعلیم الدول النفطیة هذه العمالة رأس المال فی الدول
إقرأ أيضاً:
مشروع قانون العمل الجديد.. الاختصاصات والمستفيدون من صندوق إعانات الطوارئ
حدد مشروع قانون العمل الجديد، اختصاصات صندوق إعانات الطوارئ والخدمات الاجتماعية حيث نصت المادة 79 من القانون على أن تكون له الشخصية الاعتبارية العامة، ويتبع الوزير المختص، ويكون مقره الرئيسي محافظة القاهرة، وله أن ينشئ فروعًا في المحافظات.
ونصت على أن يصدر رئيس مجلس الوزراء قرارًا بتشكيل مجلس إدارة الصندوق، برئاسة الوزير المختص، وعضوية ممثلي المنظمات النقابية العمالية المعنية ومنظمات أصحاب الأعمال المعنية بالتساوي فيما بينهما، وممثلي الوزارات والجهات المعنية، ويحدد القرار اختصاصات المجلس، والنظام الأساسي للصندوق، والمعاملة المالية الرئيس وأعضاء مجلس الإدارة، على أن تكون من موارده الذاتية، والنظام المحاسبي الواجب اتباعه.
ويختص الصندوق بصرف إعانات الطوارئ للعمالة غير المنتظمة في حالات الأزمات الاقتصادية العامة أو الكوارث أو الأوبئة أو حالات التوقف المؤقت عن العمل، تقديم الخدمات الاجتماعية والصحية لفئات العمالة غير المنتظمة، ودعم النفقات العلاجية والخدمات الطبية، والمساهمة في سداد اشتراكات التأمين الاجتماعي للعمالة غير المنتظمة بالاتفاق مع وزير المالية ووزير التضامن الاجتماعي، والهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، وفي حدود موارد الصندوق، دعم وتطوير وتعزيز عمليات التشغيل اللازمة للعمالة غير المنتظمة.
كما يختص الصندوق، بتدريب العمالة غير المنتظمة المخاطبين بأحكام هذا القانون وتنمية مهاراتهم الفنية والمهنية في مجالات العمل المختلفة بالتنسيق مع الوزارة المختصة، والمساهمة في توفير أدوات العمل اللازمة لبعض فئات العمالة غير المنتظمة للقيام بأعمالهم، والمساهمة في توفير سبل الانتقال والإعاشة والإقامة بمواقع العمل النائية، والمشاركة في دعم الالتزام باشتراطات السلامة والصحة المهنية اللازمة وتأمين بيئة العمل.
يأتي ذلك إلى جانب اختصاص الصندوق تقديم البرامج الثقافية والرياضية، وإقامة المسابقات اللازمة لتنمية مهارات العمالة غير المنتظمة، فنيًا وثقافيًا، ورياضيًا.
برامج الرحلات الترفيهيةكما تختص بإعداد برامج الرحلات الترفيهية والمصايف طبقًا للموارد المتاحة، والمساهمة في تمويل عمليات حصر العمالة غير المنتظمة على المستوى القومي، أو إعداد قواعد بياناتها، إطلاق الحملات التوعوية إعلاميًا للتعريف بحقوق العمالة غير المنتظمة وحقوقهم التأمينية والاجتماعية وغيرها، وإنشاء المنصات الإلكترونية اللازمة لتقديم خدمات الصندوق الرقمية، وإقامة مشروعات تنموية تستهدف الارتقاء بأوضاع العمالة غير المنتظمة، أو دمج العاملين في القطاع غير الرسمي إلى القطاع الرسمي على المستوى القومي، سواء منفردًا أو بالتعاون مع الجهات والمنظمات الدولية أو الإقليمية المتخصصة بعد موافقة الجهات الوطنية المعنية.