رأي الوطن : لماذا الحديث عن هدنة مؤقتة؟
تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT
بَيْنَما تتعالَى الأصوات المطالِبة بضرورة وقف العدوان الإرهابيِّ الصهيونيِّ على قِطاع غزَّة؛ جرَّاء الوضع الإنسانيَّ المأساويَّ الَّذي يعيشه أبناء فلسطين في القِطاع المحاصَر، يخرج بعض المنخرطين في هذا العدوان ببعض الحديث عن إمكان التفاوض على هدنة جديدة عنوانها أيضًا «إنساني»، أظهرت السَّابقة الأولى لها أنَّ كيان الاحتلال الصهيونيِّ أراد مِنْها الاستفادة سياسيًّا وعسكريًّا وأمنيًّا واستخباراتيًّا.
وتأكيدًا للنيَّات الخبيثة، فقَدْ تجاهل المتحدِّثون عن تلك الهدنة المؤقَّتة المشبوهة دعوات المنظَّمات الدوليَّة الإغاثيَّة، والَّتي تدعو مرارًا وتكرارًا إلى وقف فوريٍّ ودائمٍ لإطلاق النَّار في غزَّة؛ بسبب الكارثة الإنسانيَّة غير المسبوقة في القِطاع الَّذي يشهد حرب إبادة جماعيَّة يشنُّها كيان الاحتلال الصهيونيِّ، حيث باتَ الوضع في غزَّة ميؤوسًا مِنْه، ولا يُمكِن تحمُّل فكرة معاودة العدوان الصهيونيِّ مجدَّدًا. فغزَّة أضحتْ سجنًا كبيرًا يتعرَّض للقصف المستمرِّ لدرجة أنَّ رُبع المرضى الَّذين يُعالَجون في قِطاع غزَّة المنكوب هُمْ من الأطفال دُونَ الثانية عشرة، ونِصفُهم أقلُّ من (18) عامًا، وثلاثة أرباعهم من النِّساء والأطفال، ما يُفنِّد مزاعم كيان الاحتلال المارق عن استهداف المقاومين فقط، فالقصف في غزَّة لا يستهدف سوى المَدنيِّين، خصوصًا الأطفال والنِّساء.
إنَّ الردَّ على ما ترتكبه قوَّات الاحتلال الصهيونيِّ من حرب إبادة جماعيَّة ضدَّ الشَّعب الفلسطينيِّ، وفرضها دوَّامة محكمة من الموت على أكثر من مليونَيْ فلسطينيٍّ يعيشون في قِطاع غزَّة، يحتاج إلى وقف فوريٍّ يتبعه محاسبة على ما ارتكب من جرائم، فلا يكاد يمرُّ يوم واحد دُونَ أنْ يكشفَ الاحتلال عن حقيقته الإجراميَّة، من القتل الجماعيِّ بالقصفِ إلى جريمة التجويع والتعطيش والحرمان من أبسط الحقوق المَدَنيَّة الإنسانيَّة بما في ذلك عرقلة دخول المساعدات والاحتياجات الأساسيَّة إلى القِطاع، والَّذي يتمُّ أمام سمع وبصر المُجتمع الدوليِّ والدوَل الَّتي تدَّعي الحرص على الإنسانيَّة ومبادئها وقِيَمها الملزمة، والَّتي تكتفي بالحديث عن هدنة مؤقَّتة تخدم أهداف الاحتلال التدميريَّة.
ولا رَيْبَ أنَّ هذا الوضع الَّذي وصلنا إليه يحتاج صحوة ضمير عالَميَّة، فجرائم التطهير العِرقيِّ بأشكالها المختلفة والتهجير القسريِّ والعقوبات الجماعيَّة، وجرائم القتل خارج القانون، الَّتي شاهدناها ونشهدها في غزَّة بشكلٍ علنيٍّ وموثَّقٍ لا يحتاج إلى الكثير من التحقيق، بل يتطلب من جميع الجهات القانونيَّة الدوليَّة خصوصًا المحاكم الدوليَّة المختصَّة إصدار مذكّرات جلب واعتقال بحقِّ الصهاينة المسؤولين عن تلك الجرائم ومرتكبيها، وكذلك على الدوَل الَّتي توفِّر الحماية للكيان الصهيونيِّ وتدعمه بحجَّة «الدِّفاع عن النَّفْس» أنْ تراجعَ موقفها من منظور جرائم الحرب والجرائم ضدَّ الإنسانيَّة الَّتي ترتكبها باسم هذه الحجَّة الزَّائفة، وأنْ تعملَ سريعًا على إلزام الكيان الصهيونيِّ بوقفٍ فوريٍّ للعدوان، ثمَّ المسارعة بإجراءات المحاسبة، خصوصًا مع تواتر الشهادات من المنظَّمات الأُمميَّة الَّتي أكَّدت أنَّ الإفلات من العقاب سائدٌ بقوَّة في حرب قِطاع غزَّة، ودعوتها لإنشاء محكمة خاصَّة للمساءلة تكُونُ بداية للطريق الصحيح الَّذي سيحفظ الأمن والسِّلم والاستقرار العالَميَّ.
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
ضحاياه يفوقون العدوان العسكري.. تداعيات الحصار الصهيوني على غزة
يمانيون../
يواصل العدوّ الصهيوني ارتكابَ المجازر الجماعية في قطاع غزة لقرابة شهرين على التوالي منذ نكثه وقف إطلاق النار، موقعاً الآلاف من الشهداء والمصابين.
وبالرغم من خروقات العدوّ الصهيوني لبنود وقف إطلاق النار منذ بدء إعلان الاتفاق في 19 يناير 2025م وحتى نكثه الشامل لبنود الاتفاق في 18 مارس 2025م، معلناً العودة مجدداً للحرب، إلا أن الجولة الثانية من العدوان الإسرائيلي على غزة أكثر ضراوة وإجراماً من الجولة السابقة، حيثُ يمارس الكيان الصهيوني حربَ إبادة جماعية وتدمير شامل للقطاع، في مخطط إجرامي يعكس النوايا الصهيونية في السيطرة الكاملة على قطاع غزة وتهجير من تبقى من أبنائه وبالتالي تطبيق مخطط التهجير الأمريكي.
ووفق وزارة الصحة الفلسطينية فإن عشرات الشهداء والمصابين يسقطون يومياً بفعل العدوان الصهيوني على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر2023م.
وأفادت الوزارة في آخر تقدير إحصائي لها بأن 51 شهيدًا منهم شهيد تم انتشاله و113مصاباً وصلوا مستشفيات قطاع غزة خلال الـ 24 ساعة ماضية، وهو ما يثبت إمعان العدوّ الصهيوني في ارتكاب الجرائم الوحشية بحق المدنيين والتي ترتقي إلى حرب إبادة جماعية.
ولا يقتصر الإجرام الصهيوني على ما سبق وحسب، بل يعمد العدوّ على استهداف المستشفيات والمراكز الصحية في قطاع غزة، ويعمد العدوّ أيضاً استهداف طواقم الإسعاف والدفاع المدني، في مؤشرات خطيرة تثبت النوايا الإسرائيلية في تعميق الأزمة الإنسانية في قطاع غزة.
وفي جديد الإجرام الصهيوني أكّدت مراسلة قناة “المسيرة” بقطاع غزة، دعاء روقة، ارتقاء 21 شهيدًا منذ فجر اليوم الأربعاء بفعل غارات العدوّ الإسرائيلي على منازل ومخيمات المواطنين في القطاع.
وأوضحت روقة أن العدوّ الإسرائيلي منذ فجر اليوم أغار على العديد من الأحياء السكنية ومخيمات النازحين في خان يونس جنوبي القطاع وجباليا والنصيرات؛ ما أدى إلى ارتقاء العشرات من الشهداء، مؤكدة أن عدداً من الشهداء ارتقوا متأثرين بجراحهم.
وأشارت روقة إلى أن العدوّ الصهيوني يقصفُ بالمدفعية بشكل متواصل منازَل ومخيمات المواطنين في حي الزيتون والشجاعية وحي التفاح، لافتة إلى أن طيران العدوّ يحلّق بشكل مكثف في أجواء القطاع.
ونوهت إلى أن العدوّ الصهيوني يسيطر كلياً على مدينة رفح، مؤكدة أن العدوّ أقام منطقةً عازلةً تفصل رفح عن جنوب خان يونس.
ولفتت إلى أن العدوّ الصهيوني دمّر منازل المواطنين في رفح بنسبة 95 % كما دمرت نسبة 85 % من البنى التحتية في المدينة ذاتها.
وفيما يواصل العدوان الصهيوني مجازره المروّعة في قطاع غزةَ، مستهدفاً كلّ مقومات الحياة تزداد الأوضاع الإنسانية سوءاً في القطاع؛ بفعل حصار الصهيوني المطبق على القطاع وإغلاقه الكامل للمعابر ومنع دخول الغذاء والدواء.
العدو الصهيوني يعتقل 360 كادراً صحياً
ومنذ عودة العدوان على قطاع غزة في 18 مارس 2025م وحتى الآن والعدوّ الصهيوني يمنع دخول المساعدات الغذائية والدوائية بشكل نهائي للقطاع؛ الأمر الذي يسهم في مفاقمة المعاناة الإنسانية لدى أهالي غزة.
وأكّد المدير العام لوزارة الصحة في قطاع غزة، الدكتور منير البرش، أن العدوّ الصهيوني يهدف من خلال المجازر الجماعية والحصار المطبق على القطاع إبادة النسل الفلسطيني.
وأوضح في تصريح إعلامي له أن قطاع غزة يواجه أزمة كبيرة جدًّا، الأطفال والحوامل الأكثر تأثراً بها.
وقال البرش: “العدوّ الإسرائيلي يمنع الماء والغذاء عن أبنائنا، مردفاً القول: “إن الأطفال يموتون من نقص الغذاء”.
وأشار المدير العام لوزارة الصحة إلى أن إغلاق المعابر زاد حالة التدهور في القطاع، لا سيَّما المستشفيات، لافتاً إلى أن 20 مستشفى تعمل بشكل جزئي من أصل 38 في القطاع.
وتطرق إلى أكثر من 40 ألف طفل في القطاع باتوا أيتاماً، مشيرًا إلى أن العدوّ الإسرائيلي اعتقل أكثر من 360 عنصراً من كوادرنا الصحية، مؤكدًا أن 100 طفل ماتوا وهم ينتظرون فتح المعبر.
وشدّد البرش بأن نحو مليون طفل في القطاع محرومون من المساعدات المنقذة للحياة، لافتاً إلى أن عدد ضحايا التبعات غير المباشرة للعدوان على قطاع غزة أكثر ممن قتل بنيران العدوّ.
ولا تقتصر على الانتهاكات الصهيونية على المدنيين وحسب، بل امتدت لتطال موظفي وكالة الأونروا، حيثُ أفاد المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين بأن العدوّ الإسرائيلي اعتقل أكثر من 50 موظفاً من الوكالة بينهم معلمون وأطباء.
وكانت المتحدثة باسم برنامج الغذاء العالمي قد وصفت الوضع في قطاع غزة بالصعب للغاية، مؤكدة نفادَ مخزون الغذاء.
محمد ناصر حتروش | المسيرة